خطّان في الانتفاضة بل ثلاثة
لا يقبلُ بيار داردو، الفيلسوف، وكريستيان لافال، عالِم الاجتماع، ذلك الاختزالَ للنيوليبراليّة إلى سياساتِ إضعاف الدولة لصالح السوق. على العكس، يشدّدان، بخاصّة في كتابهما «الكابوس الذي لا ينتهي.
• للمشتركين فقط. إشترك هنا.
لا يقبلُ بيار داردو، الفيلسوف، وكريستيان لافال، عالِم الاجتماع، ذلك الاختزالَ للنيوليبراليّة إلى سياساتِ إضعاف الدولة لصالح السوق. على العكس، يشدّدان، بخاصّة في كتابهما «الكابوس الذي لا ينتهي.
أسوأ أسلوبٍ لمقاربة الطائفيّة اختزالُها إلى محضِ تضليلٍ يبثّه الأقوى جاهًا أو شوكةً لإخضاع الأضعف، سواءٌ على صعيد المجتمع الطوائفيّ مأخوذًا ككل، أو على صعيد كل طائفةٍ بمفردها. مثل هذه المقاربة التسطيحيّة لا تزال تعرقل تشكّل وعيٍ أكثرَ جذريّةً وأكثرَ عملانيّةً في الوقت نفسه، بالنسبة إلى أوضاع لبنان.
نأسف لخروج الثورة عن سلميّتها…
أعمال الشغب لا تؤدّي إلّا إلى الفوضى وخسارة المزيد…
منذ اليوم الأوّل للثورة، واجهها النظام بخطابٍ يفرّق ما بين "الثوّار الجيّدين" و"الثوّار المخرّبين". الأوائل هم الذين يهتفون ويغنّون ويطالبون بحياة كريمة، والآخرون هم الذين يشتمون ويكسّرون ويجرحون قوى الأمن. كأنّهما فئتان لا تلتقيان من البشر.
عكس ما يعتقد البعض، اللافت في تظاهرات الأسبوع الفائت ليس مشاركة بعض مناصري الأحزاب في التظاهرات، وما تمّ ترويجه من نظريّات مؤامرة من حولها.
قد يكون اللافت عكس هذا.
كثيرًا ما توصَف الدولةُ اللبنانيّة بأنّها دولةٌ ناقصةٌ (أو ضعيفة)، وذلك لسببَيْن رئيسيْن على الأقلّ: أوّلًا، عدم احتكارها للعنف المشروع، إذ ثمّة حزبٌ مُسلَّحٌ يحتكر الدفاعَ عن الحدود، ويخوض حروبًا إقليميّة، ويبسط سيطرتَه الأمنيّة على مساحات واسعة من البلد.
الانتفاضة هي التي أَتَت بحكومة حسّان دياب. صحيحٌ أنّ أغلبَ من نادوا بحكومة خبراء مستقلّين تبرّؤوا توًّا من المسخ التكنوقراطيّ الذي وُلِد من مطلبهم- فكانوا كمثل من يرى انعكاسَه مُشوَّهًا في المرآة فيأبى التعرُّف عليه، غير أنّ المخلوقَ ذاك صنيعتُهم أكثر ممّا هو صنيعة القوى المُمسِكة بالسلطة السياسيّة.
أطلّ علينا أخيرًا وزير الاقتصاد راوول نعمة في مقابلة تلفزيونيّة قدّم فيها مقاربته لما سمّاه «الفكر التكنوقراطي». ظننّا في البداية أنّها نكتةٌ يستهلّ بها الحلقة، لينتقل من ثمّ للإعلان عن الإجراءات الإنقاذيّة العاجلة. ولكن بعد حوالي ساعة ونصف الساعة، لم تنتهِ النكتة السمجة، بل تحوّلتْ إلى حسرة.
قلّع الأسبوع بطرد الوزرا والنوّاب من المطاعم. وكمّل بپارتي ولا أحلى بشارع الحمرا. قوى الأمن خافت عالمصارف أكتر ما الأخوين غانم خايفين عليها، وقرّرت تحوّل مظاهرة قدّام مصرف لبنان لمعركة بينها وبين المتظاهرين. انتقلت المعركة تاني نهار قدّام ثكنة الحلو وكانت حصيلة اليومين حوالي ١٠٠ موقوف وكتير جرحى. السلطة استنفرت وكلّن صار عندن شي يقولوه لدرجة طُلِعلنا نسمع صوت النّبيه للمرّة التانية بـ٣ أشهر.