بعد رحيل سالمين صار عبد الفتّاح الأمين العام للحزب وعلي ناصر محمّد تولّى رئاسة الدولة، وكان هذا وضعاً مناسباً وطبيعيّاً فتوزيع السلطة بهذا الشّكل وفَصْل رئاسة الدّولة عن أمانة الحزب كان إجراءً ملائماً ويتّفق مع متطلّبات الأوضاع القائمة، طبعاً عبد الفتّاح كان خطأه أنّه أمسك برئاسة الدّولة والحزب اقتداءً بما كان حاصلاً في الاتحاد السوفييتي أيّام بريجنيف الذي كان يجمع بين منصبَي رئاسة الدولة وأمانة الحزب. برزتْ مقترحات بأن يجمع عبد الفتّاح بين منصبَي الأمانة العامّة ورئاسة مجلس الشعب الأعلى (رئاسة الدولة) على أن يتولّى علي ناصر رئاسة الوزراء، وفي اعتقادي أنّ هذا الإجراء كان غير ملائم، لأنّ إقصاء علي ناصر من رئاسة الدّولة قد خلق بعض الحساسيّة عنده. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية راكم المسؤوليّة على عبد الفتّاح، بينما كانت مواصفاته وإمكاناته أن يقتصر دوره على رئاسة الحزب، ويكون بمثابة «المرشد العام» إذا صحّ التّعبير، الأمر الذي خلق جوّاً من الانتقادات لأداء عبد الفتّاح في منصب رئاسة الدّولة رغم أنّ العبء الرئيسيّ في الأمور التنفيذيّة يقوم به مجلس الوزراء. حدثتْ بعض التطوّرات التي فاقمت الخلاف ومن ضمنها الآثار التي ترتّبت على حرب عام ١٩٧٩ بين الشّمال والجنوب، فقد لعب عبد الفتّاح إسماعيل دوراً رئيساً في إيقاف الحرب، كما أن السوفييت والجامعة العربيّة ضغطوا من أجل وقف القتال، فنشأ موقف نقديّ تجاهه عند بعض القادة الذين كانوا متحمّسين لمواصلة الحرب، واعتبروا عبد الفتّاح مسؤولاً عن التّراجع الذي حصل، خصوصاً بعد اتّفاق الكويت حيث حمّله بعضهم مسؤوليّة الهزيمة في الحرب وبعضهم الآخر حمّله مسؤوليّة شلل الدولة لكونه كان يقضي الوقت مع المثقّفين والشعراء ومنهم الشاعر علي أحمد سعيد (أدونيس) يقرضون الشعر والفلسفة ولا يهتمّ بشؤون الدولة، وأنّه ليس نشيطاً وديناميكيّاً مثل سالمين.
إلى جانب ذلك كانت الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة متأزّمة، حيث إنّ الدّولة في الجنوب محاصرة من جميع الدّول سواء الخليج أو الشّمال. وتسرّبت أنباء عن تغييرات محتملة في قيادة الحزب، وأنّ عبد الفتّاح ينوي إحداث هذه التغييرات لصالحه. جميع هذه الملاحظات على عبد الفتّاح ألّبت الآخرين عليه فتوحّدوا ضدّه، وكان لا بدّ من توزيع المناصب بين القيادة. الأمين العام للحزب كان لا بدّ أن يتخلّى عن رئاسة الدولة لعلي ناصر لأنّه كان الأقدر على قيادة الدولة، وعبد الفتّاح كان رجلاً حالماً مفكّراً وروحياً ومرشداً ومثاليّاً و«مش» رجل إدارة ودولة.
أزمة مخابرات القوّات المسلّحة
بدأت الأزمة بمشكلة بين وزارة الدفاع، وكان الوزير يومها علي عنتر، وبين وزير أمن الدولة محمّد سعيد عبد الله (محسن). والأخير فدائيّ قديم ومن أنصار عبد الفتّاح وقد أُرسل إلى ليتوانيا بعد إقصائه من منصبه. وتطوّر الموقف الخلافي مع عبد الفتّاح وخصومه كلّهم من الذين لهم تأثير في الجيش لكونهم من قادة جيش التحرير أثناء الكفاح المسلّح: علي عنتر، علي شائع هادي، صالح مصلح قاسم، محمد صالح مطيع، وعلي سالم البيض وآخرون، راحوا يطالبون باستقالته في البداية من رئاسة الدولة، ثمّ تطوّر الأمر إلى المطالبة باستقالته من رئاسة الدولة والأمانة العامّة للحزب. وكان قسم آخر يضمّ بعض الأخوة المثقّفين والذين وفدوا من مختلف الفصائل السياسيّة [اتحاد الشعب الديمقراطي وحزب الطليعة الشعبيّة] منهم أبو بكر باذيب، أنيس حسن يحيى، عبد الغني عبد القادر يعارضون الاستقالة. وكان ممثّلو الحزب في الشّمال في المكتب السياسي محتارين، فمن ناحية لدينا ملاحظات على الاداء العام كلّه، ولدينا شيء من النّقد على ما حصل بعد حرب ١٩٧٨، في حين إنّ علاقتنا بعبد الفتّاح وبالطرف الآخر جيّدة. لكنْ بعد جدل وحوار اقـتنعنا بأنّ استقالة عبد الفتّاح يمكن أن تؤدّي إلى تجنّب هذه الأزمة. هنا تدخّل السّفير السوفييتي وجلس مع خصوم عبد الفتّاح وحاول إقناعهم بالتخلّي عن موقفهم لكنّهم رفضوا.
توتّر الموقف إلى أبعد حدّ وخشينا أن يفلت الوضع، ورغم سيطرة الآخرين على الجيش والأمن إلّا أنّ بعض ضبّاط الجيش والأمن اتّصلوا بعبد الفتّاح إسماعيل وقالوا له إنّهم يقفون إلى جانبه، كما أنّ قادة المليشيا الشعبيّة كانوا يقفون إلى جانبه. لكنّ عبد الفتّاح رفض رفضاً باتّاً أن يكون هناك تأثير من الجيش ورأى أنّ الوضع، يمكن أن تحسمه القيادة المدنيّة. وبعد التوتّر واحتدام المناقشة في المكتب السياسي واللجنة المركزيّة تمّ التّوصّل الى حلٍّ وسط وهو أن يُطلَب من عبد الفتّاح الاستقالة من قيادة الحزب والدولة، وأن يتسلّم هذين المنصبين علي ناصر محمّد مقابل تكريم عبد الفتّاح بمنحه وسام الثّورة «١٤ أكتوبر» واستحداث منصب رئاسة الحزب وتعيينه رئيساً فخريّاً للحزب كنوع من الإخراج الذكيّ للأزمة، ثمّ يغادر إلى موسكو. وقد تمّ انتدابنا أنا وشخصين آخرين هما أنيس حسن يحيى وعبد العزيز عبد الولي باعتبارنا أقرب إلى عبد الفتّاح، لنقنعه بالاستقالة على أن يُعلن أنّ الأسباب صحّيّة وأنّه مريض. وعندما أبلغنا عبد الفتّاح بموضوع الاستقالة فوجئ بالقرار إذ لم يكن يتوقّعه، وسألَنا عن الأسباب فقلنا تجنّباً للأزمة. وبعد هنيهة من التّفكير قال: «أنا لست بمريض ولكن إذا كانت هذه إرادة الحزب ورغبة أعضاء المكتب السياسي، بمن فيهم أنتم، فأنا على استعداد لفعل ذلك». وتناول القلم، وكتب تلك الاستقالة المشهورة، وقبل أن يكمل جاء فضل محسن عبد الله متحفّزاً، وكان موجوداً في نفس المكان، وفي لحظة سريعة انتزع ورقة الاستقالة من يد عبد الفتّاح وقال له «لن تستقيل ولن تكتب الاستقالة، لأنّ الحزب لا يوافق على ذلك»! ولم يكن فضل محسن يومها عضواً في المكتب السياسي، لكنّه كان قياديّاً في الجبهة القوميّة وفي الوقت نفسه مقرّباً من عبد الفتّاح إسماعيل. توتّر الجوّ بيننا، لكنّ عبد الفتّاح تدخّل من جديد وأقنع فضل محسن بأن يعيد ورقة الاستقالة وواصل كتابة النصّ. ولم أعد أتذكّر هل الاستقالة كتبت في نفس الورقة التي انتزعها فضل محسن، أم أنّ عبد الفتّاح كتبها على ورقة أخرى وسلّمها لنا.
ذهبنا لإبلاغ المكتب السياسي بالاستقالة، واستدعيت اللجنة المركزيّة للانعقاد «من شان» توافق على الانقلاب الذي كان يتمّ داخل المكتب السياسيّ واللجنة المركزيّة. فوجئ النّاس بهذا الحدث وأصرّ بعض أعضاء اللجنة المركزيّة على ضرورة حضور عبد الفتّاح، لكنّ آخرين رفضوا، وفي النّهاية قبلت اللجنة المركزيّة الاستقالة بأغلبيّة مقبولة، ٥٠ عضواً، وعارض الاستقالة ١٩ عضواً. وتمّ انتخاب علي ناصر محمّد رئيساً لمجلس الرئاسة وأميناً عامّاً للحزب، وتعيين عبد الفتّاح رئيساً فخريّاً للحزب ومنحه وسامَ الثّورة «١٤ أكتوبر». كانت هذه تسوية داخل الحزب لكن كان واضحاً أيضاً أنّه «كان في» معارضة للاستقالة حيث حصلت اتّصالات كثيرة من بعض ضبّاط الجيش الذين أبلغوا عبد الفتّاح أنّهم يرفضون الاستقالة وأنّهم على استعداد للوقوف إلى جانبه، لكنّ عبد الفتّاح كان رجلاً عاقلاً، مثقّفاً ينظر إلى البعيد، فأقنع الجميع بأنّه طالما النظام والحزب هما الباقيان فهذا هو الأهمّ، وأنّه لا يمكن أن يُدخل البلاد في أزمة أخرى، ولم يتّخذ أيّ إجراء مخالف على الإطلاق. وكان لدى عبد الفتّاح عدد قليل من الحرّاس في حدود ١٠ أشخاص، فأمرهم بالتزام الهدوء وعدم فعل أو قول أي شيء.
وأشهد اليوم أنّ عبد الفتّاح إسماعيل كان رجلاً بعيد الأفق وهو الزعيم اليمنيّ الوحيد الذي أخذ هذا الموقف وجنّب البلاد والحزب الأسوأ. وكان من أسباب الأزمة الجمع بين المنصبين كما سبق أن قلت، لكن بعد ذلك لم تُسوَّ الخلافات وتفاقمت الأزمة كما سوف نرى فبلغت ذروتها و«ما عاد فيه إمكانيّة للحلول الوسط».
المهمّ، سافر عبد الفتّاح إلى موسكو وتولّى علي ناصر محمّد رئاسة الدّولة وأمانة الحزب وبدأت سياسة فيها قدْر من الانفتاح على الدول المجاورة ومع الشّمال، أي أيديولوجيّة أقلّ، ومعنى الانفتاح أن يتعامل مع الدّول الأخرى بطريقة عمليّة براغماتيّة بطريقة المصالح وبقدر أقلّ من الأيديولوجيّة.
اتّفاقيّات لا تُنفّذ
كما سبق أن أشرت إلى أنّه بعد إقالة عبد الفتّاح تولّى علي ناصر رئاسة الدولة والأمانة العامّة للحزب، الأمر الذي أنتج سياسة قائمة على الانفتاح على الدّول المجاورة ومنها الشّمال، والسّعي إلى حلّ المشاكل بالطرق السّلميّة. في ذلك الوقت أنا كنت أتّخذ الموقف الوسط، أريد للحزب أن يتوحّد في الجنوب حتّى لا يؤثّر علينا في الشّمال. الحرب بين الجبهة الوطنيّة والحكومة استمرّت في فترة حكم علي ناصر، كنت أعيش في «عقّان» [قرب الحدود الشماليّة] وأذهب إلى الشّمال، واستطاعتْ قوّات الجبهة، رغم قلة الدّعم، أن تحققّ بعض المكاسب والسّيطرة على بعض المناطق، غير أنّ الضغوط الدولية بتوقيف الحرب ازدادت وبالذات من الاتّحاد السوفييتي ومن دول المنطقة.
انتهج علي ناصر سياسة حل المشكلة مع الشمال من دون أن يكون هناك خسارة للعلاقة مع الجبهة الوطنيّة. ويعني هذا أن نصل إلى حلٍّ متوازن مع صنعاء. في المقابل، تراجع دعاة استمرار الحرب داخل المكتب بسبب إمكانات الدولة والوضع الإقليمي والضّغط السوفييتي. أي أنّ الظروف لم تكن لصالحنا، لذلك اضطُررنا إلى البحث عن حلّ سياسي. وتدخّلت الجامعة العربيّة من خلال أمينها العامّ حينها الشّاذلي القليبي، الذي قصد صنعاء وعدن وقد قابلتُه في مطار عدن. كما تدخّل ياسر عرفات وسيطاً بين الجبهة الوطنيّة والسلطة في صنعاء. وكان الشّاذلي القليبي الأكثر جدّيّة في الوساطة، لأنّ ياسر عرفات كان مشغولاً بالقضيّة الفلسطينيّة. المهمّ، بعد وساطاتٍ محليّة وعربيّة ومحادثاتٍ مباشرة بين علي ناصر محمّد وعلي عبد الله صالح وممثّلي الجبهة الوطنيّة، تمّ الاتّفاق على وقف إطلاق النّار وإرسال مراقبين فلسطينيّين للفصل بين المواقع.
في هذه الأثناء، توقّف الدّعم عن الجبهة الوطنيّة من قبل الدّول التي كانت تؤيّدها بما فيهم السوريّون الذين دعمونا بعد ذهاب السادات إلى إسرائيل. وكان علي ناصر يرغب بالتّفرّغ للتّنمية وذهب إلى تعزّ والتقى علي عبد الله صالح حيث توصّلا إلى اتّفاقٍ سمّي «اتّفاق تعز» عام ١٩٨٢. وتضمّن الاتّفاق توقُّف القتال بين الجبهة والسّلطة، وأن يكون الجنوب وسيطاً مسؤولاً بين الطرفين. نحن في الجبهة الوطنيّة والحزب في الشّمال استقبلنا الاتّفاق بعدم الارتياح، واعتبرنا أنّ هذا يضعفنا في المفاوضات. لكنّ المكتب السياسيّ للحزب وافق على الاتّفاق فيما وقف إلى جانبنا صالح مصلح وعلي عنتر.
تضمّن الاتّفاق إطلاق المعتقلين من جانب الحكومة ومن جانبنا، وبقاءنا في المناطق، واستمرار إصدار صحيفة «الأمل» في صنعاء، والفصل بين قوّات الجبهة وقوّات الدّولة، ونزع الأسلحة من المناطق. وتوقّف الدّعم عن الجنوب. فاستغلّت الحكومة هذا الاتّفاق ولم تنفّذه بل استمرّت بضرب الجبهة واعتقال المدنيّين من أعضاء الحزب في صنعاء وتعزّ إلخ.
بعد ذلك انسحب المراقبون الفلسطينيّون وتمكّنت الحكومة من تحقيق بعض النّجاحات في بعض المناطق بواسطة الجيش النّظامي. هنا تدخّل الجنوب سياسيّاً واتّفقوا على ذهاب وفد من الجبهة الوطنيّة وحزب الوحدة الشّعبيّة إلى صنعاء للتّفاوض. شارك في مفاوضات صنعاء مع الرّئيس علي عبد الله صالح في فتراتٍ مختلفة جار الله عمر ويحيى الشّامي وسلطان أحمد عمر وعبد السلام الدّميني وسعيد الجناحي وعلي محمد الصّراري. وقد تواجد هؤلاء في صنعاء لإصدار صحيفة «الأمل». كنّا نتفاوض مع الحكومة ونصدر الجريدة والقتال مستمرّ، ولم يكن لدينا دعمٌ. عام ١٩٨١ توصّلنا إلى اتّفاقٍ مع الحكومة لكنّ الأخيرة رفضت التّوقيع عليه. قالوا «خلّوه مكتوب» ولم يوقّعوا لأنّهم كانوا في وضعٍ أقوى.
في هذه الفترة طرأ عاملان جديدان.
العامل الأوّل: خلافٌ في عدن بين علي ناصر وعلي عنتر والآخرين. أضعف هذا الأمر موقفنا وقد استفاد علي عبد الله صالح من الخلاف.
العامل الثّاني: دخول الإسلاميّين في المعركة إلى جانب الرئيس ضدّ الجبهة الوطنيّة وحزب الوحدة الشعبيّة. كان لديهم أفراد مسلّحون قاتلوا إلى جانب الجيش النّظامي. من جهة أخرى، استمرّ دعم دول الخليج لعلي عبد الله صالح والضّغط على الجنوب، وهذا ما زاد من إضعاف موقفنا.
أثناء تواجدنا في صنعاء تمّ استدراج الدّكتور عبد السلام الدميني واثنين من أقاربه، أخيه وابن عمّه، إلى الأمن الوطني وقتلوهم خنقاً في اللّيل ثمّ حملوا جثّثهم ورموهم من رأس «نقيل يسلح» على أساس أنّه حادث مروريّ بانقلاب سيّارة، لكنّ البعثة الطبيّة الصينيّة في المستشفى بذمار قالت إنّهم ماتوا خنقاً ولم يقع حادث سيّارة. حصلت هذه الحادثة ونحن موجودون في صنعاء للمفاوضات مع الحكومة. تأزّم الموقف من جديد بيننا وبين النّظام. كنتُ والأخ يحيى الشامي موجودين في صنعاء، وكانت التّعليمات تقضي بتصفيتنا أيضاً نحن المفاوضين. وكان بعض قادة الجبهة قد بدأوا العودة إلى الشّمال فتمّت تصفيتهم عن طريق الاغتيالات.
أرسلتْ القيادة في الجنوب وفداً برئاسة المرحوم عبد الله الخامري، وزير الدولة، للاحتجاج على قتل عبد السلام الدميني. وعندما عرفوا أنّنا محاصرون في صنعاء أرسلوا الوفد المذكور، وطلبنا السّماح لنا بالسّفر إلى عدن كما اتّفقنا مع ممثّل الحكومة وكان حينها الأستاذ محمّد الرباعي، وهو شخصٌ وطنيّ وديمقراطي ولا يرغب بالقتل. اتّفقنا على كلّ شيء وطلبنا العودة إلى عدن، لكنّ الحكومة رفضت. وقد استلمنا رسالة من أعضاء الحزب في صنعاء يخبروننا بأنّ علينا أن نغادر أنا ويحيى الشامي إلى عدن فوراً وإلّا ستتمّ تصفيتنا بعد ساعات. ولم تتّخذ الحكومة أيّ إجراء للتّحقيق في قتل الدميني ومن معه. وقد طلبنا من ممثّل الحكومة الأستاذ الرباعي أن يسمح ليحيى الشامي بالسّفر على طائرة الوفد الّذي قدم من عدن، أمّا أنا فأسافر عبر المناطق الوسطى على أساس أنّي مع ممثّلي الحكومة فأذهب إلى هناك كي أساهم بوقف إطلاق النّار.
ونحن قلنا إذا كان لا بدّ أن نموت يبقى يحيى الشامي وأموت أنا وليس جميعنا طبعاً. كان عند كلّ واحد منّا نوعٌ من نكران الذّات. كلّ واحدٍ يرغب في أن يضحّي قبل غيره، فذهب يحيى الشامي مع الخامري إلى المطار ومُنع من السّفر على الطائرة التّابعة للوفد إلى عدن. وعندما وصل الوزير عبد الله الخامري إلى عدن أبلغ قيادة الحزب علي ناصر محمّد وعلي عنتر والآخرين بخطورة الوضع، وعقد اجتماعاً للمكتب السياسي وتمّ الاتصال بالرئيس علي عبد الله في المساء وطلبوا منه السّماح بنزول طائرة في مطار صنعاء لنقل جار الله ويحيى الشامي إلى عدن.
كان الجو هنا في صنعاء متوتّراً. وأبلغوا الرّئيس احتجاج القيادة الجنوبيّة على عدم الالتزام بالاتّفاق. وعند الساعة الثّامنة مساءً فوجئنا بدعوة الرّئيس لنا إلى منزله في الحصبة حيث قال: أنتم تريدون أن تثيروا مشكلةُ بين عدن وصنعاء. طلبنا منه التّحقيق في مقتل عبد السلام الدميني. قال إنّ هذا حادث سيّارة. قلنا لا بدّ من تشكيل لجنة للتّحقيق في مقتله هو وزميليه. في هذه الأثناء، كانت الاتّصالات بين قصر الرّئاسة في عدن وقصر الرئاسة في صنعاء متواصلة. وعند الساعة التاسعة مساءً اتّصل علي ناصر محمّد وطلب أن يتحدّث معنا مباشرةً. قال: أريد أن أطمئنّ على وجودكم لأنّ الخامري أبلغهم أنّه إذا لم تلحقوا بهم سينتهون.
بالفعل، كان ثمّة محاولة اغتيال. أصرّ علي ناصر على أن يرسل طائرة فوعده الرئيس علي عبد الله صالح ألّا يحدث أيّ شيء. وتمّ الاتّفاق بين الطرفين في تلك اللحظة عبر المكالمة الهاتفيّة ونحن موجودون في القصر، بأن نعود إلى عدن بحيث يأتي يحيى الشامي بالطّائرة وأنا أتوجّه مع وفد الحكومة إلى المناطق الوسطى لتهدئة الوضع حيث انتشر القتال على أثر قتل عبد السلام الدميني. وفي اليوم التّالي سافر يحيى الشّامي إلى عدن بشكلٍ عادي وأنا سافرت في سيّارة مع وزير العدل يومها إسماعيل الوزير [اسم أسرته]، ومع رئيس العمليّات عبد الله حسين البشيري أمين عام الرئاسة.
وصلنا إلى يريم بعد الظّهر ونمنا جميعاً داخل معسكر الجيش هناك. وكانت هناك محاولة لقتلي من داخل المعسكر من قبل الإسلاميّين، لكنّ قائد المعسكر رفض تنفيذ العمليّة سواءً داخل المعسكر أو في الطّريق. وقال إنّه لا تعليمات من صنعاء. كان هذا القائد من منطقة قريبةٍ لمنطقتنا ولا يريد أن تنفّذ العمليّة في معسكره. وفي صباح اليوم التّالي أرسل معي قوّةً من المعسكر إلى منطقة الرّخمة حيث تعسكر الجبهة. إسماعيل (الوزير) ومن معه ذهبوا إلى مكانٍ آخر. وهناك بين رفاقي وزملائي شعرت بالأمان. وشعرتُ بأنّ بعض الحرس الّذين كانوا معي متعاطفون مع الجبهة بصورة سرّية حيث أخبروني بالمحاولات التي دُبّرت ضدّي. وأمّنوا وصولي إلى مواقع الجبهة بسلام، وبعد يومين ذهبت إلى عدن وعقدنا اجتماعاً للمكتب السّياسي لتدارس الوضع. وهنا بدأنا مرحلة جديدة في عملنا في الشّمال.
التراجع عن الكفاح المسلّح
في المرحلة الجديدة كان الوضع على النّحو الآتي: معارك عسكريّة في بعض المناطق الوسطى وذمار وتعزّ بين قوّات الحكومة والجبهة. ضحايا كثر من الطّرفين. اغتيالات توجّهها قوّات السلطة ضدّ الناس الّذين عادوا من الجبال إلى المناطق على أثر اتّفاقيّة تعزّ. كانوا يصفّونهم جسديّاً والحكومة لا تقبل أيّ حلّ سلميّ. عندنا في قيادة الجبهة الوطنيّة والحزب كانت هناك أصوات تقترح إعلان التّخلّي بصورةٍ علنيّة عن الكفاح المسلّح. كان هناك خلاف في قيادة الحزب فرع الجنوب بين علي ناصر وعلي عنتر، وكانت حكومة صنعاء تعرف بهذا الموضوع وتتابعه وتستفيد منه في صراعها مع الجبهة. هذا الوضع طبعاً أثّر على حالتنا. كان الضّغط السوفييتي مستمرّاً لإيقاف المعركة وقد نشأت أغلبيّةٌ داخل المكتب السّياسي لا تؤيّد مواصلة الكفاح المسلّح وتقول إنّه لا بدّ من تغيير إستراتيجيّة الحزب رغم علمها أنّ حكومة صنعاء لم تلتزم بالاتّفاقيّة السابقة. ولذلك وصلنا نحن إلى قرارٍ رغم هذه الخسائر بتغيير إستراتيجيّتنا وتغيير التكتيك الذي كنّا نتّبعه. وأصدرنا برنامجاً سمّيناه «برنامج التغيير الدّيمقراطي»، أظن أنّ هذا كان في عام ١٩٨٢. وأعلنّا انتهاء فكرة الكفاح المسلّح واستعدادنا للعمل السلميّ. طبعاً بقيت هناك أصوات معارضة داخل فرع الحزب في الشمال والجبهة الوطنيّة الدّيمقراطيّة. ولكن أنا شخصياً كنت قد اقتنعت بأنّه لم تعد هناك إمكانيّة للمقاومة لأنّ الشروط الداخليّة والخارجيّة غير متوفّرة. والحكومة في صنعاء استغلّت هذا التّراجع من قبلنا وأمعنت في حملات اغتيال أعضاء الجبهة وأعضاء الحزب، واستمرّت في أعمال القمع والتّعذيب بشكلٍ شديد واعتبرت أنّها انتصرت ونحن انهزمنا. وأنّها يجب أن تقوم بكلّ ما يقوم به المنتصر.
المهمّ، بدأنا نطرح برنامج التغيير الدّيمقراطي، وصنعاء من جانبها أعلنت عن تكوين «المؤتمر الشّعبي العام». شارك بعض رفاقنا في تأسيس المؤتمر الشّعبي، منهم محمّد الشيباني وبعض الأعضاء في المناطق. أنا لم أشارك. لم أكن في صنعاء في ذلك الوقت. وعندما أعلن عن تكوين المؤتمر الشّعبي اعتبرت ذلك خطوةً في سبيل الاعتراف بوجود آراء مختلفة، حيث كانوا يعتبرون أنّ الحزبيّة خيانة. وكان دستور الجمهوريّة العربيّة اليمنيّة يحرّم الحزبيّة. لكنّ الغرض من إنشاء المؤتمر الشّعبي كان أن يقيموا تنظيماً مشابهاً لما هو حاصلٌ في عدن - أقصد الحزب الاشتراكي اليمنيّ - الذي يقوم بتعبئة النّاس وهي وسيلة من وسائل الصّراع. لكن لم يكن تأسيس المؤتمر الشّعبي العام فكرةً ديمقراطيّة من النّاحية الموضوعيّة فقد ضمّ اتّجاهاتٍ مختلفة، اليسار والوسط واليمين والقوميّين والإسلاميّين الذين كان لهم الدّور الكبير في هذا التّنظيم.
في تلك المرحلة - أي عام ١٩٨٢ كنت في عدن. وكنتُ منزعجاً جدّاً من النّتائج التي انتهت إليها الأوضاع في الشّمال، فقد أصبحنا مهزومين. رفاقنا في السّجون والحكومة لم تفِ بأيّ وعد، لم يعد هناك إمكانيّة للضّغط فقد أوقفنا الصّراع المسلّح وكانت المرحلة صعبة بالنسبة إليّ. وجاء التّطوّر السلبيّ الّذي أدّى إلى خيبة الأمل حيث بدأت القيادة في عدن، بهدف توحيد صفوفها، باتّخاذ إجراءات ضدّ أنصار عبد الفتّاح إسماعيل الذي كان منفيّاً في موسكو. وكان الكثير منهم أصدقاء، اعتقلوا حسين قماطة، قائد القيادة الوطنيّة للمليشيات الشّعبيّة، وقيل إنّه انتحر داخل السّجن، وكذلك اعتقلوا عبد العزيز عبد الولي، عضو مكتب سياسي، وهو فدائيّ ووزير سابق كان من أنصار عبد الفتّاح توفّي في ألمانيا الدّيمقراطيّة. ولم تُعرف كيفيّة وفاته. وتمّ اعتقال محمّد سعيد عبد الله «محسن»، وزير أمن الدّولة، وأًبعدَ من منصبه وعُيّن سفيراً ثمّ طُولب بالعودة إلى عدن وتمّ إيداعه السجن في «معسكر الفتح». كانت هذه العمليّة مؤلمة ومحزنة جدّاً. وأنا طلبت أن أخرج من عدن. لم تكن هناك إمكانيّة للعودة إلى صنعاء. عبد الفتاح كان منفيّاً في موسكو. أصبحت الأوضاع سيّئة للغاية. كان علي ناصر يُنشئ علاقات جديدة مع الدّول المجاورة ويغيّر في السّياسات. راحت أوضاع النّاس تتحسّن. خفّت الضّغوط عنهم. أصبح هناك انفتاح على دول الخليج. وتدفّقت المساعدات من الخارج، وقام العمّال المغتربون بتحويلاتٍ ماليّة بسبب قيام علي ناصر بعلاقاتٍ مع الدّول المجاورة.
لكنّ الوضع في الجنوب كان سيّئاً. أراد علي ناصر أن يجاملني فقال من الأفضل أن نخرج لنتعالج، فوافقت. أخذني معه بالطّائرة عندما كان يحضر مؤتمر قمّة في المغرب. وكان مدركاً أنّي حزينٌ لما حصل في الشّمال. كان حريصاً على العلاقة معي. وفي العام ١٩٨٢ ذهب إلى براغ فيما طلبت أنا أن أتابع العلاج. وأرسل معي مرافقاً كان مع صالح مصلح وزير الدّاخليّة اسمه عبد الله مثنى. كان شجاعاً وتولّى حمايتي. وذهبنا بعدها إلى باريس حيث سمح لي أن أبقى هناك شهراً كاملاً.
باريس ولندن: الثّقافة والجمال
أوّل مرّة أزور باريس. هناك كان الهمّ الثقافي كبيراً. اتّجهتُ إلى السّفارة اليمنيّة، سفارة عدن وطلبتُ منهم أن أزور الأماكن الثقافية في باريس. عرّفوني على بعض الأماكن لكن بشكلٍ محدود. واتّصلتُ بالأخ علي محمد زيد الذي كان يساريّاً وهو كاتب ومثقّف وكان يحضّر الدّكتوراه عن الدولة اليمنيّة في جامعة السّوربون. وأيضاً تعرّفت إلى زميلٍ آخر كان يعمل في السّابق في الشرطة، وهو الأخ أحمد الصيّاد والذي كان يعمل نائب مدير اليونيسكو. أنا كنتُ مدرّساً في كلّيّة الشرطة وهو كان طالباً حيث كان ينتمي إلى نفس الحركة الّتي كنت أنا فيها [حركة القوميّين العرب] وبعدها قام بتحضير الماجستير في العراق ثم الدّكتوراه في باريس.
وجدت ضالّتي مع هذين الشّخصين حيث قضينا معاً شهراً كاملاً زرنا فيه المعالم الثقافيّة في باريس من اللوفر إلى فرساي إلى المتاحف المختلفة في باريس وما حولها. زرنا الأماكن الثقافيّة والقصور والمسرح الكبير في الليدو. وكان اللوفر ممتعاً لمَا حواه من لوحات ومن غنى. قضينا داخله أكثر من أربعة أيّام ولم نكمل حيث تعرّفنا إلى الحياة الاجتماعيّة. وشاهدتُ الانفتاح في العلاقات الاجتماعيّة التي كانت جديدةً عليّ. دُهشتُ في البداية لكنّني تفهّمت الأمر فيما بعد.
بعد باريس ذهبت إلى لندن. لم تكن زوجتي معي في لندن كانت في عدن. في لندن أجريتُ بعض الفحوصات الطبّيّة وزرت بعض المواقع التّاريخية والثّقافية. وما لفت انتباهي أنّ المجتمع في الغرب والحياة أكثر انتظاماً والشّوارع أكثر نظافة مما هي في أوروبّا الشرقيّة. ليس هناك أبواق سيّارات والحياة تسير بهدوء وبانسيابٍ كامل. لاحظت عناية كبيرة بالثّقافة والأماكن الثّقافيّة والمتاحف، ومع أنّ الصناعة متطوّرة إلّا أنّ البيئة نظيفة. وبطبيعة الحال كانت المرأة في لندن وباريس مثار إعجابي من حيث رشاقتها والجمال.
في لندن رافقني عبد الله ناصر. دخلنا محلّاً يبيع الأدوات المنزليّة. وفجأةً وجدنا خلفنا شابّتين جميلتين تتحدّثان العربيّة باللّهجة اليمنيّة. استوقفتانا وقالتا: نريد أن نتحدّث معكم. كانتا تتكلّمان باللّهجة البدوية إلّا أنّ مظهرهما أوروبّيّ من حيث الملابس والشّعر. ومع أنّ الملامح ليست كلّها أوروبّيّة ولا هي شرقيّة، كانتا تبدوان من شعوب شرق المتوسّط. سألنا: من أين أنتما؟ من اليمن، كان الجواب. قلنا لا يمكن أن تكونا من اليمن فنحن نعرف المرأة اليمنيّة. قالت الأولى إنّها من تعزّ والثّانية من صنعاء. وبدأتا تحكيان لنا عن الحياة في تعزّ، عن وجبات الطّعام وعن الطّبخ والحياة في البيت وعن تفاصيل الحياة اليمنيّة على تنوّعها. كانت أعمارهما تتراوح ما بين ٢٧ و٣٥ سنة فاستوقفنا هذا الأمر. ثمّ أخبرتانا أنّ أبويهما عاشا في اليمن ثمّ هاجرا منها. وأنّهما ولُدتا في إسرائيل. سألناهما كيف تعرفان هذه التّفاصيل فقالتا من العائلة.
اعترتنا مشاعر متناقضة. أُعجبْنا بجمالهما. تحفظان التّراث اليمني وتتحدّثان باللّهجة اليمنيّة ولم تولدا في اليمن. أحسسنا بِصلة قرابة من نوعٍ ما تربطنا بهما. لكنْ مقابل ذلك كان الخوف السّياسي من أنّنا قد نُعدّ في يومٍ من الأيّام خونة للحزب إذا قام أحدهم بالتبليغ عن اللقاء وأنّنا لم نبلّغ عنه [يقصد وجوب التبليغ عن أيّ اتّصال بأفرادٍ من دولة العدوّ] برغم أنّها كانت صدفةً لا أكثر. نحن كما غيرنا في الوطن العربي وفي الأحزاب والسّلطات ليس عندنا تفكير عقلاني، عندنا عاطفة. سوف يقال إنّ هؤلاء التقوا بيهوديّات قد يكنّ من المخابرات. أخافتنا الخاطرة بل أرعبتنا. فانسحبنا على الفور من المكان رغم إلحاحهما على مواصلة الحديث وعرضهما علينا أن ننتقل إلى مقهى لشرب الشّاي ومواصلة الحديث. وكان هذا الشّيء بالنّسبة لهما شيئاً مهمّاً حيث تعرّفتا على أناسٍ من بلدٍ وُلد فيه الآباء والأجداد. ودّعناهما ونحن حذرون وخائفون وفزعون ممّا فعلنا.
استكملت الفحوص. كنت أعاني من آثار بلهارسيا سطحيّة ولم تكن مزمنة. عالجتها في عدن ثمّ في لندن عالجوها بشكلٍ قوي. وأُجريتْ لي فحوصاتٍ شاملة، وأصبحت بتمام الصحّةٍ. لكنّي تلقّيت اتّصالاً هاتفيّاً من عدن أخبروني فيه إنّ ابني أوسان يعاني من أورامٍ في الغدد. ظننتُ أنّه سرطان لذلك انزعجت كثيراً واتّصلتُ بصديقي صالح مصلح وبالزّملاء في عدن وطلبت منهم إرسال أوسان إلي للتّحقّق من هذه الأورام. جاء أوسان مع أمّه وقضينا رأس سنة ١٩٨٣ مع بعضنا في لندن. وكان عمر أوسان ثلاث سنوات. وحضر معه قيس، ابني الكبير. أكّد الأطبّاء أنّ هذه مسألة غدد وليس هناك أيّ خطر. جاء الطّبيب بالعلاج اللازم وكان الشّفاء. كان ذلك شيئاً مفرحاً. وقد تفرّغنا لزيارة المتاحف والأماكن الثّقافيّة المختلفة. زرنا متحف الشّمع أنا وزوجتي وكانت متبرّجة وعاديّة [يقصد سافرة]. وعند مدخل المتحف كانت هناك امرأة عربيّة منقّبة بشكلٍ كامل، وجهها وأيديها وكأنّها خيمة سوداء متحرّكة. ولفت انتباهي أنّ الزوّار تركوا المتحف وصاروا يتفرّجون على المرأة العربيّة وزوجها الذي كان معها. أحزنني ذلك.
أثناء وجودي في لندن وقع الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان. وكان محزناً لنا أنْ نرى الجيش الإسرائيليّ يقتل الناس ونرى عاصمةً عربيّة تسقط بيد الجيش الإسرائيلي والعواصم العربيّة لا تحرّك ساكناً. عدنا إلى اليمن في ١٩٨٣. وهنا أريد أن أقول للتاريخ نحن كنّا نرسل مقاتلين من الجبهة الوطنيّة إلى جنوب لبنان بصورةٍ دائمة. كانت لدينا أعداد كبيرة من المقاتلين في عدن، منذ منتصف السّبعينيّات كنّا نرسل مقاتلين إلى جنوب لبنان حيث قاتلوا في العديد من المناطق بما فيها قلعة الشقيف والنبطيّة إلخ.
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.