العددان ١٨-١٩ خريف ٢٠١٧ / شتاء ٢٠١٨

الأمميّة الشيوعيّة: مواقف من قضايا عربيّة

النسخة الورقية

١ المؤتمر الثاني للكومنترن
تمّوز / يوليو - آب / أغسطس ١٩٢٠

ضدّ إنشاء دولة يهوديّة في فلسطين١

أهمّ ما صدر عن هذا المؤتمر شروط الانضمام إلى الأمميّة الشيوعيّة و«الموضوعات حول المسألة الوطنيّة ومسألة المستعمرات» التي تَقدّم بها لينين وأقرّها المؤتمر بعد إجراء عدد من التعديلات عليها.

ومن هذه التعديلات ذلك الذي أدخل على الفقرة السادسة من الموضوعة الحادية عشرة حول الصهيونيّة وقضيّة فلسطين.

وفيما يلي الفقرة والتعديل بالحرف الأسود:

«يجب علينا أن نفضح باستمرار الخداع الذي تمارسه القوى الاستعماريّة بمساعدة الطبقات ذات الامتيازات في الأقطار المخضعة على جماهير الشغّيلة في العالم أجمع، وفي الأقطار المتأخّرة تحديداً، حيث ينشئ الاستعمار، وراء ستار الاستقلال السياسيّ، شتى المؤسّسات الدولتيّة والحكوميّة التابعة له عمليّاً تبعيّة كاملة، اقتصاديّاً وماليّاً وعسكريّاً. وكمثال صارخ على هذا الخداع الذي تمارسه على الطبقة العاملة في الأقطار المقهورة والمخضعة قوى «الحلفاء» الاستعماريّة وبرجوازيّات تلك الأقطار - نذكر مشروع الصهاينة في فلسطين حيث تعمل الصهيونيّة، بحجّة إنشاء دولة يهوديّة في فلسطين، حيث يشكّل اليهود نسبة لا تُذكر من سكّانها - على إخضاع السكّان الأصليّين من الكادحين العرب لنير الاستغلال الإنكليزيّ. إنّ اتحاد الجمهوريّات السوفياتيّة هو السبيل الوحيد إلى خلاص القوميّات الضعيفة والمقهورة في الظروف الدوليّة الراهنة».

اقترحت التعديل لجنة مكوّنة من مندوبي الأحزاب الشيوعيّة في روسية، بلغاريا، فرنسا، هولندا، ألمانيا، المجر، الولايات المتّحدة، الهند، الصين، كوريا وبريطانيا. ويشدّد لينين في تقريره أمام المؤتمر على أنّ اللجنة أقرّت جميع التعديلات بالإجماع٢.

٢ المؤتمر الأوّل لشعوب الشرق
أيلول / سبتمبر ١٩٢٠

إلى الجهاد المقدّس تحت الراية الحمراء٣

بدعوة من الكومنترن، عقد مؤتمر باكو لشعوب الشرق في آب / أغسطس - أيلول / سبتمبر ١٩٢٠ في مدينة باكو. حضر المؤتمر ١٨٩١ مندوباً بينهم ١٢٧٣ شيوعيّاً أغلبيّتهم من الأتراك (٢٣٥) والفرس (١٩٢) والأرمن والجيورجيّين فضلاً عن مندوبي الشعوب المسلمة في الاتّحاد السوفياتي. وحضره أيضاً ٣ مندوبين عرب. تمثّلت قيادة الكومنترن بزينوفييف ورادك وبيلا كون، وتبنّى المؤتمر في جلسته الختاميّة «نداء إلى شعوب الشرق» دعاها إلى الوحدة والجهاد المقدّس ضدّ الاستعمار البريطانيّ بوصفه الوسيلة الوحيدة لتحرّرهم من الهيمنة السياسيّة والاستغلال الاقتصادي. وهذا أبرز ما ورد فيه عن المنطقة العربيّة.

«خيضت هذه الحرب لاقتسام العالم، وعلى الأخصّ آسيا، خيضت لاقتسام الشرق، خيضت من أجل أن يتقرّر مَن هو الذي سيسير على أقطار آسيا، ولمصلحة من سَوف تُستعبد شعوب الشرق.

يا شعوب الشرق! ماذا قدّمت إنكلترا للجزيرة العربيّة والعراق؟ أعلنت أنّ ثلاث دول إسلاميّة مستقلّة قد تحوّلتْ إلى مستعمرات تابعة لها، وطردت أصحاب الأرض من العرب من أراضيهم وحرمتْهم من أخصب وديان نهرَي دجلة والفرات ومن أفضل المراعي الحيويّة لمعيشتهم، وسلبت أثمن الموارد النفطية في الموصل والبصرة. وهكذا حرم العرب من كافّة موارد الرزق، بينما بريطانيا تراهم على المجاعة التي يعانون منها لإخضاعهم واستعبادهم.

وما الذي تقدّمه إنكلترا لفلسطين؟ إرضاءً لحفنة من الرأسماليّين اليهود والإنكليز، طردت العرب من أراضيهم ومنحتْها للمستوطنين اليهود. ولكي تتيح في الوقت ذاته متنفّساً لتذمّر العرب، سلّطتهم على المستعمرات اليهوديّة التي أنشأتها هي نفسها، زارعة الخلاف والتذمّر والبغضاء بين جميع القبائل، مضعفة كلا الطرفين لكي تنفرد هي بالسيطرة».

ماذا قدّمت إنكلترا لمصر حيث السكّان يرزحون تحت نير الرأسماليّين الإنكليز منذ ثمانية عقود، وهو نير أثقل من نير الفراعنة الذين بنوا الأهرامات الجبّارة بعمل العبيد.

(...) إنّنا ندعوكم الآن إلى أوّل جهاد مقدّس حقيقيّ تحت راية الأمميّة الشيوعيّة الحمراء. ندعوكم إلى الجهاد المقدّس من أجلكم، من أجل حرّيّتكم، من أجل حياتكم.

إنّ إنكلترا، آخر القراصنة الإمبرياليّين الأقوياء في أوروبا، تبسط أجنحتها السوداء على بلدان الشرق الإسلامي مستعبدةً شعوبها.

...قوموا للنّضال ضدّ هذا القرصان!

قوموا جميعاً، قَومة رجل واحد، للجهاد المقدّس ضدّ المحتلّين الإنكليز!

هبّوا جميعاً للنّضال ضدّ العدوّ المشترك - إنكلترا الاستعماريّة!

لترفرف عالياً راية الجهاد الحمراء.

هذا جهاد مقدّس من أجل تحرير شعوب الشرق، من أجل أن تزول قسمة البشريّة إلى قاهرين ومقهورين، من أجل المساواة الكاملة بين جميع الشعوب والقبائل، بغضّ النظر عن اللغة ولون البشرة والمعتقد الديني!

إنّه جهاد مقدّس ضدّ قسمة العالم إلى بلدان متقدّمة وأخرى متأخّرة، بلدان تابعة وأخرى مستقلّة، بلدان حاكمة ومستعمرات!

إنّه جهاد مقدّس لتحرير البشريّة جمعاء من نير عبوديّة الرأسماليّة والاستعمار، والقضاء على اضطهاد شعب لآخر، واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان!

...جهاد مقدّس من أجل الحرّيّة والاستقلال والسعادة لجميع شعوب الشرق. لملايين الفلّاحين والعمّال الذين تستعبدهم إنكلترا!

يا شعوب الشرق! في الجهاد المقدّس هذا يقف إلى جانبكم جميع العمّال الثوريّين وجميع الفلّاحين المقهورين في الغرب.
وسوف يمدّون لكم يد العون. ويقاتلون ويموتون معكم.
 إنّه المؤتمر الأوّل لممثّلي شعوب الشرق يخاطبكم. 
تعيش وحدة فلّاحي وعمّال الشرق والغرب، وحدة جميع الكادحين، جميع المضطهدين والمستغلّين!

تعيش قيادتنا المناضلة - الأمميّة الشيوعيّة!

ليستعِر أوار الجهاد المقدّس لشعوب الشرق وكادحي العالم ضدّ إنكلترا الاستعماريّة!

  • ١. فواز طرابلسي، «الأمميّة الشيوعيّة وقضيّة فلسطين»، في المقاومة الفلسطينيّة، الواقع والتوقّعات، دار الطليعة، بيروت، ١٩٧١، ص ٦٧
  • ٢. انظر Theses of the Communist International (as adopted by the Second Congress held in Moscow, August 1920, CPGB, London 1921, p.11.) ولينين، المؤلّفات الكاملة، الطبعة الإنكليزيّة، الجزء ٣١، ص ٥٦٤ المصدر ذاته، ص ٢٤٠
  • ٣. الأمميّة الشيوعيّة وتحرّر الشرق، المؤتمر الأوّل لشعوب الشرق، باكو ١-٨ أيلول / سبتمبر ١٩٢٠، ترجمة فواز طرابلسي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ١٩٧٢, ص٢٣٥ - ٢٥٠. نشر النداء في نشرة «الأمميّة الشيوعيّة»، لسان حال الكومنترن، عدد ٢٠ كانون الأوّل/ديسمبر ١٩٢٠. انظر أيضاً: I Spector, The Soviet Union and the Muslim World, 1917-1958, University of Washington Press, Seatle, 1919
العددان ١٨-١٩ خريف ٢٠١٧ / شتاء ٢٠١٨

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.