تراودني كوابيس، ولكن صديقاً من حيفا قال لي: عندما أحلم، احلم عن نفسي لا عن العدوَ، عن فلسطين لا عن اسرائيل. هل يمكننا أن نبدأ من هنا؟ مع الأرض، من الوعد، ثم من الغفران.
المقابلة:
. جودث: محمود درويش. كتبتَ ذات مرة أن الذي يكتب روايته يرث ارض تلك الرواية. الا تعتقد أن الإسرائيليين لهم الحق في الأرض؟ تقول انه لا مكان لهوميروس وانك مغني طرواده وانك تحب المهزومين. انك تتحدث كاليهودي.
. محمود: امل ذلك فهذا أمر حسنٌ وهو حسنُ الصيت في هذه الأيام. لكن الحقيقه لها وجهان، لقد استمعنا الى الرواية الاغريقية وسمعنا احياناَ صوت الضحية الطروادية على لسان يوريبيدس. أما أنا، فإنني أبحث عن شاعر طروادة لأن طروادة لم ترو حكايتها، وأتساءل هل الشعب أو البلد الذي له شعراء كبار يملك الحق في السيطرة على شعب آخر لا شعراء له؟ وهل غياب الشعر عند شعب يشكل سبباً كافياً لهزيمته؟ هل الشعر العلامة أم هو أداة من أدوات السلطة؟ هل بإمكان شعب أن يكون قوياً دون ان يكتب شعراً؟
أنا ابن شعب غير معترف به بما فيه الكفايه حتى الأن. أريد أن اتكلم باسم الغائب. باسم شاعر طروادة فإن الوحي الشعري والمشاعر الانسانية قد تظهر أكبر في الهزيمة مما في النصر.
. جودث: هل انت متأكد من ذلك؟
. محمود: في الخسارة أيضاً شاعرية عميقة، وقد تكون هناك شاعرية أعمق في الخساره. ولو كنت أنتمي الى معسكر المنتصرين لشاركتُ في مظاهرات التضامن مع الضحايا. هل تعلمين لماذا نحن الفلسطينيين مشهورون؟ لأنكم أنتم اعداؤنا. إن الاهتمام بنا نابع من الاهتمام بالمسألة اليهودية. نعم، الاهتمام بكِ وليس بي أنا.
اذاً نحن قليلو الحظ في أن تكون إسرائيل هي عدونا، لأنها تحظى بمؤيدين لا حد لهم في العالم. ونحن أيضاً محظوظون لأن تكون اسرائيل عدوّنا، لأن اليهود هم مركز اهتمام العالم. لذلك ألحقتم بنا الهزيمة وأعطيتمونا الشهرة. لقد ألحقتم بنا الهزيمة ولكن منحتمونا الشهرة.
. جودث: نحن وزارة دعايتكم.
. محمود: نعم، أنتم وزارة دعايتنا لأن العالم يهتم بكم أكثر مما يهتم بنا، وليست لدي أي أوهام حول هذا الأمر.
. جودث: في «فلسطين، بما هي استعارة»، كتبتَ : «اذا هزمونا في الشعر فهذه نهايتنا».
. محمود: لا أعتقد ان هناك نهاية لشعب او لشعر، لا بد أن خطأ ما قد وقع في هذا الاقتباس، ولكن هناك معنى آخر، وانه لا الضحية ولا الهزيمة تقاس بعبارات عسكرية.
[تعليق صوتي: رئيس وزراء تركيا ذات مرة شبّه مآذن المساجد بالحِراب]
. «أحملُ اللغـــــــة الُمطيعة كالســـــــــــــــحابة . أحمل اللغة المطيعـــــــــــــــة كالســـــــــحابة .
. ان شـــعباً بلا شِـــــعر، هو شـــــــعبٌ مهزوم» .
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.