العدد ٢٧ - ٢٠٢٠

رياض الريس آخر الخوارج

كنّا نحرّر مساهمته في هذا العدد عندما وردَنا نبأ وفاة رياض نجيب الريّس جرّاء مضاعفات ناجمةٍ عن إصابته بفيروس كورونا في المستشفى.

رياض واحدٌ من آخر الكبار في الصحافة العربيّة الذي ترك بَصمته على فروعها المختلفة. ولد في دمشق العام ١٩٣٧ وعاش القسطَ الأوفرَ من حياته في بيروت. انتقل للدراسة الجامعيّة في إنكلترا خلال أزمة قناة السويس العام ١٩٥٦ حيث أسهم في النضال الوطنيّ والقومي في «رابطة الطلبة العرب» وتولّى تحرير مجلتها.

عاد من لندن إلى بيروت العام ١٩٦١ وكتب في «الصيّاد» و«الأنوار» و«المحرّر» و«الحياة» و«النهار» وكان رائدًا في حقل التحقيقات الميدانيّة. غطّى أبرزَ الأحداث العالميّة: استقلال اليمن الجنوبي، تطوّرات الخليج العربي، النزاع في أيرلندا، حرب فيتنام، اليونان زمن انقلاب الجنرالات، ثورة ظفار، تشيكوسلوفاكيا في ظلّ الاحتلال السوفييتي، وغيرها. وغالبًا ما كانت تجاربه الصحافيّة تنقطع بسبب استقلاليّته العنيدة وسَيره عكسَ التيّار ومعارضته الأنظمة العربية السائدة.

غادر رياض بيروت بعد اندلاع الحرب الأهليّة. وفي لندن، أصدر جريدة «المنار» ومجلة «الناقد» التي شكلّت نقلةً نوعيّةً في الصحافة الثقافية، وأسّس «شركة رياض الريّس للكتب والنشر». وإلى بيروت عاد مع نهاية الحرب ونقل معه دار النشر. أسّس مجلة «النقّاد» التي لم تستطِع أن ترقى إلى مستوى «الناقد». ومن آخر مشاريعه مشروعٌ لم يرَ النور هو إعادة إصدار جريدة «القبس» من دمشق، وهي الجريدة التي أسسها والده الصحافي والمناضل الوطني نجيب الريّس.

رياض الناشر هو القارئ الفضوليّ والورّاق الشغوف بالكتاب ومكتشف المواهب والمحترف المُتطلّب لكلّ جديد والمغامر في هتْكِ المحرّمات في السياسة والجنس والفكر.

ورياض الكاتب صاحب ٣٦ مؤلفًا في مواضيع متنوعة: الشعر في «موت الآخرين» (١٩٦٢)، النقد الأدبي في «الفترة الحرجة» (١٩٩٢)، التاريخ والتراث في «حديث صحافي مع الإمام عليّ بن أبي طالب» و«المفكرة الأندلسية» (٢٠٠٠)، الخليج العربي في «صراع الواحات والنفط» (١٩٧٤) و«الخليج العربي ورياح التغيير» (١٩٩٩)، المذكرات في «آخر الخوارج» (٢٠٠٤) الصحافة في «زمن السكوت» (٢٠١١) و«صحافي المسافات الطويلة» (٢٠١٧) وسيصدر له قريبا «صحافة النسيان».

واكب رياض هذه المجلّة منذ أيامها الأولى مشجّعًا وكاتبًا وناصحًا وناقدًا. وأسرةُ تحرير «بدايات»، التي تتشارك في الخسارة الفادحة مع شريكة حياته فاطمة بيضون وسائر أفراد أسرته، تهدي هذا العدد لذكرى الإنسان الحرّ رياض نجيب الريّس، وتتعهّد المساهمة في جمع كتاباته ونشرها.

العدد ٢٧ - ٢٠٢٠

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.