العدد الخامس - ربيع ٢٠١٣

نوال عبود طرابلسي

طوابع بريد لفلسطين الغد

النسخة الورقية

الطوابع البريدية علامات على هوية البلد. مثلها مثل الأعلام والعملة. ومثل الاعلام والعملة هي علامةٌ ايضاً على وجود دولة. دولة مستقلة. ومثل هذه وتلك، لطوابع البريد قيمة نقدية، لكنها وسائل لتبادل ما يتعدى القيم النقدية. طوابع البريد تخدم في تبادل الرسائل. كل انواع الرسائل. اكثر من ذلك، طوابع البريد توثق تاريخ البلد من خلال آثاره وأحداثه التاريخية والعمرانية ورجالاته ونسائه في كل فروع الحياة. وتصوّر مناظره الطبيعية وطيوره وحيواناته. وهواية تجميع الطوابع هواية واسعة الانتشار.

ننشر في هذا العدد مراجعة نور ابو عرفة لكتاب عن طوابع البريد الفلسطينية. لن يقتصر الامر على اكتشاف تحولات طوابع فلسطين بل تكاد فلسطين الآن تكون البلد الوحيد في العالم الذي لا دولة له بل سلطة لا تستطيع اصدار طوابع بريدها الا بعد موافقة سلطات الاحتلال عليها. كأنما الطوابع هنا ايضا لتذكيرنا أنّ فلسطين لا تزال تعيش في العصر الكولونيالي.

انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الاولى في العالم ١٩٨٧ واستمرت عملياً الى حين انعقاد اتفاق اوسلو العام ١٩٩٣. حملت الانتفاضة رمزيات وايقونات، ليس اقلها شأناً دور حجارة الاطفال والفتيان في مواجهة جنود الاحتلال المؤللين والمدججين بالسلاح الاكثر تطوراً وفتكاً. شهدت الانتفاضة معارك فعلية بين الفتى الفلسطيني حامل المقلاع ودبابة الِمركافا. فانقلبت معادلة كان الاعلام الصهيوني، وأنصاره في العالم، غرسوها في الأذهان منذ العام ١٩٤٨ عن جالوت العربي يصرعه مقلاع داود. صار داود الفلسطيني يواجه بالمقلاع جالوت الاسرائيلي. مثل كثيرين غيرها تصورت نوال عبود طرابلسي أن الانتفاضة ترهص بقيام الدولة الفلسطينية الموعودة. أرادتها نوال دولة على قياس احلامها. فقد اطلقت الانتفاضة جموحاً بلا حدود للمخيلة والارادة. كلمة السرّ هنا «ارى ما اريد»، عنوان ديوان لمحمود درويش حينها. «ان البلاد التي بين كفيّ من صنع كفّي»، كتب محمود مؤكدا سيطرة الشعب الفلسلطيني اخيرا على مصيره. مساهمة منها في تلك المعركة، مجيء الدولة، رسمت نوال طوابع بريد لدولة فلسطين الآتية.

لم تأت الدولة العتيدة. بقيت الرسوم والتخطيطات التحضيرية لتلك الطوابع التي ننشر مختارات منها.

في العام ١٩٧٥ كانت نوال عبود تعمل في «دار الفتى العربي» ببيروت في تزيين كتب الاطفال. طلب منها الراحل محيي الدين اللباد، المشرف الفني على الدار، رسم ملصق لفلسطين. رسمت نوال اللوحة المنشورة على غلاف هذا العدد. طبع منها ملصقات وجدارية كبيرة تنقّلت في معارض عدة. ولا يزال احد الملصقات موجوداً في مجموعة عز الدين قلق للملصقات الفلسطينية. الخبر هنا ان الرسمة نُسبت الى «نوال عبود، طفلة فلسطينية».

قال بيكاسو ذات مرة إنه تعلّم الرسم كالكبار في سنوات قليلة، لكنه قضى خمسين سنة يجهد ليعود فيرسم كالاطفال.

لسنا ندري اذا كان بيكاسو نجح اخيرا في استعادة ملكة الرسم مثل الاطفال. الرأي للنقّاد.

نوال عبود طرابلسي، في السبعينات وفي الثمانينات من القرن الماضي، كما الآن في هذا القرن، لا تزال ترفض تعلّم الرسم كالكبار.

 

العدد الخامس - ربيع ٢٠١٣
طوابع بريد لفلسطين الغد

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.