العدد السادس - صيف ٢٠١٣

تجاوز الحدود السياسية أم تثبيتها؟

من حقوق الإنسان الى الثورة السياسية في البحرين

النسخة الورقية

«في اللحظة التي نحاول فيها تصوّر الحقوق السياسية للمواطنين بمعزل عن مرجعية عالمية «فوق سياسية» لحقوق الإنسان، فإننا نفقد السياسة نفسها. بكلام آخر، فإننا حينها نحجّم السياسة إلى مجرد لعبة «ما بعد سياسية» قائمة على التفاوض على قاعدة مصالح فردية». (جيجيك:٢٠٠٥)

من بين جميع البلدان التي شهدت انتفاضات ثورية منذ عام ٢٠١١، يمكن القول إن أيّاً منها لم يعرف لاعبِين سياسيين (من الحكومة أو من خارجها) يتبنّون أجندة حقوق الإنسان وخطابها بمستوى العناد نفسه الذي شهدناه في البحرين. ففي مواجهة النهج الأمني، والقمع، والطائفية والمزيد من التهميش بحق المواطنين والمجموعات المعارضة، جاء الردّ الغريزي للعديد من اللاعبين السياسيين على شكل محاولة للسموّ فوق الميدان السياسي من أجل الوصول إلى دولة «فوق سياسية» من خلال استخدام خطاب «عالمي» لحقوق الإنسان. إنّ شعبية هذا الخطاب جزء مما سمّاه براون (٢٠٠٤) «المشروع الأخلاقي ــ السياسي»، مركّزاً من خلاله على حقوق إنسان عالمية (ما قبل سياسية) يمتلكها كل إنسان بدل الحديث عن حقوق إنسان محددة للمواطن أو لعضو في مجموعة سياسية معينة.

أحاول في هذا المقال النقدي تقويم النشاط النضالي الساعي إلى تعزيز حقوق الإنسان في انتفاضات الربيع العربي، من خلال اعتماد البحرين حالةً للدراسة. أحاول هنا إثبات أنّه حصل، إلى حدّ ما، تحوّل في أدوار كل من ناشطي حقوق الإنسان والناشطين السياسيين في أعقاب الانتفاضة الجارية في البحرين حول حدود الخلافات التي يحدّدها الخطاب المهيمن لحقوق الإنسان، والمواقف إزاء سلطة الدولة. و من وحي السجال المثير للجدل بين إيغناتييف وبراون وجيجيك، أرى أنّ المشروع الأخلاقي - السياسي لحقوق الإنسان أتى ليتنافس مع مشاريع سياسية أخرى هادفة إلى تحقيق العدالة، وهو يبعِد الضحايا عن أي ذاتية سياسية تعيد إنتاج دولة القمع السابقة على الانتفاضات العربية.

من الطبيعي أن يكون ناشطو حقوق الإنسان مشغولين بقضايا التعذيب والتوقيف غير القانوني والقمع الجسدي للاحتجاجات وكسر أغلال الشرطة، لكن ذلك يحصل بشكل متزايد على حساب الأغلال الاقتصادية والسياسية المستمرة. لقد حان الوقت للتأمل وإعادة التفكير والعودة إلى القضايا السياسية والاقتصادية لانعدام المساواة والعدالة، التي جعلت من الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، الأساس لنضال الشعوب في هذا البلد.

الخلفية

نشهد انتشاراً لمنظمات «حقوق إنسان» جديدة في البحرين. توجد حالياً ثماني جمعيات غير حكومية جديدة معنية بهذا الشأن، هي «مرصد البحرين لحقوق الإنسان» و«منتدى البحرين لحقوق الإنسان»، و«شبكة البحرين لحقوق الإنسان»، و«المنظمة الأوروبية ــ البحرينية لحقوق الإنسان»، و«المنظمة البحرينية للتأهيل ومناهضة العنف» (براڤو)، و«مركز البحرين لحقوق الإنسان»، و«مرصد المنامة لحقوق الإنسان» و«الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان».

على الصعيد المحلي، باتت الأحزاب المعارضة مثل «جمعية الوفاق» ميّالة أيضاً إلى الحديث عن حقوق الإنسان، وقد أعادت استجماع تركيزها على حقوق الإنسان من خلال تكليف عدد من أعضائها البارزين بمهمات في واشنطن وجنيف ولندن لممارسة الضغط على مستوى دولي من أجل تحقيق المزيد من المحاسبة في مجال حقوق الإنسان.

يشكّل انتشار المنظمات غير الحكومية الرئيسية المحلية ــ العالمية، وأدبياتها ومؤسساتها الفاعلة، قيمة مضافة مهمة للرأسمال المؤسساتي بين الفاعلين الجدد في المجتمع المدني، ليس في البحرين وحسب، بل في منطقة الخليج عموماً. «هيومان رايتس ووتش»، و«منظمة العفو الدولية»، و«حقوق الإنسان أولاً»، و«فيزيائيون من أجل حقوق الإنسان»، هي الجمعيات الدولية غير الحكومية الأكثر نشاطاً في مراقبة الوضع بالبحرين، وإن كان ذلك يحصل عن بُعد، على اعتبار أن دخولهم البلاد محظور بشكل روتيني.

إنّ التهميش السياسي المحلي الهادف إلى معاقبة ناشطي المجتمع المدني وإضعافهم، أدّى حالياً إلى خلق منظمات غير حكومية أقوى وأفضل تنظيماً لأنها باتت اليوم مستقلة قانونياً ومادياً وسياسياً عن الدولة، بطريقة كانت مستحيلة في السابق. سيكون لرأس المال التنظيمي المتشكّل خارج الحدود، ولأنماط التحكّم المفروضة من قبل الدولة، تأثير طويل الأمد على صعيد خلق عناصر جديدة للتغيير. لقد أصبح أعضاء هذه المنظمات على الصعيد الفردي متحدثين مفوّهين، وباتوا مترابطين عالمياً، وقد قاموا بتمثيل الحراك في مؤتمرات دولية مدنية، بطريقة بات معها السياسيون غير معروفين.

تحوّلت منابر عالمية مثل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى جبهة جديدة في المعركة الدائرة ضد الدولة. في أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، موعد عقد مجلس حقوق الإنسان اجتماعاً لمراجعة حالة البحرين، سافر ما لا يقل عن ٧٠ ناشطاً معارضاً إلى جنيف، بينما أرسلت الحكومة البحرينية عدداً أقل أو مماثلاً من الممثلين عنها. هكذا، أصبحت أروقة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تعجّ بمئة مراقب بحريني على الأقل في ذلك اليوم.

البراغماتية لتجاوز المذهبية

يروّج مفهوم حقوق الإنسان لموقف معياري مشترك يكون في الوقت نفسه «جيّداً» وغير نزاعي، ولديه كذلك القوة على «تأمين خطاب الحد الأدنى الذي من شأنه أن يتيح لأجندات مختلفة جذرياً أن تلتحم فيه» (موين: ٢٠١٠). شكّل ذلك قوة توحيدية لمختلف المجموعات البحرينية المعارضة. وإن كان الحراك قد اكتفى بالدفاع عن ضحايا الاعتداءات والتضامن معهم، مع التمسك بهدف الحد الأدنى، فإنّ الثوّار في الشوارع وناشطي حقوق الإنسان والسياسيين كانوا يملكون أرضية أساسية للعمل معاً عليها، ولتسوية خلافاتهم.

«تتخذ حقوق الإنسان شكل خطاب أخلاقي متمحور حول الألم والمعاناة، بدل أن تكون خطاباً سياسياً حول العدالة الشاملة». وفي الممارَسة، يفضّل الخطاب المهيمن لحقوق الإنسان أن يصوّر نفسه على أنه «معادٍ للسياسة» (براون: ٢٠٠٤) ومدافع عن مبادئ أخلاقية عالمية مصوغة بطريقة هادفة لنزع الشرعية عن الادعاءات «السياسية»، كالتبريرات المذهبية التي تستخدمها الدولة لانتهاك حقوق مواطنيها مثلاً.

فيما كان الاضطهاد المذهبي يستعر في البحرين بعد تدخل قوات «درع الجزيرة» بقيادة السعودية في عام ٢٠١٢، وإصدار الأحكام العرفية (قانون الأمن الوطني)، قُتل ٣٦ مواطناً في السجون أو خلال الاحتجاجات، واحتُجز الآلاف وأٌقيلوا من وظائفهم. ولقد عمل ناشطو حقوق الإنسان بلا كلل لفضح هذه الانتهاكات ووقف المعاناة، ونالوا تقديراً رفيع المستوى. لقد وجد هؤلاء أنفسهم في تلك الوضعية، إما نتيجة تجربتهم الشخصية في السجون، أو بفضل تجربة واحد من أقاربهم أو أصدقائهم. وصف البعض هذا الدور بأنه «عرضي»، وهو ما فعله العديد من الأطباء المسجونين ممن حُرموا لاحقاً حقَّهم في ممارسة مهنة الطب. بالطبع، شعر هؤلاء بأنّ حقوق الإنسان وفّرت لهم قوّة. لكن تمحورها حول مجرّد «إنهاء المعاناة»، يجعل من هذه الحدادنوية والبراغماتية «إشكالية»، على حد تعبير براون (٢٠٠٤).

لم يكن صدفة أن يستهدف النظام العديد من هؤلاء الناشطين الجدد، أو الشهود على انتهاكات الشرطة. الأكثر شعبية من بين هؤلاء من انخرطوا بنشاط وبشكل مباشر في حركة الاحتجاج الثوري، وهم يقبعون في السجن منذ مطلع الانتفاضة في آذار/مارس ٢٠١١، مثل عبد الهادي خواجة، والدكتور علي عبد الله حسن سنغاس. وقد قام آخرون في الفترة الأخيرة بخرق خطّ أحمر كان ممنوعاً الاقتراب منه، مثل نبيل رجب وزينب الخواجة ويوسف المحافظة. وما يثير المزيد من العجب ردّ الفعل الدولي الضعيف إزاء سجن هؤلاء الناشطين، مقارنة بالضجة التي تُثار حيال اعتقال ناشطين من الصين وروسيا. عندما سُئلَتْ وزارة الخارجية الأميركية عن موقفها من سَجن نبيل رجب، على سبيل المثال، قال المتحدث باسم الوزارة، مايكل بوسنر إنّ «الأمر معقد».

وحتى لو لم تتمكن حملات حقوق الإنسان من منع الحكومة من مواصلة سلوكها، فإنها بالتأكيد عزّزت قوة الضحايا والمعارضة معاً. لقد زوّدت منظمات حقوق الإنسان، المتظاهرين والشهود على عنف الدولة، بدعم في مواجهة العسف والقمع داخل الحدود وخارجها، ومنذ ذلك الحين بات ذلك يُسمّى «ثورة المناصرة»، وهي عبارة عن بروز شبكة لمنظمات حقوق إنسان غير حكومية، محلية وأجنبية، للضغط على الحكومة لكي تطبّق ما تبشّر به، وهو مستقى من المنظمات غير الحكومية التقليدية المحلية في البحرين، مثل «مركز البحرين لحقوق الإنسان» BCHR، الذي يعمل بشكل وثيق مع «منظمة العفو الدولية» و«هيومان رايتس ووتش». وبفضل «ثورة المناصرة» تلك، اكتسب الضحايا قوة تاريخية غير مسبوقة لإيصال قضيتهم إلى العالم. فمن خلال رصد الانتهاكات على صعيد حقوق الإنسان، والإضاءة عليها، تُبقي هذه المنظمات اتفاقيات حقوق الإنسان التي سبق للدولة أن وقّعتها مكشوفة، وبذلك تصبح المسافة الفاصلة بين الوعود والتعهدات من جهة، والممارسة الحكومية من جهة ثانية، قابلة للقياس. من دون «ثورة المناصرة»، كان من المرجَّح أن تبقى محنة الكثير من ضحايا الانتهاكات غير معروفة داخل البحرين وخارجها. سبق لي أن تحدثت إلى عشرات الضحايا، وتبين لي أنّ التضامن الذي لقيه ضحايا الانتهاكات والسجناء هو أداة تمكين مهمة في المعركة النفسية ضد النظام. ففور توقيف شخص ما، يجري الاتصال بالناشطين المحليين في مجال حقوق الإنسان، ويبدأ أفراد العائلة والأصدقاء باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من أجل القيام بحملات هادفة إلى إطلاق سراح المعتقلين. وفي إطار تلك الحملات، يتم نشر تفاصيل التوقيف على الإنترنت، وصوره، وتُطلق عرائض مفتوحة للتوقيع وتُنظَّم الاحتجاجات. هناك المئات من الحسابات على الإنترنت المخصصة لتلك الحملات. باتت الإنترنت أداة لا تقدَّر بثمن في إطار نشر أخبار انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها.

الدولة تلعب لعبة حقوق الإنسان

أخذاً في الاعتبار أنّه حتى دولة قمعية كالبحرين يمكن أن تضطرّ إلى الانخراط في الاحترام اللفظي لحقوق الإنسان، فإنّ بعض منظمات حقوق الإنسان يمكن أن تقع فريسة الاستغلال والسيطرة بطرائق عدة. وعلى سبيل المثال، فإنّ خطوة ملك البحرين غير الاعتيادية بإنشاء لجنته «المستقلة» للتحقيق حيال انتهاكات حقوق الإنسان، التي سمّاها «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة» (BICI)، جديرة بالدراسة. وقد أصبح ذلك اليوم جزءاً من «احتفال الدولة بنفسها». ونالت الحكومة البحرينية الإشادات المتواصلة من حكومات أجنبية على خلفية إقدامها على هذه المبادرة «غير المسبوقة»، في الوقت الذي كان يجدر فيه إدانتها بسبب التعذيب النظامي والمنهجي الذي تمارسه، وحالات القتل غير القانوني المحدّدة في تقرير اللجنة المذكورة. على الرغم من أنه جرى التعاطي مع الاحتفال الباذخ لإعلان تقرير اللجنة على أنه إشهار لموافقة الحكومة على نتائج التقرير (كيف لها أن ترفض تقريراً للجنة عيّنتها بنفسها؟)، فإنّ كل الممارسات التي قامت بها الدولة منذ نشر التقرير يشهد على أقصى درجات إنكار المسؤولية عن الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان الموثقة في التقرير. لقد اختار النظام «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة» (BICI) من أجل أن يعيد اكتساب المشروعية الشعبية والاحترام الدولي. إنّ التشكيك بمسار عمل «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة» (BICI)، و/أو دور النظام في صياغة توصياتها، هو في الوقت نفسه تشكيك في مساعي النظام إلى اكتساب الشرعية واستعادتها.

لقد اختُزلت الذاتيات السياسية إلى مجرد تنازع حول تطبيق توصيات تقرير «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة». تدّعي الحكومة البحرينية أنها طبّقت تقريباً جميع توصيات تقرير اللجنة، في حين أنّ منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية والمعارضة، تدّعي أنّ الحكومة لم تفعل ذلك.

لقد أصبحت «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة» نقطة مرجعية أو علامة لـ«الإصلاح»، لكن بعد أكثر من عامين على نشر تقريرها، تُجمع جميع المصادر المستقلة على أنّ الحكومة فشلت في إنجاز تغيير، ولو صغيراً، في وضعية حقوق الإنسان. كذلك إنّ تأكيد تقرير اللجنة حصولَ انتهاكات في مجال حقوق الإنسان كان له الأثر الضئيل على مناصري النظام الذين نفوا بشدّة الادّعاءات التي تتحدث عن ارتكابهم التعذيب والتجاوزات على حقوق الإنسان بحق مواطنيهم المعارضين. غير أنّ التقرير فشل في تسمية قادة البُنى المسؤولة عن هذه التجاوزات، رغم أن البروفيسور شريف بسيوني، الذي تولى رئاسة اللجنة، قال في مقابلة تلت إعلان التقرير، إنّ قادة المراتب الثلاث العليا في وزارة الداخلية يجب أن يخضعوا للمحاسبة.

كذلك تطرّق تقرير «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة» إلى الدورين الإيراني والسعودي في البحرين، وهما موضوعان شديدا الحساسية. تكرّر الحكومة البحرينية باستمرار أنّ إيران كانت منخرطة في الاحتجاجات، وقد استخدمت ذلك الاتهام لتبرير دخول قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين. لكن الحكومة فشلت في تقديم الدليل على هذا الادعاء، وهي لم تزوّد «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة» بالأدلة. ومن خلال دحض اللجنة لهذا الادعاء، أسهمت في نزع الطابع الإقليمي عن الصراع في البحرين، وذلك عبر رفض الادعاءات التي تتحدث عن انخراط إيران في الاحتجاجات، أو عن أنّ «قوات درع الجزيرة» مسؤولة عن انتهاكات لحقوق الإنسان.

لسنا هنا في معرض تقديم قراءة تحليلية نقدية لهذا التقرير، لكن يجدر القول إنّ أهم إنجازاته تتجسّد في تأكيده بالتفاصيل الدامغة حصول انتهاكات لحقوق الإنسان في البحرين. لكن توصيات تقرير اللجنة ظلت بعيدة جداً عن الإصلاح السياسي الضروري، أو عن تحديد كيف تجدر محاسبة المسؤولين. وظلت الخاتمة المفتوحة للتقرير غير مرفقة ببرنامج عمل أو بجدول زمني لتطبيق التوصيات.

كانت وضعية حقوق الإنسان في البحرين موضوعاً للمراجعة الدورية التي يجريها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام ٢٠١٢. لقد حاول النظام تحقيق التوازن الدقيق من خلال إبقائه على انتهاكاته لحقوق الإنسان في مستوى مقبول بالنسبة إلى المجتمع الدولي، من أجل تفادي إصدار إدانات جدّية له، بينما حافظ على مواصلة ممارسة هذه التجاوزات بشكل تظلّ معه درجة عدم القدرة على احتمالها قصاصاً فعالاً ورادعاً للاحتجاج. كان ردّ الدولة قائماً على خطاب القوة الفوكودي (نسبة إلى فوكو) بمعنى أنه استخدم «لجنة التحقيق البحرينية المستقلة» من أجل الـتحول إلى الذاتية بواسطة الخطاب القانوني» (براون ٢٠٠٤) وفي إعادة إنتاج موضوعاتها.

كذلك فإنّ الحكومة أنشأت وزارة لحقوق الإنسان، بموازاة «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» والعديد من المنظمات الحقوقية المدعومة والممولة مباشرة أو غير مباشرة من الحكومة، رغم ادعائها الاستقلالية، مثل «جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان» و«مرصد البحرين» و«مركز المنامة لحقوق الإنسان». هكذا، يبقى أداء الحكومة البحرينية قاطعاً في الانخراط بمسألة حقوق الإنسان، ليس بروحية «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، لكن لناحية إلغاء مفاعيل أجهزة معاهدات حقوق الإنسان، ولإحباط جهود المنظمات الحقوقية المبتدئة المحلية والأجنبية العاملة في البحرين.

سياسة أم لا سياسة؟

على الرغم من الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان واستثمار الموارد والجهد، فإنّ دور المناصرة لخطاب ومنظمات حقوق الإنسان أدّى حتى الآن إلى الكثير من الكلام وإلى تغيير ذي معنى في السياسة الحكومية. ومن شأن ذلك أن يثبت النقص في التأثير الوقائي الذي تملكه منظمات حقوق الإنسان في العالم حيث تعمل، وأنّ النظام حالياً يتصرف بجرأة أكثر من أي وقت مضى، ويواصل توقيف ناشطين رئيسيين في مجال حقوق الإنسان ويتحرش بهم، مثل نبيل رجب وعبد الهادي الخواجة.

يسأل مقدم برنامج Hardtalk، ستيفن ساكر، الناشطة الحقوقية البحرينية مريم الخواجة: «من المهم التمييز بين أن يكون المرء ناشطاً في مجال حقوق الإنسان، وأن يكون ثورياً». سؤال كما هو واضح هنا، استفزازي ويُطرح على سبيل التحدي، ويكشف عن مفهوم لحقوق الإنسان يصوّر الناشطين على أنهم مجرد جالسين في الصالونات المريحة مع لوحات ذكية في أيديهم لتوثيق الانتهاكات. ويستخدم المسؤولون البحرينيون منطقاً مماثلاً. على سبيل المثال، برّرت السلطات توقيف نبيل رجب بدوره السياسي في الاحتجاجات. وعلى الرغم من أن ذلك قد يكون ذريعة واضحة، إلا أن الكثيرين يعتقدون أنّ قرار رجب بالموافقة على المشاركة في برنامج جوليان أسانج التلفزيوني، كان تجاوزاً لـ«الخط الأحمر» الممنوع خرقه، على اعتبار أنه استفزاز للولايات المتحدة التي احتملت تحدّي رجب للنظام البحريني حتى تلك الحادثة. حينها، أوقفت الإدارة الأميركية، الحليف القوي للعائلة الحاكمة في البحرين، الدعم الضئيل الذي كانت توفّره لرجب. وفي مؤتمر صحافي، سُئلت المتحدثة باسم البيت الأبيض: «هل تقولون للبحرينيين إنكم تعتقدون بوجوب الإفراج عن نبيل رجب؟»، فما كان من المتحدثة إلا الإجابة بـ«الآن وقد صدر الحكم، لا أعتقد ذلك. نحن لا نتدخل في هذه القضية. لقد قلنا منذ البداية إننا نعتقد أنّه ما كان يجدر السير قدماً بهذه القضية».

كذلك فإنّ المعارضة البحرينية انتُقدت على خلفية ظهورها وكأنها تنافس على نيل الدعم الغربي، في حين أنه برأيي، على حركة النضال من أجل حقوق الإنسان، والتزامها الضروري مع المنظمات غير الحكومية العالمية، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة... ومقارّها في العواصم الغربية مثل جنيف ونيويورك ومناضليها المحليين، أن تطلب هي، لا المعارضة التضامن والدعم من الغرب. هذا على النقيض من المزاعم المتكررة للنظام، التي تفيد بأنّ الانتفاضة التي قادها شباب البحرين مدعومة من إيران.

بحسب المفهوم الحديث لحقوق الإنسان، يُنتظر من الناشط في مجال حقوق الإنسان أن يفكّ الترابط بين السياسة وخطاباتها، وأن يتماهى مع الوضع الذي يحاول العديد من الضحايا التخلص منه، وذلك باسم «الحياد» و«التوازن». بالتالي، إنّ الخوف ينبع مما يحذّر «موين» منه في كتابه The Last Utopia، الذي يُختصر بأنّ خطاب حقوق الإنسان يمكن أن يُنزَع عنه الطابع السياسي أو يقع في فخّ الإفراط في التبسيط، لأن حقوق الإنسان مؤطّرة بطريقة تبعدها عن أي مساءلة عميقة للسياسة. من خلال التمثيل المتزامن للأشخاص على اعتبار أنهم ضحايا، ومن خلال مناشدة النظام الحالي، فإن بعض منظمات حقوق الإنسان تحقّق له الشرعية، لذلك فإن الدولة توصلت إلى تحمّل خطاب حقوق الإنسان ومنظماتها، ما دامت لا تطرح مسألة سلطة الدولة نفسها. من هنا تنبع مفارقة تقارير حقوق الإنسان. بعد كتابة عشرات التقارير التي تشير مثلاً إلى كيفية انتهاك الدولة البحرينية لحقوق الإنسان، يضع التقرير مجموعة من «التوصيات» الموجّهة إلى منتهِك حقوق الإنسان. هكذا، يُطلب من الدولة، الجاني المتكرّر، أن تصلح نفسها، لتنتقل من منتهِك لحقوق الإنسان إلى حامٍ لها، ويُتوقع منها أن تكبح جماح بنيتها الجرمية التي تعتمد على البنية التحتية للتعذيب والانتهاك.

أعداء النظام وأصدقاؤه... في الوقت نفسه

لكن في ما نتحدث عن تسييس حقوق الإنسان في زمن الثورات، هناك أيضاً قوة مضادة تعرقل السياسة داخل حدود دائرة حقوق الإنسان. منذ لجنة التحقيق البحرينية المستقلة، ركزت المعارضة بشكل غير مقصود على تطبيق توصيات اللجنة الخاصة بحقوق الإنسان كمطلب أساسي، فيما هُمِّشت المطالب الأساسية الأخرى، وهي حكومة تمثيلية، الفساد، وتحقيق المصير. لا يمكن تمييز ذلك عن موقف الحكومة، حيث التحدي هو تطبيق توصيات اللجنة الخاصة بحقوق الإنسان، وليس القضايا الواسعة الخاصة بالسلطة والقوة. تحاجج الحكومة أنّ التغيير إضافي وليس أساسياً، والمعارضة المسموح بها استسلمت لهذه الحجة وللحديث عن البراغماتية والرغبة بالتوصل إلى تسوية. وفق جيجك، وهو بارع في تحديد التناقضات، فإنّ «الدرس هنا هو أنّ الأمر المدمر الحقيقي ليس في التشديد على مطالب «نهائية» نعرف أنّ من هم في السلطة لا يستطيعون تحقيقها. فهم يعرفون أننا نعرف ذلك، وتصرف متطلب مماثل لا يشكل أي مشكلة لمن هم في السلطة، «وهو أمر عظيم لدرجة أنّه مع مطالبكم الأساسية تذكروننا بنوع العالم الذي نريد جميعنا أن نعيش فيه. ولسوء الحظ، نعيش في العالم الحقيقي، حيث يجب علينا أن ندبر أمرنا بما هو ممكن». ما يجب فعله هو على العكس من ذلك، أي إمطار من هم في السلطة بمطالب دقيقة ومحددة ومنتقاة بشكل استراتيجي، لا يمكن الرد عليها بالعذر نفسه».

يفضل براون الحديث عن «مشاريع للعدالة»، فيما ينتقد جيجك الانتقال من مسألة العدالة إلى الحقوق، ويعتبرها سمة من سمات الرأسمالية المتأخرة التي تسحب من عدم المساواة صفة السياسة، وهو أمر يعزز معظم انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم، ويضع الدولة في رتبة الحَكَم أمام عدم المساواة تلك، وبوصفها الطرف الوحيد الذي يمكنه أن يعيد هذه الحقوق. من جهة أخرى، تتطلب العدالة الحاجة لاعتماد إجراءات سياسية جذرية لتحدي الظلم والمخاطر العالميين. يعني النضال الحقوقي في النهاية الانحياز وأخذ موقف وعدم الحياد، والقدرة على تحشيد الناس (كما فعل نبيل رجب) بشكل يجبر الحكومة على إيقاف الانتهاكات. وبنتيجة ذلك، يجب على النضال الحقوقي الفعال أن يكون محايداً ومسيساً. سجن الناشطون الحقوقيون على الأرض، الذين حاولوا الابتعاد عن هذا المفهوم النيوليبرالي لحقوق الإنسان، أي نبيل رجب وعبد الهادي خواجة، وذلك ليس صدفة؛ فهو يعود لمقاربتهم الثورية لحقوق الإنسان، التي اعتبرت الدولة أنّ من الضروري احتواءها. المسألة الحقيقية هنا ليست التزام الناشطين الحقوقيين في السياسة، لكن الرد على الدولة المهددة وحلفائها الذين يبررون التوقيف على قاعدة أن مطالب حقوق الإنسان مقبولة ما دامت لا تشكل خطراً على الدولة نفسها. رغم أنّ ثورة المناصرة تمنح الأفراد الشرعية، وبالتالي تعزز قوتهم، فإنّ الناشطين الحقوقيين يحتاجون أن يفهموا كيف أنّ اللغة الحقوقية نفسها تفرض حدوداً وشروطاً عليهم. حين تُحَوَّل المطالب السياسية إلى حقوقية، هناك خطر حقيقي بأن يؤدي ذلك إلى تعزيز سيطرة الدولة وإضعاف الناس، وخصوصاً حين تصبح انتهاكات حقوق الإنسان «تحت السيطرة» كما يدعي النظام اليوم.

هنا نرى التناقض الخاص بحقوق الإنسان: الناشطون الحقوقيون هم في الوقت نفسه معادون وأصدقاء للنظام. يعادونه حين يتهمونه مع حلفائه بأنّه مسؤول عمّا يحصل ولا يقوم بما يكفي لتغيير الوضع، ويحبونه حين يوجهون دعواتهم إلى الدولة لتحسين الوضع ويعيدون الشرعية إليها. يعطي ذلك انطباعاً بأنّ الناشطين الحقوقيين يعارضون الحكومة، لكن مدى هذه المعارضة يهمش حدود النقاش حول الوضع السياسي. حين وصلت حدود النقاش تلك إلى الدعوة لـ«إسقاط» النظام ومساندة الحق بالدعوة إلى نظام «جمهوري»، في حالة عبد الهادي مثلاً، أصبح العداء مبرراً للسجن. يمكن بالتالي المحاججة بأنّ عبد الهادي خواجة ونبيل رجب موجودان في السجن تحديداً لأنّهما افترقا عن التمثيل الشائع للناشطين الحقوقيين واعتبرا «متطرفين» أو «متشددين» لتبرير سجنهما.

إذاً يمكن تلخيص الحالة الخاصة في البحرين بوصفها بتلك التي فيها تسييس ناشطي حقوق الإنسان، وعدم تسييس الناشطين السياسيين في المجموعات المعارضة المسموح بها. على الأرض، تؤدي هذه القوة المتناقضة إلى عرقلة الطريقة التي تتعاون من خلاها المجموعات وتتنافس. على سبيل المثال، يعرف الجميع أن دعوات نبيل رجب الثورية للتظاهر في المنامة كانت محرجة للمجموعات المعارضة التي اتهمت بأنّها «تفتقر إلى الشجاعة» حين رفضت التجاوب مع الدعوات إلى التظاهر في العاصمة حيث كان ناشطو حقوق الإنسان يقومون بذلك. في الوقت نفسه، تستثمر هذه المجموعات المعارضة الكثير من نشاطاتها في حقوق الإنسان، وهو مجال تعمل فيه منظمات غير حكومية لا تملك الكثير من الموارد.

بغض النظر، يمكن تخطي هذه المنافسة، ويجب تحقيق ذلك من خلال فهم الأسباب وراء هذه الأدوار المتحولة، وإعادة التفكير باستراتيجيات الطريقة الأمثل لإعادة تأكيد المسائل السياسية الموضوعية التي تؤسس لحركة «١٤ شباط».

إنهاء المعاناة

وفق براون (٢٠٠٤)، إذا كانت مشكلة البحرين اليوم هي معاناة إنسانية رهيبة نتيجة عدم وجود حقوق للإنسان مقابل قوة الدولة التعسفية، فإنّ النضال الحقوقي هو أفضل تكتيك ضد هذه المشكلة. لكن إذا شُخِّصت المشكلة على أنّها حرمان الناس الممنهج من حقوقهم من وجهة نظر الحق بتقرير المصير ودمقرطة القوة بشكل حقيقي والعدالة الاقتصادية في توزيع الثروات بشكل متساوٍ، فإنّ الغطاء البراغماتي والأخلاقي وغير السياسي لخطاب حقوق الإنسان يميل إلى تجنب وحتى رفض هذه المسائل عوض مناقشتها ومعالجتها. بالتالي، إنّ المشروع السياسي في البحرين يعتمد على استعادة العدالة لقاء عقود من الحرمان الاقتصادي، والحكم المستبد، والظلم السياسي، والفساد المؤسساتي، والتلاعب الديموغرافي، وانتهاكات حقوق الإنسان كلها مجتمعة، وكذلك قضية الأرض التي تشكل قاعدة أساسية للظلم وعدم المساواة الاقتصادية - الاجتماعية. تتهاوى هذه القضايا على الهامش.

المضمون الأهم للانتفاضة هو خطط الفساد العميقة والمعقدة التي تميز الأنظمة المتهاوية، ومن ضمنها ممارسات الاستيلاء على الأراضي. في وقت من الأوقات، خلال احتلال دوار اللؤلؤة في ٢٠١١، فضحت جمعية «الوفاق» حقيقة أنّ رئيس وزراء البحرين الموجود في السلطة منذ ٤٢ عاماً اشترى أرضاً استراتيجية في موقعها مقابل ٣ دولارات فقط. تجمّع المحتجون وهم يحملون أوراقاً نقدية من فئة دينار واحد احتجاجاً.

قبل ذلك، وفي آذار ٢٠١٠، نُشر تحقيق برلماني حصل على مستوى وطني، وجد أنّ ٦٥ كلم مربعاً من الأراضي التي تملكها الدولة تقدر قيمتها بأكثر من ٤٠ مليار دولار انتقلت ملكيتها إلى القطاع الخاص من ٢٠٠٣، من دون دفع المبالغ اللازمة لخزينة الدولة، في ما يعرف بأنّه «استيلاء على أراضٍ» و«سلب ملكية ممنهج» (شيشلا ٢٠١٢). إنّ الاستيلاء على الأراضي، من خلال عملية ردم البحر الذي زاد مساحة الجزيرة بنسبة ١٠ إلى ١٥ في المئة، كان ضرورياً لإشباع نهم الحكومة بتنفيذ مشاريع عملاقة تعطي الدولة وجهاً جديداً ضرورياً لتصبح دولة عالمية. لقد بقي ٣ في المئة فقط من الشاطئ في البحرين ملكية للدولة. إنّ ثلث ثروة الدولة على الأقل قد استولت عليه العائلة المالكة مع مرور الوقت. بشكل نسبي، إنّ هذا الإثراء الشخصي لحكام الدولة هو الأكبر في العالم العربي. في الوقت نفسه، لقد همّش عدم التوازن الديموغرافي (الاعتماد على العمال الأجانب، والتجنيس السياسي) المواطنية أيضاً.

يمكن المحاججة بأنّ «الحق بالمدينة» هو في قلب السياسة. إنّ احتلال دوار اللؤلؤة كان تأكيداً لقدرة الشعب على تقرير مصير مدينتهم، واستخدام الفضاء العام كما يناسب حاجاتهم اليومية والتعبيرية. في بحث آخر، ناقشت فكرة أنّ ما يجمع كل هذه العوامل مع بعضها البعض بشكل كارثي، هو «أزمة السيادة»، وإذا لم تُحَلّ فستعود الانتفاضات الدورية كل عقد من الزمن.

الخاتمة

«إنّ النضال الحقوقي هو مشروع أخلاقي– سياسي، وإذا كان يطيح المشاريع السياسية الأخرى (ومنها تلك التي تهدف أيضاً إلى إحقاق العدل) أو يتنافس معها، أو يرفضها، فإنّ الأمر يتخطى كونه تكتيكاً، ليصبح نوعاً معيناً من القوة السياسية التي تحمل صورة خاصة من العدالة، سيضطرنا إلى رؤيته وتقويمه والحكم عليه بهذا الشكل. تتطلب منا هذه الاعتبارات التخلي عن مفهوم البراغماتية المينيمالية ومفهوم الأخلاق وما يأتي معها من أجل مواجهة أكثر تعقيداً مع قوى السياقات السياسية والخطاب السياسي مما يمكن عبارات المفهومين السالفي الذكر تقديمه» (براون ٢٠٠٤).

لقد أعطت ثورة المناصرة، على مستوى فردي، القوة للمتظاهرين، وكسرت حاجز الخوف من المستبدين، وفضحت الظلم اليومي. لا يجب أن يُهمِّش النضال الحقوقي بوصفه مشروعاً سياسياً أخلاقياً جماعياً قوة ومركزية القضايا الأخرى، وأهمها الفساد وعدم المساواة؛ إذ تُقدَّم مأساة البحرينيين بوصفها نقصاً في الحقوق الأساسية، لكنها أيضاً تتعلق بمسألة الأرض والملكية (البلاد مملوكة من قبل جزء صغير من نخبة تتألف من أشخاص يصادرون الأراضي) التي هي جزء أساسي من هذه المأساة. يضع شعار الحقوق البحرين على الطريق الصحيح، لكن لا يمكنه وحده طرح قضية الملكية في القرن الحادي والعشرين، وهو أمر يتطلب صيغاً مختلفة من العدالة.

العدد السادس - صيف ٢٠١٣
من حقوق الإنسان الى الثورة السياسية في البحرين

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.