عندما يلتقي ملحقٌ تجاريّ أميركي مكلّف بافتتاح العلاقة مع لبنان المستقلّ حديثًا برئيس وزراء متورّط في صفقات، ماذا يقول واحدهما للآخر؟ وماذا يقول واحدهما- الأميركيّ- عن الآخر؟
الأجوبة في هذا المحضر من وثائق الخارجيّة الأميركيّة...
بالبريد الجوي
رقم 1048
نظارة الخارجية
للولايات المتّحدة الأميركية
سرّي
البعثة الأميركيّة
بيروت، لبنان، 17 كانون الأول 1945
الموضوع: رفع مذكّرة عن مقابلة مع رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد الوطني اللبناني أعدّها الملحق التجاري.
يتشرّف القائم بالأعمال بالوكالة أن يرفع في ما يلي مذكّرة عن مقابلة تمّت مع رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد الوطني اللبناني أعدّها الملحق التجاري، محلق بها تعليق على المقابلة:
مضمونات:
1- مذكرة
2- تعليق مع ملحق
(قائمة أسماء)
850
كلايتون لاين/ س. ل
سرّي
مذكّرة عن محادثة
الموضوع: مقابلة مع سامي بك الصلح، رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد، لبنان.
في الساعة العاشرة صباحًا من يوم 12 كانون الأول (ديسمبر) قصدتُ رئيسَ الوزراء ووزيرَ الاقتصاد الذي قابلتُه سابقًا في مناسبات عديدة غير أنّي لم أجرِ معه حديثًا أساسيًّا عن تطوّر لبنان الاقتصادي. في اليوم السابق على المقابلة، وخلال مأدبة غداء مع الملحق العسكري، اتّهمني رئيس الوزراء بأني أضع العراقيل في وجه التنمية الاقتصادية للبنان بدلاً من المساعدة عليها. وقال إني لست أدرك تمام الإدراك حاجة لبنان الملحّة للمنتجات الأميركية، ولتخفيض الأسعار وتوطيد الاستقرار الاقتصادي. لم تكن الفرصة هي الفرصة المناسبة للردّ على اتهامه، الذي لم يكن جديًّا بالكامل بقدر ما كان يعكس بوضوح قلقه المتزايد، فاتّفقنا على أن نلتقي في اليوم التالي.
أشرت بادئ ذي بدء إلى أنّي لستُ راغبًا في أن أستعيد فورًا موضوع حديثنا في الأمس وإنما أرغب في شرح الهدف الرئيسي من تعييني في سورية ولبنان، الذي لمّحتُ إليه في السابق مجرّد تلميح. قلت إنّ لدينا نائبًا للملحق التجاري في البعثة سوف يتعاطى الشؤون التجارية الروتينية. أما أنا فموفدٌ لاستكشاف كيف يمكننا أن نساعد الحكومتين السوريّة واللبنانيّة في البحث عن أفضل السبل لتنمية الموارد الاقتصادية للبلدين، وتقديم المساعدة الأميركية التي تُمليها مصالحنا المتبادلة. وهنّأت رئيس الوزراء على استقلال لبنان. على أنّي اقترحت عليه أمرًا أنّ الاستقلال الناجز سوف يكون صعبًا إذا لم يُدعّم ببناء اقتصادي متين. وأضفت أني أرغب في أن أزيل من ذهن رئيس الوزراء أي هواجس قد تساوره بأنّ الولايات المتحدة، في اهتمامها بالتنمية الاقتصادية لبلاده، إنما تتوخّى هدفًا سياسيًّا غير هدف المزيد من الاطمئنان على الاستقرار هنا، وقلت له إنه مطّلع بالطبع على آراء المستر وادزوارث في هذا الصّدد.
قلت إني أعتقد، ومعي العديد من الأميركيين، أن الشعب اللبناني هو الأذكى والأكثر تقدّمًا في الشرق الأوسط، وهو أكثر إلمامًا بالوسائل الحديثة للتنمية الاقتصادية، والأكثر إقبالاً عليها، من شعوب معظم الأجزاء الأخرى من العالم العربي. وأضفت أني مدرك أن التطور الاقتصادي لمصر مدينٌ إلى حدّ كبير لنشاط اللبنانيين الذين اضطرّتهم، مع الأسف، الظروف الاقتصاديّة والسياسيّة إلى الهجرة من بلادهم. ثم إننا في الولايات المتحدة ملمّون الإلمام الكامل أيضًا بنشاط المغتربين اللبنانيين ومهاراتهم التجاريّة. وبفضل هذه الصفات، التي نلقاها أيضًا لدى قسم كبير من سكّان سورية، أعتقد أن التطوّر الزراعيّ والتجاريّ والصناعيّ للدول المشرقيّة سوف يخوّلها أن تمارس نفوذًا اقتصاديًّا كبيرًا في العالم العربي ككلّ.
وقلت إنه في حين يرى الموظّفون في دائرتي في واشنطن أنّه يتعيّن على سورية ولبنان الاعتماد في الوقت الحاضر في تبادلهما النقديّ بالدولارات في الدرجة الأولى على ما يحصلون عليه من الفرنسيّين، فإن هذا لا يمكن اعتباره كافيًا من أجل تنفيذ برنامجٍ اقتصاديٍّ يكون في مستوى رغبات وطاقات لبنان وسورية. لذا كان همّي لا أن أسهّل تموين سورية ولبنان السريع بالسلع الأميركية وحسب وإنما أن أجد أيضًا السبل لزيادة الإمداد الدائم بالدولارات على نطاقٍ أوسع. واقترحتُ أنّ أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي في زيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة وفي تقديم المقترحات المدروسة بعناية إلى المستر وارزواث وإلى دائرتنا، من أجل الحصول على مساعدةٍ من «بنك التصدير والاستيراد» لدعم مشاريعَ نرى أنّها تتوافق مع متطلّباته. وبناءً على استطلاع أعترف بأنّه محدود خلال إقامتي التي لا تتجاوز بضعة أسابيع هنا لم أتمكّن خلالها من التجوّل كثيرًا في البلاد، يبدو لي أنّه من بين المشاريع الجديرة بالتحليل قد تكون المشاريع الآتي ذكرُها تستحقّ عنايةً خاصة:
مرفأ حرٌّ قرب طرابلس
مطارٌ في بيروت
مشاريع رَيّ
فنادق سياحيّة
صناعة نفطيّة أساسيّة
مصفاةٌ لتكرير زيت الزيتون
تصدير المنتجات الحرفيّة إلى الولايات المتحدة
زيادة الحجم الإجماليّ للصادرات إلى الولايات المتحدة
تأسيس منشآت صناعيّة أميركية
سألتُ رئيس الوزراء أن يتكرّم عليّ بلائحةٍ لأسماء موظّفين من وزارة الاقتصاد الوطني ومن سائر الدوائر الحكومية يرى أنه من المناسب أن أتباحث وإيّاهم بحثًا مجديًا في هذه المشاريع وسواها. وأستطيع أن أتلقّى منهم الأفكار بصددها. وأبلغته أنه سبق لي أن تحدّثت في بعض هذه القضايا مع الكولونيل نوفل، المدير العام لوزارة الاقتصاد الوطني. واقترحتُ أنّ الصناعة الفندقيّة مثلاً يمكن تطويرُها تطويرًا ملحوظًا مع رفع مستويات الفنادق والتسهيلات الأخرى في بعضٍ من جوانبها، لتشجيع السيّاح الأميركيّين على أن يأتوا لا لزياراتٍ قصيرة وحسب وإنّما أيضًا لفرص أطول خلال عطل الصيف والشتاء. وقلت إني سمعتُ أن مصر تفيد من بيع المنتجات المحليّة للسيّاح أكثر من إفادتها من إقامتهم ومأكلهم. هنا برز سؤالٌ حول التطوير المتسارع للحِرَف الشعبيّة التقليديّة المعروفة في سورية ولبنان، مع اهتمامٍ خاصّ بجعلها مغريةً للزوّار والمستوردين الأميركيّين.
وختمتُ قائلاً إنّي قد تقدّمت بهذه الملاحظات الأوّليّة من أجل أن يدرك رئيسُ الوزراء أنّ الأهدافَ الأميركيّة تنمّ جميعها عن الرغبة الكاملة في التعاون. وأضفت أنني وزوجتي سعيدان جدًّا بوجودنا في بيروت ونجد الحياة فيها ممتعةً خصوصًا لأنّ لبنان شبيهٌ إلى أبعد حدّ بولاية كاليفورنيا التي نتحدّر منها، وإننا نأمل أن نقضيَ فيه العديد من السنوات المجدية والممتعة في آن معًا.
في ردّه، عبّر رئيس الوزراء أوّلاً عن ارتياحه لأنّ ليس للولايات المتحدة أغراضٌ سياسيّة في بلاده. وهذا هو السبب في تطلّعه إلينا بحثًا عن المساعدة الاقتصادية. وقال إنّ العرض الذي قدّمت يلقى القبول في نفسه وإنّه شخصيًّا يحمل مشروعًا عمرانيًّا مشابهًا، إلا أنه وجد نفسه يناضل وحيدًا لا مُعين له إلا الله. وأشار إلى أنّ لبنان قد أسهم في المجهود الحربيّ وجنى من ذلك الملايين من الليرات اللبنانيّة الورقيّة. وإنّ هذه الزيادةُ في النقد المتداول من 19,000,000 ل.ل. إلى ما يقارب الـ180,000,000 ل.ل.، تشكّل عاملاً أساسيًّا من العوامل المؤدّية إلى غلاء المعيشة. فالعامل الذي لم يكن أجرُه اليوميّ يزيد قبل الحرب على 25 غرشًا بات يتقاضى اليومَ 8 ليرات (أي 32 ضعفًا)، غير أنّ هذا لن يكفيه لغير أن يأكل خبزه اليوميّ. بل إنّ شراء الخبز بات يفرض عليه أن يبيع أثاث بيته وأدوات المطبخ. وقال إن لبنان يستحقّ أكثر من مكافأته بهذا التضخّم المالي وهو الذي قدّم ما قدّمه في سبيل المجهود الحربي (للحلفاء).
وأكّد لي رئيس الوزراء أنّ هدفه الآن هو الحدّ من غلاء المعيشة، ولا بدّ من استيراد المزيد من السلع لتحقيق ذلك الهدف. على أنّ القيود المفروضةَ من الهيئة البريطانيّة التي حلّتْ محلّ «مركز تموين الشرق الأوسط» تقذف بالحكومة اللبنانيّة في بحرٍ هائج. فلاحظت أنه إذا كان لبنان عاجزًا عن الانعتاق من القيود التي يفرضها عليه طرف آخر فإنه سوف يصعب عليه أن يصير دولة مستقلّة حقًّا. فأجابني رئيس الوزراء أنه ليس للبنان من خيار، فما من أحد يعرض عليه السلع. والإمداد بالسلع الأميركيّة محدودٌ بسبب ندرة الدولارات المتوافرة. وأعرب عن أمله في إزالة تلك القيود فيستطيع الكلّ أن يستورد بحرّية. وأشار إلى أنّ أغنياء التجّار هم وحدهم الذين يعرفون كيف يسخّرون القانون لخدمتهم، فيما يعاني صغار التجار الصادقون الأمرّين.
ومضى سامي بك الصلح يقول إنّه ليس متعصّبًا ولا هو كارهٌ للأجانب. وعندما يتعلّق الأمر بالقضايا الاقتصادية، وعندما تكون مصلحة بلاده معرّضة للخطر، فإنّه مستعدّ للتعاون مع أيّ كان مهما كانت طائفته ومع أيّ بلدٍ كان. وقال إنّ اللبنانيين فرديّون، وأغنياؤهم يستخدمون أموالهم لمصلحتهم الخاصّة فقط. ولتحقيق الازدهار، لا بدّ من تعاونيّاتٍ محلّيّة تتشارك في إدارتها الحكومةُ والمصالحُ المحلّية الفرديّة والمصالحُ الأجنبيّة. على ألا يتملّك الأجانبُ ما يزيد على ثلث الأسهم وعلى أن يوفّروا المشورة التقنيّة. وقال إنه يأمل في أن يُفتح فرعٌ لمصرفٍ أميركيٍّ قريبًا في بيروت، وأنه منزعج كلّ الانزعاج من الاتّكال الحالي على «البنك السوري».
أخيرًا شكرني رئيسُ الوزراء على اهتمامي ووعَدَ بأن يطلب من موظّفين حكوميّين ومن رجال الأعمال أن يتّصلوا بي لدراسة المشاريع الأكثر إثارة للاهتمام والتي قد تؤدّي إلى تنمية البلد اقتصاديًّا.
وفيما أنا مغادرٌ، كرّر سامي بك الصلح الحديثَ عن رغبة الحكومة في تخفيض الأسعار. وأشار إلى الصعوبات التي يواجهها في التزوّد ببعض المواد من مخلّفات الجيش والبحريّة (الأميركيّين) وطلب مني المساعدة. قال إنّ الإجراءات بالغة التعقيد وتمنّى أن أبحث في الأمر مع العقيد جاكسون (الملحق العسكري الأميركي). ثمّ سلّمني رئيس الوزراء قائمةً ببضائع يجد أنّ لبنان في أمسّ الحاجة إليها طالبًا منّي أن أفعل اللازم.
والقائمة هي كالآتي:
أنابيب فولاذيّة وحديديّة
جرّارات (تراكتورات)
مدحلات (بمحرّكات ديزل)
شاحنات
قوارب خفر السواحل
موارد بناء وأدوات صحيّة
قضبان حديد للبناء
بزّات وأسلحة للشرطة والجيش والدرك
أجهزة استقبال راديو
سيارات مجهّزة بأجهزة اتّصال
إمدادات طبّية (قارورات طبيّة وأدوية للصيدليات والمستوصفات)
فوعدتُ بأن أبذل ما في وسعي لمساعدة الحكومة في الحصول على هذه المواد. فعبّر رئيس الوزراء عن تقديره لهذا التأكيد ولزيارتي التي وجدها مجديةً جدًّا.
وانتهت المحادثة في الساعة الحادية عشرة.
كلايتون لاين،
الملحق التجاري
في 13 كانون الأول، 1945.
سرّي
تعليق
تترك هذه المحادثةُ الكثير ممّا لم يُقلْ. فمثلاً، لم أستطع سؤال رئيس الوزراء عن الذي يقوم به من أجل منع إعادة بيع إجازات الاستيراد عبر السوق السوداء بأسعارٍ للدولار أعلى بكثيرٍ ممّا هي في سوق الصرف العاديّة، مما يسبّب ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الأميركية المستوردة. فثمّة سببٌ للاشتباه في أنه ضالعٌ في هذه الممارسة. بالتأكيد إنّ البعض من موظّفيه يمارسونها، إذا لم يكن مخبرونا الموثوقون على خطلٍ كبير.
يُشرف سامي بك الصلح شخصيًّا على مديرية التموين (الإعاشة) بصفته وزيرًا للاقتصاد الوطنيّ. وتحصّل هذه المديريّةُ رسمًا خاصًّا قدْرُه 30 بالمئة من سعر السلع المستوردة (المرسوم رقم 1771 الصادر في 22 حزيران 1945) بالإضافة إلى الرسوم الجمركيّة والبلديّة والتي تصل إلى 30 بالمئة هي أيضًا. والهدف المعلن من هذه الضريبة هو تغطية العجز في مديرية التموين (الإعاشة) ففي نهاية عام 1944 أعلن رسميًّا أنّ موازنة المديريّة تشكو عجزًا يقارب الـ9,000,000 ليرة لبنانيّة، فقدت 3,000,000 ل.ل. منها نتيجة الاختلاس، فاقترح مدير عام المديريّة حينها (الأمير جميل شهاب) الطلب من شركة تدقيق حسابات بريطانيّة النّظر في دفاتر المديريّة. لم يحصل ذلك، لسبب معلن أنّ الخزينة لا تتحمّل الرسم الباهظ الذي طلبتْه الشركة البريطانية والبالغ 20,000 جنيهًا استرلينيًّا. هكذا أقفل هذا الملفّ.
على أنّ الحكومةَ استمرّت في تحصيل رسم الـ30 بالمئة. ويجري تحصيله عينيًّا وتوضع السلعُ التي يتمّ الحصول عليها من جرّاء ذلك في تصرّف مديرية التموين، التّابعة الآن لوزراة الاقتصاد الوطني التي يرأسها سامي بك الصلح. وقد صرّح هذا الأخيرُ علنًا بأنه لم تحصل أية تجاوزات أخيرة في مديريّة التموين. على أنّ الكثيرين في بيروت يشكّكون في هذا التّأكيد. إذ لم يُصرف أيُّ مسؤول أو أي موظّف من العمل. وعلى الرغم من تأكيدات سامي بك الصلح فإنّ مستودعات المديريّة أقفلت مؤخّرًا لجرد الموجودات وخاصّةً الطحين. يباع الطّحين في السوق السوداء على نطاقٍ واسع. وقد توقّفت مديريّة التموين عن توزيع هذه المادة منذ عدّة أسابيع. وتقول مصادر موثوقة إن مخزوناتٍ من المنسوجات و350 طنًّا من الزيت النباتي قد اختفتْ من مستودعات مديريّة التموين.
تتّسع دائرة التشكيك والنقد تجاه مديرية التموين في أوساط الرأي العام. وتقول مصادر موثوقة إنه على أثر حملاتٍ شنّتها الصحفُ مؤخّرًا على المديرية لاستيفائها الرسومَ العينيّة على القطن المغزول، أرسلت المديرية بالاتٍ من القطن إلى الصحافيّين المشاغبين. وقد انفضح الأمر عندما أقدم هؤلاء على بيع القطن في السوق الحرّة. والنقد مستمرّ في الصحف على الرغم من اعتراضات سامي بك وتطميناته.
ويُعتقد، بناءً على مصادر موثوقة وبعد تحرّيات دقيقة، أن رئيس الوزراء يعلم علمًا أكيدًا بتوزيع إجازات الاستيراد للسلع الأميركية بطريقة تمنح حفنة صغيرة من التجّار فرصًا عظيمة لجني أرباح احتكاريّة كبيرة، هذا إذا لم نقل إنه ضالع شخصيًّا في ذلك. ثم إنّ نظام المراقبة على المستوردات الذي تعتمده مديريّة التموين لا يبدو أنه يعمل لصالح التجار ذوي الامتيازات وحسب، بل يجري الحفاظ عليه أيضًا من أجل تأمين استمرار تلك الامتيازات. وقد أسرّ لي تاجرٌ بيروتيٌّ موثوق كلّ الثقة بوجود كمّيّات ضخمة من السلع في مركز الجمارك ببيروت يرفض المستوردون المحلّيون إخراجها لأنهم يعترضون على دفع رسم الـ30 بالمئة لمديريّة التموين. والأساسيّ في موقفهم هو عدم الثقة في تلك المديريّة وقوانينها وسلوكها وموظّفيها.
إن قائمة الأسماء المرفقة طيّه تعطي فكرةً عن الشركات التي يظنّ أنها تجني الأرباح الطائلة في ظلّ هذا النظام، وتبيّن بعض أسباب ذلك.
يُعرب رئيس الوزراء عن حماسةٍ كبيرة للحدّ من غلاء المعيشة والتشجيع على الاستيراد من الولايات المتحدة. غير أنّ علينا أن نستخلص من ذلك إما أنه غير راغبٍ أو أنه غير قادر على اتّخاذ الإجراءات البديهية اللازمة لكسر أصحاب النفوذ والموظّفين الذين يحافظون على الوضع الحالي أو يدعمونه. ثم إنّ الاتفاق الأنكلو- فرنسي الأخير قد يزيد من رغبته في المساعدة الأميركيّة.
سوف يكون من المثير أن نرى من سيبعث لمقابلتي. ومهما يكن من أمر، فمن الضروريّ أن نستمرّ في السعي وراء المعلومات والأفكار على أوسع نطاق ممكن وليس فقط في الدوائر الرسميّة أو وثيقةِ الارتباط بالشخصيات الرسمية. وإنّ الحركة المطلوبة تتطلّب جوابًا على برقيّة البعثة رقم 406 بتاريخ 6 كانون الأول/ديسمبر، الساعة الخامسة.
كلايتون لاين
الملحق التجاري
مرفق طيًّا:
قائمة الشركات
****
قائمة بالشركات والأفراد المذكورين في الرسالة رقم 1048 بتاريخ 17 كانون الأول 1945.
الشيخ فؤاد الخوري (بيروت):
شقيق رئيس الجمهورية اللبنانية، المساهم الرئيسي والمدير في شركة «مؤسسات درويش حداد» واحدة من أهمّ شركات استيراد الحديد والصلب وسائر موادّ البناء مساهم وعضو مجلس الإدارة في «الشركة الصناعية اللبنانية للزجاج» في بيروت (مصنع زجاج)، مساهم وعضو مجلس إدارة في «شركة الأسمنت اللبنانية» ويملك أيضًا مصنعًا للأسمنت والقرميد والأنابيب الأسمنتيّة.
ميشال صحناوي وأبناؤه (بيروت دمشق):
مستوردون أساسيّون للحديد والصلب وسائر مواد البناء. إنهم ثمانية أخوة. منهم جورج، النائب في البرلمان السوري، وحنين القنصل الفخري لإسبانيا ووزير سابق للمالية في سورية وعضو في الكتلة الوطنية (الحزب الحاكم الآن في سورية) وهو صاحب عدّة مشاريع صناعيّة في سورية. ويقال إنّ لآل الصحناوي صلاتٍ وثيقةً بالدوائر السياسيّة في لبنان كما في سورية. وهم أصحاب ثروة طائلة.
أبناء س. خطار (بيروت):
من أبرز البيوتات التجاريّة في لبنان. يملكون مصانع لحلّ شرانق الحرير ويصدّرون الحرير الخامّ. ميشال خطار، الابن البكر، هو رئيس «غرفة الصناعة اللبنانية» ورئيس «لجنة تربية الحرير» ومدير «شركة الأصواف الوطنية» في الحدث (قرب بيروت، وهي مصنع للألبسة الصوفيّة) وعضو مجلس إدارة مصرف مصر- سورية- لبنان. يموّلون الحملات الانتخابيّة لعدد من نواب الحزب الدستوري.
ف. أ. كتانة (بيروت):
من أبرز مستوردي السيارات وقطع الغيار في لبنان وسورية والعراق وإيران والسعودية، يتعاطى أيضًا بالأدوية والمواد الكيميائيّة والأصباغ والعديد غيرها من المواد. يروى عنه أنه فاحش الثراء. له مصالحُ في عددٍ من الصناعات المحليّة، تحديدًا مصنع الكبريت (أعواد الثقاب) والمنتجات الزراعيّة (شركة سيبا S.I.P.A) نافذٌ من خلال صلة قربى برئيس الجمهورية (فأخوه الأكبر، فرنسيس، الساكن في الولايات المتحدة منذ سنوات عدّة، متزوّج من ابنة شقيق زوجة الرئيس).
خليل فتال وأولاد (بيروت ودمشق):
من أبرز تجّار الأدوية والمشروبات الروحيّة والعديد غيرها من الموادّ. أحد الأخوين، جان، متزوّج من ابنة المركيز دي فريج، قريب زوجة الرئيس.
وديع أشقر (بيروت):
ساهم في عددٍ من الشركات في بيروت تتعاطى بالبن البرازيلي والحبوب وحلّ شرانق الحرير، إلخ. ويملك معملاً للحرير. نائب في البرلمان.
الحاج محمد بيضون (بيروت):
تاجر بيروتي ونائبٌ عن بيروت (شيعي)
الحاج رشيد بيضون (بيروت):
تاجر بيروتي ونائب عن جنوب لبنان (شيعي)
حسن بحصلي (بيروت):
تاجر بيروتي. يُروى أن له نفوذًا سياسيًّا من خلال آل صلح (رياض وسامي، رئيسا الوزراء السابق والحالي على التّوالي).
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.