إلى مظفّر سلمان
١
ربما ثمةَ وقتٌ لتسقي النباتات التي تنمو على مهل قرب حائط مهدم في حارة مقلّعة الأحجار في مدينة بالأسود والأبيض اسمها حلب.
الكوةُ المفتوحة بين منزلين، العصفورُ المرتجف في الكف الصغيرة التي بحجم ورقة شجر، المشطُ في يد المقاتل، الكتبُ لتصدَّ الموتَ القادمَ من السماء الرمادية، الملاكُ المصلوب في الكنيسة بجناحين مثقّبين بالرصاص وبكاء المصلين، ضحكةُ الولد الملطخةُ بالهباب.
الرشاش أيضاً يأخذ استراحة حينما تنشغلُ أصابع المقاتل بفرط حَب الرمان.
٢
الطريقُ منكوشٌ من الوقوعِ على الركبتين
والأصواتُ عمياء تتخبّط بالجدران
اليدُ التي كانت عصا تُرمى أيضاً كحبلٍ
والجثةُ في الطريق
ليستْ لتلك العين الواحدة على أعلى السطح.
ثمةَ من سمحَ لها أن تسقط كيفما اتفق،
هكذا وأن تترك بحيراتٍ صغيرةً
تعلقُ بأحذية الرياضة.
٣
يموتون بصوتٍ خافتٍ،
بأدنى ضجةٍ ممكنة،
الطلابُ الصغار عبروا الممر على رؤوس أصابعهم كي لا يقلِقوا نومنا
وأغلقوا- بصوت مكتوم - خلفهم باب الحياة الثقيل.
الطلابُ الصغار غداً لن يكونوا مادةً لقصيدة او خبراً في شريط يعبر سريعاً من اليسار الى اليمين
هم لن يشبعوا - حتى- موتاً.
٤
في حلب،
تُؤلمُ الروح كأنها معلقةٌ بخطّاف جزّار، كأنها تُدقُّ بحجر.
في حلب،
الموت ينمو في الحارات الخلفية كنبات أسود، أو يسقط من السماء مطراً من الخردة المسمومة.
العابرون أيضاً يعرفون ذلك؛ الأولاد في مدارسهم، طوابير الخبز، صور القادة الممحية على الحائط، والعجوز محني الظهر
في حلب،
ينظرُ الموتُ في المرآة برهةً ثم يضغط على الزناد.
مظفر سلمان مصور فوتوغرافي من مواليد حمص (١٩٧٦). حائز على دبلوم في التصوير الضوئي من المركز المهني الدولي في حمص (2003). حائز على شهادة خبرة في الترميم الأثري من جامعة وارسو في تدمر (2003)، وعمل كمصور صحافي ورئيس قسم التصوير في صحيفة «الوطن» السورية عدة سنوات. فاز بمسابقة Crossing Glances للتصوير الضوئي في روما (2006). وقد نال منحة «المورد الثقافي» (2010) لطبع وتوزيع كتاب صور. شارك في معارض عدة في روما، ونيويورك، وبوردو، وكوبنهاغن.
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.