العدد ١٤ - ربيع/صيف ٢٠١٦

عودة علي شريعتي

النسخة الورقية

الحلقة الثانية من «اسلاميون خارج السرب» مخصصة للمفكر الثوري وعالم الاجتماع الايراني على شريعتي. ينتمي علي شريعتي الى جيل من مفكري الثورة الايرانية وقادتها ومناضليها اليساريين الذين جرى التعتيم عليهم مع تمأسس الثورة الاسلامية في دولة تحت رايات ولاية الفقيه.

فيما نحن نعدّ الملف، تعرّص السيد حسن نصرالله بالنقد الشديد للتشيّع اليساري في خطاب له امام المؤتمر الثاني عن فكر الإمام سيد علي الخامنئي ( ١٠حزيران/يونيو ٢٠١٥). اثنى نصرالله على دور خامنئي في مقاومة «المدّ الماركسي الهائل» الذي رضخ له مفكرون وعلماء اسلاميون تأثروا بالماركسية وتعايشوا معها وارادوا البحث عن الاشتراكية في الاسلام واقناع الناس بأن ابا ذر الغفاري اشتراكي. الإشارات واضحة الى علي شريعتي والإمام محمود الطالقاني وصحبهما، وقد أعلن نصرالله ان زمان هؤلاء قد انقضى، ونصب في مواجهتهم فكر السيد محمد باقر الصدر وكتابه «اقتصادنا» على اعتباره رداً على الماركسية والرأسمالية معاً. علماً بأن إسلام صاحب نظرية البنك اللاربوي متصالح مع الرأسمالية، يحرّم الربا ولا يطاول مبدأ الربح، المحرّك الاساس للنظام الرأسمالي. المفاجيء في كلام السيد نصرالله هو اضطراره العودة الى زمن النزاعات والتصفيات الاولى في الثورة الايرانية ليعلن تموضعه ضمن الجناح السلطوي الحاكم حاليا في الجمهورية الاسلامية الايرانية. لم يشفع لشريعتي عند «سيّد المقاومة» ان المناضل الايراني جاء ومصطفى شمران الى لبنان للقتال ضد اسرائيل في جنوب لبنان الى جانب المقاومين اللبنانيين والفلسطينيين، ولا ان الإمام موسى الصدر أم الصلاة على جثمانه ليوارى الثرى عند وفاته العام ١٩٧٧ في مرقد الستّ زينب بعد ان منع الشاه دفنه في ايران. وما مضت أسابيع على خطاب السيد نصرالله، حتى كان الإمام خامنئي يحذر، في لقاء امام طلاب جامعيين، من «عودة نشاط التيار الماركسي» الى الجامعات في ايران مؤكداً «ان المال الاميركي يدعم هذا التيار، من أجل تشتيت الطلاب وتفرقتهم». وكما هو الحال عندما يشاغب الطلاب، يستحقّون «التربية»، فنصح المرشد بـ«استخدام أساتذة قيّمين والامتناع عن إستخدام أفراد غير موثوق بهم، لدى النظام والشعب والبلاد» (الحياة، ١٣ تموز/يوليو ٢٠١٥) . نترك جانباً حاجة هذا النمط من الفكر الى الإدغام. كان اللجوء فيما مضى الى «الماركسية والمال اليهودي»، وها هي الماركسية الآن تتسلل لايران بواسطة «المال الاميركي». ليس سرّاً ان الإمام السيد علي خامنئي كان يقف في الطرف النقيض لليسار وطروحات شريعتي والإمام الطالقاني وزملائهما خلال الثورة الايرانية. وهو قد اعلن باكراً «بأن شريعتي يمثل مرحلة مضت» داعيا الى جمع «جمال البيان» لدى شريعتي مع «متانة الفكر الاسلامي وإحكامه». (انظر «تقديم الإمام السيد علي الخامنئي»، علي شريعتي، الآثار الكاملة، الجزء الرابع، ١٩٩٤ ص ٤). بناء عليه، يبدو ان علي شريعتي حاضر في «المرحلة الجديدة» في ايران وخارجها بأكثر بكثير من سحر بيانه في اللغة الفارسية وهشاشة فكره الاسلامي. فالمفارقة في أمر مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية والأمين العام لحزب الله ان إثارتهما مرحلة يعتبرونها قد إنقضت ومضت – مرحلة الفكر والفعل الماركسي في ايران وخارجها، مرحلة علي شريعتي، وإسلام الثورة الاجتماعية، وحاملي لواء «التشيّع الاحمر» في مواجهة «التشيّع الاسود»، و«التشيّع العلوي» في مواجهة «التشيّع الصفوي» - إن هي الا تأكيد على ان تلك المرحلة في طريق العودة.

الصفحات الآتية مخصصة للتعريف بهذا المعاد.

ف.ط.

العدد ١٤ - ربيع/صيف ٢٠١٦

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.