الموجة اليسارية الأولى التي بدأت بانتخاب هوغو تشافيز عام ١٩٩٩ والتي اجتاحت تقريبًا كافة دول أميركا الجنوبية (باستثناء كولومبيا والبيرو) كردّ على نتائج السياسات النيوليبرالية، أخذت معنى تأسيسيًّا لتؤكد أن الحديقة الخلفية للولايات المتحدة لم تعد كذلك. ربما بعكسها، تأخذ الموجة اليسارية الثانية (هذه المرة مع كولومبيا والبيرو ولكن من دون الإكوادور وباراغواي وأوروغواي)، التي نعيش أحداثها منذ سنوات، طابعًا يقرّبها من ظاهرة طبيعية في الديموقراطيات الراسخة ويجعلها تنتمي أكثر إلى عملية تداول السلطة. غير أن انتخاب لويس إيناسيو دا سيلفا، المعروف بـ«لولا» في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي هو أكثر من تداول طبيعي للسلطة لأنه يمثل إنقاذًا للديموقراطية وعودةً للبرازيل إلى ساحة العلاقات الدولية.
انتظر العالم نتائج انتخابات البرازيل بقلق وبشعور فطري بأن شيئًا أساسيًّا يجري هناك، أبعد من السياسة أو من فوز تيارٍ تؤيّده أو لا، بل بوعي أنّ ما هو على المحكّ، هو بمعنًى ما، انتماؤنا إلى الحضارة أو عودتنا إلى الهمجية أو، أقلّه، التقهقر إلى لعبة سياسية متفلّتة من أي قانون ومنطق. تنفّس العالم الصعداء – كما حصل بعد فشل دونالد ترامب في تجديد ولايته قبل سنتين – عندما استقرت النتيجة على فوز لولا، ولو بفارق ضيّق، على حساب خصمه جايير بولسونارو. بعد الانتكاسة في السويد وإيطاليا، أثبتت البرازيل أن من الممكن وقف صعود اليمين المتطرف، ولو بصعوبة. لهذا البحث في «بدايات» عن الانتخابات البرازيلية جزءان: يرسم الجزء الأول «صورة شخصية» لظاهرة لولا، أهم سياسي في البرازيل بدون منازع منذ عودة الديموقراطية في أواسط الثمانينيات وانتهاء الحكم العسكري، وربما الأهم في كل تاريخها. أما الجزء الثاني فيتناول تحليلًا لنتائج الانتخابات ويتوقّف عند ما تمثله ظاهرتا الـ«لوليّة» والـ«بولسوناريّة» في أكبر ديموقراطية بأميركا الجنوبية.
١ -سيرة رجل قارَع القدر
الطفل وماسح الأحذية
ولد لويس إيناسيو دا سيلفا عام ١٩٤٥ في بيت من الطين من غرفتين، من دون ماء وكهرباء وحمّام، في الأرياف الفقيرة والجافة لولاية برنامبوكو، شمال شرق البرازيل حيث المجاعة واقع عادي في حياة الأطفال. وهو السابع بين ثمانية أولاد (توفّي أربعة آخرون) لوالدَين أمّيّين يعملان في الأرض. قبل شهرين من ولادته، غادر والده أريستيدس ضيعته باتجاه مرفأ سانتوس في ولاية سان باولو على بعد أكثر من ٢٥٠٠ كلم، وهربت معه سرًّا ابنة عمّ زوجته التي كانت تعيش معهم وكانت حبلى منه والتي ستنجب له عشرة أولاد إضافيين. الرجل قوي القامة، وفي سانتوس عمل حمّالًا في المرفأ حيث كان ينقل أكياس القهوة من على البواخر.
من وقت إلى آخر، كان أريستيدس يرسل بعض النقود إلى عائلته الأولى التي زارها عام ١٩٥٠، مغتنمًا الفرصة ليعرّفهم إلى أولاده الثلاثة الجدد من امرأته الثانية وليتعرّف إلى ابنه لولا. قبل أن يغادر، حبّل أم لولا، المعروفة بدونّا ليندو، وهي أصرّت عليه أن يأخذ معه إلى سانتوس ابنهما البكر جايمي، وهكذا صار. نهاية عام ١٩٥٢، تلقّت دونا ليندو رسالة من زوجها يأمرها فيها بأن تبيع كل ما تمتلكه وأن تلتحق به مع الأولاد في سانتوس. للحقيقة، لم يكن هذا طلب الأب، الذي لم يكن يتقن القراءة والكتابة، بل كانت حيلة من ابنها جايمي الذي يدوّن رسائل الأب، وقد أراد ان تلتحق به أمه مع أشقائه وشقيقاته ليخفّفوا قليلًا من صعوبة الحياة مع الوالد الذي كان يعنّفه باستمرار. وهكذا انتقلت دونّا ليندو مع أولادها السبعة في سفر دام خمسة عشر يومًا في عربة مسيّجة بالقضبان تصلح لنقل الطيور والمواشي (اسمها «قفص الببغاء») ويلجأ إليها مهاجرو الأرياف بحثًا عن حياة أفضل في جنوب البرازيل. عند وصول العائلة إلى سانتوس، اكتشفت أن الأب لم يكن مرحّبًا بهم. وبعد السكن فترة وجيزة في بيت واحد، انتقل أفراد الأسرة إلى كوخ قريب حيث كان أبوهم يمرّ عليهم يوميًّا. لم يكن يتعاطى الوالد بحنان مع أولاده بل كان يعنّفهم بسبب أو بدونه، ولا يريدهم أن يتعلموا بل أن يعملوا. في المقابل، أصرّت دونا ليندو على أن يتعلم أولادها فك الأحرف. وهكذا، دخل لولا المدرسة الابتدائية في سانتوس، الأمر الذي لم يمنعه من أن يجمع قشور الفاكهة في الشارع وأن يمسح أحذية المارّة وهو بعد في الثامنة من العمر، أو أن يصطاد بلح البحر والسلاطعين ليبيعها عندما يذهب مع شقيقه الأكبر إلى النهر كي يملأ جرّات المياه وينقلها إلى البيت.
المخرطجي والنقابي
بعد أول مرةٍ رفع الوالد يده عليها، عام ١٩٥٥، قررت دونا ليندو الانتقال إلى حي فقير في ضاحية سان باولو، ولم يعد لولا يرى والده إلا في مناسبات نادرة. كان في سن الثانية عشرة عندما عمل في مصبغة ثم في مكتب ثم توظّف في معمل صغيرٍ للمعادن. في سن السادسة عشرة، سنحت له فرصة أن يتعلّم مهنة «المخرطجي» في مركز للتعليم المهني حيث كان يقسّم الوقت بين العمل صباحًا والدرس بعد الظهر. وبعد سنتين ونصف السنة على هذا النمط، حصل على شهادة «مخرطجي». يقول لولا عن الشهادة «هي أفضل شيء حصل في حياتي، فبسببها صرت أول ابن لأمي لديه مهنة ويربح أكثر من الحد الأدنى للأجور ولديه بيت وسيارة وجهاز تلفزة وبرّاد». ثم انتقل إلى معمل أكبر عندما لم يحصل على زيادة في الراتب. وهناك فقَد خنصر يده اليسرى في آلة خراطة، وأُجبر على بتره. عمل في هذا المعمل خلال عامَي ١٩٦٤ و١٩٦٥ قبل أن يُطرد لأنه لم يذهب مرةً واحدةً إلى العمل يوم سبت، وبقي حوالي عام ونصف العام عاطلًا من العمل قبل أن يجد وظيفة في أحد أكبر معامل المعادن في مدينة سان برناردو التي ستتحول إلى مقرّ إقامته الدائم في ضواحي سان باولو.
هنا تلقّى لولا أجرًا أعلى بكثير ممّا كان يتلقاه من قبل. وبقي مرتبطًا بهذا المعمل حتى عام ١٩٨٠. عام ١٩٦٤، عندما دشّن العسكرُ البرازيليون حقبةَ الانقلابات، لم يكن لولا مسيّسًا بعد ولم يفهم ما الذي حدث ولم يعترض عليه. عام ١٩٦٨ انتسب إلى النقابة مراعاةً لشقيقه فري شيكو، أي القسّ شيكو، وهو عضو في الحزب الشيوعي أجبر لولا على الترشح على لائحة نقابية فحلّ في المرتبة الـ١٩ من أصل ٢٥. تسلّم مسؤولية الملفات القانونية وبرع بقدرته على التفاوض والتوفيق بين مصالح مختلفة. عام ١٩٧١، انتُخب أمينًا عامًّا للنقابة التي فرّغته، وتوقف عن العمل بعد هذا التاريخ. حاول الشيوعيون إدخاله إلى الحزب لكنه لم يرغب في ذلك، ما أثار اهتمام حاكم سان باولو والنظام العسكري اللذين كانا يبحثان عن قيادات نقابية ذات مصداقية لمنافسة الشيوعيين.
تزوج لولا للمرة الثانية عام ١٩٧٤، ثم انتخب رئيسًا للنقابة عامَي ١٩٧٥ و١٩٧٨ من دون معارضة، وبدأ ينظّم مع رفاقه حملات مطلبية لزيادة الأجور تحولت إلى إضرابات كبيرة توقف فيها عن العمل ٢٣٥ ألف عامل عام ١٩٧٨ وأكثر من ٦٠٠ معمل عام ١٩٧٩. وفي أول أيار/مايو التالي، نجح في جمع حوالي مئة ألف من المضربين مع عِيلهم في ملعب لكرة القدم، وتوّجت التحركات بزيادات في الأجور أكبر مما كان متوقعًا، فَرَاج صيته في كل البلد وخارجها حيث قورن بليش فالبسا البولوني. وهنا تدخلت السلطة القضائية وحلّت النقابة واعتقلته خلال ٣١ يومًا – توفّيت والدته خلالها – ثم حكمته بالسجن لثلاث سنوات قبل أن يستأنف محاموه الحكم وتتم تبرئته.
الحزبي واليساري
حلّ الانقلاب العسكري الأحزاب السياسية، وبعد فترة، أعادت الديكتاتورية البرازيلية – التي كانت أذكى بكثير وأرحم إلى حدّ ما من شقيقتَيها الأرجنتينية والتشيلية – الحياةَ السياسية بتنظيمها بين حزبين، حزب الموالاة وحزب المعارضة. ومع الوقت، أخذ يقوى عود الحزب المعارض وينظّف صفوفه من العناصر التي زرعتها الديكتاتورية داخله. وعام ١٩٧٩ عندما صارت المعارضة تهدد بالفوز في الانتخابات، عاد النظام وسمح بتشكيل الأحزاب لتفتيت صفوف المعارضة. في هذا الإطار، تم تأسيس «حزب الشغيلة» في سان باولو عام ١٩٨٠، وهو عبارة عن ائتلاف تيارات غير متجانسة من مناضلين ضد النظام العسكري، تميزت بينهم تيارات مسيحية قريبة من «لاهوت التحرير»، ومجموعات تروتسكية صغيرة، ومثقفون وفنانون، وكوادر عمالية تجمّعت في نقابات مستقلة عن النقابات الحكومية، بالإضافة إلى النقابات التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي. ومنذ ولادته، تبنّى «حزب الشغيلة» توليفة فكرية اعتمدت الاشتراكية والديموقراطية، بعيداً عن النموذجين السائدين في اليسار، السوفييتي (الحزب الشيوعي البرازيلي) والصيني (الحزب الشيوعي في البرازيل) وانتُخب لولا أول رئيس للحزب الناشئ. منذ تأسيسه، عرف «حزب الشغيلة» عشرة رؤساء مع أن لولا كان دائمًا أهم قياداته التاريخية من دون منازع.
عام ١٩٨٥، نجح «حزب الشغيلة» في الفوز بفورتاليزا، عاصمة ولاية السيارا Ceara الشمالية الشرقية، وكانت مرشحته أول امرأة تصل إلى سدّة بلدية عاصمة الولاية. لم تكن التجربة موفّقة، لكنها كانت باكورة انتصارات متتالية في كافة ولايات البرازيل من شمالها إلى جنوبها، نجح الحزب خلالها في إيصال نواب وشيوخ لمناصب حكام ولايات وعُمد بلديات. وبدأت مسيرة بناء حزب سياسي يساري في بلد هو أقرب لقارّة، ودخل الحزب تدريجيًّا في كافة ولايات البرازيل وكل العواصم فحكم أكثريتَها وخسر بعضها، وأعطى للولا وجوهًا متكاملةً لم تتوافر عند سياسي آخر تحكمه الخصوصيات المناطقية. في أول انتخابات تأسيسية بعد انتهاء الديكتاتورية العسكرية عام ١٩٨٦، نجح «حزب الشغيلة» في إيصال ١٦ نائبًا إلى المجلس التأسيسي ومنهم لولا، الحائز على أعلى نسبة اقتراع. ومنذ عام ٢٠٠٢ صارت كتلة «حزب الشغيلة» (الـ«بي تي» PT كما يسمّى في البرازيل) البرلمانية دائمًا الأولى أو الثانية في مجلس النواب. يضم «حزب الشغيلة» أكثر من مليون ونصف مليون عضو، ويُعتبر من أكبر الأحزاب اليسارية في العالم (كان أول مضيف في مدينة بورتو أليغري Porto Alegre الجنوبية للمنتدى الاجتماعي العالمي) والذي من دونه لما كان لولا ما كان عليه ولا وصل إلى ما وصل إليه.
المرشح والرئيس
تحدّى الطفل الجائع والمخرطجي النقابي كلّ عوائق القدَر ليعرف كيف يطرق باب نادي الرؤساء في البرازيل المحصور بالنخب المالية، وخصوصًا ليدخله مرةً أولى ثم ثانية، وها هو قد دخله في الثالثة. احتل لولا الرئاسة لأول مرة عام ٢٠٠٢ وكان مختلفًا تمامًا عن لولا الذي كاد أن يحتلّها عام ١٩٨٩ (٤٧٪ من الأصوات) لو لم تتكتل ضده كل قوى المال والإعلام. وقتها، تخطى قائد اليسار التقليدي ليونيل بريزولا الذي حاول في الستينيات أن يقاوم الانقلاب العسكري وترسخ نهائيًّا كأول اليساريين. عامي ١٩٩٤ و١٩٩٨، ومع أنه حلّ ثانيًا أيضًا لم تكن لدى لولا فرصة حقيقية عندما واجه صديقه أستاذ علم الاجتماع فرناندو هنريكي كاردوزو، وزير المالية عند إقرار الخطة ريال (بلانو ريال) التي نجحت في القضاء على التضخم اليومي الذي كان يدمّر حياة المحرومين، فسمحت بتحقيق شيء من الاستقرار في الاقتصاد المتخبط. عام ١٩٩٤، حصل لولا على ٢٧٪ من الأصوات ونجح كاردوزو من الدورة الأولى، وشُرِّع في عهده التجديد لمرة واحدة. وعام ١٩٩٨ حصل لولا على ٣٢٪ من الأصوات لكن فاز كاردوزو من الدورة الأولى أيضًا. بعد المحاولات الثلاث، اعتبر لولا أنه يكفي، وأن الوقت قد حان لكي يتحمل غيره هذه المسؤولية. إلا أن تدنّي شعبية كاردوزو وضغط رفاقه المتزايد عليه تجاوزا تحفّظاته فترشّح عام ٢٠٠٢ تحت شعار «لولا السلام والمحبة» في محاولة لكسب أكثرية أصوات البرازيليين. كانت المرة الرابعة هي الثابتة، مع أن لولا وصل على أجنحة اليوتوبيا ولم يأتِ كما كان عام ١٩٨٩ ليصنع الثورة، بل ليمثّل اليسار في تداول السلطة. بالرغم من ذلك، وبالرغم من اختيار رجل أعمال لمنصب نائب الرئيس، كاد الاقتصاد أن يطير من الهلع الذي أصاب النخب المالية والأسواق العالمية، إذ ما زال في المخيلة صورة لمشروع جماعي نشأ في ضواحي سان باولو العمالية مع بداية الثمانينيات وأنتج «حزب الشغيلة».
في الواقع، الرئيس لولا الأول الذي وصل إلى السلطة عام ٢٠٠٢ بأكثر من ٦١٪ من الأصوات كان مرشح الطبقات الوسطى والطبقة العمالية في العواصم الصناعية جنوب البلاد وجنوب شرقه بعد أن نجحوا في إقناع جزء من الطبقات الفقيرة بالمخاطرة في انتخاب رئيس على شاكلتهم. بعد ولايته الأولى، لم يعد لولا الثاني الذي أعيد انتخابه عام ٢٠٠٦ بنسبة الـ٦١٪ ذاتها يثير الأحلام: صار مجرّد خيار واع لتعميق السياسات العامة الاجتماعية. لولا الثاني وسيط اجتماعي بامتياز: هو مرشح الفقراء أكثر منه مرشح الطبقات الوسطى وحتى البعض ممن أخرجهم من الفقر، هو مرشّح شمال شرق البرازيل الذي زكّاه بثمانين في المئة من الأصوات فيما خسر لولا في معاقله القديمة بالجنوب. أما التهويل الاقتصادي، فلم يلاحظ انتخابَ لولا الثاني؛ لا بورصات العالم تحركت ولا حتى صرّاف أصغر زاوية في البرازيل. خرج لولا من الرئاسة بأعلى نسبة تأييد عرفها سلفٌ له. وسمحت له شعبيته بأن يسهم في إيصال رئيسة جمهورية لأول مرة في تاريخ البرازيل هي ديلما روسيف – امرأة كفوءة وشجاعة لكنها لا تتمتع بكاريزما سياسية خاصة – فازت في الدورة الثانية بأكثر من ٥٦٪ من الأصوات.
من الحكم إلى البراءة
عرفت ولاية لولا الأولى أزمة سياسية كادت أن تقضي عليه وكشفت عن فساد سياسي بنيوي لم يسْعَ إلى أو لم ينجح في تغييره مع وصوله إلى الرئاسة. مشكلة البرازيل أن العهود تتغير، وأكثريات الرؤساء المطلقة لا تغنيهم عن الحاجة إلى كوكبة من الأحزاب الصغيرة لتتأمن لهم الأكثريات البرلمانية النسبية. على سبيل المثال، في أوج شعبية لولا عام ٢٠٠٢، منحه الناخبون ٦٢٪ من الأصوات ولم يعطوا لحزبه، الأكبر بين الأحزاب البرازيلية، إلا ٢٥٪ من المقاعد. والأدهى، أن الأحزاب الصغيرة نفسها التي سمحت لكاردوزو ولولا وبولسونارو بأن يحكموا، دعمت لولا وهي معروفة بأنها تقايض دعمها مقابل اقتطاعات ومراكز في هيكلية الدولة، أي نوع من المحاصصة الفاسدة والمفسِدة. وقد بيّنت تحقيقات عام ٢٠٠٥ أن عهد لولا الأول، على سبيل المثال لا الحصر، كان يشتري ولاء عدد من النواب برواتب شهرية. ولم ينقذ لولا وضعه السياسي إلا بعد استقالة وزيره الأول والرجل القوي في عهده، جوزي ديرساو، مع أنّ هذا الأخير كان أهم كوادر حزبه. لم يتورّط لولا في أي فضيحة ولكن تمت ملامته لأنه لم يتصدّ لهذه الممارسات من حوله ولأنه تأقلم مع ممارسات هذه الأحزاب التي تحول دون القيام بالإصلاح السياسي الضروري. خلال عهد ديلما روسيف، ارتُكبت أخطاء اقتصادية جسيمة تقاطعت مع انكماش اقتصادي عميق بما أدّى إلى تظاهرات سياسية عارمة وصاخبة، بدأت ضد غلاء أسعار النقل وتطورت وصولًا إلى إجراء كأس العالم. أدّت كل هذه العناصر إلى انهيار في شعبية الرئيسة روسيف من دون أن يمنع إعادةَ انتخابها عام ٢٠١٤ بفارق ضئيل (٥١,٥٪)، الأمر الذي ضاعف من حدّة التوتر السياسي في البلد.
بموازاة ذلك، سيطر تحقيق قضائي ــ بوليسي عرف بـ«غسيل تحت الضغط» («لافاــ جاتو») على تفاصيل حياة البلد خلال سنوات طويلة وأخذ يكشف قضايا فساد مترامية طاولت كافة قطاعات الاقتصاد بدءًا بشركة النفط الوطنية «بتروبراس» وبكبريات شركات البلد التي نشرت الفساد في كافة الأقاليم. كما كشف التحقيق عن تورّط مئات من السياسيين. وتحوّل التحقيق الذي بدأ تقنياً إلى تشبيك بين مصالح مختلفة، منها اقتصادية وإعلامية وسياسية وقضائية وعسكرية، توافقت على القضاء على ديلما كمقدمة لمنع لولا من تبوّء الرئاسة للمرة الثالثة. وعندما استعانت روسيف بلولا عبر تعيينه كأول وزرائها، تمّ توريطه بفضائح مالية هزيلة ومفتعلة أمام ضخامة ما كان يُحقّق فيه (عشرات مليارات الدولارات التي خسرها البلد ومئات الملايين من الأموال المنهوبة التي استرجعت وملايين الوظائف التي أتلفت).
بعد ذلك، بدأت مقاضاة لولا عام ٢٠١٦ وحُكم عليه بتسع سنوات سجن عام ٢٠١٧، وسرعان ما وصلت إلى ١٢ سنة لدى الاستئناف، ما أدّى إلى تجريده من حقوقه السياسية عام ٢٠١٨. وقد جرى ذلك قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية التي كان يتقدم لولا استطلاعاتها. بموازاة محاكمة لولا، تمّت إقالة الرئيسة روسيف بشكل ظالم ولأسباب واهية في آب/ أغسطس ٢٠١٦ بالتواطؤ مع نائبها ميشال تامر. عندما صار حكم لولا مبرمًا، حلّ محله فرناندو حداد، المرشّح إلى نيابة الرئاسة، وحصل هذا الأخير على ٤٥٪ من الأصوات في الدورة الثانية ضد جايير بولسونارو مرشح اليمين المتطرّف. عُيّن القاضي سيرجيو مورو، الذي حكم على لولا بالسجن، وزيراً للعدالة، فيما أمضى لولا ٥٤٠ يومًا خلف القضبان قبل أن يُطلق سراحه لأخطاء في المحاكمة ثم ألغيت الأحكام بحقه عام ٢٠٢١ ما فتح المجال لكي يستعيد حقوقه السياسية. من جهة أخرى، نشر موقع «ذا إنترسبت» (the intercept) وثائق أثبتت كيف كان مورو يلجأ إلى وسائل غير شرعية لمطاردة لولا وكيف كان ينسّق مع الادّعاء ويوجّهه خلال مراحل التحرّي والتحقيق. وعام ٢٠٢١، أدان مجلس القضاء الأعلى مورو لتصرفه المتحيز في محاكمة لولا. اختلف الوزير مورو مع الرئيس بولسونارو، واستقال من الوزارة عام ٢٠٢٠، محاولًا الترشح إلى رئاسة الجمهورية، لكنّ حدة الاستقطاب بين لولا وبولسونارو جعلته يتراجع ليترشح أخيراً إلى عضوية مجلس الشيوخ حيث فاز بمقعد بعد أن عاد وتقارب من بولسونارو. بعد استعادة لولا حقوقه السياسية ورغبة بولسونارو في الترشح لولاية ثانية، دقّت ساعة المنازلة الكبرى التي حرمت منها البرازيل قبل أربع سنوات.
٢- لَوْلا لُولا...
الـ«لوليّة»: الاستقرار والحكم لصالح الفقراء بالأولوية
فشل لولا ثلاث مرات في الانتخابات الرئاسية ومنها استخلص أنه حتى لو طالب الناخب بالتغيير، فالسوق في المقابل تشترط الاستقرار، إن السوق تتحكم بالتغيير وليس العكس. من جهة ثانية، حتى في عزّ شعبيته، أُجبر لولا على «نسج» اتفاق مع تسعة أحزاب هي الاحتياط لأي حكومة، تقايض دعمها للرئيس – أيّ رئيس – بالحفاظ على مكتسباتها الريعية داخل جهاز الدولة. هذان معطيان أساسيان لفهم خصوصية التجربة – موقعها ومحدوديتها – التي قام بها الطفل الجائع ثم الولد الفقير الذي أصبح عاملًا ثم نقابيًّا قبل أن يتسيّس ويساهم في تأسيس حزب سياسي «ثوري» في بلد قارّي أوصله إلى الرئاسة بعد ربع قرن. يشكل انتساب لولا إلى نادي «الخواجات» المغلق القطيعةَ الحقيقية، لأن وصول ائتلافه المثقل بأوزان تقليدية يجوز صرفه تحت خانة التداول في السلطة. أما خروجه من السلطة مكلّلًا بالنجاح، متمتّعًا بدعمٍ داخلي يلامس الـ٨٠٪ وبإعجاب دولي قَلّ مثيله ومثيل تنوعه، فأشّر بداية إلى انتقال البرازيل التي تسلّمها لولا من وضعية الاقتصاد الثالث عشر في العالم إلى المرتبة الثامنة: من جهة، هذا يعني ارتكاز لولا على قدرات البرازيل وتظهيرها وإعادة سكبها باللغة الأنسب لجمهوره أيًّا كان، ومن جهة أخرى، هذا عنى ببساطة تناغُم الرجل مع شعبه.
«الحكم لكل البرازيليين والأولوية للأشدّ فقرًا»
إذا بحثنا عمّا غيّرته الـ«لوليّة» بالفعل خلال فترة ترؤسها البرازيل، يأتينا الدليل الأول من التبدل النوعيّ الذي حصل في قاعدتها الانتخابية: خلال ربع قرن – وحتى عندما فاز بانتخابات عام ٢٠٠٢، مثّلت ظاهرة لولا صعود العمل النقابي المنظم المركّز في المناطق الأغنى من البلد وكانت تعبيرًا عن الطموحات «الثورية» للطبقات الوسطى. بعبارات أوضح، لم تنتخبه الشرائح الأكثر فقرًا ولا مناطق الشمال الأكثر تأخًرًا. أما في العام ٢٠٠٦، فكانت هذه الشرائح وتلك المناطق بالتحديد التي أعادته إلى سدّة الرئاسة. بالرغم من التزامها السياسات النيوليبرالية، لم تضيّع الـ«لوليّة» (والمقصود الرئاسات المحقّقة) بوصلة تجريبيّتها الهادفة، وقد سعت دائمًا إلى تدعيم السوق الداخلية وتوسيع جمهورها وشمولها المناطق التي تعيش على هامشها.
يردّد لولا دائمًا، وهو الحريص على دقّة تعبيره، أنه يحكم «لكل البرازيليين ولكن بالأولوية للأشدّ فقرًا». من دون المسّ بأسس الاستقرار، عاندت الـ«لوليّة» العقيدة المسلّم بها بأنّ التوزيع يلي دائمًا النموّ، فجعلتهما يتواكبان، وبيّنت أحيانًا كثيرة أن بيضة التوزيع أو الاجتماع هي التي تخلق دجاجة النموّ أو الاقتصاد: سياسات مثل «المنحة العائلية» أو زيادة الحد الأدنى الدورية للأجور بوتيرة أسرع من التضخم أو دعم الزراعة العائلية أو التسليف بضمانة رهن الراتب أو تسهيل إدخال الفقراء في الشبكة المصرفية، كلها خطط اجتماعية بيّنة، إلا أنها غيّرت أيضًا بالمعطى الاقتصادي. فالشرائح التي خرجت من التهميش – ٢٥ مليونًا من البؤس و٢٥ مليونًا غيرهم من الفقر خلال ولايتَي لولا – دخلت في السوق الداخلية وفعّلتها وولّدت قطاعات اقتصادية باتت مطالبة بالاستجابة لهذا الطلب الجديد. كان البلد الذي سلّمه لولا إلى خليفته أكبر وأعدل من ذاك الذي تسلّمه. مثلان بسيطان: بين عامَي ٢٠٠٣ و٢٠١٠ نمت مداخيل الـ١٠٪ الأفقر بمعدل ٨٪ في السنة، أي أكثر من نسبة نمو الاقتصاد ومن نسبة النمو لدى الـ١٠٪ الأغنى الذين نمت مداخيلهم بمعدل ١,٥٪ فقط. لا يغيّر هذا المعطى الكثير في توزيع الثروة، لكنه يحدد وجهة لم تعرفها البرازيل من قبل وكان عليها أن تعتاد عليها. يُقال مرارًا – وهذا صحيح – أن لُولا لم يخض حربًا هجومية على الأغنياء، لكنّ الـ«لوليّة» خاضت حربًا دفاعية لصالح الفقراء.
وهذه الإضافات الاجتماعية على تواضعها، وبسبب منهجيّتها، عملت الكثير في تحريك الاقتصاد المحلّي، فإذا بمجموع تلك الإضافات المحلية يُحدث تعديلًا في الاقتصاد الوطني برمّته. وما يُقال عن المعطى الطبقي له ترجمة شبه آلية في ما يخصّ المعطى المناطقي: بدلًا من استراتيجية التموقع التنافسي في العولمة الذي كان يؤدي حتمًا إلى إعادة تدعيم المناطق النامية أصلًا، اعتمدت الحكومات الـ«لوليّة» استراتيجية الاندماج الوطني بتقليص الفوارق المناطقية وبإعطاء الأولوية لاستثمارات البنى التحتية في المناطق الشمالية الفقيرة. على سبيل المثال، بين عامَي ٢٠٠٣ و٢٠٠٩، نمت فرص العمل في البرازيل بنسبة ٥,٤٪، في الشمال الشرقي ٥,٩٪ وفي الجنوب الشرقي ٥,٢٪. على تواضعه، يشكل هذا الرقم انقلابًا في جداول كانت دائمًا نسخًا طبْق الأصل عن سابقاتها، تعود إلى بداية الرأسمالية في البرازيل. إلا أن ما أنجزه لولا خلال ولايته الأولى تم بسبب ارتفاع أسعار الموادّ الأولية وبسبب النموّ الصيني وجلب الرساميل الأجنبية. وقد سمح تدخل الدولة وتوسيع السوق الداخلية بتأخير الاستحقاقات وتحاشي نتائج أزمة الاقتصاد الأميركي عام ٢٠٠٨. ولكن مع تغيير المناخ الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار الموادّ الأولية – قاعدة الصادرات البرازيلية – وتباطؤ النمو الصيني، لم تصمد هذه المعادلة واختلّ التوازن الذي كان يحملها.
التراكم البدائي للديموقراطية
يرى بعض الاقتصاديين أن الخطأ كان في إعطاء الأولوية للاستهلاك على حساب زيادة الإنتاجية خلال ارتفاع أسعار المواد الأولية. وقد حاولت الرئيسة روسيف تعويض ما فات واعتماد خطة اقتصادية جديدة لتحفيز الصناعة قامت على تخفيض الفوائد وقيمة العملة، وعلى توسّع التسليف وعلى إعفاءات ضريبية ودعم سعر الطاقة. لم تنجح هذه القرارات لأن الصناعة لم توسع التوظيفات ولا زادت الإنتاجية. كل ما زاد هو العجز في الحسابات العامة، كما انخفض الناتج القومي حوالي ٣,٥٪ خلال سنتين متتاليتين (٢٠١٥ و٢٠١٦) وارتفعت البطالة إلى أرقام قياسية. ازدادت التظاهرات الاحتجاجية الصاخبة عام ٢٠١٣ وترافقت مع الانكماش الاقتصادي والابتزاز الذي مارسه مجلس النواب لتفجير القنبلة في وجه الرئيسة روسيف التي وصلت شعبيتها إلى الحضيض.
قبل الانتقال إلى مفاعيل الـ«بولسونارية» التي بدأت تنمو على قاعدة تعثّر الـ«لوليّة» الاقتصادي والاجتماعي، لا بد من التوقف عند ما مثّلته هذه الأخيرة كظاهرة سوسيولوجية أو حتى سوسيونفسانية. ميزة «لوليّة» الدولة – على وزن رأسمالية الدولة – أنها جمعت بين الاستقرار وتراجع الفوارق الطبقية والمناطقية، وأنها حوّلت مركز السلطة وحيدة المصلحة من قِبلها إلى مساحة تثاقف بين مصالح متمايزة، وعند استحالة تحقيق ذلك، حوّلتها إلى مجال تعايش بينها. قبل الـ«لوليّة»، كان الصراع الأساسي على الطبقات الوسطى فيما يتحكم أعتى وجوه الإقطاع السياسي بمصير وخيارات أفقر الفقراء وأقلّهم وعيًا وتنظيمًا، خصوصًا في الشمال. عام ٢٠٠٦ وما بعد، أي عندما زَحل جزء أساسي من قاعدتها الأصلية نحو مواقع محافظة أو حتى رجعية، نجحت الـ«لوليّة» بالتعويض، باتجاه الناخب الأفقر والمنطقة الأبعد، عمّا خسرته بين الطبقات الوسطى وفي الجنوب. أما وقد جمعت الـ«لوليّة» الأكثر فقرًا حولها، وقد عدّلت بتركيبة اللعبة من خلال التبدلات الطبقية والمناطقية، فدعّمت أسس النظام السياسي بتوسيع ما سمّاه أحدهم «تأمّل التراكم البدائي» للديموقراطية، أي الشروط الأساسية للتمكن من ممارستها، بما هي مكونات الحياة الأوليّة ومصالح يجب الدفاع عنها وحقوق قابلة للتحقيق. في هذا المشهد، بدت الـ«لوليّة» – بالرغم من إخفاقات ولاية روسيف وويلات بعض وزراء لولا وحلفائهما – «حكمًا مختلفًا مع أناس مختلفين يقومون بأشياء مختلفة».
ما ينطبق على لولا ينطبق أيضًا إلى حدّ كبير على الـ«لوليّة»، أي على أولويات حكمه وعلى بعض معاونيه: هنا أيضًا، نجاح هذه الفئة في إدارة «الدولة، على الأقل بنفس كفاءة أبناء عائلات ينطقون بالإنكليزية وتعلّموا في الخارج»، يشكل بحد ذاته صدمة في عقل السياسة التقليدية وتمتينًا لمبدأ التداول في السلطة والدولة أعمق من مجرّد تبادل بين فريقين، من دون أن يرتقي بالضرورة إلى إبراز نماذج مختلفة لتقاسم السلطة أو للجم الفساد (بل بالعكس). يبقى الحديث عن الأهم، وهو عنصر لا تتطرق إليه عادة الصحافة لأنه على حدود علم النفس الاجتماعي: في بلد أقل تسييسًا تقليديًّا من جيرانها حافظت فيه العلاقات المجتمعية على حيّز واسع من الإقصاء والتمييز والعنصرية، تقابِلها القدرية والخضوع والخنوع – حتى لو حاولت بعض الشعارات المنمّقة الإيحاء بالعكس (هنا بلد الاندماج العرقي، إلخ) ، شكّلت الـ«لوليّة»، أولًا بفضل سيرة لولا الشخصية ولكن أيضًا بسبب شرحه «التثقيفي» لها، أداةً لجأت إليها الشريحة الأفقر والأضعف لإعادة ثقتها بنفسها ولتجديد ثقتها بالبلد، حتى في أحلك الظروف.
الـ«بولسونارية»
بدايةً، لا علاقة لجايير بولسونارو باليمين المتطرّف (الذي نظّر للعقيدة «الشمولية» integralismo في الثلاثينيات). فالـ«بولسونارية» والفكر نقيضان، إنها حصيلة آلية أخرى: سلَب الانقلاب العسكري البرازيلي الانتخابات المباشرة من الشعب واستعاض عنها بانتخاب الرئيس من قبل المجلس النيابي. ولم يعد الانتخاب بالاقتراع المباشر القاعدة إلا بعد عودة الديموقراطية. عام ١٩٨٩، وصل إلى الرئاسة سياسي مغامر ومغمور (كولور)، وكان مفاجأة السباق. رصّ النظامُ صفوفه حوله خوفًا من وصول لولا، وسرعان ما أقيل من منصبه. استقرّت الحياة الاقتصادية بعد إقرار «خطة ريال» التي قضت على التضخّم المرَضي، وانتظمت الحياةُ السياسية حول قطبين. من جهة، «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» الذي تحالف مع اليمين وصار يمثّل صفوة مصالح النظام القائم، ومن جهة أخرى، «حزب الشغيلة» الذي يعارضه. وخلال ست دورات للانتخابات الرئاسية المتتالية، انحصرت اللعبة بين هذين الحزبين واقتصرت المنافسة عليهما: أول مرّتين، فاز اليمين ممثلًا بـ«الاشتراكي الديموقراطي» (كاردوزو)، وفي الأربع مرات التالية، فاز اليسار ممثلًا بـ«حزب الشغيلة» الـPT (لولا ومن ثم روسيف). فشَل الاشتراكيين الديموقراطيين المتكرّر، وخصوصًا دراماتيكية إقالة روسيف واعتقال لولا – شكل وقودًا سياسيًّا تقاطع مع أزمة اقتصادية ضاعفت البطالة، ومع فضائح فساد مع إعلام وقضاء يمهّدان أوسع الطرقات لصعود سياسي مغمور لم يكن أحد يعيره اهتمامًا أو قيمة، لكنه موجود منذ ثلاثة عقود على الحافة اليمينية للمسرح لكي يتحوّل إلى «أسطورة» (ميتو mito) كما يلقبه محبّوه، ويدّعي هو أنه مرشح ضد «النظام» فيما هو ليس إلا وجهه القبيح.
جايير بولسونارو من مواليد ١٩٥٥، دخل الجيش في سلك المظليين وصار نقيبًا. غادر المؤسسة العسكرية نصف مطرود نصف متقاعد بعد أن كتب مقالًا يحرّض فيه على زيادة الرواتب واقترح إجراء تفجيرات «صغيرة» في الثكنات لهذه الغاية. وسرعان ما انتقل إلى السياسة. بدايةً، انتُخب عضوًا في مجلس مدينة ريو دي جانيرو ثم نجح في دخول مجلس النواب لستّ ولايات متتالية بدءًا من عام ١٩٩٠ بأرقام هامشية، باستثناء المرة الأخيرة عام ٢٠١٤. خلال تلك العقود، كانت خطاباته النارية ومواقفه الحادّة تواجَه إما بالسخرية وإما بالصدام. ترشح ثلاث مرات لرئاسة مجلس النواب ولم ينل في أيّ مرة أكثر من خمسة أصوات. قدّم ١٧٢ مشروع قانون أو تعديل ولم يُقرّ إلا واحد منها.
خلال سيرته السياسية، استهلك تسعة أحزاب مختلفة. صُنّف باليميني المتطرّف لمواقفه الكاريكاتورية، وتميّز بالدفاع عن أبشع حقبة من النظام العسكري، تلك التي حكمت في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات حيث راجت ممارسة التعذيب ومهاجمة الشيوعية باسم «الدين والوطن». عُرف أيضًا بدفاعه عن أجندات مجتمعية محافظة كمعاداة المثلية. متورّط مع أولاده بآليات إثراء غير مشروع كـ«توظيف أشباح» بواسطة الموارد التي تؤمّنها الدولة لمكاتب النواب والشيوخ، وهو قريب من شبكات «المليشيات» التي تتحكّم بالأحياء الفقيرة المحيطة بريو دي جانيرو. وهي، بالإضافة إلى فضائح أخرى تراكمت في عهده، قضايا ستلاحقه بعد فقدانه الحصانة. لحظةَ قرّر خوض الانتخابات الرئاسية تحت شعار «البرازيل أعلى من الجميع، الله أعلى من أي شيء» رافعًا ألوان العلم البرازيلي ومرتديًا قميص منتخب الكرة، وجد حزبًا يملك مصلحة في تبنّيه. طالما أن لولا في السباق، ظل بولسونارو بعيدًا في المرتبة الثانية، ولم يتصدّر المشهد إلا بعد اعتقال الزعيم اليساري. قبل شهر من إجراء الانتخابات، طُعن في بطنه خلال حملته الانتخابية فتحوّل إلى ضحية. حصل في الدورة الأولى على ٤٦٪ وفي الدورة الثانية على ٥٥٪ من الأصوات، ما يوازي ٥٧ مليون صوت، وهو رقم كبير لم ينله من قبله إلا لولا.
من الصعب تحديد ما سيحفظ التاريخ من عهده. على الأرجح لا شيء: كانت يومياته ممارسة قاسية بين مدنيين عقائديين متطرفين وعسكر راديكاليين كانوا متفوّقين. وفي آخر عامين، سادت صفقة بين أسوأ النوّاب المسيطرين على السلطة التشريعية من جهة، والعسكر المتطرفين الممسكين بجهازي الدولة التنفيذي والإدارة، من جهة أخرى. أما بولسونارو، فاتفق الطرفان على أن يُسمح له بأن يلعب في ما تبقى من الملعب: مصارعة القضاء وتجسيده للسدّ الوحيد القادر على منع عودة لولا الذي لم يكن يسمّيه إلا «اللص»، وإنْ أراد أن يضيف صفات أخرى، فيقول منها «السكّير» أو «الشيوعي الذي يريد أن يحوّلنا فنزويلا ثانية».
في الحقيقة، هناك عدد من الكوارث في عهد بولسونارو التي تذكّر بمأساة فنزويلا. إن شئنا أن نقيّم عهده بموضوعية علينا النظر في عدّة أمور: على سبيل المثال، لا يمكن أن نحمّل عهده مسؤولية الانكماش الاقتصادي الذي نتج من جائحة كورونا ولا حتى ارتفاع نسبة الفقر المدقع لأول مرة خلال العقدين الأخيرين. مع أنّ تصرّفه فاقم الأزمة لدرجة أنه لا يمكن تبرئته من نسبة غير بسيطة من الوفيات (أكثر من ستمئة ألف قتيل) التي ضربت البرازيل. فهو شكّك بحقيقة الفيروس وأخّر شراء اللقاح وصرف ثلاثة وزراء صحة لعدم تطابق أفكارهم مع أحكامه، وتهكّم على قرارات العزل التي أراد حكام الولايات فرضها، ورفض ارتداء الكمّامات وما شابه.
في المقابل، هناك إخفاقات يجب نسبها مباشرةً إلى عهده كتفكيك كافة السياسات البيئية في الأمازون تحديدًا التي خسرت خلال رئاسته أكثر من أربعين ألف كلم مربّع بسبب دعمه لقطاعات الزراعة والتعدين. أو اعتماده على العسكر وحشرهم في كل إدارات الدولة. أو عزل البرازيل عن علاقاتها الإقليمية والدولية (وهي المعروفة بدبلوماسيتها وانفتاحها) واقترابه شبه المرضي من دونالد ترامب ومن كل القوى المحافظة في العالم (من الطريف أن نلاحظ أن فلاديمير بوتين ربما هو القائد الوحيد في العالم الذي قال إن علاقته جيدة مع لولا ومع بولسونارو معًا). يضاف إلى ما ينسب لعهده، ما يجب نسبه لطبعه الخاص ومن استسهاله شتم محاوريه، ما أدّى إلى تدهور علاقاته مع الإعلام وإلى أزمات متتالية مع السلطة القضائية واستقالات فريدة في قيادة الجيش.
من الظلم على الأرجح مقارنة الـ«لوليّة» بالـ«بولسونارية». فالأولى مشروع جماعي جسّده رجل وعبّر عنه. ولكن لَوْلا هذا المشروع وأداته الحزبية، لما وُجد الرجل السياسي أصلاً. أما الثانية، فمشروع شخصي لا يتطابق مع عمل جماعي، وقد استهلك حتى الآن تسعة أحزاب، والحبل على الجرّار. ما ينطوي تحت الاسم الجماعي في هذه الحالة هي فئات متمايزة تمحورت حوله لمصالح خاصة أو لبعض القناعات التي نجح في حملها والتعبير عنها. وهذه الكوكبة تبدأ بعائلته – أولاده الثلاثة – ثم تتوسع باتجاه مجموعات يمينية عقائدية مدنية وعسكرية تتشارك مع مصالح اقتصادية محددة في البزنس الزراعي وقطاعي التعدين والتسليح.
تجد هذه النواة صدًى لها في شرائح مرتبطة بالاقتصاد غير الرسمي (في جانبَيه الشرعي وغير الشرعي)، ومع مواقف محافظة مجتمعيًا تحرّكها بعض الكنائس والزعامات «الأنجيلية» الملتفّة حول زوجته. ويوحّد بين كل هذه «المجتمعات» العداءُ الذي «تَجَفْصَن» ضد مجتمع الـ«بي تي» الذي فاز في أربعة انتخابات متتالية. ليست علاقات هذه «المجتمعات» بعضها ببعض دائمًا موسومة بالتكاتف والتكامل، بل تتسم أكثر الأحيان بنزاع البعض ضد البعض الآخر. في نهاية عهده وكمحصلة واقعية، أمسكت بالـ«بولسونارية» زعاماتُ الأحزاب الصغيرة التي لجأ إليها الرئيس لتشكيل أكثريته والتي لا يقوم أيّ عهد أو يكتمل إلا بإرضائها.
خلال ولايتَي لولا، خرج حوالي ٢٥ مليون برازيلي من الطبقات الفقيرة للالتحاق بالطبقات الوسطى الدنيا (بين مرتين وخمس مرات الحد الأدنى للأجور) ثم تقلصت هذه الشريحة مع الانكماش الاقتصادي الذي بدأ في ولاية روسيف الثانية ومع ميشال تامر وعهد بولسونارو خلال الجائحة. هذا هو لبّ جمهور بولسونارو. ومن سخرية التاريخ أن بعضًا من الذين خرجوا مع لولا من الفقر صاروا أشدّ المدافعين عن بولسونارو. لا بدّ من الاعتراف لبولسونارو بشطارة تجميع فئات لا تمت بصلة إلى بعضها البعض وتوحيدها، وبكفاءة الإيحاء لها وبإقناعها أن الفقر الذي عاد يطرق أبوابها مرتبط بفساد حكومات الـ«بي تي» اليسارية. لقد استثمر قلق البعض المتجدد أمام انعدام أي حماية اجتماعية لهذه الفئات وأمام ابتعاد مشاريع المدارس الخاصة دون أولادها. وتفهّم هشاشة موارد البعض الآخر الذي هو بحاجة ماسّة إلى العمل خلال فترة الجائحة. وحّدهم بولسونارو وصار المدافعَ عن حقهم في أن يبادروا، وبات حاميهم في وجه دولة وُجدت كي تعيقهم وتقمع «حرياتكم»، حسب قوله، أي حرية قطع الغابات والتنقيب عن المعادن في أراضي الشعوب الهندية، وحرية التهرب من الضرائب وحرية كنائسهم «التي يريد أن يقفلها لولا»، ناهيك عن كل الحريات «التي تريد أن تسلبها الشيوعية». فصار بالنسبة إلى كل هؤلاء «نقيب الشعب»، كما يسمّونه، أو بكلمة بسيطة «زعيمهم».
ماذا بعد؟
نجم عن انتخابات العام ٢٠٢٢ أضيق فارق في انتخابات البرازيل منذ عودة الديموقراطية، وهي المرة الأولى التي يرتفع فيها عدد ناخبي الدورة الثانية على ناخبي الدورة الأولى. وهذا معطًى غريب لأن البرازيل في الدورة الأولى تختار، إضافةً إلى انتخابات رئاسة الجمهورية، أعضاءَ مجلسَي النواب والشيوخ وحكام الولايات. ولا يبقى للدورة الثانية إلا انتخابات رئاسة الجمهورية وحكام الولايات الذين لم يُحسم أمرهم في الدورة الأولى، ما يؤدّي عادةً إلى انخفاض عدد الناخبين. وارتفاعُ الاقتراع هذا دليلٌ ساطع على حدة الاستقطاب الذي مزّق البلد والعائلات. وقد بيّنت نتائجه أن لولا كان الوحيد القادر على منع رئيس جمهورية من تجديد ولايته وهذا لم يحدث من قبل مثلما كان بولسونارو وحده قادرًا على منع لولا من العودة إلى سدة الرئاسة.
اعتقدت حملة لولا – الذي تصدّر الاستطلاعات بدون انقطاع منذ أن استعاد حقوقه السياسية، مع أن الفارق تقلص آخر شهرين – أنه من الممكن أن يفوز من الدورة الأولى (حصل على ٤٨,٦٪)، وزادت أصوات بولسونارو على ما كانت تقدّره استطلاعاتٌ بستّ أو سبع نقاط مئوية (حصل على ٤٣,٢٪). والفارق الذي كان ستة ملايين صوت بينهما تقلص في النهاية إلى مليوني صوت مع أن المرشحَين الثالث والرابع (سيمون تابت ويبرو غوميز) أيّدا لولا بين الدورتين. وعند الفرز الإلكتروني لصناديق الدورة الثانية (تصدّر النتائج بعد ساعتين من نهاية الاقتراع!)، حصل لولا على ٥٠,٩٪ من الأصوات وصار أول رجل يتخطى عتبة الستين مليون ناخب، فيما اقترع لبولسونارو ٤٨,١٪ ونال أكثر بقليل من ٥٨ مليون صوت وأكثر ممّا ناله عام ٢٠١٨.
في تحليل النتائج، صحيح أنها أسفرت عن وجود برازيلَين اثنين، إلا أنّ أحدهما لا يستطيع العيش من دون الآخر. اقترع للولا ٥٦٪ من النساء واقترع لبولسونارو ٥٣٪ من الرجال. كما صوّتت للولا أكثرية من يملكون مستوى تعليميًّا ابتدائيًّا أو جامعيًّا فيما الباقون في الدرجتين التعليميتين المتوسطتين اقترعوا بالأكثرية لبولسونارو. أكثرية البيض اقترعت لبولسونارو، وكان الفارق ضئيلًا لصالح لولا عند الملوّنين، وشاسعًا عند الأفريقيين. تقدَّم لولا بين الكاثوليك – وهم أكثرية – فيما تقدّم بولسونارو بين الإنجيليين – وهم أقلية وازنة. طبقيًّا، نال لولا أكثر من ٥٤٪ من أصوات من يتقاضون ضعف الحد الأدنى للأجور (وهم تقريبًا نصف عدد السكان) وحصل بولسونارو على حوالي ٥٢٪ من أصوات الشريحة المتوسطة، أي الذين يتقاضون بين ضعفَي وخمسة أضعاف الحد الأدنى (الثلث)، فيما عند الباقين (الذين يتقاضون خمسة أضعاف الحد الأدنى وما فوق) رجّح الاقتراع كفّةَ بولسونارو مع ارتفاع مستويات الدخل.
أخيرًا وليس آخرًا، المعطى الجغرافي. إذا أجرينا التقاطع بين المعطى الجغرافي والمعطى الطبقي، نرى أن بولسونارو فاز في ١٤ ولاية من بينها ١١ ولاية تنتمي أكثريةُ السكان فيها إلى الشريحة التي تتلقّى بين ضعفَي وخمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور. وبالعكس، فاز لولا في الولايات الـ١٣ المتبقية، ومن بينها ١١ ولاية أكثريةُ سكانها تتلقى أقل من ضعفي الحد الأدنى. في الجغرافيا الصرفة، فاز بولسونارو في أربع مناطق من أصل مناطق البرازيل الخمس (الجنوب الشرقي حيث سان باولو وريو دي جانيرو، والشمال حيث غابة الأمازون، والجنوب القريب من الأرجنتين والوسط الغربي حيث العاصمة والأراضي الزراعية وبفارق كبير بين آخر منطقتين. وفاز لولا في منطقة واحدة، بشمال شرق البرازيل حيث تتمركز كل الولايات الفقيرة، وقد فاز فيها بأكثر من ثلثَي الأصوات وعوّض عن كل تأخيره في المناطق الأخرى. الأكيد أنه لَوْلا أصوات شمال الشرق لما كان لولا انتُخب رئيسًا. لكنّ هذا التفسير لا يكفي لأن الفارق في الأصوات مع بولسونارو في شمال شرق البرازيل كان قد حقّقه فرناندو حدّاد قبل أربع سنوات. ما سمح للولا بأن يفوز هذه المرة هو التقدّم الذي حققه في كل المناطق الأخرى بالمقارنة مع أصوات حداد عام ٢٠١٨، حتى إن بقي خاسرًا فيها.
في الخلاصة، كانت استطلاعات تدلّ على أن نسَب تأييد أي من المرشحين كانت عالية جدًّا، والأهمّ أن نسَب نبذ أيٍّ من المرشحين قريبة جدًّا من نسَب تأييد خصمه. وهذا معناه أن الاستقطاب هذه المرة كان سلبيًّا أكثر منه إيجابيًّا، كما تدلّ وساخة الانتخابات من حيث استغلال ماكينة الدولة أو فقدان أي مضمون في المناظرات أو انتشار الكذب على وسائل التواصل الاجتماعي إضافة إلى التهويل والتخويف وحتى العنف. فلا الـ«بولسونارية» تمثل ٤٩٪ من الشعب ولا الـ«لوليّة» ٥١٪، ولا ناخبو بولسونارو فاشيون ولا ناخبو لولا يساريون. وقسم كبير من الناخبين وجد في المرشح الذي اقترع له الوسيلة الأنجع لإبعاد المرشح الآخر، لا غير.
والآن؟ بعد انتهاء الفرز، سارع العالم إلى التصديق على انتصار لولا، وكذلك فعل أيضًا من له شيء من الحكمة من بين البولسوناريين مثل رئيسَي مجلسي النواب والشيوخ اللذين يراهنان على الاستمرار في موقعهما باعتبار أن الأكثريات المجلسية الجديدة أتت لصالحهما وأن العهد الجديد سيكون لهذا السبب بأمسّ الحاجة إليهما. في المقابل، لم يسلّم بولسونارو بوضوح بنتيجة الانتخاب، بل اكتفى باعتبارها «ظالمة» وبأنه يتفهم التحركات التي قطعت الطرقات بدايةً ثم تجمّعت أمام الثكنات مطالبة بتدخل الجيش، كما حثّ الحزب الذي ترشح باسمه أن يطعن بالنتيجة الرئاسية (وليس بالبرلمانية فهو أول الأحزاب في البرلمان) معتبرًا أن الصناديق الالكترونية «قابلة للتزوير».
لن تُثمر كل هذه المحاولات. ستتقلص التجمّعات الشعبية مع مرور الوقت ويزداد السياسيون – البرلمانيون وحكام الولايات – المؤيدون لبولسونارو المطالبون بفتح قنوات اتصال مع لولا، وبينهم رجال الأعمال. أما العسكر المتساهلون مع تلك التجمعات الشعبية فيريدون تحسين ميزان القوى قبل عودة لولا، لا غير. فمشكلة بولسونارو أنه لا يملك المؤهلات الشخصية ولا التنظيمية لكي يحتفظ بالكمية الهائلة من الأصوات التي جمعها ولكي يقود المعارضة. يرتكز همّه الأساسي على كيفية تحاشي محاكمته بعد الخروج من السلطة. منذ صدور النتائج، انزوى في منزله الرسمي ولم يعد يتوجّه إلا نادرًا إلى المكتب الرسمي في القصر. كأنه ينتظر حدثًا ما، ليبني على الشيء مقتضاه. في المقابل، مشكلة لولا أنه لا يملك الهامش الاقتصادي لإعادة بناء البرامج الاجتماعية التي تمّ تفكيكها منهجيًّا في عهد بولسونارو، ولا الهامش السياسي للقيام بالإصلاحات التي وعد بها مرارًا من دون تحقيقها. لذلك، يردّد أن ولايته الجديدة ستكون الأخيرة إذ لن يسعى إلى تجديدها، وأنها ليست أكثر من مرحلة انتقالية للقضاء على المجاعة التي عادت وأطلت برأسها، ولإعادة وضع البرازيل إلى سكة الديموقراطية وإلى خريطة العالم. وهو يراهن، ومعه ائتلاف الأحزاب والشخصيات التي حضنته، بأن قدرته التوفيقية ستسمح له بفكفكة العُقَد التي قسّمت العائلات وجعلت من بلد الودّ موطنًا للكراهية.
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.