العدد ٣٦ - ٢٠٢٣

الطبقات الوسطى العالمية (٢/٢)

أحلام أفريقيا وحذر أميركا اللاتينية وكوابيس بلدان الشمال

آمال أفريقيّة

تبِع «بنك التنمية الأفريقي» نظيرَه الآسيوي في عام ٢٠١١ بإصدار تقرير متفائل عن ديناميّات الطبقة الوسطى في أفريقيا، مشيرًا إلى أن «الطبقة الوسطى معروفة على نطاق واسع بأنها مستقبل أفريقيا». ونظرًا إلى ربطها بـ«الحوكمة والنمو الاقتصادي وتخفيض معدّلات الفقر»، يُفترض أن يستحوذ تعزيز تنميتها على أهمّية أساسية من صانعي السياسات.1 عبر استخدام التعريف الذي يُحدِّد الطبقة الوسطى بمن يعيشون بدولارين إلى عشرة دولارات أميركية في اليوم، ادّعى التقرير أن نسبة الطبقة الوسطى الأفريقية (بما فيها شمال أفريقيا) زادت إلى ٣٤ في المئة من سكّان القارة في عام ٢٠١٠، بعد قبوعها على مستوى ٢٨ في المئة بين عامَي ١٩٨٠ و٢٠٠٠. إلى ذلك، يصل حجم الطبقة الوسطى في الهند أو الصين إلى ٣٢٧ مليون نسمة حاليًّا، (علمًا أن «بنك التنمية الآسيوي» يشير إلى بلوغ الطبقة الوسطى في الصين نحو ٨٤٥ مليونًا، أي أكثر من ٨٠ في المئة من مجمل سكّان أفريقيا في عام ٢٠١٠).

نمَت البرجوازية الأفريقية الجديدة، على حدّ تعبير مجلّة «إيكونوميست»، بنحو ١٢٢ مليون فردًا منذ عام ٢٠٠٠، من ضمنهم ٩٣ مليون شخص يعيشون على دولارين إلى أربعة دولارات في اليوم، وقد أطلق عليهم «بنك التنمية الأفريقي» مصطلح «الطبقة العائمة» المُعرّضة للانزلاق مرّة أخرى إلى براثن الفقر، ويضاف إليها ٢٣ مليون شخص آخرين يعيشون بأربعة إلى عشرة دولارات في اليوم وهم أعضاء «الطبقة الوسطى الدنيا». وأخيرًا، هناك «الشريحة العليا من الطبقة الوسطى» التي تعيش بنحو عشرة إلى عشرين دولارًا في اليوم، (تحتلّ الدرجة الأدنى وفق تعريف هومي خاراس للطبقة الوسطى العالمية) وقد انخفضت نسبتها من ١٥ إلى ١٣ في المئة من مجمل عدد السكّان بين عامي ١٩٨٠ و٢٠١٠.

كانت الدراسات الأخرى حول الطبقة الوسطى الأفريقية أكثر رصانة. يلاحظ هينينغ ميلبر، مُحرِّر إحدى أفضل هذه الدراسات، التأثير المُحيِّر للنهج الاستهلاكي الموضّح أعلاه على الدراسات الأفريقية، والذي أطلقته «حفنة من الاقتصاديين»، لكنّه يعترف في المقابل بالجاذبية الشعبية لهوية الطبقة الوسطى مستندًا إلى دراسة عن بلدة سويتو في جوهانسبرغ حيث اعتَبر ثلثا المستجيبين المقيمين أنفسَهم من الطبقة المتوسطة، في حين أن ٧ في المئة فقط من سكّانها يعملون في وظائف الطبقة الوسطى، فيما ٢٥ في المئة منهم عمّالٌ بأجر، و٢٣ في المئة عاطلون من العمل، و٢١ في المئة عمّال مؤقّتون وموسميون، والباقي متقاعدون أو طلاب.2 بحلول عام ٢٠١٥، خَفَتَ الصخب المحيط بوجود بطبقة وسطى أفريقيّة جديدة. من لندن، ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن الشركات الأجنبية تعمل على تقليص حجمها في القارة بسبب نقص المستهلكين من الطبقة الوسطى، فيما وصفت مجلّة «إيكونوميست» الطبقةَ الوسطى الأفريقية بأنها «قليلة العدد ومتفرّقة»، وقدّمت الوسيلتان تقديراتٍ مُنخفضة للغاية عن حجم هذه الشريحة السكّانية. ذكرت «فاينانشال تايمز» بالاستناد إلى مسح أجراه «بنك ستاندرد» أن عدد الطبقة الوسطى في ١١ بلدًا من الاقتصادات الكبرى في القارة يصل إلى ١٥ مليون شخص، فيما نقلت «إيكونوميست» عن مركز «بيو» أنها تشكّل ٦ في المئة فقط من السكّان.3

حذر أميركا اللاتينية

ازداد اهتمام أميركا اللاتينية بالطبقة الوسطى أيضاً في عام ٢٠١٠، لكنه اتخذ شكلًا مختلفًا تمامًا. غاب الضجيج وبرزت المنظورات الاقتصادية-الاجتماعية والسوسيولوجية بدلًا من التركيز على تصنيفات الاستهلاك اليومي الذي يتجاوز الدولارين للفرد الواحد. برز الجانب الأقل إثارة في نموّ الطبقة الوسطى في نصف الكرة الأرضية، حيث سُجِّل ارتفاعٌ بنسبة ٣ في المئة فقط بين عامي ١٩٩٠ و٢٠٠٥ وفقًا لرافاليون. منذ عام ٢٠١٠، ظهرت ثلاثة تقارير رئيسية؛ أولها «الطبقة الوسطى في أميركا اللاتينية» وهو تحليل اجتماعي يعتمد في مقاربته على الجمع بين الطبقة المهنية وتوزيع الدخل، نشرتْه «مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأميركا اللاتينية وجزر الكاريبي» (CEPAL)
التي توازي «بنك التنمية الآسيوي» من حيث الأهمّية وتُعدُّ فاعلًا مهمًّا في المناقشات التحليلية والسياسات في المنطقة. في الوقت نفسه، صدر التقييم الاجتماعي والاقتصادي عن مركز التنمية التابع لمنظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريره السنوي حول التوقّعات الاقتصادية لأميركا اللاتينية ٢٠١١، وحمل عنوان «ما هو حجم الطبقة الوسطى في أميركا اللاتينية؟». بعد ثلاث سنوات، قدّم البنك الدولي مساهمة مهمّة بإصداره تقريرًا بعنوان «الحراك الاقتصادي وصعود الطبقة الوسطى في أميركا اللاتينية». استخدَمت هذه الاستجابات المؤسّسية تعريفات مختلفة للطبقة الوسطى ورسمت ثلاث صور مختلفة لأميركا اللاتينية.

انطلقت دراسة CEPAL من السؤال الآتي: «ما الذي نقصده عندما نتحدّث عن الطبقة الوسطى؟»، ورسمت خريطة التقسيم الطبقي الاجتماعي حيث يمكن تحديد «الشريحة المتوسطة» – وهو المُصطلح المُفضّل استخدامه «للطبقة الوسطى» – وفق المهنة (عمّال الياقات البيضاء أي الذين يقومون بعمل ذهني) والدخل (ما يوازي أربعة أضعاف خط الفقر الحضري). وفيما رصدت هذه الدراسة نموًّا كبيرًا في حجم هذه الشرائح الاجتماعية، والذي يعود بشكل رئيسي إلى نموّ الطبقة الوسطى الدنيا، فقد أكّدت استنتاجاتها عدمَ التجانس الاجتماعي والتنوّع بين البلدان وهو ما يبرز في خمس دراسات ختامية عن البلدان المتباينة.4

توجّهت مساهمة مركز التنمية التابع لـ«منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية» نحو السياسات وهدفت إلى تحديد شروط دعم الطبقة الوسطى. انطلق الافتراض التوجيهي لهذه الدراسة من أن امتلاك هذه الشرائح «وظائف مستقرّة ودخلًا متينًا»، سيوفر «أساسًا صلبًا للتقدّم الاقتصادي»، لكن إذا كان «دخلها ووظائفها غير مستقرّين»، عندئذ «قد تنحرف تفضيلاتها السياسية نحو منصّات شعبوية لن تفضي بالضرورة إلى إدارة اقتصادية جيّدة».5 عُرِّفت هذه «القطاعات الوسطى» من خلال وسطيتها: أي الأُسر التي يتراوح دخلها بين ٥٠ و١٥٠ في المئة من متوسّط الدخل، وهو توسّع بلا مبرر للمعدّل الأكثر شيوعًا وهو ٧٥-١٢٥ في المئة الذي اقترحه الخبير الاقتصادي المرموق ليستر ثورو. كان التأثير تضخّميًّا، فقد ضمّت «القطاعات الوسطى» في تقرير «منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية» عدداً أكبر من العمّال «غير النظاميين» الذين لا يملكون عقودَ عمل بالمقارنة مع الموظّفين النظاميين.6 كذلك قدّم التقرير مقارنة مع الاتجاهات في إيطاليا وأميركا اللاتينية. ففي حين ضمّت «القطاعات الوسطى» أكثر من ٦٠ في المئة من سكّان إيطاليا، فقد شكّلت نحو ٥٠ في المئة في أوروغواي والمكسيك، و٤٥ في المئة في تشيلي والبرازيل، و٤٠ في المئة في الأرجنتين، ونحو الثلث في كولومبيا وبوليفيا. وفيما يتعلّق بآفاق السياسة، ينتهي تقرير «منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية» بملاحظة متفائلة، إنّما حذرة، بشأن القطاعات الوسطى وإمكانيّة حدوث تغيّرات إيجابية في توزيع الدخل والحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل.

إلى ذلك، عُدَّ تقرير البنك الدولي عن أميركا اللاتينية بمثابة تحقيق مُفصّل في موضوعين رئيسيين؛ حراك الدخل والحجم المُتزايد للطبقة الوسطى. انطلق بإثارة زوبعة في فنجان مُصنّفًا القارة «كمنطقة دخل متوسّط في طريقها لأن تصبح منطقة للطبقة الوسطى». لكن سرعان ما خمدت هذه التوقّعات الطموحة بالإشارة إلى أنّ المنطقة لم تصبح بعد «مجتمعًا للطبقة الوسطى يكسب فيه معظمُ الناس دخلًا مرتفعاً كافيًا لتعزيز الاستهلاك والعيش والتصرّف مثل مواطني الطبقة الوسطى». في الواقع، «لا تزال إمكانية الوقوع في براثن الفقر مصدر قلق خطير بالنسبة لغالبية السكّان، وستستمرّ السياسات الاجتماعية في لعب دور مهمّ في المستقبل المنظور». مع ذلك، يتوقّع البنك الدولي مستقبلًا عظيمًا للطبقة الوسطى في أميركا اللاتينية، إذ ستنمو من ٣٠ في المئة من سكّان القارة إلى ٤٠ في المئة بحلول عام ٢٠٣٠.7

بالاستناد إلى «مقاربة الهشاشة» التي اقتُرِحت في تقريرين سابقين صادرين عن البنك الدولي،8 أطلق التقرير تعريفًا آخر لـ«الطبقة الوسطى» يعتمد على الأمن الاقتصادي مُتجاهلًا مرّة أخرى الدلالات التاريخية للمصطلح. على هذا الأساس، تضّم الطبقة الوسطى الأشخاص الذين تقلّ احتمالية وقوعهم في براثن الفقر في غضون خمس سنوات عن ١٠ في المئة من السكان، وهو ما يُترجم في بعض بلدان أميركا اللاتينية بمعدّل ١٠ دولارات يومياً لكلّ فرد في الأسرة الواحدة، وهو ليس الحال في بلدان أخرى. استقرّ المؤلفون بشكل عملي على ١٠ دولارات في اليوم كحدّ أدنى، وأضافوا حدًّا أعلى بقيمة ٥٠ دولارًا في اليوم من دون تقديم أي مبرّر منطقي. وبناءً عليه، أعلنوا أن الطبقة الوسطى في أميركا اللاتينية تضاعفت بين عامي ١٩٩٢ و٢٠٠٩، وارتفعت نسبتها من ١٥.٥ في المئة من مجمل السكّان إلى نحو ٣٠ في المئة.9

في الخلاصة، كانت الطبقة الوسطى الآسيوية الأكثر تحليقًا بين أحلام الطبقة الوسطى في الجنوب العالمي، وهي المتمركزة في الصين والهند، على الرغم من أن الدراسة شملت كل «آسيا النامية» باستثناء المناطق الغربية التي شهدت حروبًا. في مخيّلة القرن الحادي والعشرين، يركب الجنوب العالمي موجة صعود الطبقة الوسطى التي تُعتبر أهمّ تغيير اجتماعي في هذا العصر. إلّا أن حلم الطبقة الوسطى ارتبط في حدوده القصوى بتحوّل مركز الثقل في الاقتصاد العالمي من أميركا الشمالية وأوروبا إلى آسيا. وعلى الرغم من عدم الاتفاق على شكل هذه الفئة ومضمونها ووتيرة نموها، إلّا أن هناك إجماعًا واسعًا بأنها تعني امتلاك هؤلاء الأفراد المزيد من المال الذي يسمح لهم بمزيد من الاستهلاك. يبدو المستقبل أكثر تواضعًا إذا نُظِر إليه من أبيدجان أو سانتياغو حيث يقع مقرّا «بنك التنمية الأفريقي» وCEPAL. لقد اتصل حلم الطبقة الوسطى في كثير من الأحيان بحقائق البنية الاجتماعية في كلّ من أفريقيا وأميركا اللاتينية. مع ذلك، لا يزال الحلم الجنوبي قائمًا، إذ تشير أحدث توقّعات هومي خاراس إلى أنه بحلول عام ٢٠٣٠ ستهيمن «الطبقة الوسطى» وستشكّل ٦٣ في المئة من سكّان العالم.10

bid36_p97.jpg

متس ّوقون في تكساس، يوم «الجمعة السوداء»، 2009/27/11.

متس ّوقون في تكساس، يوم «الجمعة السوداء»، 2009/27/11.

الكوابيس الشمالية

فيما وُصِفت الطبقات الوسطى بالصعود والتوسّع والتفجّر في الجنوب، تبيّن أنها تتقلّص في الشمال. لاحظ الباحثان الرائدان في مجال عدم المساواة أنتوني أتكينسون وأندريا براندوليني تقلّص حجم الطبقة الوسطى منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وصولًا إلى منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة. تُبيِّن دراسة أجريت على خمسة عشر بلدًا من دول منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خسارة شريحة الـ٦٠ في المئة المتوسّطة حصصًا من دخلها لصالح شريحة الخُمِس الأغنى في جميع البلدان باستثناء الدنمارك، وتقلّص الطبقة الوسطى فعليًّا في عشرة بلدان أخرى.11 في عام ٢٠١١، تساءل فرانسيس فوكوياما: «ماذا لو أدّى المزيد من التطوّر التكنولوجي والعولمة إلى تقويض الطبقة الوسطى، وجَعَلَ الوصول إلى المكانة الاجتماعية للطبقة الوسطى مستحيلًا بالنسبة لغالبية المواطنين في المجتمعات المتقدّمة؟ وفي الواقع، هناك إشارات جمّة إلى بدء هذه المرحلة من التطوّر بالفعل». ثمّ أثار فوكوياما مخاوف أكبر ترتبط بمدى قدرة «الديموقراطية الليبرالية على النجاة من انهيار الطبقة الوسطى».12

ارتابت «منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية» من زيادة انعدام المساواة في البلدان الغنيّة منذ إصدارها تقريرًا بعنوان «نموّ غير متكافئ؟» في عام ٢٠٠٨، لكن استغرق الأمر أكثر من عقد قبل أن تركّز على الصعوبات التي تواجهها الطبقة الوسطى. ففي عام ٢٠١٨، قدّمت لمحة عامّة عن وجهات نظر الطبقة الوسطى القاتمة حول الحراك الاجتماعي والموقع الاجتماعي والاقتصادي مقارنةً بآراء آبائهم وآفاقهم المستقبلية،13 وتبع ذلك إصدارُ دراسة موسّعة في عام ٢٠١٩ بعنوان «تحت الضغط: الطبقة الوسطى المأزومة» – ومن دون إضافة علامة استفهام حتّى – وقد استخدمت نطاق ٧٥-٢٠٠ في المئة من متوسّط الدخل المتاح كتعريف للطبقة الوسطى، بحيث تبيّن على أثرها تقلّص حصّة الطبقة الوسطى من مجمل عدد السكّان في بلدان منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أي العالم الغني – من ٦٤ إلى ٦١ في المئة بالمتوسّط بين منتصف ثمانينيات القرن الماضي ومنتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة. بالتوازي، اتسعت الفجوة التي تفصل الطبقة الوسطى عن الأغنياء، وزاد دخل أغنى ١٠ في المئة من السكّان بأكثر من ثلث زيادة دخل الطبقة الوسطى. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت حصّة دخل الطبقة الوسطى بنحو ٥ نقاط مئوية وبأكثر من حصّتها من مجمل السكّان. تمثّلت النتيجة بارتفاع الديون، وبات ٢٠ في المئة من أسر الطبقة المتوسطة ينفق أكثر ممّا يكسب. تُعدُّ السويد الأبرز من حيث الضغط على الطبقة الوسطى، فقد انخفضت حصّتها من مجمل السكّان بنحو ٧ نقاط مئوية، وحصّتها من الدخل بنحو ١١ نقطة، في حين سجّلت الولايات المتحدة انخفاضًا بنحو ٤ و٩ نقاط على التوالي، فيما بقيت حصّة الطبقة الوسطى البريطانية من مجمل السكّان مستقرّة وخسرت ٥ نقاط من حصّتها من الدخل.14

يُعدُّ التطوّر الإيجابي الوحيد المُسجّل في بلدان الشمال هو زيادة نسبة انضمام الأفراد ما فوق سنّ الخامسة والستين من العمر إلى صفوف الطبقة متوسّطة الدخل، باستثناء الولايات المتحدة. بالنسبة لباقي السكّان، يرسم تقرير «تحت الضغط» صورة قاتمة ويخلص إلى أن «العديد من أسر الطبقة الوسطى تعتبر أن نظامنا الاجتماعي والاقتصادي غير عادل»، لأنهم لم يستفيدوا منه مثل فئات الدخل المرتفع. فضلًا عن أن «أسلوب حياة الطبقة الوسطى أصبح مكلفًا بشكل متزايد، لا سيّما نفقات السكن والتعليم الجيّد والرعاية الصحّية». إلى ذلك، تُعدُّ آفاق سوق العمل غير مؤكّدة بالنسبة إلى كثيرين في الطبقة الوسطى: فواحد من كلّ ستة عمّال متوسّطي الدخل يشغل وظيفة «مُهدّدة بالاستبدال بالمَكننة». لا يبشّر تقرير «تحت الضغط» بانتهاء العالم، ولا هو مروّع، على عكس تيّار «الرثاء الوطني» الذي سنلقي نظرة عليه أدناه، بل يعلّق بإيجاز على أنّ «حلم الطبقة الوسطى بالنسبة للكثيرين لم يعد سوى مجرّد حلم».15 فما الخطأ الذي حدث؟

بدأ تراجع الطبقة الوسطى في بلدان الشمال ابتداءً من الولايات المتحدة في أواخر سبعينيات القرن الماضي. وظهر هذه التطوّر للعموم من خلال عمل عدد قليل من المراقبين المتمرّسين في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، على الرغم من أن النتائج التي توصّلوا إليها رفضها قادةُ الرأي السائدون في حينها. في عام ١٩٨٦، نشرت الخبيرة الاقتصادية في الاحتياطي الفيدرالي، كاثرين برادبيري، ورقة بحثية بعنوان «الطبقة الوسطى المتقلّصة»، بيّنت انخفاضًا بنحو ٥ نقاط مئوية في نسبة الأسر التي يتراوح دخلها السنوي بين ٢٠,٠٠٠ و٥٠,٠٠٠ دولار أميركي بين عامي ١٩٧٣ و١٩٨٤، علمًا أن الحراك الاجتماعي العكسي تسبّب بأربع نقاط منها.16 إلى ذلك، وضع بينيت هاريسون وباري بلوستون في كتابهما الرائع «المنعطف العظيم» هذا الهبوط في سياق التطوّرات التاريخية داخل الرأسمالية الأميركية، أي انخفاض الأرباح بسبب المنافسة الأجنبية التي أدّت إلى تراجع التصنيع، وإعادة هيكلة الشركات وتمويلها، وتفريغ سوق العمل في الولايات المتّحدة واستقطابه. وتساءل المؤلفان: «هل تنذر هذه العوامل بنهاية الطبقة الوسطى في أميركا؟». كان ذلك في فترات سبقت الأوضاع الكارثية الشبيهة بنهاية العالم، فأجابا عندها بالنفي قائلَين: «الطبقة الوسطى في أميركا مرنة. يكافح العمّال للحفاظ على أجورهم ضدّ قوة التراجع عن التصنيع».17

استخدم فريق عملٍ في البيت الأبيض، شكّلته إدارة باراك أوباما لدراسة المشكلة، لغةً لطيفةً وحذرة، وعرّف «الطبقة الوسطى» مع التركيز الأيديولوجي على «التطلّعات» لتملّك منزل وتعليم الأطفال في الجامعات والحصول على ضمان صحّي ومعاش تقاعدي وإجازات عائلية. وبيّنت النتيجة الرئيسية أنه مع ارتفاع تكلفة الرعاية الصحّية والتعليم الجامعي والإسكان بوتيرة أسرع من الدخل، أصبح «الوصول إلى المكانة الاجتماعية للطبقة الوسطى أكثر صعوبة» بالنسبة للعديد من الأميركيين. وبعد سنوات، أصبحت هذه النغمة أكثر كارثية.18 ففي عام ٢٠١٧، حشد الخبير الاقتصادي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بيتر تيمن الأدلة الكافية لإظهار أن الطبقة الوسطى الأميركية – التي تُعرَّف على أنها تضمّ الذين يتقاضون بين ٦٧ و٢٠٠ في المئة من متوسّط الدخل في الولايات المتحدة – آخذةً في التلاشي؛ إذ انخفضت حصّتها من الدخل من ٦٣ إلى ٤٣ في المئة بين عامي ١٩٧٠ و٢٠١٤. تركت هذه الفجوة الوسطى الاقتصاد الأميركي في ازدواجية، بالمعنى الذي قصده آرثر لويس في تحليله لرأسمالية العالم الثالث، أي بوجود قطاع مالي وإلكتروني يضمّ نحو ٢٠ في المئة من السكّان ويتحكّم بقواعد الاقتصاد، في حين يؤوي قطاع الأجور المنخفضة الـ٨٠ في المئة المتبقية من السكان.19

اكتُشِفت الآثار المترتّبة عن التحوّل الجديد للرأسمالية بالنسبة للطبقات الوسطى الأوروبية في وقت متأخّر نسبيًّا.20 لم تطارِد كوابيس الطبقة الوسطى الكتّاب الأوروبيين قبل العقد الماضي، فهي لم تظهر إلّا بعد الانهيار المالي عام ٢٠٠٨. في المملكة المتحدة، فُجِع مدير مركز تفكير راديكالي بتقريرٍ عنوانه: «إفلاس: من قتل الطبقات الوسطى؟» يتحدّث عن «إفقار» هذه الطبقات و«تآكلها»، ويحذّر من أن «الدمار الذي لحق بالطبقات العاملة أصبح الآن في انتظار الطبقة الوسطى»، وتساءل عما إذا كان هذا الواقع سيثبت صوابية أفكار ماركس أخيرًا. وأكثر من ذلك، ربّما تبلغ الرأسمالية ذروتها بتحويلها الطبقات الوسطى إلى بروليتاريا. في ألمانيا، أعلن الصحافي دانيال غوفار عن «نهاية الطبقة الوسطى» – التي تعرَّف هناك بالّذين يتقاضون بين ٧٠ و١٥٠ في المئة من متوسّط الدخل – إذ انخفضت من ٤٨ إلى ٤١ في المئة من مجمل عدد السكّان بين عامي ١٩٩١ و٢٠١٥، ومن المتوقّع أن تتأثّر أكثر بنتيجة تهديد الرقمنة الذي يلوح بالأفق على التوظيف. في فرنسا، أعلن عالم الجغرافيا الاجتماعية كريستوف غيلوي عن «نهاية الطبقة الوسطى الغربية»، التي يعتبرها بالأساس مفهومًا «ثقافيًّا»، ويقاس اختفاؤها «بفقدان المكانة الاجتماعية» التي تجسّد نمط الحياة الأوروبي أو الأميركي؛ وقد جرى تخفيض تصنيف «الفئات الشعبية التي تضمّ العاملين والموظّفين» من «فئة المرغوبين إلى فئة المنبوذين».21

الطبقات الوسطى تحت المجهر

صادفنا في هذا الاستعراض الموجز للأدبيات تعريفات مُحيّرة لما يُسمّى «الطبقة الوسطى»، إذ يبدو واضحًا أنه ليس بالتعريف السهل بحسب فيريرا وزملائه في البنك الدولي في دراستهم عن أميركا اللاتينية.22 ومع أنّ التعريفات من هذا النوع ليست صحيحة أو خاطئة، إلّا أنها قد تكون منيرة أو مشوّشة بحسب استخدامها التاريخي أو الاستنسابي، وقد تحمل معاني منحازة عند استخدامها باللغة المحكية. بعبارة أخرى، تحتاج المفاهيم الكامنة وراء هذه الأحلام والكوابيس إلى وضعها تحت المجهر.

يستند عالم أحلام الطبقة الوسطى في الجنوب العالمي إلى علاقة تفاضلية بين الطبقة الوسطى والفقر حيث يكون صعود الأولى الوجهَ الآخر لانخفاض الثاني، والعكس صحيح. لكن كما ذكرنا سابقًا، هذه هي النظرة الحرفية للمصرفيين ولمستشاري الشركات – أمثال غولدمان ساكس وماكينزي وبنوك تنمية الشركات والبنك الدولي – الذين يؤطّرون العالم بطريقة غريبة، وقد يتوسّعون في بعض الأحيان، لكنهم لا يرون سوى عوالم التجارة والاستهلاك، ويغيب عن نظرهم المنتجون والطبقة العاملة والعلاقات الاجتماعية.

في منظور المصرفيين، يُعرَّف كلّ من «الطبقة الوسطى» و«الفقر» بالمال حصرًا، بحيث يتحوّل العلائقي والنسبي إلى مطلق وينقلب رأسًا على عقب. يُعدّ مفهوم الطبقة الوسطى مفهومًا نسبيًّا من حيث الجوهر وهو يدلّ على شريحة تقع بين شريحتين على الأقل، فيما يعني الفقر امتلاك موارد أقل مقارنةً مع آخرين، وهذا ما تبيّنه حقيقة اختلاف خطوط الفقر بين الدول الغنية والفقيرة. وبهذا المعنى، الفقر نسبيّ أيضًا. يحمل هذا الخطاب دوافع سياسية واقتصادية لتفريغ هذه المصطلحات من معناها السوسيولوجي بتضخيم واحدهما وتقليص الآخر. إلّا أنّ استخدام المفاهيم الرائجة مثل «الطبقة الوسطى» مع تعريفاتٍ تقنية متخصّصة قد يكون مضلّلًا، ما يجعل التعامل مع هذا المفهوم، ذي النشأة التاريخية والصبغة السياسية، بهذه الطريقة أمرًا أرعن أو مخادعًا. يتضمّن التعريف الشائع «للطبقة الوسطى» في الجنوب العالمي – أو «القطاعات الوسطى» لنكون أكثر حذرًا في التسمية – الباعة المتجوّلين والمياومين والعمّال الذين لا يملكون عقود عمل أو حقوقًا ويعيشون بنحو ٢ إلى ٤ دولارات يوميًّا. في دول أميركا اللاتينية المندرجة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يعمل ٦٠ في المئة من «القطاعات الوسطى» في الاقتصاد غير الرسمي.23 من الواضح أنّ تمييز العمّال في فلك الطبقة الوسطى في عالم الأحلام الجنوبي يتطلّب قدرة عقلية استثنائية.

سأل أبجيت بانيرجي وإيستر دوفالو في دراستهما عام ٢٠٠٨: «ما هي الطبقة الوسطى قياسًا إلى الطبقات الوسطى العالمية؟» وبعد البحث عن الأسر التي ينفق أفرادها ٢ إلى ١٠ دولارات يوميًّا، والاعتماد على أبحاث مستفيضة عن العالم الثالث، وجدا أنّه على الرغم من وجود العديد من روّاد الأعمال في الطبقة الوسطى، إلا أنّ معظمهم ليسوا مرشّحين لأن يكونوا رأسماليين. صحيح أنهم يديرون شركات وأعمالًا، لكنّ معظمهم لا يزال فقيرًا. فما أهمية ذلك؟ يقودنا هذا الواقع إلى فكرة «الوظيفة الجيّدة»، التي لطالما عارضها الاقتصاديون. ويخلص بانيرجي ودوفالو إلى أنّ «ما من شيء أدلّ على الطبقة الوسطى أكثر من امتلاك وظيفة مجزية».24

يشير منطق عالم الأحلام الجنوبي إلى أنّ توسّع «الطبقات الوسطى» يعني الاقتراب من نهاية الفقر، على غرار ما يُزعم حصولُه في مناطق عدة في الشمال. ينفي البنك الدولي وجود الفقر في أوروبا – والذي يقاس عبر العيش بأقل من ٣.٢ دولارات في اليوم – إذ تبلغ نسبة الفقر في كلّ من فرنسا وألمانيا وبريطانيا صفرًا في المئة، في حين لا تتجاوز ١ في المئة في السويد. في المقابل، عند النظر إلى مؤشّرات أوسع، يرى اقتصاديو يوروستات أنّ ٢٢ في المئة من سكّان الاتحاد الأوروبي «مهدّدون بالفقر والتهميش الاجتماعي».25 فالفقر مفهوم اجتماعي، لا هو بيولوجي ولا هو مبلغ من المال تحت خطّ معيّن يعيش عليه المرء، إنه علائقي في جوهره ويشير إلى الموارد المتاحة، بمعزل عن تعريفه بطريقة «مطلقة»، أي بناءً على مستوى نقدي محدّد، أو بطريقة «نسبية»، أي تحت نسبة معيّنة من السكان.

في حال بدا صعود الطبقة الوسطى في الجنوب أقل تفاؤلًا، فإنّ نهايتها المرعبة في الشمال تبدو أقل فجائعيّة. انخفضت الطبقات الوسطى في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية – والتي تُعرّف بمَن يتراوح دخله بين ٧٥ و٢٠٠ في المئة من متوسط الدخل – منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي من ٦٤ إلى ٦١ في المئة من السكّان، في حين انخفضت حصتها من الدخل القومي بنحو ٥ في المئة. كانت السويد والولايات المتحدة مركز ذلك الانحدار، حيث انخفضت حصة الطبقة الوسطى من الدخل فيهما بنحو ١١ و٩ في المئة على التوالي، مع ذلك لم تشهد السويد بعد الخطابَ عن «كابوس الطبقة الوسطى». في المقابل، ازدادت الطبقة الوسطى (قليلًا) خلال الفترة نفسها في فرنسا وأيرلندا والدنمارك.26 في الواقع، يواجه الشباب والمراهقون في الشمال عوائق أمام متابعة التعليم العالي والعثور على سكن بسبب ارتفاع الرسوم الجامعية وتسليع السكن. لكنّ أدبيات الطبقة الوسطى تعجز عن رؤية ما تنتجه الرأسمالية ما بعد الصناعية من لا مساواة منهجية، وما خطابها إلّا كابوسًا لطبقةٍ تحاول عزل نفسها عن هذه الديناميات. لكن إلى أيّ الجهات سوف تميل هذه الديناميات؟

تَلاقي الطرق إلى اللامساواة

إذ أعدنا صياغة عبارة أوسكار وايلد عن إنكلترا وأميركا يمكننا القول إن هناك طبقة مشتركة تقسم عالم الشمال عن عالم الجنوب.

تشير الدلائل إلى أنّ هذه «الطبقات الوسطى» تتلاقى على الطريق السريع للّامساواة الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين. الطبقات الجنوبية قادمة من الفقر، والطبقات الشمالية من الراحة النسبية، لكن يبدو أنّ كلتيهما ستتلاقيان، وستكافحان وتواصلان السعي– وقد تخلّت عنهما برجوازية تزداد ثراءً– وتقيمان علاقات غير مستقرة مع الطبقات الشعبية من العمّال والفئات المتقلقلة والعاطلين من العمل. وعلى الرغم من أنّ هذه الطبقات منقسمة على الصعيد الوطني، إلا أنّها تعيش في مناخ القلق نفسه (وتواجه الأخطار المنتشرة نفسها). تبرز بعض الاتجاهات بوضوح وإنْ اقتصر بحثنا على الحصة من الدخل.

على الرغم من أنّ دراسة رافاليون الصادرة عن البنك الدولي اعتمدت خطّ الفقر الأميركي حدًّا أعلى للطبقة الوسطى في الجنوب، إلا أنّ المسار الحالي للفقر في الولايات المتحدة وآفاقه الاجتماعية يُنبئان بشيءٍ ما عن مستقبل الطبقات الوسطى «الصاعدة» في الجنوب. إن الفئة الأفقر في الولايات المتحدة، التي تشكّل ٢٠ في المئة من الشعب الأميركي، تعادل «الطبقات الوسطى» في الجنوب.27 وكما يبيّن الجدول (١)، فإنّ هؤلاء كانوا منذ عام ١٩٨٠ في حالة تراجع حادّ. وما يسمّيه فريق طوما بيكتي في «المختبر العالمي لدعم المساواة»، «الـ٤٠ في المئة الوسطى»– وهي المراتب الوسطى والعليا من الطبقة الوسطى الأميركية– قد خسرت بعضًا من دخلها لصالح الأثرياء أو بالمعنى الأدق لصالح البرجوازية. في الواقع، تُعدّ التغيرات الأميركية متطرّفة لكنها ليست فريدة. بين عامي ١٩٨٥ و٢٠١٧، خسرت شريحة «الـ٤٠ في المئة الوسطى» في بريطانيا أربع نقاط مئوية من حصتها في الدخل في حين ازدادت حصة شريحة الـ١٠ في المئة الأعلى بنحو ٥ نقاط. وفي ألمانيا، استولت شريحة الـ١٠ في المئة الأعلى على ٨ نقاط مئوية إضافية من الدخل القومي، في حين خسرت شريحة الـ٤٠ في المئة الوسطى نقطة واحدة. وفي فرنسا، خسرت هذه الشريحة نقطتين، واكتسبت شريحة الـ١٠ في المئة الأعلى ٣ نقاط.28

إذًا، تشير التجربة الشمالية إلى أنّ المرحلة التالية للفقر هي زيادة اللامساواة التي تمثّل للطرف الخاسر نوعًا آخرَ من الفقر– أي الإحساس بعدم امتلاك سوى موارد شحيحة لعيش الحياة بأقلّ الإمكانات– وهو ما تعترف به ضمنًا السلطات الحاكمة في الشمال. فهل ينتظر الطبقات الوسطى في الجنوب مصيرٌ مماثل؟ الجدير ذكره أنّ عالم الشمال شهد فترة «نموّ شامل» (أي نموّ مع تقلّص في اللامساواة) منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي وحتى ثمانينياته خلال الفترة الذهبية للحركة العمّالية. وفي حين يتعمّد حالمو الطبقات الوسطى في الجنوب محو ذكرى ذاك الزمن، يبقى السؤال الواجب طرحه: هل هناك مساواة تلوح في أفق الجنوب؟ تتطلّب الإجابة المعمّقة عن هذا السؤال ورقةً بحثيةً أخرى، لكنّ الاتجاهات التوزيعية الراهنة في الصين والهند، والمبيّنة في الجدول (٢)، تشير إلى تلاقٍ متزامن على طريق اللامساواة المتزايدة. بعبارة أخرى، يبدو أنّ أحلام الأمس في الجنوب قد تتحوّل إلى كوابيس شبيهة بكوابيس الشمال.

في الصين والهند، مَعاقل «الطبقة الوسطى الصاعدة»، تتراجع شريحة الـ٤٠ في المئة الوسطى: ويقلّ معدل نموّ دخل شريحة الـ٥٠ في المئة الأدنى من السكّان عن نصف المعدّل القومي العام. وفي الهند، كان معدل نموّ شريحة الـ٤٠ في المئة الوسطى مساويًا لنصف المتوسّط القومي، بحيث باتت الهند النيوليبرالية بمثابة الولايات المتحدة للجنوب الدولي، حيث تسجّل منحًى تاريخيًّا من اللامساواة، فيما تعود حصة شريحة الـ١ في المئة الأعلى من الدخل إلى مستواها أيام الاستعمار في الثلاثينيات.29 ثم إنّ استبعاد شريحة الـ٥٠ في المئة الأدنى في الولايات المتحدة من تقاسم مكاسب النمو الاقتصادي على مدار الثلاثين عامًا الماضية، يشير إلى أمر مهمّ عن الديموقراطية الرأسمالية.

يوضح الجدول (٣) المستقبل المحتمل للطبقات الوسطى في الجنوب في ظلّ النظام العالمي القائم.30 لا بدّ من مراعاة أنّ الأرقام الخاصة بدول الشمال تعكس الدخل المُتاح بعد حسم الضرائب والتحويلات: بعبارة أخرى، تتضمّن هذه الأرقام الآثار المتبقية لفترة المساواة بين ١٩٤٥ و١٩٨٠، التي لم يشهدها الجنوب يومًا، ولن يشهدها في ظل هذه الظروف.

التطورات في الصين والهند بالغة الأهمّية، لكن لا يمكن الافتراض بأنها تنسحب على الجنوب بكامله. لا تزال البيانات التجريبية لدول كبيرة عدة في آسيا وأفريقيا ناقصة، لكن الأرقام المتاحة تشي بالتنوّع إلى حدّ ما. في البرازيل، زاد دخل النصف الأدنى من السكّان، في ظل حكومة حزب الشغيلة، بوتيرة أسرع من الدخل القومي، لكن شريحة الـ١٠ في المئة الأعلى استحوذت على ٥٨ في المئة من مجمل نموّ الدخل فيما حصلت شريحة الـ٥٠ في المئة الأدنى على ١٦ في المئة فقط منه.31 وفي جنوب أفريقيا، استفحلت اللامساواة بعد زوال نظام الفصل العنصري، بحيث خسر النصفُ الأدنى والطبقةُ الوسطى العليا (أي الـ٥٠ في المئة إلى الـ٩٠ في المئة من السكان) نحو ١٠ نقاط مئوية من حصتيهما في الدخل القومي لصالح شريحة الـ١٠ في المئة الأعلى. وكذلك في نيجيريا، تكبّدت شريحة الـ٩٠ في المئة الأدنى خسارة كبيرة لصالح الـ١٠ في المئة الأغنى. في المقابل، شهدت تركيا وتايلاند وماليزيا بعض المساواة الاقتصادية. أمّا توزّع الدخل في مصر فلم يشهد سوى تغيّرات طفيفة خلال العقود الثلاثة الماضية مع تركّز متزايد في دخل الشريحة العليا بحسب قاعدة بيانات «مختبر اللامساواة العالمية».32

الأهم في ما يتعلّق بالاتجاهات المستقبلية أنّه لا وجود لأي دليل على توجّه مساواتي مستدام في الجنوب. وهو ما ظهر في أميركا اللاتينية خلال العقد الأول من هذا القرن، ومن ثم كُبِح بالسياسات اليمينية بداية، ولاحقًا نتيجة تفشّي وباء كوفيد-١٩ في المكسيك.33 وفي حين تنتظر الأرجنتين وتشيلي جولات جديدة من المعارك بين المساواة والامتيازات، يبقى تزايد اللامساواة النتيجة الأكثر ترجيحًا في الوقت الحالي.

آفاق سياسية

الذين يأمَلون أنّ صعود الطبقات الوسطى سيأتي بمجتمع خيّر– انطلاقًا ممّا تسمّيه «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، «عدم تسامحها مع الفساد وثقتها في الآخرين»– يجب أن يضعوا في حسبانهم أنصار رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي من الشباب الطامح الذين وصفتهم سنيغدة بونام في كتابها «الحالمون»: وهم الطامحون من أبناء الطبقة الوسطى ممن يديرون عمليات نصب معقّدة عبر الإنترنت ومراكز الاتصال المجتمعي انطلاقًا من البلدات الهندية الصغيرة، أو ينشرون الروابط الملغومة أو يبيعون شهادات مزيّفة ووظائف مزيّفة أو يبتزّون المال من العجائز الأميركيين عبر تهديدهم بإفشاء مداخيلهم إلى «دائرة الإيرادات الداخلية».34

يجب بالأحرى قراءة خطابات الطبقة الوسطى بطريقة تشخيصية بوصفها تعبيرًا عن سيرورات تطوّر أوسع. في الشمال، تتمثّل النقطة الرئيسة في أنّ أدبيات الطبقة الوسطى السائدة هي أدبيات نقدية في الأساس، مع أنها تنتقد التزايد الجاري في معدلات اللامساواة بطريقة مواربة. إنها سردية طبقةٍ مهمَلة هجرها نموذج قيادة اقتصادية وأسلوب حياة كانا في السابق محطّ إعجاب، وليست سردية طبقةٍ وسطى تُهدّدها النقابات العمّالية من أسفل أو مساعدات حكومية إلى الفقراء. بعبارة أخرى، إننا بصدد خطاب تقدّمي على الرغم ممّا يطرأ عليه أحيانًا من رثاء ذاتيّ أبوكاليبسي، ولعلّه يدلّل على قاعدة عريضة محتملة تؤيد الضرائب التصاعدية. وكما يُبيّن منشور «تحت الضغط: الطبقة الوسطى المأزومة» الصادر عن «منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، فإنّ «الضغط» على الطبقة الوسطى في الشمال يؤثّر بالأساس في جيل الشباب ومواليد ما بعد ١٩٧٥- ١٩٨٠35، وهو الجيل نفسه الذي اصطفّ خلف الحملات الانتخابية لكوربين وساندرز التي لاقت نجاحًا لم يكن متوقعًا.

يشكِّل مجال العمل أرضيةَ لقاء أخرى لليسار والحركة العمّالية وموظّفي الطبقة الوسطى. يبرز تناقض متنامٍ بين مفهوم الطبقة الوسطى المهنية من المعلّمين وموظّفي القطاع الصحّي والقطاع العام والخدمة المدنية، من جهة، وبين المفهوم الرأسمالي الإداري، الآخذ في الانتشار، عن العمل من أجل الربح، من جهة أخرى. يمثِّل المفهوم الثاني، ويجب أن يمثِّل، إهانةً لكل صاحب مهنة حقيقي يفخر باكتسابه خبرة جديدة ويُسعَد بقيمة عمله. من المرجّح أن تضرب الثورة الرقمية الوليدة أصحاب المهن بشدّة وكذلك أصحاب الياقات البيضاء. كما بدأت حركة بيئية واسعة من الطبقة الوسطى تصطدم بنزعة التراكم لدى شركات التطوير العقاري وشركات الصناعات الاستخراجية ومنتجي التلوث. ينتمي نمو «الطبقة الوسطى» في الجنوب، بصرف النظر عن تعريفها، إلى تغير اجتماعي سريع وواسع النطاق لن يخلق مجتمعًا متمحورًا حول الصناعة يشبه ما ظهر في الشمال، أي مجتمعًا متمحورًا في سياسته واقتصاده حول الطبقة العاملة الصناعية. لقد أخذت أعداد العمالة في الصناعة والتصنيع تتناقص في آسيا وأميركا الجنوبية، ومن المستبعد أن تتجاوز معدّلاتها الحالية في آسيا وأفريقيا.36 لهذا، ستكون التركيبة الاجتماعية للقوى المطالبة بالمساواة والعدالة الاجتماعية مختلفة هذه المرة.

من الواضح أنّ فيروس كوفيد-١٩ بات مولِّدًا كبيرًا للّامساواة، يتجلى في التمييز الصارخ داخل الطبقات وفي ما بينها، وبين الرجال والنساء، والأجيال والجماعات العرقية. ما يعنيه هذا للأحلام والكوابيس هو أنّ تلاقي الطبقات الوسطى في الشمال والجنوب على طريق اللامساواة القاتم سيتسارع. إن تخلّي رأس المال الرقمي عن هذه وتلك، الذي تقوده «أمازون» و«مايكروسوفت»، تضخّم مرارًا وتكرارًا. لقد تعرّض معظم أبناء الطبقة الوسطى في الشمال وأصحاب الأعمال الصغيرة وروّاد الأعمال المستقلون للخسارة أثناء أزمة كوفيد-١٩. وأكثر من ذلك، من المرجّح أن يسقط في براثن الفقر المُدقع مجدّدًا عمّال القطاعات غير النظامية في الجنوب، ممن يتقاضون بين ٢ و٦ دولارات يوميًّا، والذين يفتَرَض احتسابهم ضمن الطبقة الوسطى. في المقابل، لم يتأثّر المديرون والبيروقراطيون والمهنيون من الطبقة الوسطى العليا بأزمة كوفيد إلى حدّ ما، في الشمال والجنوب على حدّ سواء، بل احتفظوا برواتبهم والعمل الآمن من المنزل.

قسمت الجائحة الطبقة الوسطى، في حين تزداد الفجوة بين شريحتها العليا والبرجوازية الحقيقية بسبب سطوة الأخيرة على مليارات الدولارات التي نثرت للتحفيز الاقتصادي خلال تفشي الجائحة.37 يتمّ إحباط تطلّعات الطبقة الوسطى في كلّ من الشمال والجنوب نتيجة ارتفاع معدّلات البطالة بين الشباب. لقد توقّفت «مسيرة» الطبقة الوسطى الجنوبية، أيًّا كان تعريفها. ومن ناحية أخرى، من المرجّح استمرار الكوابيس الشمالية. قد يبدو الانشغال المحموم بالاستهلاك في خطاب الطبقة الوسطى السائد تافهًا في ظلّ تفشي وباء كوفيد-١٩ ومخاوف تغيّر المناخ.

تخرج عن نطاق هذه الورقة عدة أسئلة هامة تدور حول كيفية تشكُّل الطبقة الوسطى المعاصرة وتطورها الاجتماعي وإمكاناتها السياسية. لكن في الوقت الراهن، ما الذي يمكن استنتاجه؟ أولًا، لا يمكننا فهم العالم إلّا من خلال اختلافاته وتفاوتاته ومن منظور شامل. وفي حال فشلنا، سيبدو العالم مختلفًا بحسب زاوية النظر، وهكذا قد يبدو مشهدٌ ما في الشمال مقلوبًا في الجنوب، والعكس بالعكس. ثانيًا، تمتّعت الطبقة الوسطى بمركزية خطابية في بداية القرن الحادي والعشرين شأنها في هذا شأن الطبقة العاملة قبل قرن. يجب قراءة هذا من زاوية تشخيصية بوصفه مؤشرًا على تغيّر اجتماعي عميق، وزاوية نقدية، بوصفه إيديولوجية رأسمالية المستهلك. ثالثًا، يتّسم خطاب الطبقة الوسطى المنتشر بكونه إيديولوجيًّا بعمق، إنْ لم يكن عن عمد، إذْ يفرط في تضخيمه لكيان غامض يحمل دلالات سياسية قوية – الطبقة الوسطى – ويصوّر عالمًا من المستهلكين بلا منتجين. رابعًا، هذا الخطاب مخادع أيضًا في تحويله الطبقة الوسطى والفقر إلى أشياء مطلقة. فالفقر نسبي دائمًا ويمثّل الطرف الخاسر في ظل التوزيع غير المتكافئ للموارد، أما توصيف الوسطى فيجب أن يكون منتصف شيء ما. أخيرًا، تتّجه الطبقات الوسطى الصاعدة في الجنوب إلى دوّامة اللامساواة الرأسمالية، ويبدو أنّها مستعدّة للتلاقي مع الطبقات الوسطى الأكثر تضرّرًا في الشمال. تمضي جائحة كورونا اليوم في تحطيم حلم الطبقة الوسطى في الجنوب وتسريع اتجاهات اللامساواة المعروضة أعلاه. أمّا إلى أين يقودنا كل هذا فلا يزال سؤالًا مفتوحًا.

ترجمة فيفيان عقيقي

  • 1. “The Middle of the Pyramid: Dynamics of the Middle Class in Africa”, AfDB Market Brief, 20 April 2011.
  • 2. Henning Melber, ‘“Somewhere above Poor but below Rich”: Explorations into the Species of the African Middle Class(es)’, in Melber, ed., The Rise of Africa’s Middle Class, London 2016, p. 3. وهناك مساهمة أخرى تستحق نظرة عامة وهي: James Thurlow, Danielle Resnick and Dumebi Ubogu, ‘Matching Concepts with Measurement: Who Belongs to Africa’s Middle Class?’, Journal of International Development, vol. 27, no. 5, July 2015.
  • 3. ‘Nestlé Cuts Africa Workforce as Middle-Class Growth Disappoints’, Financial Times, 17 June 2015; ‘Few and Far Between’, The Economist, 24 October 2015.
  • 4. Arturo León, et al., ‘Clases medias en América Latina: Una visión de sus cambios en las últimas dos décadas’, in Rolando Franco, Martín Hopenhayn and Arturo León, eds, La clase media en América Latina, Mexico City and Buenos Aires 2010, pp. 95FF.
  • 5. OECD, Latin American Economic Outlook 2011. How Middle-Class Is Latin America?, 3 December 2010, p. 15.
  • 6. OECD, Latin American Economic Outlook 2011, p. 62.
  • 7. Francisco H. G. Ferreira, et al., Economic Mobility and the Rise of the Latin American Middle Class, World Bank, 2013, pp. 136, 144ff.
  • 8. Luis F. López-Calva and Eduardo Ortiz-Juarez, ‘A Vulnerability Approach to the Definition of the Middle Class’, World Bank Working Paper 5902, December 2011.
  • 9. Ferreira et al., Economic Mobility and the Rise of the Latin American Middle Class, pp. 32–6, 147.
  • 10. Kharas, ‘Global Tipping Point’. لم أرَ أي كتابات له عن الطبقة الوسطى منذ بداية الجائحة.
  • 11. Anthony Atkinson and Andrea Brandolini, ‘On the Identification of the Middle Class’, in Janet Gornick and Markus Jäntti, eds, Income Inequality: Economic Disparities and the Middle Class in Affluent Countries, Stanford CA 2013, p. 95. في سياق هذا الانكماش، تُعرَّف الطبقة الوسطى بمن يعيشون ضمن هوامش محدّدة من متوسّط الدخل القومي (بين ٧٥ و١٢٥ في المئة من متوسط الدخل)، وتُعرّف أيضًا من خلال فترات أو هوامش أخرى أوسع. ص.٨٥.
  • 12. Francis Fukuyama, ‘The Future of History: Can Liberal Democracy Survive the Decline of the Middle Class?’, Foreign Affairs, Jan–Feb 2012, p. 7.
  • 13. OECD, A Broken Social Elevator? How to Promote Social Mobility, 15 June 2018.
  • 14. OECD, Under Pressure: The Squeezed Middle Class, 1 May 2019, pp. 13, 50.
  • 15. OECD, Under Pressure, pp. 32, 16, Table 2.2.
  • 16. Katherine Bradbury, ‘The Shrinking Middle Class’, New England Economic Review, Sept–Oct 1986.
  • 17. Bennett Harrison and Barry Bluestone, The Great U-Turn, New York 1988, p. 137. تجدر الإشارة إلى أنه في المصطلح الأميركي المعاصر تتضمّن الطبقة الوسطى غالبًا العمّال الصناعيين. راجع: William Kreml, America’s Middle Class: From Subsidy to Abandonment, Durham NC 1997
  • 18. Office of the Vice President, Middle Class Task Force, ‘Middle Class in America’, January 2010.
  • 19. Temin, The Vanishing Middle Class. يسلّط دانيال ماركوفيتس، الباحث في القانون بجامعة ييل، الضوء على مراكمة النخب الثرية للتعليم العالي المكلف بشكل متزايد، من مرحلة ما قبل المدرسة إلى الجامعة، وكيف أدّى هذا النوع من الكفاءة «إلى إقصاء غالبية المواطنين إلى هامش مجتمعاتهم، وإرسال أطفال الطبقة المتوسطة إلى مدارس عادية وغير إبداعية ووظائف من دون أفق»: The Meritocracy Trap, London 2019, pp. xiii–xiv.
  • 20. في عام ٢٠٠٢، ركّزت دراسة أوروبية شاملة ورئيسية عن «الطبقات الوسطى في أميركا وأوروبا واليابان» على «الضغط» الذي فرضته العولمة الاقتصادية على العقود الاجتماعية بعد الحرب لا على الأزمة أو حالة الانحدار التي تعاني منها هذه الطبقات؛ لم تذكَر نتائج بحوث هاريسون وبلوستون على الإطلاق. وعلى الرغم من إشارة أحد المحرّرين إلى «قلق الطبقة الوسطى» في أواخر التسعينيات، ورد ذكرُ اليابان وحدها بأنها تعاني من أزمة، في ورقةِ نعيٍ كتَبها المتخصّص في شؤون اليابان بجامعة هارفارد أندرو غوردون بعنوان «الحياة القصيرة السعيدة للطبقة الوسطى اليابانية» في فترة ما بعد الحرب. انظر: Olivier Zunz, Leonard Schoppa and Nohubiro Hiwatari, eds, Social Contracts under Stress, New York, 2002
  • 21. على التوالي: David Boyle, Broke: Who Killed the Middle Classes?, London 2013, pp. 315, 273; Daniel Goffart, Das Ende der Mittelschicht, Munich 2019, p. 36; Christophe Guilluy, No society: La fin de la classe moyenne occidentale, Paris 2018, pp. 77–9.
  • 22. Ferreira et al., Economic Mobility and the Rise of the Latin American Middle Class, p. 1.
  • 23. ‘Latin American Economic Outlook 2011’, p. 89.
  • 24. Abhijit Banerjee and Esther Duflo, ‘What is Middle Class about the Middle Classes around the World?’, Journal of Economic Perspectives, vol. 22, no. 2, 2008.
  • 25. Eurostat, ‘Europe 2020 Indicators—Poverty and Social Exclusion’, August 2019.
  • 26. OECD, Under Pressure, p. 19 and Figure 2.5.
  • 27. يشكّل الأميركيون الذين يصل دخلهم إلى ١٢٥ في المئة من خط الفقر الوطني (حاليًّا نحو ٢٦,٢٠٠ دولار أميركي سنويًّا للأسرة المكوّنة من أربعة أفراد) نحو ٢٠ في المئة من سكان الولايات المتحد..
  • 28. World Inequality Database, national tables.
  • 29. Facundo Alvaredo, et al., World Inequality Report 2018, World Inequality Lab, 2017, pp. 127FF.
  • 30. متوسطات الدخل في الجنوب غير مدرجة في قاعدة بيانات اللامساواة العالمية.
  • 31. Alvaredo, et al., World Inequality Report 2018, Table 2.11.3.
  • 32. World Inequality Database.
  • 33. أصدرت CEPAL تقريرًا بعنوان [The Hour of Equality]، سانتياغو، ٢٠١٠. أنظر أيضاً محاولتي الخاصة للتحليل: ‘Moments of Equality: Today’s Latin America in a Global Context’, in Barbara Fritz and Lena Lavinas, eds, A Moment of Equality for Latin America, Farnham 2015.
  • 34. Snigdha Poonam, Dreamers, Cambridge MA, 2018; انظر أيضًا: OECD, Under Pressure, p. 13.
  • 35. OECD, Under Pressure, pp. 55, 57. على الرغم من مناحة غيلوي وآخرين، إلّا أنّ الطبقة الوسطى الفرنسية حافظت على مكانتها الاقتصادية أفضل من الطبقات الوسطى في البلدان الغنية الأخرى، لكن آفاق الأجيال التي ولدت بعد عام ١٩٧٥ تبعت الاتجاه الانحداري السائد في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»: Louis Chauvel, Les Classes Moyennes à la dérive, Paris, 2006.
  • 36. Trade and Development Report 2016, United Nations Conference on Trade and Development, 21 September 2016; Dani Rodrik, ‘Premature Deindustrialisation’, NBER Working Paper 20935, February 2015; ‘Employment in Industry’, ILOSTAT, 2019.
  • 37. انظر:Robert Brenner, ‘Escalating Plunder’, NLR 123, May–June 2020 . انظر أيضًا: ‘Prospering in the Pandemic’, Financial Times, 18 June 2020. حقّق جيف بيزوس شخصيًّا ٣٤.٥ مليار دولار بحلول ٤ حزيران/ يونيو
العدد ٣٦ - ٢٠٢٣
أحلام أفريقيا وحذر أميركا اللاتينية وكوابيس بلدان الشمال

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.