العدد ٢٥ - ٢٠٢٠

من يوميّات الحراك الشعبي

 

١٨ تشرين الأوّل / أكتوبر


تحيّة للذين وصلوا الليل بالفجر وبالصباح ليواصلوا ما يجب تعميده انتفاضة الغضب المتفجّر بالأمل.

١٧ تشرين انتفاضةُ غضبٍ من قطاعاتٍ شعبيّة ضدّ تحميلها تبعات الأزمة الماليّة والاقتصاديّة - الاجتماعيّة في أبسط مقوّمات معيشتها وفي ظلّ تقلّصٍ كبير للتوزيع الاجتماعيّ بواسطة قنوات المحسوبيّات المختلفة وبأشكالٍ غيرِ مسبوقةٍ من الإهمال والعجز وانعدام الكفاءة من فريقٍ حاكمٍ يُفترض أنّه من الشباب ومن أصحاب الاختصاص.

الجديد فيما شاهدناه وسمعناه ليلةَ أمس صرخاتُ إنذارٍ للقيادات والأحزاب الحاكمة تقول لا ولاءَ غيرَ مشروطٍ بعد الآن. ولو كان اسمَ العيلة والقرية والمذهب والتكليف الشرعيّ.

بهذا المعنى، يفتتح ١٧ تشرين، مرحلة صراعٍ من نمطٍ جديد، إن أمكن خوضه بمنظورٍ جديد وعلى أسسٍ جديدة وبوسائلَ ومطالب جديدة. ويجدر التنبه هنا إلى المخاطر الآتية:
- الخطر الجاثم على الوحدة الشعبيّة البدائية، الناشئة منذ يوم أمس، وهو خطر إعادة تفكيكها فتذهب ضحيّة تصفية حساباتٍ بين كتل الحكم المتصارعة.
- خطر تمرير الموازنة في مجلس النواب دون أن تفرض عليها تعديلات تتلاقى مع الحدّ الأدنى من مطالب الغالبيّة من المواطنين.
- خطر استقالة الحكومة بما يسمح للحكّام بالتهرّب من تحمّل المسؤوليّات عمّا ارتكبوه وما جرّوا البلدَ إليه. فيجري تعليق القضايا المعيشيّة وتضيع في دهاليز النزاعات حول تشكيل الحكومة الجديدة.

من جهةٍ ثانية، يتربّص بالحراك الحالي عدمُ الإفادة من تجربة صيف ٢٠١٥ فتنشطرُ مطالباتُه بين التسييس المطلَق (الدعوة إلى إسقاط النظام أو رحيل الحكومة) وبين تقزيم المطالب إلى «انتفاضة واتسآب»، وقد دمغت الصحافةُ الحراكَ سلفاً بهذه الدمغة.

كي لا نلطمَ لاحقاً على «غياب القيادة»، وننسبَ الفشل إلى عدم وجود مطالب محدّدة، هذان المقترحان:
- لا توجد قيادةٌ واحدة لهذا الحراك العابر للمذاهب والمناطق تتلاقى فيه الأرياف والمدن، ولن توجد. كل ما يمكن السعيُ إليه هو أن يمثّل الحراكُ نفسه عن طريق تشكيل لجانِ أحياءٍ وقرى ومحلّيّات ومناطق ومدنٍ تتداول في المظالم والمطالب وتسعى للتنسيق فيما بينها على حدٍّ أدنى مشترَك من المطالب والإجراءات.
- استهداف البرلمان وفرض اجتماعٍ مشترك بين النواب وممثّلي لجان الانتفاضة لمنع تمرير قوانينَ وبنودٍ ضدّ مصالحهم ومطالبهم وفرض الحدّ الأدنى ممّا يساعد على منع تدهور معيشتهم.
 

١٩ تشرين الأوّل / أكتوبر


مدهشٌ الشبَه بين خطابَي باسيل والحريري يومَ أمس.

التعالي والاستهتار والعجز الكامل عن التقاط أيّ معنىً من معاني ما يجري في طول البلاد وعرضها.

واحد يقول إنّه تفهّم «الوجع» والمهمّ العلاج، وثانٍ يعلن أنّه «لولا منصبُه» لكان في الشارع بين المتظاهرين.

لم يصل إلى مسامع هذا أو ذاك أيّ صدىً لما عبّرَ عنه مئات الألوف من مواطني لبنان يومَي ١٧ و١٨ تشرين: بطالة الشباب، غلاء المعيشة، ارتفاع الضرائب غير المباشرة، ارتفاع أكلاف الخدمات العامّة (كهرباء، ماء) والصحّة والاستشفاء والتعليم، والاحتجاج على فرض ضرائب جديدة، إلخ.

هل سمع أيٌّ منهما بالتفاوت المناطقيّ المتزايد (في صرخات أهل عكّار والبقاع الشماليّ)؟ هل نُميَ إلى أيٍّ منهما خلاصةُ الدراسات الدولية التي تقول إنّ عاصمة البلد الثانية تضمّ أعلى معدّلات فقرٍ في الجمهوريّة؟

هل نقَلَ لهما الأعوانُ ما ضجّتْ به التظاهراتُ من كرهٍ وانعدام ثقةٍ تجاههما وتجاهَ الطبقة الحاكمة برمّتها؟ أم أنّهما ظنّا أنّ «الدني عم تشتّي»؟!

بسيطة: هذا كلُّه اسمه «شارع» وكلّ مطالبة بحقٍّ صار اسمها «وَجَع». وكلاهما ابتكارٌ إعلامي يستحقّ أن يقال فيه «وِجَع»!
تراشقا المسؤولية عمّا يجري: الحريري متذمّرٌ من عبء دعم الكهرباء وارتفاع كلفة سلسلة الرتب والرواتب. وباسيل يخترع اقتراحات كان ينوي تقديمَها في مجلس الوزراء عن عدم الأخذ من جيوب الفقراء من دون الأخذ من جيوب الأغنياء.

كانا يتناظران ويتساجلان فوق بلدٍ يحترق: حذَّرا من الفوضى وتحدّثا عن «طابورٍ خامس»: واحد يعمل على إسقاط العهد والثاني يعمل ضدّ رئيس الحكومة!

ويبدو أنّهما اتّفقا، ربما بضغطٍ خارجيّ، على تأجيل الاستقالة التي كان الحريري ينوي تقديمَها، وأخذَ مهلةَ ثلاثة أيّامٍ للتوصّل إلى معالجةٍ ما.

والسؤال: ما الذي يمكن لقوى الاحتجاج فعلُه خلال تلك المهلة؟
 

٢٠ تشرين الأوّل / أكتوبر


- صباح مليونيّة الغضب وفرح الأمل، يا لبنان!

- بالمرصاد:
في خطابه الأخير، أنقذ السيّد حسن نصر الله الحكومةَ وأنقذَ العهد.

أبلغَنا أنّ جماهير حزبه لم تنزل إلى الشارع لأنّها لو نزلت لما خرجتْ إلّا بعد تحقيق المطالب.

ما هي هذه المطالب؟

سمعنا مطلباً واحداً: لا ضرائبَ على الفقراء وذوي الدخل المحدود.

هذا متوقَّعٌ سلفاً أن تقرّره الحكومة في الحدّ الأدنى.

ماذا بعد؟ على الكل تحمّل مسؤوليّاته.

تحمّلَ الناسُ ما كفى وفاضَ إلى أن انفجرتْ في مليونيّة الغضب والأمل هذه.

ما الذي سوف تتحمّله الأوليغارشيّة وسياسيّوها في مجال وقْف تدهور مستوى معيشة اللبنانيّين والمحاسبة على الفساد وزيادة موارد الخزينة وتخفيض العجز؟

في انتظار قرارات يوم الاثنين، ودور حزب الله فيها، ندعو النائب حسن فضل الله إلى تسليم القضاء ما قد صرّح أكثرَ من مرّة بأنّه يملكه من ملفّاتٍ عن الفساد وإلّا اعُتبر شريكاً في أعمال فسادٍ أو متواطئاً معها.
 

٢١ تشرين الأوّل / أكتوبر


الطرق مقطوعةٌ والقلوب موصولة، والأيدي معقودة.

صباح الخير، يا وطن النجوم، نحن هنا!

بالنسبة لبكرة، شو؟

عندما قال سعد الحريري إنّ مقرّرات مجلس الوزراء أمسِ هي مَطالبُه وليست مطالبَ المليونَي لبناني، صدِّقوا الشطر الأخير من حديثه فقط.

أوّلاً، المقرّرات صادَقَ عليها ودعَمَها «شركاؤه في الحكم»: حزب الله، حركة أمل، التيّار الوطني الحرّ، كتلة المستقبل، القوّات اللبنانيّة (المؤيّدة لها منذ البداية) والحزب التقدّمي الاشتراكي (ما عدا تحفّظاً هنا أو هناك).

ثانياً، هذه ليستْ مَطالب سعد الحريري ولا حتى مَطالب شركائه في الحكم. هذه إملاءاتُ البنك الدوليّ وصندوق النقد و«سيدر»: تقشّف، وقف الهدر، وقف الفساد، خصخصة: إذا كنتم لا تستطيعون زيادة الرسوم والضرائب، بيعوا أملاك الدولة، أي الشركات والمؤسّسات التي تدرّ مداخيلَ معقولة للخزينة (المرفأ، الميدل إيست، خدمات المطار، بورصة بيروت، الريجي، الكازينو، شركة إنترا، منشآت النفط، إلخ.).

وهو ما حصل. لا يستطيع الحريري وشركاؤه في الحكم فرض ضرائب جديدة وقَضْم المزيد من مداخيل الناس ومستوى معيشتهم، ولا يستطيعون ولا يريدون وقف الانتفاع من أموال الدولة، قرّروا ما هو صعب التصديق لكنّه حصل: قرّروا الممانعة.

قرّروا أن تمتنعَ الحكومةُ عن الإنفاق على المشاريع الاستثماريّة أيْ وقفَ كل المشاريع المتعلّقة بالبُنى التحتيّة وذات المنفعة العامّة والمحفّزة على النموّ والمولّدة للوظائف (شَقّ أو استصلاح طريق، بناء مستشفى حكومي، محطة إرشاد زراعيّ، مركز تدريب صناعيّ، مدرسة جديدة تخدم مجموعة قرى نائية في البقاع الشمالي أو عكّار، إلخ.).

هذه المشاريعُ الاستثماريّة سوف يتولّاها من الآن فصاعداً رأُس المال الخارجيّ الخاصّ بتمويلٍ من «سيدر». وصدّقوا أيضاً أنّ التزامات رأس المال الخارجيّ الخاصّ لا تتضمّن العمولات والخوّات والانتفاع المحلّي!

[انظر النقاش المفصّل لـ«الورقة الإصلاحيّة» ادناه، في مقالة موقع «درج»]
 

٢٣ تشرين الأوّل / أكتوبر


- حَيّ على الإضراب من أجل الحقّ في العمل!

حيّ على التلامذة والطلّاب والأساتذة في الساحات!
 

٢٤ تشرين الأوّل / أكتوبر


- اطلب المستحيل وحَقِّق الممكن
اطلب الممكن: ما لح تقدر تحقِّق
صرّ على المستحيل، مستحيل تحقِّق!

- أقترحُ تسمية ما يجري منذ أسبوع «عاميّة ١٧ تشرين».
والعامي أخو العامي، يا طانيوس شاهين!

- صيف ٢٠١٥، طُرحت القضايا المعيشيّة والاجتماعيّة لأوّل مرّة، و٥٠ ألفاً بالساحات ببيروت، كان لسان حالهم «لولا الطائفيّة كانوا إجوا سحبونا من بيوتنا!». اليوم بعامّيّة ١٧ تشرين المليونيّة بكل لبنان والقضايا المعيشيّة والاجتماعيّة والعة، صار رئيس الدولة ورئيس مجلس النواب بدْهم الدولة المدنيّة!!

بتصدّقوهم؟

- في السنوات الأخيرة، كانت بيروت «وقلبُها الياقوت»، تثور بالوكالة عن سائر لبنان. بعامّيّة ١٧ تشرين، من طرابلس النور للنبطيّة، ومن عكّار لبنت جبيل، ومن جلّ الديب والذوق لصيدا وصور، من برجا إلى عاليه، ومن زحلة لبعلبك، تثور بلاد الأرز بالأصالة عن نفسها.

 

٢٥ تشرين الأوّل / أكتوبر


- عامّية ١٧ تشرين في اليوم التاسع

أمامنا أسبوعٌ حاسمٌ عشيّةَ انتهاء الشهر: الناس ينتظرون معاشاتهم، النواب إلى المجلس للتصويت على الموازنة، بدء الحراك المضادّ.

- أيّ تعديلٍ حكوميٍّ مرفوضٌ سلفاً.

- في كلّ الأحوال الحكوميّة، الحراكُ أمام تحدّي التنظيم والردّ على المقرّرات الحكوميّة ببلورة مَطالبه.

أمام هذا التجلّي الرائع للإرادة الشعبيّة حرامٌ أنْ يرتكب الحراكُ الحاليُّ الخطأَ الذي قضى على حراك صيف ٢٠١٥ عندما رفَضَ تعيين مطالبه.

أوّلاً: لا مفرّ من التنظيم. لا توجدُ وصفاتٌ جاهزة. كلّ المبادرات ممكنة. كلّ الإمكانيّات مفتوحة.
- روابط لجانٍ وتنسيقيّات أهليّة في القرى والأحياء.
- جمعيّات عموميّة ومجالسُ مندوبين على مستويات المدن والأقضية.
- ورشاتٌ مختلفة، نقاشٌ وتداولٌ في المطالب ووسائل التحرّك.
- إعادة الاعتبار لكافّة أشكال التمثيل والعمل النقابيّ والمهنيّ:
- اتّحادات التلامذة والطلاب والمدرّسين والأساتذة
- نقابات عمّاليّة وحرفيّة وزراعيّة مستقلّة
- تجمّعات نقابيّة مهنيّة مستقلّة في المهن الحرّة.

ثانياً: الإصرار على السلميّة.

ثالثاً: التحضير لمعركةٍ طويلة النفَس.

رابعاً: تعيين يوم واحد في الأسبوع تتركّز فيه التحرّكات والاعتصامات على صعيد لبنان كلّه ويمكن التناوب فيه بين المدن والمناطق إذا اقتضى الأمر.

طالِب بالمستحيل وحقّق الممكن.
 

٢٦ تشرين الأوّل / أكتوبر


لم يفاجئ خطاب الأمين العام لحزب الله

نفى عن نفسه «نظريّة المؤامرة» وزرَعَ الشكّ بوجود مؤامرة. ولو كانت لديه معلومات أمنيّة فعليّة لأفصحَ عنها. اتّهم أحزباً (جنبلاط، الكتائب، إلخ.) تؤيّد الحراك بأنّها في الحكم منذ ثلاثين سنة وهو في السلطة مع الشقّ الثاني الذي تطاوله شبهاتُ نهبِ أموال الدولة ذاتها (حتى لا نتحدّث عن حديثي النعمة).

حقّقَت «الورقة الإصلاحيّة» لحزب الله كامل مطالبه: استعادة أموال الدولة المنهوبة (أي الوعد بها)، عدم فرض ضرائب جديدة على الفقراء وذوي الدخل المحدود (لعام واحد!). أمّا وطأة المقرّرات الحكوميّة على هؤلاء حاضراً ومستقبلاً - إلغاء المشاريع الاستثمارية، معجزة اختفاء خدمة الدين على حساب المال العام، وخصخصة قطاع الاتّصالات وسائر شركات القطاع العام... فلا تدخل في هموم حزب المستضعَفين سابقاً.

يريد السيد نصر الله إقناعنا بأنّه حيث يوجد هو وحزبه، هناك تكون الثورة وهناك يكون المستضعفون. لشدّة تحديقه بالخرائط الجيو - استراتيجيّة الإقليميّة والدوليّة، ما عاد السيّد يحيط باتّساع خريطة الفقر في بلاده. فلا الضاحية الجنوبيّةُ تحتكر الفقر حول بيروت، ولا الجنوبُ يحتكر الحرمان.

نطقَ الأمينُ العام لحزب الله يوم أمس باسم القوّة الموضوعة في خدمة سلطات الأمر الواقع من اليمن الى سورية مروراً بالعراق. وليس صدفةً أنّه توقّف أمام بلاد الرافدين التي تشهد انتفاضةً شبيهةً بالانتفاضة اللبنانيّة ترتكز إلى حدٍّ كبير على قطاعات واسعةٍ من فقراء الشيعة تمرّدتْ على حزبَيها الحاكميَن وتطالب بمحاسبة الفاسدين ووقف تدهور أوضاعها المعيشيّة وترفض الوصاية الإيرانيّة.

فائض القوّة المنظّمة ولها برنامجُها في وجه انتفاضةٍ شعبيّة عارمة طافحة و...عفويّة. هذا هو التحدّي الذي طرحَه السيّد نصر الله على الانتفاضة: تحدّي التنظيم واستجماع عناصر القوّة وبلورة المطالب.

والمهرجان، مع عميق الأسف، ليس أمضى الأسلحة في المعارك السياسيّة!
 

٢٨ تشرين الأوّل / أكتوبر


«نقاش نقديّ لـ«الورقة الإصلاحيّة»
موقع درج

في ما يلي نقاشٌ بشيءٍ من التفصيل لما يسمّى «الورقة الإصلاحيّة» التي قدّمتْها الحكومة اللبنانيّةُ لاحتواء الحركة الاحتجاجيّة في لبنان، والغرضُ منه غرضان، الأوّل التحذيرُ ممّا سوف يفرض على ماليّة البلد ومستوى معيشة اللبنانيين فيما لو أتيح إقرارُها في البرلمان والشروع في تطبيقها. والثاني، تقديم عناصر ردّ وبدائلَ تسمح للحراك أن يتسلّح بها بكافة الأحوال التي سوف يستقرّ عليها مآل الصراع بين الأغلبيّة الشعبيّة والطبقة الحاكمة اقتصاديّاً وسياسيّاً.

. ١ .
سياسة تقشّف

ينبغي التذكير أوّل الأمر، أنّ المقرّرات المذكورة قد صادقَتْ عليها ودعمتْها القوى التي تمثّل الأكثريّةَ في المجلس النيابي والوزارة: حزب الله، حركة أمل، التيّار الوطني الحرّ، كتلة المستقبل، القوّات اللبنانيّة (المؤيّدة لها منذ البداية) والحزب التقدّمي الاشتراكي (ما عدا تحفّظاً هنا أو هناك).

إلى هذا، فالمقرّرات، في صيغتها الأخيرة، تنطوي على العدد الأكبر من شروطٍ ومقترحاتٍ ليستْ جديدةً من البنك الدولي وصندوق النقد و«سيدر»: تقشّف، وقف الهدر، زيادة الضرائب رسوم خدمات الدولة، وقف الدعم على الغذاء والوقود، تقليص التوزيع الاجتماعي، وقف الفساد، الخصخصة. ولسان حال تلك الهيئات: إنْ كنتم لا تستطيعون زيادة الرسوم والضرائب، فبيعوا أملاك الدولة، أي الشركات والمؤسّسات التي تدرّ مداخيلَ معقولةً للخزينة (المرفأ، الميدل إيست، خدمات المطار، الكازينو، شركة إنترا، إلخ.).

وهو ما حصل. استطاعت الحكومة تحقيق ما هو صعب التصديق، لكنّه حصل: لمنع الهدر ووقف الفساد، قرّرتْ أن تمتنعَ عن الإنفاق على المشاريع الاستثماريّة، أي وقف المشاريع ذات المنفعة العامّة، الموفّرة لفرَص العمل والمحفّزة على النموّ. وتقرّر، بدلاً من ذلك، أن يتولّى رأس المال الأجنبيُّ الخاصّ تنفيذ هذه المشاريع الاستثماريّة بتمويلٍ من «سيدر». والافتراضُ أنّ الالتزامات التي ينفّذها رأس المال الخارجيّ الخاصّ، لا تشجّع على العمولات والخوّات والانتفاع المحلّي!

الأهمّ أنّه لا يزال في لبنان من يصدّق، بعد ثلاثين سنةً من إعلان سقوط النهج النيوليبرالي عالميّاً، أنّ توفير أفضل البُنى التحتيّة يستجلب بذاته تدفّقَ استثماراتٍ خارجيّة، خصوصاً لتنمية القطاعات الإنتاجيّة؟

جرّبناها مطلعَ سياسات الإعمار! وُظّف رأس المال الخارجيّ الخاصّ في معظمه في سندات الدولة والمضاربة العقاريّة. ولمّا انخفضتْ معدّلات الأولى وأرباح الثانية، رحَل.

نقطتان على الهامش:

- تصل سياسة الممانعة التقشّفية في سياسة الدولة العتيدة، إلى أنها تمتنع حتى عن زيادة عائدات الدولة من الضرائب والرسوم على الكماليّات الاستهلاكيّة والسلع الفاخرة ومنها اليخوت مثلاً.

- الوفر الماليّ من خفْض مخصّصات الرؤساء والوزراء والنواب لا تستحقّ الذكر (١٥ - ٢٠ مليون دولار سنويّاً) مع أنّ له قيمةً رمزيّة. حتى أنّ القرار هنا جاء مبتوراً لأنّه لم يشتمل على قطع المخصّصات عن أسَر المتوفّين.

. ٢ .
المديونيّة: من جيوب الناس إلى المصارف

تقرّرَ أن يكون وقفُ إنفاق الدولة على البُنى التحتيّة والمشاريع التنمويّة، الثمنَ الذي سوف يدفعه المواطنون لعدم اضطرار الدولة إلى الاستدانة العامَ المقبل.

ولكنْ ماذا عن الإنفاق الأكبر في موازنة الدولة: خدمة الدين (٥ مليارات دولار)؟ سوف يتولّى مصرف لبنان (وهو الاسم الآخر للدولة وأموال المواطنين) سدّ ٥٠٪ من خدمة الدين، أي 3 مليارات دولار، من فوائد الديون المستحقّة للمصارف على الدولة (الباقي بواسطة طبع عملةٍ إضافيّة). أمّا المصارف، صاحبة الدين، فكلّ مساهمتها لا تتعدّى دفع ضريبةٍ استثنائيّة على الأرباح لعام واحدٍ تبلغ ٦٠٠ مليون دولار.

هذه المصارفُ ذاتها ارتضتْ، في مناسبةٍ سابقة وأقلّ خطورةً من هذه، عشيّة «باريس 2» العام ٢٠٠٢ بتسليف الدولة ٣،٦ مليارات دولار بصفر فائدة على ثلاث سنوات. ويبدو أنّه رُدّ في مداولات مجلس الوزراء الاقتداءَ بمثل هذه السابقة وأُحبط.

للمعلومات:

- بلغتْ أرباح أوّل مصرفَين لبنانيين (أربعة ملايين نسمة) للعام ٢٠١٧ : ٧٣١ ٥٥٩ مليون دولار. وهي توازي أرباح السادس والسابع من بين أكبر المصارف البريطانيّة (٦٠ مليون نسمة).

- أما بالنسبة لحجم الاقتصاد، فتقارب أرباح أكبر ١٤ مصرفاً في لبنان ٤،٥% من الناتج الإجماليّ العام، في حين أنّها ٠،٢% في ألمانيا و٠،٩% في الولايات المتّحدة.

- في العام ٢٠٠٠، كانت أرباح مجموع مصارف لبنان لا تزيد عن ٤٣٦ مليون دولار. هذا المبلغ يحقّقه الآن مصرفٌ واحد. أمّا الأرباحُ المجمّعة للمصارف للعام ٢٠٢٨ فتبلغ ٢،٢٧ مليار دولار.

. ٣ .
معيشة الناس أو ما يسمّى «الحماية الاجتماعيّة»

لنتفاهم: تقرّر عدم فرض أي ضريبة مباشرة أو غير مباشرة جديدة، أو زيادة ما هو موجود، خلال العام ٢٠٢٠ فقط. والأهمّ أنّ هذا يشمل كل الضرائب، وليس مجرّد الضرائب على الاستهلاك! أي أنّ كل الضرائب إمّا معلّقة او مؤقّتة. الضريبة الإضافيّة على أرباح المصارف بقيمة ٦٠٠ مليون ضريبة استثنائيّة ولعام واحد. اعتماد ضريبة تصاعديّة موحّدة على الدخل مشروعٌ للبحث. أمّا مشاريعُ فرض ضرائبَ على الثروة والإرث والتحسين العقاري، فلا تزال خارج البحث.

عدا عن هذا، في مجال «الحماية الاجتماعيّة»: المعاش التقاعديّ لا يزال قيد الدرس منذ عقود. والوعد بتخفيض العجز في قطاع الكهرباء يثير الشكّ بأنّه سيتمّ، إمّا بخفض ساعات الإنارة وإمّا برَفْع التعرفة على المستهلكين. أمّا وعدُ الكهرباء ٢٤ / ٢٤ في العام ٢٠٢١ فالناس سمعتْه من قبل.

ثمّة قَرضٌ كويتيّ لدعم مشروع الإسكان، وتقرّرَت إعادة تفعيل «مشروع معالجة الفقر»، الموجَّهِ لحوالي خمسين ألف أسرة مصنّفة «الأشدّ فقراً». وقد توقّفَ فجأةً ولا أحد يعرف لماذا أو ما الذي حقّقَه. والمشروع كنايةٌ عن حفلة إحسان، كانت تموّلها الدولةُ بدعمٍ من البنك الدوليّ والحكومة الإيطاليّة، يقدّم إعفاءاتٍ من الأقساط المدرسيّة (الرسميّة) ومن اشتراكات الكهرباء (كأنّما الدولة مش سامعة بالتعليق!) ويقدّم بطاقاتِ طعامٍ والمالَ نقداً في بعض الأحوال.

من جهةٍ أخرى، تَقرّر إحياء مشروع توحيد شراء الأدوية من قبل مؤسّسات الدولة، وصندوق الضمان الاجتماعيّ، مع إعطاء الأولويّة للصناعة المحلّيّة. وهذا يعني أنّ النيّة لا تتّجه نحو استيراد الدولة للأدوية مباشَرةً من المصدر، بل عن طريق وسطاء.

واقتراح شراء الدولة أدويةَ مؤسّساتها مباشرةً من المصدر، يجري تداولُه منذ العام ١٩٧٢ وقد احبطه مستوردو الأدوية، وأطاحوا بالوزير إميل بيطار الذي اقترحه، لأنّ شراء الدولة الأدويةَ من المصدر سوف يكشف كلفة الأدوية وبالتالي الأرباح التي يجنيها المستوردون!

مشروع آخر يرد ويختفي، هو شراء الدولة للمحروقات مباشرةً من دولةٍ لدولة، وقد خنقتْه مافيا المحروقات في السابق.

. ٤ .
لا قوانين لمكافحة الفساد

بعد ثلاثين سنة من الهجوم على الفساد، بعد ثلاثين سنة من ربط شروط البنك الدوليّ منَحَ قروضه للحكومة اللبنانيّة بمكافحة الفساد، والالتزام بقواعد الشفافيّة، وبعد ثلاثين سنةً من شَفط المليارات من مشاريع الدولة والتزاماتها ومن خلال النفوذ في الدولة، لا يوجد في الجمهوريّة اللبنانيّة قانونٌ لمكافحة الفساد ومقاضاة الفاسدين وناهبي المال العامّ.

. تدعو المقرّراتُ الى البدء بمناقشة «مشروع قانون استعادة الأموال العامّة المنهوبة» المقدَّمِ من وزارة العدل. وأغلب الظنّ أنّ القانون سابقٌ على تنظيم الجردة بالأموال العامّة المنهوبة وبالناهبين أو المشتبه بهم؟

. يلحظ القرارُ ١٧ أيضاً إقرار «الاستراتيجيّة العامّة لمكافحة الفساد» ومخطّطها التنفيذي. لا حاجة لتعليق.

كل الموجود هو «قانون الإثراء غير المشروع» الذي يقضي بأن يصرّح كلُّ موظّفٍ في الخدمة العامّة - من مديرٍ عامٍّ إلى رئيس الجمهوريّة - عن أمواله المنقولة وغيرِ المنقولة، في ظرفٍ مختوم يوْدُع لدى المجلس الدستوريّ، ويستعيده بعد انتهاء وظيفته مختوماً مثلما قدّمَه. لا يُفتَح الظرف إلّا في حال شكوى ضدّ الموظف. في المقابل، يعاقَب المدّعي بغرامةٍ ماليّة قدرُها ٢٥ مليون ليرة (١٥ ألف دولار) في حال عدم ثبوت التهمة التي وجّهَهَا، هذا عدا حقّ المدعى عليه بملاحقة المدّعي بتهمة القدح والذّمّ وإساءة السمعة.

فلا عجَبَ أنّ أحداً لم يتقدّم بدعوى اثراءٍ غيرِ مشروع إلى الآن منذ صدور القانون العام ١٩٩٩.

علماً أنّه يمكن تعديل «قانون الإثراء غير المشروع» بالاتّجاهات الآتية:

. إشراف هيئة قضائيّة عليا، أو المجلس الدستوري ذاته على تطبيق القانون.

. اعتماد مبدأ التقدّم بتصريحٍ ثانٍ عند انتهاء خدمته، فتتوّلى الهيئةُ القضائيّة العليا التدقيقَ فيما إذا كان الفارقُ بين التصريحين، ينطوي على أيّ إثراءٍ على حساب المال العامّ.

. إلغاء العقوبة الماليّة على المشتكي.

ويمكن سنّ «قانون تضارب المصالح» conflict of interests بين المصلحة العامّة وبين المصالح الخاصّة، المعمول به في غير بلدٍ من بلدان العالم، يحتوي على:

- إعلان كلّ نائبٍ ووزيرٍ ورئيسٍ من الرؤساء الثلاثة عن استقالته من ادارة مؤسّساته وشركاته التجاريّة عند تولّيه المسؤوليةَ الحكوميّة.

- منع الرؤساء والوزراء والنواب والمدراء العامّين، ومَن يوازيهم في الخدمة العسكريّة والأمنيّة، وأقرب أقربائهم، من المشاركة في عقود تنفيذ أشغالٍ لصالح الدولة تحت طائلة إلغاء العقود والملاحقة القانونيّة.
 

٢٩ تشرين الأوّل / أكتوبر


اليوم ١٣
- «لا ثقة، لا مطالب، لا تَفاوُض: استقيلوا!»
وإذا استقالوا، شو منْقول؟
 

٣٠ تشرين الأوّل / أكتوبر


باستقالته، ما قدّمَ الحريري أيّ تنازل للشعب.

رماها بوجه خصومه اللي رفضوا تعديل الوزارة

 

٣١ تشرين الأوّل / أكتوبر


- الحراك الشعبيّ يتماسك بالمطالب المعيشيّة

يتفكّك باختزال الصراع السياسيّ برموز السلطة

- «كلّن يعني كلّن»

ما بتعني «كلّن» عند الكلّ!

كلّن عنده «كلّن» تبعه!
 

١ تشرين الثاني / نوفمبر


عن خطاب رئيس الجمهوريّة:

الدولة المدنيّة وتجاوُز النظام الطائفيّ

- كان الأحرى برئيس الدولة أنْ يبدأ من أنّ دستور البلاد، وهو المؤتمَن عليه، وينطوي على موادّ يفترض تطبيقُها منذ العام ١٩٩٢: المادّة ٩٥ التي تدعو إلى تشكيل «هيئةٍ وطنيّةٍ لإلغاء الطائفيّة السياسيّة» برئاسته، والمادّتين ٢٢ و٢٤ عن انتخاب مجلس شيوخٍ لتمثيل الطوائف ومجلسٍ نيابيّ خارج القيد الطائفيّ.

- قانون موحّد للأحوال الشخصيّة

منذ الاستقلال والنزاع قائمٌ بين فريقٍ حاكمٍ ذي تمثيلٍ إسلاميّ يطالب بإلغاء الطائفيّة السياسيّة ويرفض اعتماد قانونٍ مدنيّ للأحوال الشخصية وفريقٍ ذي تمثيل مسيحيّ، وكان صاحب الأسبقيّة في الحكم والسلطة حينها، يشترطُ ربط إلغاء الطائفيّة السياسيّة بعلمنة الأحوال الشخصيّة. وعادةً ما تنتهي اللعبةُ بتأجيل الموضوع إلى أجلٍ غير مسمّى.

كانت آخر محاولةٍ في مجال قوانين الأحوال الشخصيّة مشروعَ قانونٍ للزواج المدنيّ قدّمَه الرئيس الياس الهراوي ورفضتْه المراجعُ الدينيّة مجتمعةً قبل أن يرفض الرئيس رفيق الحريري إحالته على مجلس النواب مع أنّه نال الأكثريّةَ في مجلس الوزراء. من جهةٍ أخرى، يدعو التيار الوطنيّ الحرّ حاليّاً الى إعادة النظر بالدستور الذي ألغى طائفيّةَ الوظيفة لصَلاحِ اعتماد مبدأ الكفاءة والاختصاص، مصرّاً على مدّ مبدأ المناصفة في التمثيل السياسيّ بين المسيحيّين والمسلمين إلى الخدمة العامة.

في مقابل هذا الاستقطاب وما ينطوي عليه من تكاذبٍ متوارَثٍ، ورَدَ في السبعينيّات مشروعٌ متكاملٌ لتجاوز الطائفيّة في التمثيل السياسيّ والإداري والأحوال الشخصية مجتمعة. تسرَّبَ من هذا المشروع إلى دستور الجمهورية الثانية إلغاءُ الطائفيّة السياسيّة والإداريّة واعتمادُ صيغة المجلسين. وباقٍ منه بندان: قانونٌ انتخابيّ قائم على لبنان دائرةً واحدة على أساس النسبيّة واللائحة المقفلة، وسنّ قانونٍ مدنيّ اختياريٍّ للأحوال الشخصيّة.

الفكرة من وراء هذا الأخير هي رفضُ الردّ على إلزاميّة الخضوع للأحوال الشخصيّة المذهبيّة (المكرّس في المادّة ٩ من الدستور) بنقيضها، أي إخضاع اللبنانيّات واللبنانيّين لقانونٍ موحَّدٍ ينطبق إلزاميّاً على الجميع. يقابل ذلك الانطلاقُ ممّا تكفَله المادّة ٩ إيّاها من أنّ «حرّيّة المعتقد مطلقة» لإعطاء اللبنانيّات واللبنانيّين حقّ الاختيار في احوالهم الشخصيّة بين القانون المدنيّ والتشريع الدينيّ.

إنّ حريّة الاختيار هذه هي فسحةٌ ديمقراطيّة وهي أيضاً استفتاءٌ للبنانيّات وللبنانيّين حول قانون الأحوال الشخصيّة الذي يرغبون فيه.

٢ تشرين الثاني / نوفمبر


ثائرات العراق وثوّاره يقطعون الطرقات بالقرنفل!

«حريّة التكوين أنت / وخالقُ الطرقات أنت

وأنت عكس المرحلة /

واذهب فقيراً كالصلاة / وحافياً كالنهر في درب الحصى

ومؤجّلاً كقرنفلة» (محمود درويش)
 

٤ تشرين الثاني / نوفمبر


- بِوَجه حكم المصارف، لنؤسّسْ «بنوك أهداف»

ضدّ سياسات الفساد وإفقار الدولة والشعب

- رسم خريطة طريق

خيرٌ من إقفال طريق
 

٧ تشرين الثاني / نوفمبر


طرابلس النور !

ضَمّوها لـ«لبنان الكبير» ليضمنوا أنْ لا يصيرَ مرفأ طرابلس مرفأ سورية على البحر المتوسّط فتتخلّى عن مرفأ بيروت. مدير عام مرفأ بيروت هنري فرعون أسّسَ حزباً سياسيّاً مع زعيم المدينة عبد الحميد كرامي. والمقالة الأولى والأخيرة التي كتبَها ميشال شيحا باللغة العربيّة كانت في رثاء عبد الحميد كرامي.

في المقابل، حتى سنة ١٩٢٨ كان إميل إدّه لا يزال يطالب فرنسا بأن تعيد طرابلس لسورية وتجنّسَ سكّانَها المسيحيّين بالجنسيّة اللبنانية ضمن مشروعه عن «لبنان متوسّطٍ» يشكل المسيحيّون ٨٠٪ من سكّانه.

في الأشهر الأولى من الاستقلال، ضغَطَ هنري فرعون وميشال شيحا على بشارة الخوري لتعيين عبد الحميد كرامي رئيساً للوزراء وإقصاء رياض الصلح. تولّى هنري فرعون تمثيلَ لبنان في مؤتمر الجامعة العربيّة (١٩٤٥) حيث رفَضَ التحكيم الإلزامي للجامعة في النزاعات العربيّة، واتّخاذ القرارات بالأكثريّة، مشترطاً الإجماع.

بولادة «لبنان الكبير» تقطّعتْ صِلات طرابلس ومرفأها بشريانها الحيويّ في الداخل السوريّ. حاولت العهود المتتاليةُ التعويضَ بمصب ومصفاة لنفط العراق وبالوعد بمعرض دوليّ. تسلّطتْ عليها الزعاماتُ الوراثيّة. انقطع النفطُ وأقفلت المصفاة، وأُهمل المعرضُ ليتحوّل إلى خراب.

طرابلس الآن أفْقرُ مدينةٍ على البحر الأبيض المتوسّط، تقدَّرُ نسبة الفقر فيها بـ ٥٨٪ حسب دراسةٍ لمنظمة الإسكوا (٢٠١٤)

عاصمة الشمال التي ستزيل صُوَر الزعماء من على جدرانها اليومَ سوف تستعيدُ صوتَها وصورتَها وإرادتَها واسمَها: «الفيحاء»
 

٨ تشرين الثاني / نوفمبر


ماذا يعلّمنا التلامذةُ والطلاب؟

- نرفض تحميل أهلنا أعباء تعليمٍ خاصٍّ عالي الكلفة:

- يكفي ما تحمّلوه من غلاء معيشةٍ واستغلال

- العلم حقٌّ من حقوق الإنسان وليس سلعة

- الأولويّة لتعليمٍ رسميٍّ مجّانيٍّ متطوّرٍ في مدارسَ مختلطة وجامعة

- لا لمناهج التعليم البالية:

- لا تستخفّوا بعقولنا

- بدنا نعرف تاريخ بلدنا

- نظامكم الاقتصاديّ ينظّم البطالة والهجرة ويسرق منّا المستقبل

- لا نريد أنْ نقايض العمل بوطن، يا وطنجيّة جميعاً!

- ضدّ «الواسطة»

- العمل حقٌّ من حقوق الإنسان.

- لن ندفع ثمن العمل بالولاء السياسيّ وانتهاك الكرامة.

- خفض سنّ الاقتراع
 

٩ تشرين الثاني / نوفمبر


الفاسد فاسد. والمفسِد ليش ما بينحكى عنه؟

مش مسؤول؟ الرشوة بدها مال!
 

١٠ تشرين الثاني / نوفمبر


[ردّاً على جورج غانم في برنامج أخيه مارسيل على mtv يعلن أنّ الحراكات والمطالَبات الاجتماعيّة تسبب حروباً أهليّة، وأنّ هذا ما حصل العام ١٩٧٥ عندما طرَحَ اليسارُ طرْح شعار «الطائفة - الطبقة» معتبراً أنّ كل المسيحيّين أغنياء وختَمَ بأنّ الفكر اللبنانيّ هو فكر ميشال شيحا مستشهداً بقوله «نتاجر مع الآلهة»]

الوحشة والمليحة في فكر ميشال شيحا

«نتاجر مع الآلهة»: قد ايش ربتحو عمّو؟
 

١١ تشرين الثاني / نوفمبر


- المزيد من الوِحشة والمليحة بفكر ميشال شيحا

الفوارق طبيعيّة والمساواة فتنة

- «باسم المساواة، صاروا في إيامنا هذه يعادون الفوارق القائمة بحكم الطبيعة، وبدلاً من أن يحبّوا بعضهم بعضاً، فإذا بهم يمتدحون التحاسد والشهوات الفاسدة ويشجّعون عليها» (ميشال شيحا، محاولات، الجزء الأوّل، ١٩٥٠، 1950 Essais, Tome I، ص١٥٥ ، فواز طرابلسي، صلات بلا وصل، ميشال شيحا والأيديولوجيّة اللبنانية، ١٩٩٩، ص١٥٠).

- الهفيان والحفيان ما بحاجة للإحسان في «فلسفة لبنان»:

«وإذا ما نحن وزّعنا الأحذية، بأكلاف كبيرة، على الحُفاة الذين يستغنون حتى عن الصنادل منذ ولادتهم، فهل سيؤدّي ذلك إلى جعلهم أكثرَ سعادة؟».

(ميشال شيحا، من محاضرةٍ ألقاها العام ١٩٤٠، طرابلسي، ١٩٩٩، ص ١٦٧).

يعني: الفقراء يستغنون عن الصنادل طوعاً ويؤْثرون أن يكونوا حفاة!

- [رداً على شعار سائد في الحراك يطالب بحكومة اختصاصيّين، تكنوقراط]

حكومة اختصاصيّين، مستقلّين، غير سياسيّين (يختارهم السياسيّون)

ليعملوا شو؟ يطبّقوا «الورقة الإصلاحيّة»؟

ولشو الثورة؟
 

١٤ تشرين الثاني / نوفمبر


- باقة ورد حمراء في وداعك، علاء أبو فخر،

باقٍ في قلوب الثوار وإرادتهم

«باقٍ وأعمار الطغاة قصار»

- لا. مش «طبقة سياسيّة». طبقة حاكمة تدمج السلطة بالثروة

برلماني لبنانيّ واحد ثروتُه أكبر من ثروات ٥٠ من أغنى أعضاء الكونغرس الأميركي.
 

١٥ تشرين الثاني / نوفمبر


وزير سابق متّهم باستخدام النفوذ السياسي للتربّح على حساب المال العام

تعيّنوه رئيس وزراء بعزّ ثورة ضدّ الفساد؟

 

١٦ تشرين الثاني / نوفمبر


دافعان منسيّان للنيابة في بلادنا:

تكريس حديث النعمة بواسطة الجاه السياسي

وتزويد مبيّض أموال بالحصانة النيابيّة
 

١٧ تشرين الثاني / نوفمبر


«خليج مار جرجس» هو الاسم التاريخيّ لـ«زينوتة باي»

حيث القدّيسُ صرعَ التنّين.

أسطورة معبّرة: الفساد تنّين. هيّا لنصارعه!
 

٢١ تشرين الثاني / نوفمبر


بمناسبة عيد الاستقلال، واحتراماً للعلم والقسم، هل يتخلّى الرؤساء والوزراء والنواب عن حمْل أيّ جنسيّة أخرى غير الجنسيّة اللبنانيّة؟
 

٢٥ تشرين الثاني / نوفمبر


الحرص على استقلال الانتفاضة يعني الحرص على استقلالها

عن أحزاب ٨ و١٤ آذار!
 

٢٧ تشرين الثاني / نوفمبر


«الانقلاب على الطائف»

مع انسحاب سعد الحريري من الترشح لرئاسة الحكومة العتيدة، قطع الرئيس ميشال عون شوطاً لا بأس به في سعيه لاستعادة دور رئيس الجمهوريّة في تعيين رئيس الوزراء. كان هذا من صلاحيّات رئيس الدولة في ظلّ الجمهوريّة الأولى وقد نقلَها دستور الجمهوريّة الثانية إلى مجلس النواب. بقيتْ لرئيس الجمهوريّة صلاحية الدعوة إلى الاستشارات النيابيّة المُلزمة (أي التي تُلزمه بأنْ يكلّف برئاسة الحكومة من ينال أكثريّة أصوات النواب). في السابق، كان الرؤساء الذين سبقوا الرئيسَ عون يكتفون بالتعويض عليهم بحقّهم في اختيار عددٍ من الوزراء. لم يكتفِ الرئيس ميشال عون بتعيين وزراء محسوبين عليه، تمسّكَ بصلاحية إعلان الاستشارات ليفرض الاتّفاقَ المسبق على اسم رئيس الحكومة وعلى طابعها وعلى تركيبها إلى حدٍّ ما، كشرطٍ مسبقٍ لتعيين موعد الاستشارات.

بهذا، خطا الرئيس عون خطوةً في ما لم ينْفه إطلاقاً: الانقلاب على اتّفاق الطائف، وعلى ما تكرّسَ منه في دستور الجمهوريّة الثانية. ومن جهته، يواصل التيّارُ الوطني الحرّ السعيَ في الاتّجاه ذاته بالنسبة لحكمٍ آخر من أحكام الدستور الذي ألغى طائفيّةَ الوظيفة العامّة لصالح اعتماد مبدأ المباراة والكفاءة في التعيين. فمنذ فترةٍ يشنّ التيار الذي يرأسه الوزير باسيل حملةً من أجل إعادة العمل بقاعدة المناصفة في الوظيفة العامّة بين مسلمين ومسيحيّين. والحجّة هي القديمة إيّاها: تنصيب «الميثاقيّة» في وجه الأحكام الدستوريّة.
 

٦ كانون الأول / ديسمبر


حتى لا يتكرّر العام ٢٠١٥

المفارقةُ العميقة في الانتفاضة هي بين ما أطلَقَه الانفجار الشعبيّ من طموحات وآمالٍ في التغيير الجذريّ من جهة وبين واقع حالِ بلدٍ على شفير الإفلاس، تعتقل مصارفُه ودائعَ الموْدعين الصغار والمتوسّطين فيما تهرّب أموال مساهمين في المصارف وكبار المودعين، وحيث يترافق غلاءُ المعيشة الشاهقُ مع حملةٍ واسعةٍ لصرف أعدادٍ متزايدة من العمّال والأجراء والموظّفين.

على جدول أعمال أوّل حكومةٍ سيجري تشكيلُها «ورقة إصلاحيّة» أبرز ما فيها: تبرئة الذين جنَوا الثروات الهائلة بالمضاربة على حساب مديونيّة الدولة من المساهمين في المصارف وأصحاب الودائع الكبيرة من المسؤوليّة في علاج الأزمة الماليّة والاجتماعيّة وإلقاء تَبعاتِها على موارد الدولة وعلى حساب مستوى معيشة المواطنين عن طريق خفض قيمة العملة، وإلغاء المشاريع الإنمائيّة وخصخصة شركات الدولة.

والسؤال هو: كيفيّة استجماع كامل قوى الانتفاضة وزخمها وتوجيهها من أجل تنظيم مقاومةٍ شعبيّةٍ عارمة ضدّ هذه السياسات؟

لا يوجد حراك عفويّ. في الحراك عدّة أحزابٍ فاعلة (الشيوعي، التنظيم الناصري، الديمقراطي الشعبي، البعث العراقي، حزب سبعة، الكتلة الوطنية، إلخ.) وعدد كبير من الشخصيّات السياسيّة، ومن هيئاتٍ وجمعيّاتٍ مختلفة من المجتمع المدني، وتكتّلات رجال أعمال، وتجمّعات مهنيّة مستقلّة، ومجموعات متنوّعة من الناشطات والناشطين ذات وجود سابق على الحراك أو منبثقة منه، في بيروت وفي المناطق. أحياناً عيَّنَ بعضُهم نفسَه ناطقاً وقائداً وداعياً إلى مبادرات ونشاطاتٍ مختلفة. إلى هذا، تتساكن جماهيرُ الحراك وقواه مع أحزابٍ من السلطة تسعى لاستغلاله مدّعيةً النطقَ باسمه وتعيين أهداف له والغرض تحسين شروط مشاركتها في السلطة مع أنّها تؤيّد «الورقة الإصلاحيّة».

تكمنُ نقطة ضعف الحراك في مناخات رفض فكرة التمثيل والتشكيك بأهمّيّة التنظيم والعداء للحزبيّة والأحزاب. وفي نغمة «الشعب يطالب ولا يفاوض» مع الامتناع عن رفع مطالب محدّدة، اللهم إلّا مطالب سياسيّة كالحكومات الانتقاليّة أو المصغّرة أو المكوّنة من مستقلّين أو تكنقراط وعقد انتخابات مبكّرة، وهي شعاراتٌ على قدْرٍ من السذاجة والإغفال الكبير لسياسات السلطة وردود فعلها.

إنّ بناء استقلاليّة الحراك، وتوجيهَ زخمه للضغط من أجل أبرز مطالبه، واستعدادَه لمواجهة الحكومة القادمة، والاحتياط من أنْ تفرض السلطة من يمثّله في الحكومة بالضدّ من إرادته يستدعي أن ينتخب ممثّلين عنه يجري اختيارهم في ندواتٍ محلّيّة وجمعيّاتٍ عموميّة وبالتنسيق بين ممثلي الساحات المختلفة.

لقد آنَ الأوانُ لأن تتمخّضَ الندواتُ والورشات العديدة والغنيّة التي انعقدتْ خلال ما يزيد عن سبعة أسابيع عن رؤيةٍ برمجيّةٍ تتمحورُ حول النضال ضدّ سياسة التقشّف وضدّ إفقار الدولة والمجتمع ومن أجل تحميل الذين أثْروا على حساب مديونيّة الدولة والشعب المسؤوليّةَ الأكبر عن دفع ثمن حلّ الأزمة الماليّة، وتأمين استقلالية القضاء من أجل تطبيق قوانين الشفافيّة والإثراء غير المشروع والتربّح على حساب المال العامّ، وأخيراً ليس آخراً، من أجل فرض الإجراءات اللازمة لحماية العمل ومعيشة الأكثريّة الشعبيّة.

والمهمّتان متلازمتان: يتمّ انتخاب الممثّلات والممثّلين بناءً على تعاقدٍ على برنامجٍ مشترَكٍ والاتّفاق على مساراته اللاحقة ووسائل التحرّك والضغط الجديدة المطلوبة.

إنّي قد بلّغت.
 

٧ كانون الأوّل / ديسمبر


«محاورة فوّاز طرابلسي»
أجراها علاء الدين العالم، موقع ضفة ثالثة،
العربي الجديد، ٦ / ١٢ / ٢٠١٩ (مقتطفات)

س) اشتغلتَ في كتابك «دم الأخوين...العنف في الحروب الأهليّة» على ما يسمّى بـ«عنف الجماهير» وكيف تجلّى هذا العنف في مطلع الحرب الأهليّة اللبنانيّة في السبعينيّات، وكان دلالةً على اعتراض هذه الجموع على النظام الاقتصاديّ القائم. الجماهير اليوم نزلتْ إلى الشارع مرّةً أخرى في مدن لبنان، لكن اختارت الطريقَ الآخر للاعتراض، وهو الحراك السلميّ الخالي من العنف، كيف تفسّر هذا التحوّل الذي أصاب الجماهير؟

ج) ما سمّيتُه «عنف الجماهير» في كتاب «دم الأخوين» تعلّقَ بلحظةٍ محدودةٍ من لحظات الحرب الأهليّة. وقد سبقتْها عشرُ سنوات من الحركات الاجتماعيّة السلميّة شاركَت فيها أوسعُ القطاعات من اللبنانيّين من أجل التغيير السياسيّ والاجتماعيّ اصطدمتْ بالقوّة والعنف بتعنّتٍ استثنائيٍّ من قبَل الطبقة الحاكمة التي رفضتْ تقديمَ أيّ تنازلٍ للمطالب الشعبيّة. ما تتحدّث عنه هو اللحظةُ التي اجتاح خلالها قسمٌ من أهالي بيروت، ينتمون إلى المعسكرين المتقاتلَين، المركزَ التجاريّ والماليَّ لمدينتهم فاستباحوا ونهبوا وأحرقوا. لم تدمْ تلك العربدةُ الطبقيّة أكثرَ من عدّة أيّام. سرعان ما انتظمتْ خطوط التماسّ العسكريّة وانصرفتْ كلّ مليشيا إلى سَلب ونهب واستغلال سكّان المنطقة التي تسيطر عليها.

ليستْ جماهيرُ مطلع الحرب الأهليّة ١٩٧٥ - ١٩٧٦ هي ذاتها جماهيرُ الساحات والاعتصامات عبر لبنان بعد أكثر من أربعة عقود من تلك الحادثة. فلا يجوز تقديمُ المسألة وكأنّنا أمام تغيّرٍ في المزاج أو أساليب النضال لدى كتَلٍ جماهيريّة واحدة مستمرّة.

السلميّة هي إحدى أبرز سِمات الانتفاضة الحاليّة. وكما في كلّ الأحوال المماثلة، هذه السلميّةُ تفترض وجودَ طرفين متوافقَين أو متواطئَين عليها: المتظاهرون والمعتصمون من جهة، وقوى الأمن والجيش من جهةٍ أخرى. لظروفٍ متعدّدة، أبرزُها النزاعاتُ داخلَ الفريق الحاكم، لم تجنحْ قوّات الأمن ولا الجيشُ إلى استخدام وسائلَ مغاليةٍ من القوّة أو العنف إلى الآن، خلا بعض الاستثناءات.

لكنّ المزاج الشعبيّ والعلاقةَ بين الحراك الشعبيّ والسلطة قابلان لأن يتغيّرا في واحدةٍ من عدّة حالات. الأولى، غلبة خيار القمع لدى السلطة. ثانياً، عمل القوى الحزبيّة المعارضة للحراك على زجّ أنصارها في مواجهاتٍ مباشرة مع المتظاهرين والمحتجّين وفق صيغةٍ باتتْ تسمّى «شارع ضدّ شارع». وقد بوشر بتنفيذ هذا الخيار في مناسبتين كانت ثانيتهما الهجمات الذي شنّتها عناصرُ من مليشيات حزب الله وحركة أمل الأسبوع الماضي ضدّ متظاهرين سلميّين في ساحات صور وبعلبك وبيروت إضافةً إلى أعمال العنف ضدّ أحد أحيائها وقد رافقتْها أعمالُ عنفٍ وتكسيرٍ وحَرقٍ وأدّتْ إلى بوادر توتّرٍ طائفيّ على عددٍ من نقاط التماسّ السابقة للحرب الأهليّة. والثالثة، انتقال مجموعاتٍ من المتظاهرين والمحتجّين أنفسهم من الاحتجاج السلميّ إلى اعتماد أشكالٍ متعدّدة ومتصاعدة ٍمن العنف ضدّ مؤسّسات السلطة أو المصارف أو ردّاً على تعنّت السلطة وعلى قمعها، أو تعبيراً عن نفاد الصبر أو اليأس من استطالة الأزمة وعدم تحقيق أيٍّ من مطالِبها.
 

١٢ كانون الأوّل / ديسمبر


كلمات غير شعبيّة عن السباب

لا يزال السبابُ ينهل في بلادنا من الذكوريّة والأبويّة ما دام يسعى إلى النَّيل من الذَكَر من خلال ما هو التركيزُ على «نقطة الضعف» المفترضة عنده أو مستودع شرَفه: الأمّ والزوجة والأخت. وأمامَنا الشواهدُ على أنّ هذه الحملةَ وقد تفشّتْ خلال الحراك قد طاولت الجميعَ وذهبتْ ضحيّتَها شقيقاتٌ وزوجاتٌ وأمّهاتٌ من كافّة الأطراف.

السبابُ يمكن أنْ يكون أوّلَ ردود الفعل عن الاستياء والغضب الفرديّين وأنا متأكّدٌ أنّنا نختزنُ في هذا الحراك الشعبيّ من الغضب ما يسوّغُ لا السبابَ وحْده بل كامل منوّعات الكفر. ويمكن النظر إلى السباب على أنّه شكلٌ من أشكال انتهاك الأخلاقيّات والقيَم المحافِظة لدى الطبقات الوسطى أو العليا. على أنّ تطبيقَه في بلادنا حيث المحافظةُ الاجتماعيّة وقيَمُ العرض والشرف والثأر لا تزال حيّةً وفاعلة، يعطي نتائجَ عكسيّةً تماماً. بات السبابُ استعاريّاً إلى حدٍّ كبير في العالم الأوروبي - الأميركيّ. فقد يقول أحدُهم لصديق، في تقليد مسبّةٍ متداوَلةٍ بين الأفارقة الأميركيّين، «يا نيّاك أمّك» فتؤخذ المسبّة على سبيل المداعبة أو حتى التحبّب والإعجاب أو حتى التجريح ولكنّها لن تؤخَذَ في معظم الحالات حرفيّاً على أنّها تمسّ الأمَّ بالضرورة. إنّ مسبّةً كهذه في بلادنا قابلةٌ لإهراق الدم.

السباب تنفيسٌ عن غضب. لكنّه إعلانٌ عن عجزٍ أيضاً. عندما تملكُ جماهيرُ مثلَ هذه الأعداد المعبّأة والمحتشدة، والانتشار على مدى الرقعة اللبنانيّة، والتصميم على فرض مَطالبها والحقوق بمثل الزخم التي يتجلّى منها، فهذا يَعني أنّها تستطيع أكثرَ من التنفيس عن غضبها وممارسة التجريح الرمزي.
 

١٤ كانون الأوّل / ديسمبر


المُرابي والمديون

آخر المحاولات لاستيعاب الحراك هي مزايداتُ رئيس جمعيّة المصارف: ما يريد منه الثوارُ شبراً تريد منه المصارف أميالاً، يقول سليم صفير، فأين معاناةُ الثوّار من «الطبقة السياسيّة» أمامَ معاناة المصارف؟! لكنّ شيخ مشايخ «الطبقة الاقتصاديّة» يضعُ الحقَّ على الناس: فالمصارفُ «لم تنتخب السياسيّين ولم تتحزب لهم ولم تتفانَ من أجل مصالحهم الخاصة الضيّقة». المصارفُ بريئةٌ مرّتين: إنّها تعاني من السياسيّين الذين يَفرضهم الناس عليها!

هي قصةُ العلاقة المعقّدة إيّاها بين مكوِّنَي الطبقة الحاكمة: مالكي القوّة / السلطة / العنف ومالكي المال. لنُذكّر صفير بالبداية: هي قراراتُ سياسيّينَ أدّتْ إلى رسملة نظامٍ مصرفيٍّ متقلّصٍ بعد الحرب وتحكيمه باقتصاديّات البلد بتكليفه مهمّة إقراض الدولة بالفوائد الفاحشة وبالارتفاع الجنونيّ للمديونيّة. صحيحٌ أنّ هؤلاء السياسيّين تنتخبهم فئاتٌ من الشعب، لكنّ معظم حملاتهم الانتخابيّة تتمّ بتمويلٍ من المصارف. هي المصارفُ ذاتُها التي ترتضي دفعَ الخوّات للسياسيّين طلباً للحماية وتيسيراً للمعاملات، الشرعيّة وغير الشرعية، بما فيها التهرّب من دفع الضرائب. وتتّخذ الخوّاتُ شكل قروضٍ لا تجري المطالبةُ بها، وضمّ سياسيّين إلى عضويّة مجالس إدارة المصارف، وتعيين النواب المحامين وكلاءَ عن هذا المصرف أو ذلك، إلخ.

والأهمّ أنّه في ظلّ هذه الحماية، تمارِس المصارف دورَها تجاه الدولة والمواطنين بما هي المرابي الذي يتحكّم بالمديون.
 

١٩ كانون الأوّل / ديسمبر


من يمثّل الحراك؟

غطّاس خوري: نصف الحراك مع الحريري. السيّد حسن نصر الله (مبتسماً): كيف تمثيل الحراك في الحكومة ولا من يمثّله. جبران باسيل يتنازل عن حقائبه الوزاريّة للحراك. سمير جعجع قرّر عدم تكليف الحريري بحجّة أنّ الحراك لا يريده.

في أكتر من هيك سلبطة على الحراك؟

برسم أصحاب شعار «ثورة، ثورة، مو حراك»: الحراك يغلّب الحركة. التحوّلُ إلى ثورة يعني تغليب الأهداف، التمثيل، التنظيم. ينجح أو يفشل هذا الحراك بناءً على هذا التحوّل.

الحراك إمّا أن يختار ممثّليه، وإمّا أن تصادرَ تمثيلَه قوى السلطة وملحقاتها.

وهذه ليستْ دعوةً لتمثيل الحراك في الحكومة. هذه سياساتٌ تقرّرها جمعيّاتٌ عموميّة ويقرّرها ممثّلون منتخَبون.

عناصر برنامجيّة للنقاش في الحراك

وتُستلهَم في اختيار المندوبين والممثّلين:

- حسم حصّةٍ من الدَين العام وتخفيض خدمته، وتحميل العبء الأكبر في حلّ الأزمة الماليّة على الذين جنَوا الثروات في المضاربة على المديونيّة.

- رفع الحصانة عن النواب، تطبيق قانون الإثراء غير المشروع من حيث الرقابةُ القضائيّة على المداخيل عند نهاية الخدمة (المادة٤ / ٣)، ومعاقبة جميع المتورّطين في استغلال النفوذ والتربّح على حساب المال العام، واستعادة «الأموال المنهوبة».

- حماية موارد الدولة ضدّ مشاريع الخصخصة وتنمية مداخيلها بواسطة الضرائب التصاعديّة على المداخيل والثروات والتوريث والتحسين العقاري.

- حماية عمل اللبنانيّات واللبنانيّين ومستوى معيشتهم والتصدّي للغلاء بكسر الاحتكارات واستيراد المحروقات والقمح والأدوية مباشرةً من دولة إلى دولةٍ بلا وسطاء.

- تطبيق موادّ الدستور المعلّق تنفيذُها منذ العام ١٩٩٢ لإلغاء الطائفيّة السياسيّة واعتماد نظام تمثيليٍّ من مجلسين، مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، ومجلس شيوخٍ لتمثيل الطوائف.

- سَنّ. قانونٍ انتخابيٍّ خارج القيد الطائفيّ يقوم على لبنان دائرةً واحدة، واعتماد النسبيّة واللوائح المقفلة، والانتخاب في مكان السكن.

- سَنّ قانونٍ مدنيٍّ اختياريّ للأحوال الشخصيّة.
 

٢١ كانون الأوّل / ديسمبر


حذار!

الاحتقانُ الاجتماعيّ قابلٌ لأن يعبّر عن نفسه بالاعتصاب الطائفيّ والمذهبيّ، بل الأسهل عليه أن ينقلِب إلى التنافس على احتكار المظلوميّة بين جماعةٍ وأخرى. والوحدات المتكوّنة حول المطالب الاقتصاديّة - الاجتماعيّة، وحول استدعاءات الوحدة الوطنيّة (العَلَم يوحّدنا و«خلعنا الرداء الطائفي») قابلة لأن تنكسرَ عند الحلقة الأضعف (الفالق) في الاجتماع اللبنانيّ، حلقة الانقسام والصراع على المواقع في السلطة السياسيّة والتمثيل السياسيّ
 

٢٤ كانون الأوّل / ديسمبر


المصارف تعتقل مدّخراتِك،

المستوردون يتحكّمون بمعيشتك،

الإعلام يُعلِمكَ بالوجع،

والزعماء يوزّعون الوحدات الغذائيّة،

أين حقّي؟
 

٣١ كانون الأوّل


في إلغاء الطائفيّة

أولاً، لا يوجد شيءٌ يسمّى إلغاء الطائفيّة. يوجد مسارٌ لتفكيك وتجاوز نظامٍ موجود ومتوالَدٍ ومدعّم منذ ولادة لبنان، بل قبل ذلك. بلغ هذا النظامُ ذروةَ تناقضاته عشيّةَ الحرب الأهليّة وفي ختامها، صيغ دستورٌ تضمّنَ موادَّ تعدّلُ من التوازن بين الطوائف والمذاهب في مراكز السلطة الرئيسة، لكنّها قضتْ، في الآنِ ذاته، بإلغاء الطائفيّة السياسيّة عن طريق إلزام رئيس الجمهوريّة بتشكيل «هيئة وطنيّةٍ لإلغاء الطائفيّة السياسيّة» وإنشاء مجلس شيوخٍ تنتخبُه الطوائف والمذاهب، في مقابل مجلس نوابٍ يُنتخب أعضاؤه خارج القيد الطائفيّ. هكذا ترى أنّ دستور لبنان يقوم على ثنائيّة كاملةٍ: يعترف باللبنانيّ بما هو عضوٌ في جماعةٍ وبه بما هو فردٌ، أي مواطن. ويعترف بحقوقٍ للجماعات (هي حقوقهم بما هم طوائفُ في التمثيل السياسيّ وقوانين الأحوال الشخصيّة) مثلما يعترف بحقوق للأفراد إذ يعلن المساواة بين اللبنانيّين دون تمييز. على أنّ الذي غلب في الممارسة كان ولا يزال هو حقوقُ الجماعات. تأكيداً على ذلك، تواطأتْ كلّ مكوّنات الطبقة الحاكمة، ولا تزال تتواطأ، ضدّ تنفيذ أيٍّ من الموادّ الدستوريّة المذكورة أعلاه. بل إنّهم، في ردودهم على الانتفاضة زايدوا في الدعوة لإلغاء الطائفيّة واعتبار أنّ الحلّ لا يكون إلّا بالدولة المدنيّة وبنظامٍ موحَّدٍ للأحوال الشخصيّة.

ليس هذا الدجلُ هو المستغرب. المستغرب هو أنّ معظمَ الديمقراطيّين والعلمانيّين والتقدّميّين واليساريّين ما زالوا قليلي الاكتراث بأنّهم محكومون بدستورٍ غير مكتمل التطبيق، وبأنّ حكّامهم بالتالي غيرُ شرعيّين، والأفدح أنّهم ذاهلون عمّا يتيحه لهم الدستور في معركتهم لتجاوز الطائفيّة، ونادراً ما ترتفعُ أصواتٌ تطالب باستكمال تطبيق الدستور بتطبيق موادّه المتعلّقة بتجاوز الطائفيّة. أضف إلى هذا أنّه قد تراكمتْ على مدى العقود الماضية مشاريعُ إصلاحٍ تكمّل هذه الموادّ الدستوريّة فتدعو إلى سَنّ قانون انتخابٍ يعتمد لبنانَ دائرةً انتخابيّةً واحدة، وأن يجري الاقتراعُ في مكان السكن، بناءً على النسبيّة واللوائح الانتخابيّة المقفلة. واستكمالاً لذلك ثمّة مطالبةٌ مزمنة بسنّ تشريعٍ مدنيّ اختياريّ للأحوال الشخصيّة يمنح اللبنانيّاتِ واللبنانيّين حرّيّة الاختيار للقواعد والتشريعات التي تحكم حياتَهم الشخصيّة.
 

٩ كانون الثاني / يناير ٢٠٢٠


الطائفية من منظور مختلف

الطائفيّة منظومة امتيازات وحرمانات جمعيّة، وفوارق صغيرة داخل الفوارق الاجتماعيّة - الطبقيّة القائمة الكبيرة (أي المتعلّقة بالتحكّم بقطاعات الاقتصاد، والسيطرة على الموارد والتفاوت في المداخيل والثروات). تتدخّل الطائفيّة، امتيازاً او حرماناً، في توزيع العمل والتوظيف والترقّي، وتخدم في توازع حصص الانتفاع على حساب المال العام، كما في التغطية على الفساد والإفساد، وتتغذّى الطائفيّةُ من الفوارق بين النموّ بين ريفٍ ومدينةٍ والتفاوت في النموّ والموارد والانتفاع من خدمات الدولة بين المناطق، خصوصاً أنّها ذات أغلبيّات طائفيّة أو مذهبيّة، إلخ.

ويعيدُ هذا النظامُ إنتاجَ نفسه من خلال تولّيه مهمّاتٍ لا يُستهان بها من التوزيع الاجتماعي المفترض أنّه منوطٌ بالدولة. تضمنُ أحزاب الطوائف والمذاهب وقادتُها ولاءَ أقسامٍ من جماهيرها عن طريق توفير حدّ من الخدمات المناطقيّة والمحلّيّة على حساب موازنة الدولة (صندوق المهجّرين، صندوق الجنوب، مجلس الإنماء والإعمار، موازنات تعبيد الطرقات المعطاة للنّوّاب، إلخ.) والأهمّ، ما توفّره من خدماتٍ اجتماعيّة مباشرة عن طريق مؤسّساتها الخيريّة والصحّيّة والاستشفائيّة والتعليميّة، إلخ. ويجري تبرير هذه الأدوار بغياب الدولة. علماً أنّ تغييبَ الدولة عن مجالات التوزيع الاجتماعيّ كافّةً هو تماماً ما جرى تطبيقه في ظلّ طغيان آليّات السوق فترةَ ما بعد الحرب، حيث أعدم دورُ الدولة في التنمية الاقتصاديّة والمناطقيّة (لصالح النموّ) وتولّت إجراءات الخصخصة واسعة النطاق إخراجَ الدولة كلّيّاً أو جزئيّاً من الخدمات العامّة والنقل والسكن والطبابة والتعليم، إلخ.

إلى هذا يمسك النظام الطائفيّ بعددٍ من القواعد التي تتحكّم بالحياة الشخصيّة للمواطنات والمواطنين من خلال تخلّي الدولة عن سيادتها التشريعيّة فيما يتعلّق بالأحوال الشخصيّة وتسليمها للمؤسّسات والمحاكم الدينيّة المذهبيّة.

خلال الأزمات الاقتصاديّة - الاجتماعيّة، حين تشحّ التقديمات والخدمات وترتفع أكلاف المعيشة عموماً، تتسابق الطوائف على احتكار الحرمان والمظلوميّة. ويختلط الاحتقان الاجتماعيّ والتظلّم الطائفيّ والمذهبيّ، بحيث يمكن للأوّل أن يعبّر عن نفسه من خلال الثاني. وقد دلّتْ تجربة السنوات التي سبقت الحرب كيف أنّ اندماج هذين العاملين يؤدّي إلى انكسار الوحدة المجتمعيّة عند الفالق الطائفيّ، أي عند الانقسامات الأكثر بروزاً من حيث التصوّراتُ السائدة والأيديولجيا المهيمنة والعادات والمؤسّسات.

أودّ الدعوةَ إلى «التجويف الاقتصاديّ - الاجتماعي للطائفيّة»:

إذا تأمّن التوظيف والترقّي بناءً على معيار الكفاءة،

إذا تحقّقتْ تنميةٌ مناطقيّة عادلة وتوفّر توزيعٌ عادل لخدمات الدولة،

إذا تقلّصت الفوارق في فرص العمل والمداخيل والثروات،

إذا اعتمِد نظامٌ للتقاعد وللضمان الصحّيّ الشامل،

إذا قطِعتْ أشواطٌ في السيطرة على الفساد

وإذا اعتمد نظام اختياريّ للأحوال الشخصيّة

هل يبقى الكثير من أسباب التظلّم الطائفيّ، أم يتناقص اضطرار الناس إلى اللجوء إلى جماعاتهم وقياداتهم وأحزابهم الطائفيّة والمذهبيّة ومرجعيّاتهم الدينيّة؟

الن تضمحلَّ مكوّنات النظام الطائفيّ فتتحوّل الطوائف والمذاهب، مع الوقت، إلى تنوّعٍ إيمانيّ وتعدّدٍ ثقافيٍّ ويبقى لها من تواريخها ونزاعاتها ذكرياتٌ مميّزة ولكنّها منضويةٌ داخل تاريخ مشترك؟

ثانياً، لا يوجد شيءٌ يسمّى إلغاء الطائفيّة. يوجد مسارٌ لتفكيك وتجاوز نظامٍ موجود ومتوالدٍ ومدعّم منذ ولادة لبنان، بل قبل ذلك. بلغ هذا النظام ذورةَ تناقضاته عشيّة الحرب الأهليّة وفي ختامها، صِيغَ دستورٌ تضمّنَ موادّ تعدّل من التوازن بين الطوائف والمذاهب في مراكز السلطة الرئيسة، لكنّها قضتْ، في الآن ذاته، بإلغاء الطائفيّة السياسيّة عن طريق إلزام رئيس الجمهوريّة بتشكيل «هيئةٍ وطنيّة لإلغاء الطائفيّة السياسيّة» وإنشاء مجلس شيوخٍ تنتخبُه الطوائف والمذاهب، في مقابل مجلس نوابٍ يُنتخَبُ أعضاؤه خارج القيد الطائفيّ. هكذا ترى أنّ دستور لبنان يقوم على ثنائيّة كاملة: يعترف باللبناني بما هو عضوٌ في جماعة وبه بما هو فردٌ، أي مواطن. ويعترف بحقوقٍ للجماعات (هي حقوقهم بما هم طوائف في التمثيل السياسيّ وقوانين الأحوال الشخصيّة) مثلما يعترف بحقوقٍ للأفراد إذ يعلن المساواةَ بين اللبنانيّين دون تمييز. على أنّ الذي غلب في الممارسة كان ولا يزال هو حقوق الجماعات. تأكيداً على ذلك، تواطأتْ كلُّ مكوّنات الطبقة الحاكمة، ولا تزال تتواطأ، ضدّ تنفيذ أيٍّ من الموادّ الدستوريّة المذكورة أعلاه. بل إنّهم، في ردودهم على الانتفاضة زايدوا في الدعوة لإلغاء الطائفيّة واعتبار أنّ الحلّ لا يكون إلا بالدولة المدنيّة وبنظام موحّدٍ للأحوال الشخصيّة.

ليس هذا الدجل هو المستغرب. المستغربُ هو أنّ معظم الديمقراطيّين والعلمانيّين والتقدّميّين واليساريّين ما زالوا قليلي الاكتراث بأنّهم محكومون بدستورٍ غيرِ مكتمل التطبيق، وبأنّ حكّامهم بالتالي غير شرعيّين، والأفدح أنّهم ذاهلون عمّا يتيحه لهم الدستور في معركتهم لتجاوز الطائفية، ونادراً ما ترتفع أصواتٌ تطالب باستكمال تطبيق الدستور بتطبيق موادّه المتعلّقة بتجاوز الطائفيّة. أضف إلى هذا أنّه قد تراكمت على مدى العقود الماضية مشاريعُ إصلاح تكمّل هذه الموادّ الدستوريّة فتدعو إلى سَن قانون انتخاب يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وأن يجري الاقتراع في مكان السكن، بناءً على النسبيّة واللوائح الانتخابيّة المقفلة. واستكمالاً لذلك ثمّة مطالبةٌ مزمنة بسَنّ تشريعٍ مدنيّ اختياريّ للأحوال الشخصيّة يمنح اللبنانيّات واللبنانيّين حرّيّة الاختيار للقواعد والتشريعات التي تحكم حياتَهم الشخصيّة.

العدد ٢٥ - ٢٠٢٠

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.