خير الدين أبو جبين، نادر،
«تاريخ فلسطين في طوابع البريد»، بيروت ورام الله: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ٢٠١١
Khairiddine Abuljebain, Nader, «Palestinian History in Postage Stamps», Beirut and Ramallah: Institute for Palestinian Studies, 2011
صدر أخيراً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب بعنوان «تاريخ فلسطين في طوابع البريد»، لمجموعة نادر خيري الدين ابو الجبن. تشمل هذه المجموعة طوابع صادرة من فلسطين واخرى من دول اخرى عن فلسطين.
بمقارنة طوابع يراوح عمرها بين ٤٠ و ٦٠ عاماً مع طوابع اخرى لا يتجاوز اقدم طابع فيها ١٦ عاماً، هناك فرق مثير في مضامين الأحداث التي تصورها هذه الطوابع بالرغم من أن الاحتلال نفسه لايزال موجوداً و التهويد لايزال مستمراً.
بعد عقد اتفاقية اوسلو والاعتراف بسلطة فلسطينية، اصبح من مهام السلطه الفلسطينية اصدار طوابعها الخاصة بالشروط الخاصة بـ«الدولة الاسرائيلية»، وهذا واحد من ادق التفاصيل التي تدخلت بها اوسلو على الرغم انه من اهم التدخلات التي تؤدي الى التلاعب في توثيق التاريخ الفلسطيني، حيث إنه من الشروط التي تُخضع «اسرائيل» البريد الفلسطيني لها، هو عدم السماح بتوقيع الطابع بأسم فلسطين، ولا بالسلطة الوطنية الفلسطينية بل بالسلطة الفلسطينية. ومن المعروف ان اول طابع قامت السلطة بأصداره كان موقعاً باسم السلطة الوطنية الفلسطينية، لقد تم إلغاء هذا الطابع ومنع تداوله لأحتوائه على كلمة «الوطنية» وذلك لأنها تعتبر من الكلمات التحريضية (حسب التعريف الاسرائيلي). كما وأن الأحداث السياسية التي يتم وضعها على الطابع يجب ان تكون فقط الأحداث الداعية الى السلام، مثل صورة الراحل ياسر عرفات في اوسلو مع شمعون بيريز يتوسطهما بيل كلنتون عند عقد اتفاقية اوسلو للسلام.
ما اريد طرحة نظراً لأهمية دور الطوابع البريدية في توثيق تاريخ البلد، هو التغيير في مضمون الطابع الفلسطيني منذ الاحتلال العسكري البريطاني الى قيام السلطة الفلسطينية، خاصة ان اهمية الطوابع في ارسال الرسائل في زمن وجود الانترنت أٌقل بكثير، واصبحت اهميتها الرمزية ووظيفتها الرئيسية تكمن في توثيق الأحداث.
كان اول تمرد على التدخل الاصهيوني في الطوابع الفلسطينية هو في فترة الوصاية المدنية البريطانية، حيث كان قسم من الطوابع يطبع في المطبعة الارثوذوكسية بالقدس، والقسم الآخر يطبع في مصر. وكان اول طابع فلسطيني يحمل اسم فلسطين قد صدر في تلك الفترة. حدث تغيير في الطابع بعد ثلاث سنين نتيجة لتمهيد اليهود لما وعدهم به بلفور على هذه الأرض، حيث تم تصغير اسم فلسطين باللغة العربية وتكبيره باللغة العبرية مع اضافة الأحرف «الف و يود» بعد اسم فلسطين بالعبرية، وهي اختصار لـ«ايريتس يسرائيل»، اي ارض اليهود. لاحظت مصر هذا التغيير، ومنذ ذلك الوقت ومصر ترفض اصدار اي طابع في مطابعها في حال لم تبق الطوابع على ما كانت عليه.
كرد فعل على هذا الحدث قامت المقاومة الفلسطينية كإصدار طوابع تحمل توقيع المقاومة الفلسطينية تشمل هذه الطوابع مواضيع مختلفة حامية في ذلك الوقت، مثل أضافة جمل وطنية مثل «فلسطين للعرب»، كما عملت المقاومة الفلسطينية حينها على إصدار طوابع تساند فيه الثورة السورية واللبنانية ضد الأنتداب الفرنسي وذلك للحفاظ على هويتها كجزء لا يتجزء من الوطن العربي.
بعد عام ١٩٤٨ اصبحت مهمة اصدار الطوابع الفلسطينية كاملة على عاتق المقاومة الفلسطينية، وفترتها تميزت الطوابع بتوثيقها للأحداث، من مجزرة دير ياسين الى معركة الكرامة وتخليد المناضلين والمناضلات والشهداء. كما اخذت لوحات اسماعيل شموط مساحة واسعه في اعتمادها لتكون طوابعا موثقة للأحداث. كانت هذه الفترة من أعنى فترات الطوابع الفلسطينية بالمضمون، وهذه الطوابع برزت بشدة في فترة الثمانينات وكان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية وحركة فتح دور كبير في إنجاز هذه الطوابع. كما انهم لم يكتفوا فقط باصدار الطوابع، بل قاموا أيضاً بوضع جمل وصور تعبيرية على اغلفة الرسائل التي تتداول خارج البلاد باللغتين العربية والانكليزية مثل:
«هل ساءلت نفسك مرّة متى وكيف إختفت فلسطين من الخريطة؟»
«في فلسطين فدائيين الحرية يقاومون الصهيونية لا اليهودية».
وأخيراً، كان للبلدان العربية وبعض البلدان الأجنبية جانب في ادخال قضية فلسطين في مضمون طوابعها كنوع من المساندة، فبعد احتلال فلسطين، قامت العراق بتوشيح جميع طوابعها بـ«إنقاذ فلسطين»، كما كان من مواضيعها «اليوم الدولي للتعاون مع الشعب الفلسطيني» واظهار خارطة فلسطين كاملة على العديد من طوابعها. وجرت العديد من الدول العربية على هذا النحو في اصدار طوابعها، فقد اصدرت جميع الدول العربية تقريباً طابعاً لنفس التصميم مع اختلاف الالوان في ذكرى مجزرة دير ياسين وهو خارطة فلسطين كامله وقد غرس فيها خنجر.
بعد اعلان الدولة الفلسطينية عضواً في الأمم المتحدة، اعلنت وزارة الأتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن اصدار اول طابع ايرادات تحت مسمى «دولة فلسطين» بدلاً من مسمى «السلطة الفلسطينية» . لكن هذا لا يعني أن جميع القوانين التي كانت مفروضة على الطوابع الفلسطينية سابقاً قد تغيرت بعد إعلان الدوله، فلا زالت «الدولة الاسرائيلية» تتحكم بمحتوى هذه الطوابع و تشرف عليها قبل طباعتها للموافقة عليها او رفضها. حيث ان الطوابع تُطبع بالخارج، ومؤخراً بالبحرين، واذا لم يتوافق محتوها مع شروط «الدولة الاسرائيلية» فيمنع تداولها خارج الاراضي الفلسطينية.
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.