العدد ٢٨-٢٩ - ٢٠٢٠

العلاقات اللبنانيّة–الأميركيّة

وثائق

١ —شيحا يقترح إصدار منشور ضدّ الشيوعيّة

وزارة الخارجيّة، واشنطن

التاريخ ٢٣ شباط/ فبراير ١٩٥٤

الموضوع: مقترح لترويج المُثُل الغربيّة

مقدّم من رايموند أ. هاير

 

تماشيًا مع سياستنا لتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة، تبحث السفارةُ على الدوام عن أفضل السبل لإيصال مُثُل العالم الحرّ إلى مدارك الذين هم أكثر تعرّضًا لتأثير الشيوعيّة. إنّنا نسعى إلى مقاربةٍ إيجابيّةٍ تتلاءم مع رغبات وطموحات السكان المحلّيين، على اعتبارها توفّر نتائجَ أفضلَ من أن تقتصر جهودُنا على الموضوع السلبيّ الذي هو مناهضة الشيوعيّة. لذلك، المطلوبُ تحليل ما الذي تريده الشعوب الأجنبيّة حقًّا، خصوصًا تلك الأشدّ انجذابًا للشيوعيّة. في التقرير رقم ١١٠، بتاريخ ٢٤ آب/ أغسطس ١٩٥٣، قدّمتْ محاولة لمثل هذا التحليل، خصوصًا بقصد أن نتعلّم كيف يمكن استخدام الانتفاضة الشاملة للعالم المسمّاةِ شعبيًّا «قوميّة» من أجل الترويج لهدف العالم الحرّ. وقد أبانتْ مقابلاتٌ أجريناها في حينها مع عدّة شخصيّاتٍ أنّ هذه التطلّعات لا تخلو من التعقيد، على أنّ الغلَبة أعطيتْ على العموم للتطلّعات المادّيّة، أي للرغبة في تحسين مستوى المعيشة. إنّ التقرير الحاليَّ يثير وجهًا آخرَ من أوجه تلك المسألة، ويُختتم على مُقترحٍ غير مُكلِفٍ قد يستحقّ التجربــــــة.

أجرى الضابط كاتبُ هذا التقرير حديثًا شخصيًّا طويلًا في هذه الأمور مع ميشال شيحا، الصحافيّ والمصرفيّ اللبنانيّ. والسيّد شيحا، من حيث خلفيّتُه، رجلٌ ميسور إلى حدٍّ كبير وفي سنِيه الخمسين. والرّهان الأثير في افتتاحيّاته هو التأكيد أنّ العالَمَ المُسلم، من طنجة إلى إندونيسيا، لا معنى له إثنيًّا أو سياسيًّا، وأنّه حريٌّ بالعالم العربيّ أن يكون أكثر تماهيًا مع الحضارة المتوسّطيّة. من هذا المنظار، يَسهل عليه القفزُ إلى دمج العالم العربيّ في منظومة الدفاع العسكريّة الغربيّة. لقد تحاشى [شيحا] تَسلّم المناصب السياسيّة، لكنّه شقيق زوجة رئيس الجمهوريّة السابق بشارة الخوري، الذي فَقدت حكومتُه الثقةَ عام ١٩٥٢، ويمكن وصفُه بأنّه واحد من «الخارجين»، مع أنّه يوجّه نقدًا معتدلًا للإدارة الحاليّة. إنه معروف كخبير آثارٍ وجامعِ تُحَف يعيش عيشة ترف كبير. ينتمي إلى مذهب الروم كاثوليك ويدعو إلى تسامُحٍ واسعٍ في أمور الدِّين ويقول إنّ العديد من الطوائف المسلمة والمسيحيّة ممثَّلة في حلقة المقرّبين الواسعة حوله، كما هو الحال في لبنان.

يقول السيّد شيحا: مع أنّ لبنان يحتاج إلى بعض المساعدة الماليّة من أميركا، إلا أنّ الحاجة الأكثر أساسيّةً للشعوب المتخلّفة عبر العالم هي إلى القيادة «الروحيّة» من الغرب عمومًا ومن الولايات المتحدة خصوصًا. ولا ينبغي أن يُفهم هذا بأيّ معنى «دينيّ» ضيّق، رغم أنه لا يستبعد استخدام الوسائط الدينيّة. وقدّم على ذلك ثلاثة أمثلة، ١) عندما جرى تقنين القمح والأحذية خلال الحرب، تخلّى معظم مسلمي لبنانَ عن بطاقات التموين الموزّعة عليهم لأنّهم لم يكونوا يرغبون فعلًا في هاتين المادّتين؛ ٢) وفي الهند، ما الذي كان مصدرَ قوّة غاندي؟ كان مصدرُ قوّته القيادة «الروحيّة» الشاملة، وها هو نهرو يواصل رسالته؛ ٣) لماذا يكسب الاتحاد السوفياتيّ في المعركة على عقول الناس؟ بسبب ديناميّة أفكاره، مهما تكن مغلوطة (لا بسبب أيّ منفعةٍ مادّية)، ولأنّ الغرب مقصّر في سدّ الحاجة «الروحيّة».

كيف التصرّفُ؟ يقترح السيّد شيحا أن نُصدر منشورًا بالعربيّة مكتوبًا بلغةٍ بسيطة وموجّهًا إلى الطبقات «الدنيا». وعليه التشديدُ على فكرتين، تُعرَض الأولى بإيجازٍ ويجري التبسّط بالثانية: أ) إثبات خَطَل العقيدة الشيوعيّة عن طريق استشهاداتٍ مباشرة من ماركس وستالين تبيّن كيف أنّ الاتحاد السوفياتيّ لا يريد السلام وإنّما يسعى إلى الثورة العالميّة؛ ب) ديناميّة المفهوم الغربي لكرامة الفرد: يجب تقديمُها على أنّها منسجمةٌ مع الدين بمعناه الواسع بما فيه الكفاية ليشمل جميع طوائف المسيحيّين والمسلمين بالضدّ من طابَع الشيوعيّة المعادي للدين. يمكن أن يكون مثلُ هذا المنشور متسلسلًا في ستّ حلقات أو حتى في اثنتي عشرة حلقة، وأن يوزّعَ بآلاف، بل بملايين النسّخ، و«تغذية عقول» الشعب به عن طريق «وكالة الولايات المتحدة للإعلام» (USIS) بالتعاون مع مجموعاتٍ دينيّة. يعتقد [شيحا] أنّ الدكتور شارل مالك قد يكون الشخصَ الوحيد الذي يستطيع أن يكتب مثلَ هذا النداء لأنه يجمع المعرفة بالنفسيّة العربيّة، والحماسةَ لمُثُل العالَم الحرّ، إضافةً إلى خبرته في الأسس الفلسفيّة لكلٍّ من الشيوعيّة والحرّيّة.

 

رايموند أ. هاير

 

٢—شارل مالك يطلب حمايةً أميركيّــــــة للبنان في وجه إسرائيل

في العام ١٩٤٥ عُيّن شارل مالك مندوبًا للبنان لدى الأمم المتحدة ثم سفيرًا لدى الولايات المتحدة بناءً على توصيةٍ من ميشال شيحا للرئيس بشارة الخوري. كانت تلك لحظةً إقليميّةً ودوليّةً حرجة تقاطرتْ فيها أحداثٌ دراميّة على البلد الصغير: اندلاع الحرب الباردة، بداية مشاريع الأحلاف العسكريّة ضد الشيوعيّة، قيام دولة إسرائيل، القطيعة الاقتصاديّة مع سورية، إلخ.

منذ نَيل لبنانَ استقلالَه وارتفاع الحماية الفرنسيّة عليه، أعلن ميشال شيحا أنّ لبنان لن يُحمى إلّا من الولايات المتحدة الأميركيّة، القوّة الصاعدة بعد الحرب العالميّة الثانية وقائدة «العالم الحرّ». لم يشاطرْه ذلك الاستشرافَ الملهَم معظمُ أفراد الطبقة الحاكمة وكتَله وقد توزّعتْ بعد قيام دولة إسرائيل تبحث عن الحماية بين لندن وباريس.

مهما يكن، تستدعي هذه المحادثةُ بين مالك ووزير الخارجيّة الأميركي دين آتشيسون، الملاحظات الآتية:

الأولى، في تعيينه المخاطرَ التي يتعرّض لها لبنان يُلاحَظ أنّ مالك يساوي

الخطر الإسرائيليَّ بخطر سورية والأردن (مشاريع الضّمّ الهاشميّة لسورية ولبنان).

الثانية، أنّ الضمانة الغربيّة المشتركة للأمر الواقعِ في المنطقة التي طالب بها مالك بما هي حمايةٌ ضد التوسّعيّة الإسرائيليّة، سوف تصدر في «البيان الثلاثيّ» الشهير الذي أعلنتْه أميركا وبريطانيا وفرنسا عام ١٩٥٠ وتضمّن تكريس الدول الثلاث لحدود اتفاقيّات الهدنة العربيّة الإسرائيليّة لعام ١٩٤٩، أي التكريس العمليّ لحدود الاحتلال الإسرائيليّ لفلسطين، إضافةً إلى إعلان وقف تزويد دول الشرق الأدنى بالسلاح.

النقطة الثالثة، التفسير الراجح للحذَر الذي يبديه الوزير الأميركيّ تجاه معاهدةٍ عسكريّةٍ أمنيّة أميركيّة مع لبنان هو أنّ الولايات المتحدة لا تزال تعتبر لبنان واقعًا ضمن منطقة النفوذ البريطاني.

 

«وزارة الخارجية

مذكّرة حديث

التاريخ: ٤ آذار/ مارس، ١٩٤٩

الموضوع: مقترحات من أجل تعزيز العلاقات اللبنانيّة الأميركيّة.

المشاركون:

  • – وزير الخارجيّة السيد آتشيسون
  • – الدكتور شارل مالك، وزير لبناني

NE- السيّد كلارك-

نسخ إلى: Ed, EUR, OFD, L/T، السفارة الأميركيّة في بيروت، السفارة الأميركيّة في لندن، السفارة الأميركيّة في باريس.

 

قال الوزير إنّه بالنيابة عن حكومته وبالأصالة عن نفسه يرغب في تهنئتي على تعييني، وإنّه يتمنّى لي النجاح الوفير. شكرْته على ملاحظاته اللطيفة وباشر الدكتور مالك نقاش النقاط التي أراد أن يقدّمها لنا للنظر فيها.

قال الدكتور مالك إنه خلال السنتين الماضيتين، كان على تواصلٍ مع وزارة الخارجيّة حول مشكلات الأمم المتحدة ذات الاهتمام العالمي. ومع أنّ تلك المشكلات كانت تهمّ لبنانَ أيضًا إلا أنه يرغب الآن في نقاش العلاقات اللبنانيّة الأميركيّة خصوصًا، لأنّه مقتنعٌ بأنّ تعزيز تلك العلاقات يخدم المصالحَ بعيدة المدى للبلدين. وذكَر أنّه قد صيغتْ مسوّدة لـ«معاهدة تجارة وصداقة» [بين البلدين] منذ عدة سنوات إلا أنه لم يوقّع عليها بتاتًا. وما يرغب في اقتراحه يتعدّى بكثيرٍ بنودَ تلك المعاهدة.

قال الدكتور مالك إن لبنان يتذكّر بعرفان جميلٍ الاهتمامَ الحيَّ الذي عبّرت عنه الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس [فرانكلين] روزفلت، تجاه تحقيق لبنان لاستقلاله، خصوصًا خلال أزمة [حكومة] «فرنسا الحرّة» عام ١٩٤٣. إلى ذلك، يستعيد لبنانُ ما يقارب قرنًا من الدعم الأميركيّ المخْلص الذي قدّمتْه منظماتٌ خيريّة ودينيّة أميركيّة أسهمتْ أيّما إسهامٍ في التقدّم التربويّ والثقافيّ للبنان وكامل الشرق الأدنى. وأعلن أنّ لبنانَ فريد في عموم آسيا، وربما أفريقيا أيضًا، بما هو بلدٌ شرقيٌّ يتماهى مع الحضارة المسيحيّة الغربيّة. إلا أنّه يتعرّض، بسبب ذلك الموقع الفريد، لتهديداتٍ من قوى تفوقه قدرةً صادرة عن الداخل الإسلامي العربي إلى الشرق وعن دولة إسرائيل إلى الغرب. وهو يشعر بأنّ التهديدَ الصادرَ عن هذين المصدرين حقيقيٌّ وخطير، وأنّه ليس في مصلحة الولايات المتحدة البعيدة المدى أن تشاهد ابتلاعَ لبنانَ من أيٍّ منهما، أكان من دولة عربية مثل سورية أم شرق الأردن، من جهة الشرق، حسبما يُسمع أحيانًا أنه قيد البحث في هذه الأيّام، أم من الدولة اليهوديّة من جهة الجنوب. إنّ لبنانَ يحتاج إلى حماية الدول الغربية المسيحيّة التي يتماهى معها في الثقافة والدين.

سألتُ ما إذا كان اللبنانيّون يعتبرون دولة إسرائيل تشكل خطرًا حقيقيًّا، وإذا كان الأمر كذلك، فبأيّ شكل وإلى أيّ مدى؟ هل هو الخوفُ من الهجرة اليهودية المستمرّة إلى فلسطين، أم هو أكثر من ذلك؟ أجاب بأنّ اللبنانيّين يشعرون بخوفٍ كبير من إسرائيل وأنّ هذا الخوفَ تتشارك فيه سائرُ البلدان العربية في منطقة الشرق الأدنى. إنّ استمرار الهجرة اليهوديّة سوف يزيد من قدرات إسرائيل، ولا شكّ، لكنّ إسرائيل تشكل أصلاً عنصرًا جديدًا واسع النفوذ في شؤون الشرق الأوسط. فمثلاً، لليهود أصدقاءُ أقوياءُ أينما كان في العالم، بما فيه في البلدان الرئيسة. إنّ الصهيونيّة قوّة ديناميّة، وشعب إسرائيل شعبٌ نشِطٌ ويملك قدراتٍ صناعيّةً وغيرَ صناعيّة أكبر بكثير ممّا يملكه العربُ الآن.

وأردف قائلاً إنه بما أني طرحتُ السؤال، فهو يرغب في التعبير عن اقتناعه العميق بأنّه ما لم تتبدّدْ مخاوفُ العالم العربيّ، التي وصفَها للتوّ، بواسطة ضمانةٍ إيجابيّة معيّنة من الدول العظمى، وخصوصًا الولايات المتحدة، فإن السلام والرفاه في الشرق الأدنى سوف يظلّان موضع شكّ. واقترح أنّه سيساعد كثيرًا إذا أصدرتْ حكومةُ الولايات المتحدة الأميركيّة، والمفضّل أن يكون بيانًا يصدره رئيس الجمهوريّة، يعلن وجوب المحافظة على الأمر الواقع في الشرق الأدنى وأنه لن يُسَمح لإسرائيل بمزيدٍ من التوسّع. وأنه بهذا الصدد، يودّ التعبيرَ أيضًا عن إيمانه بأنّ أهمَّ شرطٍ مُسبقٍ لقيام سلْم راسخ ودائمٍ في الشرق الأدنى هو أن تتوافق الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على سياسةٍ مشتركة لحلٍّ سياسيٍّ لأبرز المشكلات وعلى خطط التنمية الاقتصاديّة والثقافيّة للمنطقة برمّتها. شكرتُه على اقتراحه بصدد التشاور مع بريطانيا وفرنسا وقلت له إنّه سوف نعيره كامل اهتمامنا.

في عودةٍ إلى مقترحاته عن توثيق العلاقات بين لبنان والولايات المتحدة، قال الدكتور مالك إنّ لبنان، بحكم موقعه الفريد ذي الوجهة الغربيّة في العالم العربي، سوف يبقى في حاجةٍ إلى أقوى دعمٍ من دولةٍ غربيّة ما، وهو يأمل أن يأتيَ ذلك الدعمُ من الولايات المتحدة. وفي حال جرى تخييب أمله هذا، يرى الدكتور مالك شخصيًّا أنْ يلتفت لبنانُ، في تلك الحالة، إلى مصدرٍ آخَرَ للدعم الإيجابيّ، كفرنسا وبريطانيا العظمى مثلاً. أجبتُ بأنّني أعتقد أنّ الدكتور مالك قد وصف مصلحة الولايات المتحدة في لبنانَ بطريقة صحيحة وأنّنا سنواصل البحث في سبل تعزيز علاقاتنا الاقتصاديّة وسواها مع لبنان وسائر بلدان الشرق الأدنى. أشرتُ إلى أنّ مفهوم الشراكة بيننا وبين قوى أخرى لأغراضٍ دفاعيّة يشكل خروجًا جذريًّا عن سياساتنا التقليديّة وأنّي واثقٌ من أنّ الوزير يقدّر أنه يترتّب علينا التقدّمُ ببطء. قلت مثلاً إننا لم نستكملْ بعدُ نقاشاتنا بصدد «حلف شمال الأطلسي» المقترح وإنّ هذه المسألةَ سوف تستمرّ في الاستئثار باهتمامنا لبعض الوقت. وعلى الرغم من ذلك، يسرّنا أن نتحرّى مع الدكتور مالك عن أسباب المخاوف اللبنانيّة التي ذكرَها، وعن الإجراءات التي يمكن اعتمادُها لتبديد تلك المخاوف. أمّا بصدد قوله إنّ مثل تلك المقترحات يجب أن تتجاوز ترتيبات «معاهدة التجارة والنقل البحريّ» المقترحة، سألتُ عمّا إذا كان يرغب في إثارتها قبل المعاهدة أو أن يقترحَها خلال التحضيرات لعقد تلك المعاهدة. أجاب الدكتور مالك بأنه يتصوّر سلوك كلتا المقاربتين، بل جميع المقاربات حقًّا. قلت إني أعتقد أنه يجدر به أن يناقش المقترحات المحدَّدة التي يفكّر بها مع السيّد ساترثوايت (موظف في الخارجيّة) وسوف يسرّني أن أجدّد نقاشنا الشخصيَّ للمقترحات في الوقت المناسب.

قال الدكتور مالك إنّ لديه موضوعًا آخرَ يودّ مناقشتَه وهو المساعدة الماليّة التي يحتاج إليها اللبنانيّون أيّما حاجة. فقد تقدّم لبنان منذ فترةٍ بطلب قرضٍ من «البنك الدوليّ» وهو يأمل أن يستطيع لبنانُ الاعتمادَ على دعم الولايات المتحدة لهذا الطلب. أجبت بأنّ الدكتور مالك يعلم أنّ سياستَنا تعطي الأولويّة لمسألة إعادة تحقيق السلام في الشرق الأدنى. فما إن يتحقّق ذلك، سنكون في وضعٍ يسمح لنا بالنظر في برنامج المساعدة التقنية للمنطقة كلّها، كما ورد في «النقطة الرابعة» من خطاب الرئيس الافتتاحيّ. عند المغادرة، قال الدكتور مالك، انه سوف يتّصل بالسيّد ساترثوايت بناءً على اقتراحي ويناقش معه المقترحات المحدّدة التي يفكّر فيها من أجل تعزيز العلاقات اللبنانيّة الأميركيّة.

التوقيع: NEA: NE:HBCLARK/iy/em

كلارك

سرّي»

 

٣—فرنسيس كتّانة يطلب التعويض الأميركيّ عن خســــــــائر القطيعــــــــة الاقتصاديّــــــــة بين لبنان وسورية

فرنسيس كتّانة، أحد الأخوة من آل كتّانة، أصحاب شركات النقل البرّي التي تغطّي المنطقة ووكلاء شاحنات وسيّارات أميركيّة، يستحوذون على نصف وكالات الشركات الأميركيّة في لبنان والمنطقة.

آل كتّانة أعضاء في «الكونسورسيوم»، الحلقة الضيّقة من أسر رجال الأعمال المتصاهرين الملتفّين حول بشارة الخوري، رئيس جمهوريّة الاستقلال.

في هذا اللقاء، يطالب كتّانة بمساعدةٍ أميركيّة بقيمة خمسة ملايين دولار لتغطية خسائر لبنان الناجمة عن القطيعة الاقتصاديّة مع سورية. ويعرض في المقابل انضمام لبنانَ إلى الأحلاف العسكريّة الغربيّة ومنْح أميركا تسهيلاتٍ عسكريّة.

الطريفُ أنّ تقريرًا لاحقًا للدبلوماسيّين الذين التقوه يفيد بأنّ فرنسيس كتّانة، الذي يسكن في الولايات المتحدة، يرعى توظيف أموالٍ لخالته لور شيحا، عقيلة بشارة الخوري، في مصارفَ أميركيّة وقيمتها خمسة ملايين دولار!

 

«وزارة الخارجيّة

مذكّرة حديث

التاريخ: ١٠ أيار/ مايو، ١٩٤٩

الموضوع: اقتراحات لتعزيز العلاقات مع الولايات المتّحدة

المشاركون: السيد فرنسيس كتّانة

NEA السيّد ساترثويت

NE السيّد كلارك

 

في حديثٍ مع السيّد ساترثوايت والسيّد كلارك لاحقًا لنقاشه حول زيارته السابقة إلى الشرق الأدنى (انظر المذكّرة بتاريخ هذا اليوم بعنوان «زيارة السيد فرانسيس كتّانة إلى اليمن»)، قال السيد كتّانة إنه خلال وجوده في لبنان، تحدّث مسؤولون في الحكومة اللبنانيّة هناك عن رغبتهم في تلقّي مساعدة اقتصادية أميركية وعن الاستعداد لأن ينضمّ لبنانُ إلى جانب الولايات المتحدة لأغراضٍ دفاعيّة. وذكر أنه في حال قطع لبنان علاقاتِه مع سورية، أو العكس بالعكس، كما هو متوقّع، يقدّر أن يخسر لبنانُ مبلغًا كبيرًا، ممّا يدخله الآن من عملةٍ نادرة بسبب القطيعة الجمركيّة بين سورية ولبنان. قد ينتج من ذلك رصيدٌ سلبيٌّ قدْرُه حوالي خمسة ملايين دولار أميركي سنويًّا في ميزان المدفوعات اللبناني ولعدّة سنوات. فإذا كانت الولايات المتحدة مستعدّةً للتعويض عن هذا العجز بطريقة أو بأخرى، سوف يكون لبنان مستعدًّا لتوفير قواعد عسكريّة وبحْريّة للولايات المتحدة.

لاحظ السيّد كلارك أنه سبق أن جرى نقاشٌ حول هذه المسألة وأنّ جوابًا قد قُدّم إلى وزارة الخارجية اللبنانية وهو يعتقد أنه يجيب عن الاستفسار بشكل عام.

سرّي جدًّا»

العدد ٢٨-٢٩ - ٢٠٢٠
وثائق

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.