تقدم «بدايات» في ما يلي نسخة مختصرة وبتصرّف لمحاضرة «الملصق بأيدٍ عارية. جولة في تاريخ الفن الغرافيكي السياسي» ألقيتْ في «الإشارة» Le Signe (المركز الوطني للفن الغرافيكي) في ٢٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦ في سلسلة «نظرات متقاطعة».
هذه الصفحات إعادة تدوين جزئية لعرض رقائق ملوّنة diaporama هي نتاج عمل تربوي أصوغه وأعيد صياغته دوريًّا أمام مناضلين في لقاءات عمل مشتركة بصفتي فنانًا غرافيكيًّا.
جئتُ إلى الفن الغرافيكي إلى حد كبير من خلال النضال، وما كان في البدء نشاطًا تطوعيًّا، تحوّل تدريجيًّا إلى نشاط احترافي بالكامل. ومنذ ذلك الحين، واصلت العمل والإبداع خصوصًا في الحقول السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إلخ.
أمام هؤلاء الرفاق، الذين كانوا أول «موصين» لأعمالي، واجهتُ الإشكالية التي يواجهها جميع الغرافيكيين الذين يعتبرون أنفسهم «مؤلفين»، وهي جهل الملصق بشكل عامّ؛ تاريخه، أعلامه، آليّاته، واستقلاله الذاتي الحُكمي، إلخ. وهذه معارف ضرورية لإنتاج أشكال فنية جديدة، ولإضاءة نظر المارّين الذين يلتقون تلك الصور وفكرهم.
نحن الفنانين الغرافيكيين، نمارس فنًّا «تطبيقيًّا» هو الأوفر حظًّا والأتعس حالة، قياسًا إلى الفنانين «المجردين» الذين يعرضون في المتاحف أو الغاليريهات، لأن صورنا يمكن مشاهدتها أينما كان (إننا «نعرض» أعمالنا في الشارع) ومن الجميع: نقدم صورًا إلى أناس لم يأتوا لمشاهدتها. من هنا مخاطرة التوصل إلى لفت النظر، إحداث المفاجأة، واستدعاء مارّة بعيدين جدًّا عن قابلية الانتباه التي يملكها زوار المتاحف. من جهة أخرى، فإن الفنان التشكيلي معترف له كليًّا بقوة الإبداع وبالابتكار الشكلاني، والذاتية، في حين أن الفنان الغرافيكي يضطر إلى الدفاع عن هذه جميعها واكتسابها من «الموصي»، سواء كان مؤسسة أو مناضلاً.
من أجل زيادة رهافة إحساس الرفاق- الموصين بالفن الغرافيكي وبتاريخه، اتخذتُ كنقطة انطلاق صورةً تتكرر باستمرار في الملصقات، السياسية خصوصًا، هي اليد. وميزة هذه الصورة أنها متعددة الدلالات، تنتمي إلى لغة إيمائية. إننا نستطيع أن «نقول» بواسطتها أمورًا عديدة عبر هذه الأيدي، من دون استخدام الكلمات، وهذا ما يسمح بالترميز لسلّة من الأفكار بالغة التنوّع — بل متناقضة — على ملصق واحد.
وقد جمعتُ، عبر السنوات، المئات، بل الآلاف، من ملصقات تتخذ من تمثيل اليد عنصرًا مركزيًّا، تشمل الحقب الزمنية والأساليب والبلدان والانتماءات السياسية. تقدم هذه الصفحات لمحة عنها في مختارات مصحوبة بتعليقات.
القبضة المرفوعة
الصورة الأولى عن اليد التي تراودنا في الحقل السياسي هي القبضة المرفوعة. تظهر هذه الصورة في الفنون الجميلة منذ مطلع القرن العشرين بما هي رمز النضالات الاجتماعية واليسار. وسوف تزداد شيوعًا مع صعود الحركات الفاشية بما هي ردٌّ على التحية النازية.
اليد المرفوعة
في مقابل القبضة المرفوعة، هناك التحية النازية
توجيه إصبع الاتهام
هذه صورة معروفة جيدًا في ملصق الدعاية السياسية، الإبهام الموجّه نحو المشاهد دائم الحضور في المخيال العام، ويتعرّض إلى التحوير باستمرار، بما في ذلك على شكل «الميم» في وسائط الاتصال المجتمعية.
اليد القابضة
اليد القابضة صورة تتكرر في الحروب حيث يقدّم كلّ طرف خصمَه على أنه خطر داهم يسعى إلى الاستيلاء على البلد.
يدا السجين
يدان تتشبّثان بقضبان حديد: واسطة مختصرة استُعملت كثيرًا للترميز إلى السجن.
المصافحة باليد
تتكرّر صورة المصافحة باليد في الملصقات، رمزًا للتراضي والتضامن والتبادل
اليد الممدودة
قبل أن تتصافح، تمتدّ اليدان الواحدة صوب الأخرى. لكن اليد الممدودة هي أيضًا اليد التي تعين الآخر
اليد التي تطلب المساعدة
أحيانًا نمد يدنا لنطلب المساعدة، لنحمي أنفسنا، أو لنتخبط
اليد العاملة
اليد هي أيضًا الأداة الأولى للعامل اليدوي
يد على الجسد
يمكن لليد أن تُلقى على الجسد كي تلامس أو تعتدي، كي تحمي أو تؤذي.
أصابع شارة النصر
إنّ شارة النصر التي ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية، وعمّمها تشرشل وديغول، تشكّل واحدةً من الإشارات الكونية التي نستطيع أن نؤديها بواسطة اليد.
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.