العدد ٢٨-٢٩ - ٢٠٢٠

عارف النعماني: رجل المال والاستقلال

عارف النعماني شخصيّة مخضرمة، عاصَرَ نهضة بلاد الشام والحركة الاستقلاليّة أواخرَ القرن التاسع عشر، وعايش الحرب العالمية الأولى ونهاية السلطنة العثمانيّة وشهد انطلاقة الثورة العربيّة. بلغ نشاطُه السياسيّ الوطني الذروة في ولادة لبنان الكبير وإبّان الانتداب الفرنسيّ. وُلد لدى أسرة من تجّار المانيفاتورة مع بريطانيا وكانتْ له متاجر في غير بلدٍ عربي، وكان من أوائل المبادرين إلى إنشاء قطاع النفط في الحجاز ومنه انتقل إلى تخطيط وتنفيذ مشاريع إنمائيّة عدّة في العراق.

ولد عارف النعماني في بيروت عام ١٨٨٣ التي تتمدّد شرقًا وجنوبًا متّكئةً على البحر شمالًا وغربًا. وهي المدينة التي توسّلت البحر الأبيضَ المتوسّط لتتنفّس وتتواصل مع العالم المتمدّن. نشأ في بيتٍ انعكستْ عليه محاسنُ ومنافع التقدّم التكنولوجي والاجتماعي والثقافي في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وتوافرتْ فيه الرفاهيّة والنعمة. تربّى في قصر أبيه عبد الرحمن بك النعماني الواقع بين المدرسة العثمانيّة العسكريّة في حوض الولاية ومدرسة «المقاصد للبنات» في الباشورة. عمل والدُه في تجارة المانيفاتورة للأقطان الخام والأصواف والحرير استيرادًا وتصديرًا باتّجاه مصرَ وبريطانيا مشاركًا آل بَيهم. والمانيفاتورة المادّة الأساسيّة في نموّ تجارة الساحل السوري وثراء الفئة الاجتماعيّة التي ارتبطتْ بها. وكان النعمانى شريك آل صبّاغ والنّحّاس في مستودعٍ للتنباك قرب الجمرك في خان البربير. وإلى ذلك، كان عبد الرحمن النعماني من مؤسِّسي جمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة — «الفجر الصادق» — في بيروت ومن أعضائها الدائمين وهدفُها إنشاء مدارس لتعليم الذكور والإناث.

درَسَ الطفل في مدرسة «الدياكونيز» البروسيّة الألمانيّة في بيروت وكانت له مربّية بروسيّةٌ ألمانيّة في البيت، وانتقل بعدها الى المدرسة البطريركيّة. وأهمّ ما في حياته تربيةُ والده له، معلّمِه الأول، ومشاركتُه له في دروب الحياة، فكان له خيرَ مدرسةٍ في بناء شخصيّته.

كان تطوُّر أعمالِ والدِ عارف خيرَ دليلٍ على انعكاس المتغيّرات الإيجابيّة في كل فروع الحياة الاقتصاديّة الماليّة والتجاريّة والمصرفيّة والائتمانيّة والصناعيّة والزراعيّة لمدينة بيروت وللجبل وللساحل بسبب التطوّرات في أداء مرفأ بيروت وما لَه ودَورها محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا الذي انعكس إيجابًا وازدهارًا على المرتبطين بها.

في أوائل القرن العشرين درس عارف في إحدى قلاع الثقافة الفرنسيّة في الشرق، «جامعة القديس يوسف اليسوعيّة» وفيها تعرّف إلى المستشرق هنري لامنس. منذ الانقلاب العثمانيّ 1908–1909، شارك كغيره من المتنوّرين العرب في محاولة التخلّص من بقايا نظام التخلف ومن أجل التغيير والدخول في حداثة القرن العشرين. ولامَسَ بحياته عسفَ السلطات العثمانيّة الاتحاديّة التي تَوَسّمَ أهالي بلاد الشام فيها خيرًا.

 

«حزب الاتّحاد والترقّي»

انتسب عارف النعماني إلى «نادي الاتحاد والترقّي» فرع بيروت عام 1908 لتقارُبِ أفكاره عن الحريّة والمساواة والعدالة والأخوّة مع الشعارات التي رفَعَها الاتحاديّون المطالِبون بتحقيقها من صلب موادّ الدستور واشترطوها على السلطان الحاكم. وشارك مع أعضاء النادي في التصدّي لحملة الحميديّين الرجعيّة (31 آذار/ مارس الشهيرة) عام 1909 التي قام بها غوغائيّون رعاع في بيروت بقيادة مشايخَ هاجموا فرع النادي. شارك عارف النعماني في نشاطات «جمعيّة بيروت الإصلاحيّة» إلى جانب عمّه حسن النعماني وأحمد مختار بَيْهم وسليم علي سلام وغيرهم من وجهاء بيروت وزعمائها، وكانتْ مشاركته مادّيّةً ومعنويّة في دعم الجمعيّات والأندية العربيّة. وعاش النعماني معارك العروبة ضدّ التتريك في بيروت ودمشق بوجه الاتحاديّين وكأنه في إسطمبول. وفي عام 1912 تقدّمتْ «جمعيّة بيروت الإصلاحيّة» إلى الوالي أدهم بك بلائحةٍ مطلوبةٍ لإصلاح حالة ولاية بيروت اقتصاديًّا وإداريًّا وماليًّا.

في الحرب الكونيّة الأولى

في أواخر تشرين الأوّل/ أكتوبر عام 1914، عندما أعلنتْ تركيا دخولها الحرب إلى جانب ألمانيا، علا النفيرُ العامُّ مطالبًا الشبابَ بتلبية التعبئة العامّة والالتحاق بالجيش على الجبهات، فتقدّم عارف النعماني لتلبية نداء التعبئة. ولأنّه الذكَر الوحيد للعائلة، خضع للتدريب لكنّه أعفي من الذهاب إلى الجبهة وأُعطي بطاقة رديف (احتياط). وعلى الرغم من ذلك، كان النعماني يتبرّع للجيش وللجمعيّات بسخاء، عينيًّا ونقدًا، وتابع نشاطه في النادي الأهلي مواكبًا الأحداث مع باقي اخوانه من أعضاء النادي. كان النادي ينشط اجتماعيًّا وثقافيًّا ويحتفل بمناسباتٍ دينيّة وعثمانيّة أو بمحاضراتٍ فكريّة وندواتٍ أدبيّة وسياسيّة.

وجاء أحمد جمال باشا إلى بلاد الشام قائدًا للجيش الرابع، بحملةٍ عسكريّةٍ لتحرير مصرَ من الاحتلال الإنكليزيّ عبر سيناء وقناة السويس، مزوَّدًا بصلاحيّاتٍ إداريّة وسياسيّةٍ وعسكريّة واسعة كإلغاء امتيازات «القانون الأساسي» لجبل لبنان (البروتوكول) وقمع أيّ نشاط تقوم به شخصيّاتٌ أو جمعيّاتٌ أو صحفٌ محلّيّة في بلاد الشام. بمجيئه اتّسع نشاطُ المخبرين والجواسيس المحليّين والرقابة على عمل الجمعيّات وأنشطتِها والصحافة والأندية والأشخاص. فخيّم على مدن بلاد الشام وقراها جوٌّ من الحذَر والريبة. وبعد معركة «الترعة» (قناة السويس) في أوائل شباط/ فبراير عام 1915 تصاعدتْ أعمالُ الشرطة القمعيّة بملاحقة المتنوّرين العرب المطالِبين بالإدارة اللامركزيّة، وشمل قمعُها كلَّ من ارتابوا به وسِيقت التَهم ضدّهم جزافًا، وطاول هذا القمعُ أعضاء «النادي الأهلي الاتّحادي» الذي يرأسه عارف النعماني. وعلى الرغم من أنّ الشرطة لم تعثر على أدلّةٍ أو براهينَ لإثبات تهمةٍ على أحدٍ من الأعضاء تُدينه بعداء أو بجرمٍ ضدّ الدولة العليّة، أقفلت الشرطةُ الناديَ وشدّدَت الرقابة على الصحف فعطّلت جريدتي «المفيد» و«الاتحاد العثماني» وأحرقتْ مطبعة الشيخ أحمد حسن طبارة مرّتين مع استمرار اعتقال العديد من أعضاء النادي (أغلبهم من حزب اللامركزيّة) وتحويل بعضهم إلى الديوان العرفيّ في عاليه.

حكومة بيروت العربيّة

بسبب إشاعة العثمانيّين إنذارًا صادرًا عن بوارج الحلفاء بقصف بيروت، نقل النعماني سكَنَه الى صوفر وعاليه، ولمّا هدّدَ الحلفاءُ بقصف البلدات الجبليّة، نَقل عائلته إلى دمشق. هناك التقى بالأمير فيصل لأوّل مرة في بيت عطا البكري وكان قد سمع عنه كثيرًا. تعدّدَت اللقاءات مع الأمير ومع شخصيّاتٍ عربيّة أخرى وتباحثوا في الشؤون العربيّة بحماسةٍ وفيصل يقول: «ستسمعون عمّا قريب ما يسرّكم». فهم النعماني ما لمّح إليه فيصل في ما بعد عندما أعلن والده الملك حسين ثورته على الأتراك بالاتفاق مع الإنكليز. قبل هذا اللقاء كان النعماني يظنّ أنّ الملك حسين وأولاده موظفون لدى الأتراك، فتبدّل رأيه بعد الحديث معه. وسمع بإعلان ثورة الحسين خلال إقامته في دمشق.

قفل النعماني راجعًا إلى بيروت ليشاهدَ الجياعَ على الطرقات، ما حمَلَه على السفر إلى شمال سورية ليشتريّ القمح والشعير ويوزّعها على مواطنيه البيارتة مجانًا. وتكرّرت رحلاتُه لشراء الحبوب، فتعاون مع السيّد عمر الداعوق في دعم مطاعم الفقراء وتعميمها في بيروت على مختلف الطوائف. ولطالما شهد رفاقَه يقودهم الجندُ تمهيدًا لنقلهم إلى ميادين القتال. وفيما كانت أشغاله في بيروت تسير سيرًا حسنًا، كانت صِلاته بأعماله في مانشستر ببريطانيا مقطوعة طيلة أربع سنوات بسبب الأعمال الحربيّة والحصار البحري المضروب على السواحل السوريّة.

تابع النعماني أخبار الثورة العربيّة، وما إن دخل الأميرُ فيصل دمشقَ في الثاني من تشرين الأوّل/ أكتوبر ١٩١٨ حتى سارع في بيروت مع رفاقه إلى تشكيل حكومةٍ عربيّة انتقاليّة برئاسة عمر الداعوق كان النعماني من بين أعضائها مع سليم علي سلام وأحمد مختار بيهم وسليم الطيارة. ومثل باقي الأعضاء، وبسبب شعوره بالمسؤوليّة الملقاة على عاتقه مكلفًا أو غير مكلّف، عاش النعماني ساعاتٍ حرجة بسبب تكليفه ضبطَ الأمن والمحافظة على أرواح الناس ومَنع السرقات والتعدّيات على الأتراك الهاربين من بيروت ومعهم ما تبقى من رجال الشرطة العثمانيّة التي هرب ضبّاطُها قبل أفرادها. فكيف سيبثّ روحَ التعاون بين المواطنين ويثبّتُ الأمن؟ نجح في ذلك بصعوبة بالغة. وشارك برفع العلم العربيّ يوم 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918 على دار البلديّة في احتفالٍ شعبيٍّ كبير. على أنّ الحكومة العربيّة في بيروت لم تعِشْ أكثرَ من ١٥ يومًا حتى ٢٧ من الشهر نفسه.

وقد التقى النعماني الأميرَ فيصل إبّان زيارته بيروتَ بحضور شخصيّات لبنانيّة وعربيّة، وانفرد بأن اقترح عليه بقاء لبنان مستقلًّا تربطه علاقات اقتصاديّة بسورية:

«إذا نحن ضممنا لبنانَ إلى الدولة العربية ضمًّا، فسيُتعبنا كثيرًا، خصوصًا أنّ بعض أبنائه يطلبون حماية فرنسا، لذلك فإنّني أرى ترْك لبنان مستقلًّا، شريطة مراعاة أماني اللبنانيّين الوطنيّة في كيفيّة إدارة مقاطعتهم لبنان ضمن حدوده المعروفة قبل الحرب العامّة، وأن يكون بمعزلٍ عن كل تأثير أجنبيّ. وأن يكون حاكمه وطنيًّا، وتكون علاقتُه بسوريا محصورةً في وحدةٍ اقتصاديّة».

فأجابه الأمير: «سننظر في الأمر عندما نجتمع ثانيةً في دمشق، وأرى أنْ تُشبعوا الموضوع درسًا، وموعدُنا قريب»1.

وعندما جاءتْ لجنة كينغ–كراين إلى بيروت، شارك النعماني في لجنةٍ من شخصيّاتٍ بيروتيّة لإطلاع اللجنة الأميركيّة على نتيجة استفتاء أهالي بيروتَ الذين رفضوا الانتداب وأبدوا رغبتهم بالاستقلال الناجز، وإذا لم يكن فحماية أميركا أو إنكلترا.

كان النعماني يظنّ أنّ أميركا وإنكلترا ليستا مثل فرنسا في طُرق الاستعمار والانتداب، وكان من المخدوعين بالوعود الإنكليزيّة التي قطعوها للملك الحسين ولم يحترموا وعودهم، علمًا أنّ زيارة اللجنة الأجنبيّة كانت صوَريّة بدليل ما برَزَ للعلن في معاهدة سايكس–بيكو السرّيّة بين فرنسا وبريطانيا. مع انكشاف مضمونها، سارع النعماني إلى دمشقَ واتّصل بالأمير فيصل وأعرب له عن مخاوفه، وكان ذلك عشيّةَ سفَر فيصل إلى باريس.

بين بيكو وغورو وفيصل التقى النعماني أحد واضعي الاتفاقيّة السيّد جورج بيكو في بيت السيّد بدر دمشقية في بيروت، وكان بينهما تعارفٌ ومداولة بالآراء بحضور جمهورٍ كبير من وجهاء بيروت ومفكّريها. فكان للنعماني رَدٌّ واضح على بيكو: «إنّ نضال العرب ومساعدة فرنسا (المساواة–الحرّيّة–الأخوّة) لهم ضدّ العثمانيّين والتخلّص من ظلمهم، ليس لإبدال كرباجٍ بآخرَ وعبوديّةٍ بأخرى ونيرٍ بنيرٍ آخر. لقد أخطأتَ الفهم يا سيّد بيكو!»2.

وصلت أخبار النعماني وحديثه مع بيكو إلى الجنرال غورو الذي تسلّم مهام مفوضية الانتداب الفرنسي. وبهدف تطويع النعماني وتليين مواقفه تجاه الانتداب، طلب غورو من صديق فرنسا الداماد أحمد نامي بك، الذي كان صديق النعماني أيضًا، التوسّطَ لجذب النعماني إلى الملعب الفرنسيّ فطلب منه إحضاره للاجتماع به. وافق النعماني لعلّه يُسمِع رأيَه عن قرب لأجل فائدة المصلحة العامة. وعندما سأله المفوّض السامي غورو عن ميوله، شرح موقفَه من الانتداب ومن سياسة فرنسا مسهبًا واضحًا وثابتًا، أي أنه أدلى بما لخّصه لبيكو فأسهبه لغورو مباشرةً وما يتطابق مع ما قاله للأمير فيصل.

اعتبر الجنرال غورو حديثَ النعماني صريحًا وصادرًا عن ضمير حرّ ندرَ أنْ سمع مثلَه عند اللبنانيين فشكَره عليه، وطلب منه أن يقبَل عضويّة المجلس الاستشاري الذي يضمّ أحمد نامي بك، عبدالله بَيْهم ونخلة التويني، ويكون مستشارًا شخصيًّا له خدمةً للبنان.

قبِل النعماني المهمّة. ولمّا طلب منه الجنرال غورو التوسّط بينه والأمير فيصل في مناسبتين. قام بالمهمة بسرعة وجدية ما سمح للعلاقات الإيجابية أن تستمر، والنعماني حريصٌ على تلطيف الأجواء بين الطرفين، بعيدًا عن روحية العداء أو التشنّج والتصلّب في المواقف خشية عواقب وخيمة تسيء للقضية العربية الكبرى. فللفرنسيّين برنامجهم ينفّذونه بحسب أجندتهم وأوليّاتهم، والنعماني بدوره يحاول التقرّبَ من الجنرال لتليين مواقفه ونزعته العسكرية والتخفيف من غلوائه، من خلال دعوته له إلى احتفالات دينية إسلامية، أو لحضور حفلة في مضمار سباق الخيل. واستمرّت هذه الاجواء بينهما وأراد الجنرال من خلال ضمِّه إلى مجلس المستشارين السيطرةَ عليه ومراقبةَ تحرّكاته وصِلاته ومواقفه من الانتداب والإدارة الفرنسيّة للبلاد عن كثب، فكان يطلب مقابلته واستشارته في مواضيع لا تستأهل تدخّلَ النعماني أو إبداء الرأي لتفاهتها، بهدف إشغاله في شؤون ثانوية.

في المنفى

شارك النعماني في المؤتمر العربيّ الذي انعقد في دمشق خلال آذار/ مارس ١٩٢٠ وأعلن استقلال سورية ومبايعةَ فيصل ملكًا دستوريًّا عليها. وقد نجحتْ مساعيه في إقناع الأمير فيصل والمؤتمِرين بعدم ضمّ لبنانَ إلى المملكة، فأعلن في المؤتمر أمام التسعين مندوبًا القادمين من سورية وفلسطين ولبنان المقرّرَ الخاصّ بلبنان: «تُراعَى أماني اللبنانيّين الوطنية في كيفيّة إدارة مقاطعتهم لبنان ضمن حدوده المعروفة قبل الحرب العامّة بشرط أن يكون معزولًا عن كل تأثيرٍ أجنبي» فنال موافقةَ الجميع، وتوّج فيصل ملكًا على سورية من دون لبنان. وعاد النعماني إلى بيروت وأطلع غورو على ما حصل.

أطلق البعض من أصحاب الوجاهة والتجارة وغشاوة البصر شائعاتٍ بأنّ النعماني عميلٌ لغورو يعمل لحساب فرنسا، واعتبروا أنّ ما قام به يصبّ في مصلحة فرنسا والانتداب، وأنّ هذا ثمنُ تعيينه عضوًا في المجلس الاستشاري وتقريب غورو له من مجلسه. لكنّ النعماني لم يأبه لهذه الترّهات وتابع طريقَه.

حتّمَ ما نجَمَ عن المؤتمر على عارف النعماني أن يطوّرَ الموقف بأنْ يطلب من أعضاء «مجلس إدارة جبل لبنان» أن يتقدّم مباشرةً بمذكّرةٍ إلى الحكومة الفرنسيّة في باريس يطلب فيها الاستقلالَ الذاتيَّ وألّا يكون لبنانُ خاضعًا لتأثيرٍ أجنبيّ. تلاقتْ وجهات النظر والرؤى بين رضا الصلح وعارف النعماني، فقام ابنُه رياض الصلح باتّصالاته لإقناع أعضاء مجلس الإدارة بالذهاب إلى باريس وإسماع الحكومة الفرنسيّة مطلبَ استقلال لبنان وإنشاء علاقاتٍ اقتصاديّة تجاريّة مع سورية — وكل هذا بمعزلٍ عن إدارة الانتداب والجنرال غورو. نجح النعماني ورياض الصلح في إقناع أعضاء المجلس، بمساعدة عضو المجلس سليمان كنعان، بصياغة مذكّرةٍ تعلن «استقلال لبنان الكبير وضرورة احترام حَياده السياسيّ»، وتمّ الاتفاق على الذهاب إلى دمشق وعرض الموقف على الأمير فيصل للاستئناس برأيه والسفر من هناك إلى باريس لتقديم المذكرة للحكومة الفرنسيّة. وعند ذكر تكاليف السفر والإقامة، تبرّع النعماني بدفع 10،500 ليرة ذهبيّة لتسريع الأمر وتذليل العقبات من أجل إنجاح الخطوة الاستقلاليّة.

ألقي القبضُ على أعضاء مجلس الإدارة في طريقهم إلى دمشق، وبالتهديد توصّل جهازُ التحقيق الفرنسيّ إلى معرفة مَن قدّم المالَ لسفر الوفد. فحكَمَت المحكمةُ العسكريّة على النعماني وعلى الأعضاء بدفع غراماتٍ ماليّة وبالنفي إلى جزيرة أرواد، وأعيدوا بعد فترة إلى ميناء بيروت في الأوّل من أيلول/ سبتمبر من ذلك العام، يوم إعلان لبنان الكبير، ونُقلوا من بيروت إلى جزيرة كورسيكا لتنفيذ عقوبة النفي هناك من دون لقاء ذويهم. وبعد مضيّ ١٥ يومًا على نَفي عارف النعماني إلى فرنسا، تقدّمت زوجته في بيروت بعريضةٍ إلى الجنرال غورو للإفراج عنه أو السماح لها باللحاق به، فرُفض طلبُها. في 10 شباط/ فبراير 1921، أي بعد خمسة أشهر من النفي، التمَسَ عارف النعماني من الحكومة الفرنسيّة إذنًا بالسفر إلى مانشستر لمدّة شهر. قُبل طلبُه فسافر واستأنف نشاطَه التجاريّ وتفقّد حساباتِه مع شركائه آل إدلبي في تجارة الأجواخ والأصواف، وبطريق عودته قابَلَ وزيرَ الخارجيّة الفرنسي وأقنعه بضرورة انتقال المنفيّين من كورسيكا إلى باريس، ونجح النعماني في مسعاه.

في تموز/ يوليو 1921، وبإيعازٍ من وزارة الخارجيّة الفرنسيّة، أرسل غورو شكري غانم محمّلًا بمشروع عريضةٍ يعتذر بموجبها المنفيّون من الحكومة الفرنسيّة ويقولون إنّهم لم يقصدوا الإساءة إليها. فأفرِج عمّن وقّع منهم وسُمح لهم بالعودة إلى لبنان، بينما أُبقي على النعماني وسليمان كنعان والأمير أمين إرسلان لرفضهم التوقيع والاعتذار.

مشروع ديالا العراقي خلال منفاه الباريسيّ، اتّفق النعماني مع بعض رجال الأعمال اللبنانيّين المقيمين في فرنسا على تأسيس شركةٍ هدفُها تنفيذُ مشروع للزراعة والرّيّ في أرض العراق. وفي نهاية عام 1922 سُمح له بمغادرة فرنسا شريطة عدم دخول أراضي الانتداب الفرنسيّ فتوجّه إلى مصر، وفتح متاجرَ له في الإسكندريّة والقاهرة وسلّمها إلى موظفين لبنانيّين جاء ببعضهم من بيروت. ثم قَصَدَ بغداد والتقى الملكَ فيصل ووضع معه اللمسات الأخيرة لإتمام المشروع الذي لقي ترحيبًا من الحكومة العراقيّة. لكنّ المشروع لقيَ معارضةً من الصحف البريطانيّة، حتى أنّ أحد شركاء النعماني الإنكليزيّ السير ودنغتون أنڤيس استقال من المشروع ليتسلّم وزارة الدفاع البريطانيّة فبدأ يهاجمه قائلًا: «إنّ مشروع الرّيّ وزراعة القطن على مساحة 8000 كيلومتر مربع2 سيجعل العراقَ بلدًا زراعيًّا مكتفيًا بذاته وهذا ما يتعارض مع السياسة البريطانيّة». وكانت الشركة بدأتْ بتوزيع الآليّات واللوازم، والزرع يلزمه ثلاث سنوات فقط للبدء بالحصاد. ففوجئ الجميع بشحّ الماء ثم انقطاعِها، الأمر الذي أطلق تظاهرات فلّاحيّةً وشعبيّة حاشدة تندّد بمشروع ديالا وتطالب الحكومةَ بسحب الامتياز وإيقاف المشروع الذي استنفدَ مياهَ النهر ومنَعَها عن حقول باقي المزارعين. تزامَنَ ذلك مع زيارةٍ مفاجئة لوكيل وزارة الخارجيّة البريطانيّة لبغداد ومُشاركتِه في اجتماعٍ برئاسة الملك فيصل الذي أبلغ النعماني وشركاءه بضرورة حلّ الشركة وإيقاف المشروع «لأن الأخصام أقوى منا، فأذعنّا لطلب الملك»3. بعد يومين عاد منسوب المياه إلى مستواه السابق، فتبيّن أنّ مهندسي الجيش الإنكليزي هم مَن قاموا بتحويل مياه النهر، وأنّهم أخرجوا مساجين وجمعوا أولادَ شوارعَ وفلّاحين وسيّروهم في عرّاضاتٍ شعبيّة وتظاهراتٍ معارِضة لمشروع ديالا.

مشروع مصرف إصدار وطنيّ

عام 1923 تلقّى النعماني عفوًا — لم يسعَ هو إليه — من رئيس الجمهوريّة الفرنسيّة يسمح له بالعودة إلى بيروت. وعندما وصل، حُمل على الأكتاف من سلّم الباخرة وسط حشْدٍ جماهيريٍّ امتدّ إلى بيته في حوض الولاية، وتصاعدت الهتافات للمحسن عارف النعماني، ما أغاظ بعض زعماء بيروت وحكومة الانتداب.

عاود النعماني لقاءاته ونشاطَه التجاريَّ والاجتماعيَّ والاقتصاديَّ–السياسيّ. وبعد شهر، تقدّم من إدارة الانتداب بمشروعٍ لتأسيس بنك إصدار للنقد الوطني على أساس الذهب، واضعًا دراسة لجدواه على أن يكون مصرفًا وطنيًّا مكفولًا بالذهب اللبناني، يحلّ محلّ «بنك سورية ولبنان» الذي هو مؤسّسة فرنسيّة. وقبل أن يلتقيَ مسؤولي الانتداب، دعا النعماني أصحابَ المصارف في سورية ولبنان وشرح لهم الموضوع وأهمّيّته وجدواه الاقتصاديّة الوطنيّة فلقي منهم تجاوبًا وتوافقًا على وجوب تأسيس بنك إصدارٍ وطني. تَقرّر تقديم الترخيص للحكومة ولمجلس النواب فقدّم الطلبَ بنفسه. هنا قامتْ قيامة جماعة «بنك سورية ولبنان» الفرنسيّين، ومعهم المبخّرون اللبنانيّون، فاستدعاه المفوّض السامي ويغان مستغربًا أن يقدِم لبنانيٌّ على مثل هذه الخطوة. ثم التقى النعماني مدير «بنك سورية ولبنان»، المسيو بيرار، الذي طلب منه أنْ يكون لفرنسا 51% من رأس مال المصرف كشرطٍ للسماح له بتأسيس المصرف4. ثمّ استدعاه المسيو أوبوار، حاكم لبنان، وهدّدَه بالنفي إلى جزيرة مدغشقر، واتصل مهدّدًا بشركاء النعماني اللبنانيّين والسوريّين في المشروع، فانفضّوا عنه تحت حجَجٍ مختلفة. ولما كان هناك من يراقبه منذ خروجه من عند الحاكم، غادر بيروتَ في منتصف تلك الليلة بعدما شعر بانعدام الأمان، وتابعتْه المراقبة الفرنسيّة إلى الناقورة، ثم تابع مسيره إلى القدس فعمّان حيث التقى بالملك حسين (أبو فيصل) من ضمن الوفد اللبنانيّ، ليتوجّه بعدها إلى جدّة.

تجارةٌ وتنقيبٌ عن النفط

في جدّة، أسّس النعماني محلًّا تجاريًّا وسرعان ما صار المعتمدَ التجاريَّ للحكومة الهاشميّة في طلباتها من الخارج. وفي غيابه، وُضع المحلّ في عهدة حسين العويني، الشاب البيروتيّ الذي خدَمَ منذ العام 1915 في متاجره في بيروت والإسكندريّة والقاهرة، فبات وكيلَه وممثّلَه لدى السلطات ولدى غرفة التجارة النجديّة.

خلال إقامته في مكّة بضيافة الشريف حسين، أطْلع النعماني على الرسائل المتبادَلة مع وزارة الخارجيّة البريطانيّة وما آلتْ إليه الوعودُ تلوَ الوعود والخيبة التي الأخرى التي يعيشها ملك الحجاز مع نفسه وأمام شعبه. وأطلَع النعماني الملكَ بدوره على الحلم الذي يؤملُ تحقيقُه، وهو التنقيب عن البترول والمعادن في أرض الحجاز واستخراجها مع إنشاء خطٍّ حديديٍّ يربط مكّة بجدّةَ والوجه والمدينة. لم يُبدِ الملك اهتمامًا بالأمر أو هو تظاهَرَ بذلك، ثم أفصح الملكُ عن رأيه فتحدّث عن الصعوبات التقنيّة وافتقار البلد للخبرات العربيّة وارتفاع أكلاف المشروع. وكان الملك متخوّفًا من الخبير الأجنبيّ ونفوذه. فطمأنه النعماني إلى أنّ الخبيرَ الأجنبيَّ هو مجرّد موظّفٍ «نصرفُه» متى نشاء، فاقتنع الملك أخيرًا ووافق شفهيًّا على المشروع بشرط أن يقتصرَ المساهمون في الشركة الأساسيّة على العرب.

في تلك الفترة، كانت المعارك دائرةً رحاها بين الهاشميّين والسعوديّين، وفجأةً غادر الشريف حسين الحجازَ إلى عمّان ثم قبرص متنازلًا عن المُلك لوليّ العهد، ابنه الأمير علي. بعد أيّام، تلقّى النعماني رسالةً خطّيّةً من الملك علي بالموافقة على البدء بمشروع التنقيب عن النفط، فاستقدم بعثةَ تنقيبٍ بإشراف مهندسٍ إنكليزيٍّ ومساعدين وآليّاتهم، فاكتشفوا أنّ النفط الموجود في منطقة «الوجه» مصدرُه منطقة الظهران. وبعد شهرين سيطرتْ قوّات ابن سعود على مواقع التنقيب في الوجه والظهران وباتتْ جدّة نفسُها مهدَّدة بالسقوط، وكان الملك علي يفتقر إلى المال والسلاح والجنود لصدّ الهجوم، فاستغاث بالزعماء العرب وقادتهم ولا من مغيث. لبّى نداءه مئاتُ المتطوّعين العرب من بلاد الشام ومصرَ والعراق للدفاع عن جدّة والبيت الهاشمي، فأدلى النعماني بدلْوه وأقرضَه مبلغ ٢٢ ألف جنيه إنكليزي ذهبًا ليتدبّر أموره، وحرّر الملكُ للنعماني سندًا بالمبلغ.

قرض ولا سداد

سقطتْ جدّة وسقطتْ معها باقي مدن الحجاز. وغادرت البعثةُ النفطيّة تاركةً الآليّاتِ والرسومَ والخرائط والأدوات، وبلغ ما دفعه النعماني على مشروع النفط ٢٥ ألف جنيه إنكليزي ذهبًا. وفي فوضى الحرب واستيلاء قوّات ابن سعود على جدّة وباقي مدن الحجاز، خسِرَ النعماني ممتلكاتِه من مالٍ ثابتٍ ومنقول. وسوف يُتّهم العويني بالاستيلاء عليها محتميًا بالحكّام الجدد5. فحوّل النعماني مَتاجره في القاهرة ومرْسين وجدّة إلى شريكِه في مانشستر السيد عبد الغني الإدلبي، وأبقى متجرَه في الإسكندريّة مع صديقه توفيق فايد لأجل التصفية. وكانت له متاجرُ في حلب يعمل فيها ابن عمّه السيّد أنيس النعماني، وفي ميلانو بإشراف ابن عمّه السيّد نبيه النعماني، وفي بغداد تحت مسؤوليّة ابن عمّه السيّد محمود النعماني.

لم يترك عارف النعماني وسيلةً أو فرصةً أو سانحةً إلّا واستعملها لاسترجاع فرصة العمل في التنقيب عن النفط وتحصيل قيمة سند الـ 22 ألف جنيه إنكليزي ذهبًا. حتى أنّه طلب من حسين العويني أن يتوسّط له عند ابن سعود فأجابوه هناك «نحن لا ندفع مالًا أعطاه عارف النعماني لمن كان يحاربنا ويذبح رجالنا»6 عاد النعماني إلى بيروت للراحة، فجاءتْه وفودٌ شعبيّة ووجهاءٌ بيروتَ ومخاتيرها وزعماؤها طالبين منه الترشّح للنيابة وهم مقتنعون بحتميّة فوزه. لكنّه رفض بسبب سيطرة فرنسا على نتائج الاقتراع ولأنّه كان واثقًا من توقعاته، ولم يكسب سوى عواطف الناس7.

إلى ذلك، كتبَ النعماني رسالتين إلى الملك غازي طالبًا منه التوسّط لدى عمّه الملك علي اللاجئ في العراق. كانت النتيجة سلبيّة. وبعد وفاة غازي تابع المحاولةَ مع وصيِّ العرش عبد الإله ابن الملك علي وبذَلَ محاولةً أخرى عبْر رئيس الديوان تحسين قدري من دون فائدة. وبُذلتْ آخر محاولةٍ باتّجاه السعوديّة عام 1949 حمَلَها عبد الحميد كرامي وعبدالله اليافي وأحمد الداعوق وكانت نتيجتُها مثلَ سابقاتها.

حتى بعد إلغاء امتياز ديالا، لم يقطع النعماني صلَته بالملك فيصل، فبقيَ يزوره ويلبّي دعواتِ الغداء أو العشاء بحضور أصدقاءَ مشتركين ويلعبون البريدج أو يتبارون بكرة المضرب خلال النهار. وسبَقَ للنعماني أن أنشأ «فندق كارلتون» في بغداد لإقامة المهندسين البريطانيّين وموظّفي الشركة وغيرهم وسلّم إدارتَه لابن عمه وجيه النعماني. وشاوَرَ صديقَه ياسين الهاشمي، رئيس الحكومة العراقيّة، بفكرة إنشاء شركة نقلٍ جوّيٍّ للمسافرين بين الدول العربيّة. ودرس إنشاء محطّة توليد كهرباءٍ على سدّ الحبّانية وتنظيم الريّ. وبينما هو يضع الدراسات والخُطط لهذه المشاريع حدث انقلابٌ عسكريٌّ بقيادة بكر صدقي8.

وبصعوبة تمكّن عارف النعماني من العودة إلى لبنان، ليستقرّ ويساهمَ في بناء الوطن اجتماعيًّا وثقافيًّا وصحيًّا في بلادٍ عانت الجوع والمرض، فتبرّع لعائلاتٍ محتاجةٍ ومدارسَ وجمعيّاتٍ على امتداد بلاد الشام، فوزّع أثناء الحرب مساعداتٍ قُدّر أنّها بلغتْ أكثرَ من 45000 ليرة عثمانية ذهبية9. وقد لبّى طلبًا من الأمير شكيب إرسلان والكاتب أمين الريحاني فساهم بدعمٍ مادّيٍّ لحركات النضال الوطنيّ العربيّ في تونس والسودان ومراكش وفلسطين والثورة العربية الكبرى10. وقدّم مساعدةً نقديّةً سخية لتأسيس جريدة «الأحرار» اللبنانيّة المعارِضة للانتداب الفرنسيّ ولصحفٍ أخرى11.

تردّتْ أوضاع النعماني المادّيّة في آخر أيّامه. إلّا أنّه نَفى أن يكون ذلك بسبب إنفاقه السخيِّ على أعمال الخير، فقال في مذكّراته «لم تكُ هي من أسباب ضَياع ثروتي وتدهور وضعي الاجتماعيّ والمالي بل هو غَدْر مَن أمّنتُهم من شركائي وعمّالي في لبنان وغيرها التي كان لي فيها متاجرُ وعلاقاتٌ مادّيّة. ولا تُنسى مساعدةُ الإنكليز والفرنسيّين لكلِّ مَن عمل ضدّي»12. وتوفّيَ في بيروت عام ١٩٥٥.

مراجع

  • – «مذكرات عارف النعماني»، تحرير محمد قره علي، جريدة الحياة، من العدد ٢٠٨٣ في ١٢ شباط/ فبراير ١٩٥٣ إلى العدد ٢١٠٩ في ١٢ آذار/ مارس ١٩٥٣.
  • – الياس طنوس الحويك، مفكرة منفيّ، بيروت، ٢٠٠٥.
  • – جورج أديب كرم، الرأي العام اللبناني وقضيّة لبنان 1918–1920، بيروت 1981.
  • – جورج أديب كرم، قضيّة لبنان، ١٩١٨–١٩٢٠، بيروت ١٩٨٥.
  • – جورج أديب كرم، سليمان كنعان، بيروت، ٢٠٠١.
  • – الدكتورة فاطمة قدورة الشامي، عارف النعماني . وثائق حول العلاقات اللبنانيّة الفرنسيّة، بيروت ١٩٩٩.
  • 1. مذكرات عارف النعماني، تحرير محمد قره علي، جريدة الحياة، الحلقة ١٠، العدد 2091.
  • 2. مذكرات عارف النعماني، تحرير محمد قره علي، جريدة الحياة، ، الحلقة ٥، العدد 2087.
  • 3. الدكتورة فاطمة قدورة الشامي، «عارف بك النعماني. وثائق حول العلاقات اللبنانية–الفرنسيّة»، بيروت، ١٩٩٩، صفحة ٩١.
  • 4. كان الاجتماع بحضور السيّد بترو طراد في فندق بسّول: مذكّرات عارف النعماني، تحرير محمد قره علي، جريدة الحياة، الحلقة ١٥، العدد 2096 .
  • 5. نقلاً عن الكاتبة هدى النعماني وحفيد عارف النعماني، جمال النعماني، في تسجيلاتٍ صوتيّة مع المؤلف.
  • 6. المذكرات، الحلقة ٢١، العدد ٢١٠٢.
  • 7. المذكرات، الحلقة ٢٦، العدد ٢١٠٧.
  • 8. مذكرات عارف النعماني، الحلقة ٢٦، العدد ٢١٠٧.
  • 9. المذكرات، الحلقة 28، العدد 2110.
  • 10. المصدر ذاته، الحلقة ٢٨، العدد ٢١١٠.
  • 11. المصدر ذاته، الحلقة ٢٨، العدد ٢١١٠.
  • 12. المصدر ذاته، الحلقة ٢٨، العدد ٢١١٠
العدد ٢٨-٢٩ - ٢٠٢٠

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.