العددان ٢٠-٢١ - ٢٠١٨

«بدايات» في العشرين

يحتفل ملفّ العدد بذكرى مائتي سنة على ولادة كارل ماركس. ويضمّ مواضيع ومقارباتٍ متنوّعة تحت عنوان «أين كان ماركس على حقّ» في تشخيصه للرأسماليّة والتوقّعات. يقرأ وسام سعادة لحظة تأليف «الأيديولوجيّة الألمانيّة» التي شهدتْ تجاوز ماركس وإنغلز الهيغليّة وولادة التصوّر المادّيّ للتاريخ وتبلور منظور التواصل بين الديمقراطيّة والشيوعيّة. ويكتب وزير المال السابق في حكومة اليسار باليونان، يانيس فاروفاكس، لافتاً إلى مفارقةٍ تاريخيّة قضتْ بأن تتحقّق توقّعات ماركس وإنغلز في «البيان الشيوعيّ» في عصر العولمة الرأسماليّة في الوقت الذي انهارتْ فيه الأنظمة التي استلهمت أفكار «البيان». يقرأ فوّاز طرابلسي تطبيق ماركس لتصوّره المادّيّ للتاريخ لأوّل مرّة على لحظةٍ تاريخيّة معيّنة هي ثورات «ربيع الشعوب» الأوروبيّة العام ١٨٤٨ من خلال أربعة مفاهيم: الثورة، الديمقراطيّة، الطبقات وتمثيلها الفكريّ والسياسيّ والبونابارتيّة.

أصدر الناقد الأدبيّ والمفكّر الماركسيّ البريطانيّ تيري إيغلتن أخيراً كتاباً بعنوان «لماذا كان ماركس على حقّ» محاججاً فيه ضدّ منوّعات المسخ الذي تعرّضتْ له مفاهيم ماركس، نتناول منه فصلاً عن ماركس والدولة وننشر خلاصة الكتاب. من جهته، يعيد الفيلسوف الماركسيّ السلوفينيّ، سلافوي جيجك، النظر في تعريف الأيديولوجيا وفعلها في البشر مستعيناً بمفهوم ماركس المركزيّ عن صنميّة السلعة.

يفتتح جلبير أشقر دراسته عن ماركس والشرق بالنظر في مفاهيم الاستشراق والإمبرياليّة والثقافويّة. ونختم الملفّ بنشر وثيقتين: مسوّدة «البيان الشيوعيّ» التي صاغها فريدريك إنغلز بعنوان «تعاليم الماركسيّة»، ولأوّل مرّة بالعربيّة، مقالات كارل ماركس عن حوادث جبل لبنان الأهليّة ١٨٦٠ - ١٨٦١ والحملة العسكريّة الفرنسيّة في عهد الأمبراطور نابليون الثالث التي تفتتح المطالبة الفرنسيّة باحتلال «سورية التامّة».

كما عادتها، تتابع «من باب أولى» قضايا راهنة مختارة. تعريف بمشروع استثماريّ عقاريّ مثير للجدل ينبئ بطبيعة مشاريع إعادة الإعمار في سورية، بَعده ترفع الناشطة الحقوقيّة والنسويّة مهى إغباريّه الصوت في وجه المحاولات الإسرائيليّة لتعيين هويّة الفلسطينيّين في الدولة اليهوديّة وفصلهم عن الانتماء الفلسطينيّ الجامع، ثمّ تروي المؤرّخة الجزائريّة ملكة رحّال قصّة تقصّيها عمليّة تصفية المناضل الجزائريّ علي بو منجل، على يد المظليّين الفرنسيّين العام ١٩٥٧. وكان الرئيس الفرنسيّ ماكرون قد أقدم أخيراً على الاعتذار باسم الدولة الفرنسيّة إلى أسرة المناضل الشيوعيّ الفرنسيّ موريس أودان الذي قضى تحت التعذيب خلال حرب التحرير الجزائريّة. بهذا فتح المطالبة بفتح ملفات مئات المفقودين الذين قضوا تحت التعذيب من أبناء الشعب الجزائريّ وبناته خلال تلك الحرب.

تحيي المجلّة الذكرى الخمسين لأيّار / مايو ١٩٦٨ عبر العالم بترجمة مقاطع من الوثيقة الأكثر تعبيراً عن ذلك الزمن: «بيان أمميّة مبدِعي الأوضاع» الذي يوجه الأنظار إلى ظاهرتين معاصرتين مجتمعتين: التسليع والنزعة الاستهلاكيّة، وينطوي النّصّ أيضاً على مقاربةٍ نقدية مبتكرة لموقع الطلّاب والشباب في المجتمع الرأسماليّ. يذكّرنا جيرار كلافيل بحركات الإضراب والاعتصام العارمة للطبقة العاملة الفرنسيّة خلال تلك الأحداث وهو يروي لنا عن الثورة في التصميم الغرافيكيّ. ويختم المسرحيّ روجيه عسّاف بنصّه الجميل عن ذكريات أيّار ١٩٦٨.

القسم البصريّ «يا عين» مخصّص لأبرز الأعمال الغرافيكيّة لثورات ١٩٦٨ ولدراسةٍ عن دور الكاميرا في المسلسلات السوريّة، لنيروز ساتيك.

في قسم «فيها نظر» يحلّل فوّاز طرابلسي نقديّاً التصوّرات العربيّة السائدة عن اتفاقيّة سايكس-پيكو وإعلان بلفور، وتتصدّى ميسون سكّريّة لموضوع نادراً ما يجري التطرّق إليه: التراتبيّة والاستغلال في الأبحاث الجامعيّة، وتعالج سحر مندور الإسلام والإسلاميّين من موقعَين جغرافيّين مختلفين. تحت عنوان «إذا البحار سجّرت» تكتب آلاء التنّير عن مأسي الهجرة وعن التلوّث في البحر الأبيض المتوسّط.

«نون والقلم» في هذا العدد غنيّ ومتنوّع. تفتتحه أتيل عدنان بالتأمّل في النشأة البيروتيّة والكتابة بلغة أجنبيّة، ويروي جاد تابت سيرة أوائل السورياليّين في لبنان، فيما يواكب الروائيّ الإيرانيّ - الأميركيّ سالار عبده الكاتب لويس بورخس في بحثه عن ابن رشد، ذلك الذي عَرف كلّ شيء إلّا المسرح، وتحلّل نجلا جريصاتي خوري صورة المرأة في أدب الأطفال، وتكتب اسماء السكوتي عن نظريّة التلقّي في الأدب، إلى نصّين أدبيّين لرياض بَيدس وزينب سرور.

يواصل قسم «ذاكرة» نشر مذكّرات جارالله عمر وجورج البطل (الذي ستصدر مذكراته قريباً في كتاب) ويبدأ بنشر مقاطع من مذكرات الروائي المصري رؤوف مسعد.

«ثقافة النّاس للنّاس» مخصّصة لشاعر العامّيّة المصريّة فؤاد حدّاد، من اختيار وتقديم وئام مختار وياسر علوي. وتحتفل «نهوند» بالذكرى المئويّة لولادة الشيخ إمام بنصٍّ للنّاقد فيصل درّاج، ويكتب ياسر علوي عن «مقامات السماء» في تلاوات الشيخ محمود الشحّات.

يسرّنا في هذا العدد أن يكون عدد مساهمات النساء متقارباً مع عدد مساهمات الرجال، قدر ما يؤسفنا أن نودّع المناضل اليساريّ والمفكّر الماركسيّ سلامة كيلة، عضو المجلس الاستشاريّ للمجلّة، الذي رحل بعد مقاومةٍ طويلةٍ مع المرض.

العددان ٢٠-٢١ - ٢٠١٨

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.