إذ ننشر الوثائق الدبلوماسيّة السريّة من أرشيف السياسة الخارجيّة للقيصريّة ولحكومات التّحالف البرجوازي خلال الأشهر السبعة الأولى من الثورة، ننفّذ تعهداً اتّخذه حزبنا عندما كان في المعارضة. إنّ الدبلوماسيّة السرّية أداة ضروريّة للأقليّة المالكة المضطرّة إلى خداع الأكثريّة من أجل إخضاعها لمصالحها. إنّ الإمبرياليّة، بمخطّطاتها السوداء للغزو وبتحالفاتها وصفقاتها اللصوصيّة، قد طوّرت نظام الدبلوماسيّة السرّية إلى أعلى درجاته. إنّ النّضال ضدّ الإمبرياليّة الذي ينهك شعوب أوروبا ويدمّرها هو في الآن ذاته نضال ضدّ الدبلوماسيّة الرأسماليّة، التي تملك ما يكفي من الأسباب لتخشى نور النّهار.
إنّ الشعب الروسيّ، وشعوب أوروبّا والعالم أجمع يجب أن يعرفوا الحقيقة الموثّقة عن مخطّطاتٍ رسمها في السرّ أربابُ المال والصناعيّون بمعيّة وكلائهم البرلمانيّين والدبلوماسيّين. وإنّ شعوب أوروبّا قد دفعت ثمن هذه الحقيقة بتضحياتٍ غير محدودة وبالشّقاء الاقتصاديّ الشامل.
إنّ إلغاء الدبلوماسيّة السريّة هو الشّرط الأوّل لسياسةٍ خارجيّة صادقة، شعبيّة وديمقراطيّة حقّاً. وتعتبر الحكومة السوفياتيّة أنّ من واجبها أن تضع تلك السياسة موضع التّنفيذ. ولهذا السّبب بالذّات، فيما نقترح علناً الهدنة الفوريّة على جميع الشّعوب المتحاربة وحكوماتها، ننشر في الآن ذاته هذه المعاهدات والاتّفاقات التي فقدتْ أيّ قوّة إلزاميّة بالنّسبة إلى العمّال والجنود والفلّاحين الرّوس الذين وضعوا السلطة بين أيديهم.
إنّ سياسيّي وصحافيّي ألمانيا والنّمسا - هنغاريا قد يحاولون استخدام هذه الوثائق لتحسين صورة إمبراطوريّات الحلف المركزيّ. لكنّ أيّ محاولاتٍ من هذا النّوع محكوم عليها بالإخفاق الدّاعي إلى الشّفقة، وذلك لسببين اثنين.
أوّلاً، لأنّنا ننوي أن نضع سريعاً في متناول محكمة الرّأي العامّ وثائقَ سرّيّةً تعالج بوضوح كافٍ دبلوماسيّة الإمبراطوريّات المركزيّة.
ثانياً، والأهمّ، أنّ وسائل الدبلوماسيّة السريّة هي شاملة قدر شمول اللصوصيّة الإمبرياليّة. فعندما سوف تسلك البروليتاريا الألمانيّة الطريق الثوريّ المؤدّي إلى أسرار دوائرها الخارجيّة، سوف تنتزع وثائق لن تكون أدنى خطورة من تلك التي نحن بصدد نشرها الآن. يبقى أن نأمل أن يتمّ ذلك سريعاً.
إنّ حكومة العمّال والفلّاحين تعلن إلغاء الدبلوماسيّة السريّة ومناوراتها وشيفراتها السريّة وأكاذيبها. لسنا نملك ما نخفيه. إنّ برنامجنا يعبّر عن الرغبات الحارّة لملايين من العمّال والجنود والفلّاحين. نريد إسقاط حكم رأس المال بأسرع ما يمكن. وإذ نفضح أمام العالم كلّه أعمال الطّبقات الحاكمة، كما تتجسّد في الوثائق الدبلوماسيّة السريّة، نتوجّه إلى العمّال بالنّداء الذي يشكّل الأساس الثّابت لسياستنا الخارجيّة «يا عمّال العالم اتّحدوا».
* ٢٢ نوفمبر ١٩١٧، تروتسكي، الأعمال الكاملة، المجلّد الثالث، ص ٦٤
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.