العدد ١٢ صيف / خريف ٢٠١٥

ذاكرة الحرب العظمى

المجاعة أم حبل المشنقة؟

النسخة الورقية

من يتذكّر حادثة المجاعة الكبرى؟ هل من لبناني يستطيع أن يحدّد لنا بدقّة عدد ضحايا المجاعة بين عامي 1915 و1918؟ أكان ينبغي أن ننتظر ليندا شاتكوفسكي شيلشر لندرك أنّ هذه الكارثة حصدت مئتي ألف قتيل في جبل لبنان في عهد المتصرفيّة1؟ غير أنّه، عند النظر إلى الوراء، ندرك أنّ ذكرى هذا الجوع المُهلِك حُجِبَت، رغم أنّ جزءاً من الرأي العام ما زال يُحمِّل جمال باشا مسؤولية المصائب كلها.

لمَ هذا الصمت المتحيّز حيال الناس الذين ماتوا جوعاً، فيما تحيي البلاد كل عام، في 6 أيار/ مايو، ذكرى الشهداء الذين انتهى بهم المطاف على حبل المشنقة؟ على أي أساس وإلامَ يستند هذا التمييز بين «مئتي ألف» قتيل من جهة، و٤٠ شخصاً أعدِموا من جهة أخرى؟ يرى البعض أنّ تحديد يومٍ وطني وتكريم ذكراهم أمرٌ جديرٌ بهم، إذ إنّهم كانوا يمثّلون النخبة الفكرية والسياسيّة في تلك الحقبة؛ بيد أنّه بالنسبة إلى البعض الآخر، وعددهم أكبر بكثير، ما من لوحة تذكارية، أو ساحة تذكّر بمعاناتهم ونهايتهم المأساوية، ولا أي احتفال!

ويظهر أيضاً هذا الاختلاف في التعامل في مذكّرات جمال باشا الذي يحاول تبرئة نفسه من الاتهامات الموجّهة ضدّه2. كذلك، يتجنّب هذا المسؤول العثماني المسألة الرئيسية المتمثّلة في المجاعة والحصار الغذائي الذي أدى إلى حدوثها بالقول إنّ اتهامه بأنّه «ترك عن عمد المسيحيين في سورية يموتون» هو محض خيال وإنّ الحقيقة ستنجلي3 يوماً ما. لم يتلفّظ بكلمة مجاعة ولا بكلمة حصار. والواقع أنّ جلّ ما يهم جمال في مذكّراته، وما يكرّس له صفحاتٍ كاملة، هو تبرير أحكام الإعدام التي يمكن أن يُلام عليها. وقد كان الهاجس نفسه يسيطر على اهتمامه عندما نشَرَ في اسطنبول في نهاية عام ١٩١٦ «الحقيقة حول المسألة السورية» باللغات الفرنسية والعربية والتركية4.

 

بين «الأربعين» و«المئتي الف»

كما ذكرنا آنفاً، ليس جمال باشا الوحيد الذي غَفَلَ عن ذكر ضحايا المجاعة. ويبدو أنّ لبنان حذا حذوه مع نهاية العشرينيات. ولعل ما يثير الدهشة أكثر أنّ البطريرك الماروني إلياس الحويّك لجأ بشكلٍ كبير في المذكّرة التي رفعها إلى مؤتمر السلام في تشرين الأول/ أكتوبر عام ١٩١٩، إلى حجّة المجاعة المدمّرة في دفاعه عن جبل لبنان موسّع؛ إذ إنّ ضم أراضي البقاع الخصبة من شأنه تأمين الحاجات الغذائية للبلاد وحمايتها من البؤس. كذلك، شدّد البطريرك على أنّ جبل لبنان فَقَدَ خلال سنيّ الحرب «أكثر من ثلث سكّانه» إثر مجاعة «نظّمها العدو»5. على هذا الصعيد، يمكننا أن نتساءل عن العدد التقريبي، إن لم يكن المحدّد، للضحايا، وإلى أي حدٍّ كان جمال باشا مسؤولاً عن ذلك.

نادراً ما لقِيتْ نسبة الثلث التي قدّمها البطريرك الحويّك معارضة صادرة عن قناعة قوية، وقد تأرجحت الأرقام بحسب المؤلفين ما بين مئة ألف ومئة وثمانين ألف قتيل6. كانت هذه الأرقام تؤخذ على سبيل المبالغة إلى أن ظهرت دراسة حديثة لليندا شاتكوفسكي شيلشر. ففي إطار بحثها الذي توسّع ليشمل مصادر ألمانية ونمساويّة، توصّلت إلى خلاصة مفادها أنّه من أصل خمسمئة ألف شخص قضوا بسبب الجوع وسوء التغذية في سورية الطبيعية، نعُد مئتي ألف ضحية في المناطق الشمالية من جبل لبنان7. إنّه عددٌ ضخم بالنسبة إلى مساحة جغرافيّة صغيرة جداً، يُقارَن بـ «مجاعة البطاطس» التي اجتاحت ايرلندا في القرن التاسع عشر. وفي ما يتعلق بمسألة معرفة ما إذا كانت هذه المجاعة مدبّرة من قبل العثمانيين كما اعتقد البعض أو ادعى، ترُدّ هذه الكاتبة بالنفي. وتعتبر ليندا شاتكوفسكي شيلشر أنّ ثمة عوامل عدّة أدّت إلى هذا الوضع المأساوي، من بينها الحصار البحري الذي فرضته أساطيل الحلفاء على البحر الأبيض المتوسط والحصار الغذائي في جبل لبنان الذي فرضه جمال باشا8.

لكن هل كان للعوامل المذكورة جميعها التأثير المدمّر نفسه؟! إنّ إقامة مراكز عسكريّة على حدود جبل لبنان لمنع وصول المواد الغذائيّة ومصادرة السلع المخصصة لهذه المنطقة9، كان تدبيراً اتخذه جمال باشا ولم تتضّح أسبابه تماماً بعد10. وبحسب دراسة حديثة ومسهبة عن العلاقات العربيّة التركيّة، وما إذا كانت سورية قد عانت أكثر بكثير من مناطق الإمبراطورية الأخرى من سوء التغذية، فذلك نتيجة الحصار البحري الذي فرضه الحلفاء11؛ والمستغرب أنّه ما من ذكرٍ أبداً للحصار الذي فرضه جمال12. بالتالي يبقى الجدال مفتوحاً. ولسوء الحظ، طُرِح السؤال بشكل أنّه، منذ البداية، تبلور من خلال العبارات التالية: مَن المسؤول عن المجاعة: الحلفاء الذين، من خلال حصارهم البحري، منعوا وصول سفينتي أغذية تم استئجارهما في الأميركيتين، أو جمال باشا الذي فرض «عزلة» على جبل لبنان؟ وكأنّ تحديد المسؤوليّة الجزئيّة لأحد الأطراف من شأنه عدم التخفيف من مسؤولية الطرف الآخر وحسب، إنما والأكثر من ذلك، عدم تحميله أي مسؤولية. في إطار هذا الجدال، غاب عن بالنا في نهاية المطاف أنّ فرض حصارٍ غذائي على منطقة معيّنة، لا تؤمّن لها تضاريسها الجبلية في الأحوال العاديّة سوى مؤنة بضعة أشهر في السنة، كان حكماً بالموت البطيء على شعبٍ كنا نتحمّل مسؤوليته؛ وكان ذلك أيضاً دليلاً على لامبالاة وإهمال جنائيين، في حين أنّ عوامل أخرى قد استجدّت من أجل تردّي وضعٍ كان يتفاقم يوماً بعد يوم13. بيد أنّ هدفنا في هذه الحال ليس تحديد المسؤوليات بقدر ما هو متابعة وتسجيل تداعيات هذه الكارثة البشريّة وصداها على مستوى الخطابات والعقليّات في فترة ما بعد الحرب.

 

السبب؟

في هذا الصدد، لا بدّ من التمييز بين رد الفعل الشعبي وردود فعل السلطات القائمة. غداة الحرب، لم تكن في أذهان الطبقة الشعبيّة سوى أمنية واحدة: نسيان هذه الفترة المقيتة. وكان من شأن استعادة الازدهار والأمن أن تحجب شيئاً فشيئاً ما لا يمكن الاعتراف به؛ إذ إنّه إلى جانب بعض الأعمال المتفانية، كان التضامن مفقوداً في معظم الأحيان، وثمة ذكرياتٌ سيّئة في الذاكرة البشريّة لا بدّ من القضاء عليها. فالقصص القديمة للقرية اللبنانيّة تتنافس في ترداد كيف أنّ الجار استفاد من ضيق حال جاره ليشتري منه قطعة أرضٍ بأبخس الأسعار14. كذلك تهامس الناس شائعاتٍ عن رفض البعض إعطاء لقمة الخبز الأخيرة إلى الصديق الذي يموت من الجوع، من أجل الاحتفاظ بها لأفراد أسرته. بالتالي كان لزاماً، في المناطق الريفيّة والقبليّة، بحسب قانون الصمت طمس وقائع معيّنة؛ ما كنا سنهزأ بالفتيات اللواتي اضطررن إلى ترك منازلهنّ بحثاً عن عملٍ خارج النطاق العائلي، أو النساء اللواتي قدّمن ربما خدماتٍ جنسيّة مقابل بقائهنّ على قيد الحياة15. بدافعٍ من الحب الخالص، كنا سنتجنّب الحديث عمن يخصوننا، أو من يسكنون في حيّنا، أو في قريتنا، أو من قضوا معدمين، مستنزفين إلى أقصى حد، أو مجبرين على التسوّل للحصول على ما يبقيهم على قيد الحياة. كان من الأفضل نسيان ذلك كلّه. فبأي حال، ما كنا سنشكّل مجموعة ضغطٍ لمطالبة الحكومة بإحياء هذه الذكرى، لأنّ البؤس ليس أبداً عملاً بطولياً، فضلاً عن أنّ بعض المحتكرين القدامى قد كفّوا عن سلوكهم السيئ، وبأي حالٍ من الأحوال، لم يشعر أي انتهازي بالقلق أو يحاكم عندما استتب السلام مجدداً16.

لكنّ ذلك لا يبرّئ الدولة اللبنانيّة الضامنة والمؤتمنة، ولو جزئياً، على الذاكرة الوطنيّة. ربما هناك سببٌ آخر قد يفسّر صمت السلطات: إنّ الضحايا «المئتي ألف»، الذين قضوا بشكلٍ أساسي في المناطق الشماليّة من جبل لبنان بحسب شاتكوفسكي شيلشر17، كانوا بواقع الحال بأكثريّتهم الساحقة من المسيحيين. وكان الاستنتاج جلياً: هذه الكارثة لم تلحق الأذى بالنسبة نفسها بمكوّنات المجتمع كافة في البلاد. لكن كيف يمكن للمجاعة في بلدٍ يعتمد بشكلٍ أساسي على الزراعة أن تكون انتقائيّة إلى هذا الحدّ وتصيب المسيحيين وتعفي عن الدروز الذين يشكّلون المكوّن السكاني الأساسي الآخر في جبل لبنان؟ قد تفسّر لنا مقالة لسمير صيقلي تستند إلى مقارنة بين جماعتين متجاورتين، عرب فلسطين ويهودها بين عامي ١٩١٤ - ١٩١٨، هذه المشكلة باستعمال مصطلح «الحظوظ غير المتكافئة» لوصف المصير المختلف لكلٍ من هاتين الجماعتين المتجاورتين18. فبالنسبة إلى الكاتب المذكور، لا شكّ في أنّ الجميع قد عانى من تداعيات الحرب في الأراضي المقدّسة، إلا أنّ وضع العرب كان مؤسفاً ومحزناً أكثر بكثير من وضع اليهود. في مساحة جغرافيّة محدّدة وضيّقة حتى، قد تعاني مجموعاتٌ دينيّة وإثنيّة بشكلٍ مختلف، وبدرجاتٍ متفاوتة، تأثيرات الظاهرة نفسها. كذلك، قد يُفسَّر المصير المختلف للدروز والمسيحيين في جبل لبنان بفعل أنّ الدروز الذين كانوا يفتقرون إلى سبل العيش، لجأوا إلى إخوانهم ممن يعتنقون الديانة نفسها في منطقة حوران الخصبة، وهو سبيلٌ للخلاص ما كان المسيحيون19 يستطيعون الاستفادة منه. كذلك، تساهم مقارنة أخرى أجريت بين وضع جبل لبنان ووضع جبل عامل، ذي الأكثريّة الشيعيّة والذي لا تشمله منطقة الحصار الغذائي الذي فرضه جمال باشا، في توضيح الصورة إلى حدٍّ كبير: يرثي كاتبٌ شيعي، الشيخ علي الزين، بعض الأشخاص الذين ماتوا نتيجة سوء التغذية في قريته جبشيت20، في حين يتحدّث سمعان خازن عن مقبرة جماعيّة في زغرتا، قرية مارونيّة، حيث دُفن ثلاثة آلاف وثمانمئة شخص ممن ماتوا جوعاً21.

وخلال الفترة نفسها، قيل إنّ التجمّع المسيحي في البترون قد تراجع من خمسة آلاف شخص إلى ألفي شخص22، في حين أنّ عدد سكان حصرايل، وهي قرية مارونية، لم يكن يتجاوز في نهاية الحرب الستين شخصاً، إذ إنّها خسرت مئة وعشرين شخصاً نتيجة المجاعة23. ومن خلال الرجوع إلى هذا النوع الأدبي المتمثّل في تواريخ (مفرد تاريخ) التجمعات24، أو القرى أو البلدات ضمن المناطق المسيحيّة في جبل لبنان، أو الإحصاء السكاني لمنطقة البترون عام ١٩٢١، نكوّن فكرة عن هول هذه الكارثة25. فضلاً عن ذلك، قد تشكّل التقارير التي نُشِرَت في نشرات البعثات الكاثوليكيّة مصدر معلوماتٍ بهذا الصدد، إذا أخذنا المبالغة في الحسبان26. ويخبرنا شاهد عيان كيف اجتاح المساكين من قرى الجبل مدينته طرابلس، والمقصود بذلك ضمنياً المسيحيون، الذين كانوا يموتون جوعاً فيُنقلون جثثاً هامدة من على حافة الطرقات27.

مرّة أخرى، عانت المناطق كلها من المجاعة ضمن حدود جبل لبنان، كما في المناطق الخارجة عن نطاقه أو المجاورة له28. لكن ثمة فرقاً بين عدم الأكل حتى الشبع كل يوم والمعاناة من سوء التغذية، وبين الموت جوعاً بالعشرات29 وتكبّد خسارة مئتي ألف شخص في جبل لبنان الذي كان عدد سكانه يراوح في تلك الحقبة بين 414 ألفاً و496 ألف نسمة30.

 

التصوّرات والخطاب

كما هي الحال دائماً، لكل طائفة روايتها الخاصة للحدث نفسه. فلكل مجموعة وجهة نظرها الخاصة وخطابها الذي ينبغي أن تحافظ عليه. ألا تصبح بالتالي كل واحدة غير مبالية بخطاب الأخرى وتصمّ آذانها عنه؟ يتميّز الخطاب المسيحي، في العشرينيات، عن خطاب الطوائف الأخرى بإصراره على التطرق إلى مسألة المجاعة؛ وبذلك أصبحت موضوعاً متكرراً لا يمكن تخطّيه. ومما لا شك فيه أنّ الأطراف كلها توافق على القول إنّ جبل لبنان عانى أشدّ معاناة من المجاعة بين عامي ١٩١٤ و١٩١٨، على الرغم من أنّ بعض الأصوات ارتفعت وما زالت ترتفع لتبرئة الأتراك من تهمة ارتكاب جريمة متعمّدة بحق المسيحيين في لبنان أو للتشكيك في حجم الكارثة31. غير أنّ التصوّرات الجماعيّة اعتبرت هذه المجاعة المدمِّرة مسألة مسيحيّة بحتة؛ فقد شكّلت موضوعاً رئيسياً في الخطاب الماروني بشكلٍ خاص في أعقاب الحرب العظمى، قبل أن تغرق في غياهب النسيان، في حين لم تمنح الطوائف الأخرى هذه المسألة «الأولويّة» نفسها كالطائفة المسيحيّة الشريكة.

وفي خضمّ هذا النزاع العالمي، تمثّل السؤال المطروح في معرفة ما إذا كان القرار بفرض حصارٍ غذائي يهدف إلى تصفية المسيحيين بدون الاضطرار إلى تحمّل المسؤولية عن المجازر وسفك الدماء. ومنذ عام ١٩١٦، اتُهِمَت السلطات التركية بتجويع اللبنانيين من أجل إخضاعهم. كذلك، لم تتوانَ صحف الحلفاء، لاسيما الفرنسية32 منها، عن التشديد على مسؤولية جمال عن ذلك، مما دفع هذا الأخير إلى مطالبة السلطات الدينيّة المارونيّة برسائل إنكار رسميّة33. وقد استدعى جمال أحد الأساقفة وسأله إن كان يُعتبَر مسؤولاً عن غزوات الجراد عام ١٩١٥، أو عن الجفاف عام ١٩١٦ لتتهمه الصحافة الفرنسيّة بتجويع المسيحيين34. وبذلك تبلور السؤال في مرحلة مبكرة جداً كالتالي: هل ينبع الحصار من رغبة جمال باشا المتعمّدة في تجويع المسيحيين؟

لم يستطع المستشارون وصحافة الحلفاء إلا استغلال كلامٍ غير موثوق نُسبَ إلى أنور باشا أثناء مروره بسورية في شباط/ فبراير عام ١٩١٦، ومفاده: «ينبغي تنظيف الإمبراطورية من الأرمن واللبنانيين. قضينا على الأرمن بحد السيف، وسندمّر اللبنانيين من خلال المجاعة»35، وقد ردّد جبران خليل جبران، الذي يقيم في الولايات المتحدة، صدى هذه الإشاعة إذ إنّه كتب إلى ماري هاسكل (انظر ص. 174): «أبناء شعبي، أبناء جبل لبنان، يموتون من خلال مجاعة دبّرتها الحكومة التركيّة. قضى ٨٠ ألف شخص حتى الآن. ويموت الآلاف كل يوم. الأشياء نفسها التي حدثت في أرمينيا تحدث في سورية. وبما أنّ جبل لبنان منطقة مسيحيّة، فهي تعاني أشد معاناة»36. فضلاً عن ذلك، يؤكّد كلام البطريرك الحويّك في مؤتمر السلام في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1919 أنّ المجاعة كانت «مدبّرة من قبل العدو»37، وهذا ما سيثبته إدمون ربّاط بقوله: «إنّ مجاعة منشودة، منفَّذة بشكلٍ منهجي، عزلَت بيروت ولبنان، المنطقتين اللتين تحوم الشبهات حولهما أكثر من غيرهما، عن باقي سورية، فأهلكت ثلث السكان وهجّرت قرى بأكملها»38. ولا يتوانى جورج أنطونيوس عن توريط جمال باشا ذي النوايا الخبيثة بالقول: «هنا يكمن دافع متعمّد ألا وهو الثأر...»39. ولا بد من الإشارة إلى أنّ الكتّاب المسيحيين وحدهم، حتى وإن لم يكونوا دائماً في الخندق السياسي نفسه، هم الذين اتهموا العثمانيين بالتخطيط لهذه المجاعة، في حين أنّه، بشكلٍ عام، الكتّاب من الطوائف الأخرى هم الذين سعوا منذ البداية إلى تبرئة الأتراك أو التخفيف من مسؤوليتهم.

في مذكراته، يخبرنا سليم علي سلام، وهو وجيهٌ سني من بيروت، عن جو الرعب الذي كان سائداً في عهد جمال باشا40، إلا أنّه يتكتّم بشكلِ مدهش عن ذكر ضحايا المجاعة في حين أنّ مئات المعدمين الذين يتضورون جوعاً اجتاحوا شوارع هذه المدينة وهم يصرخون «جوعان»41. كذلك، لم تتوقف شخصيّة بيروتيّة أخرى، وهي شاهد عيان على الأحداث، في مشاركتها المتأخرة عند معاناة الجائعين، وإن كانت تعتقد أنّ هذه المجاعة مدبّرة، كما أنّها تنقل إلينا الذكريات المثيرة للشفقة عن مرورها في الجبل اللبناني42. بالمقابل، أسهبت في حديثٍ مطوّل43 عن عمليات الإعدام التي حصلت علانية.

كذلك من المثير للاهتمام التوقف عند تاريخ جبل عامل، فهي منطقة شيعيّة متاخمة لجبل لبنان كما ذُكِر آنفاً. فمعظم الكتّاب في هذه المنطقة الذين تطرقوا إلى الويلات التي سببتها المجاعة العامة، عالجوا هذه المشكلة باعتبارها من مخلّفات المجاعة أو ضرراً جانبياً ناجماً عنها44. ويُعتبَر كلام الشيخ علي الزين مميزاً: فهو يسهب في الحديث عن جو التآمر، والوشاية، والرعب في عهد جمال، ولا يأتي أبداً على ذكر المجاعة في كتابه البارز عن هذه الحقبة45، ولم يعترف إلا في حديثٍ لاحق بأنّ بعض الأشخاص في قريته جبشيت ماتوا جوعاً46. لكن رواية الشيخ سليمان ضاهر للأحداث هي الأقرب نوعاً ما إلى الخطاب المسيحي؛ فالكاتب يعطي الأحداث حجمها، ويأسف على ضحايا المجاعة، ويحمّل السلطات التركية مسؤولية هذا البؤس لأنّها منعت التداول الحر للمواد الغذائيّة47.

في المقابل يشهد نتاجٌ أدبي ضخم على الأهمية التي علّقها الكتّاب المسيحيون، غداة الحرب وفي مرحلة لاحقة، على المسألة الرئيسيّة المتمثلة في المجاعة. وخيرُ شاهدٍ على ذلك المقالات الصحافية48، والدراسات المنفردة49، والروايات50، وحكايات من السيرة الذاتية51، والمراثي52، والعروض المسرحيّة53، وما إلى هناك. لم يلقَ موضوع المجاعة صدى، أو بالأحرى لم يتطوّر في المجتمع المسلم في فترة ما بعد الحرب. باختصار، لا تحظى المجاعة خارج نطاق جبل لبنان بهذا الطابع المركزي الذي نجده في العقليّات، وفي كتابات المسيحيين.

 

استعمال الأدوات بحسب الاختيار

أصابت هذه الكارثة البشرية غالباً، إن لم يكن حصراً، مسيحيي جبل لبنان، بالتالي ما كانت لتثير بالدرجة نفسها اهتمام أو قلق الطوائف الأخرى في البلاد ضمن حدودها الجديدة المعلنة عام ١٩٢٠. لم تشكّل هذه المجاعة «المستهدفة»، التي قضت في الواقع وبشكلٍ خاص على المسيحيين، موضوعاً موحداً بين الطوائف جميعها، أسوة بالإعدامات العلنية التي حصدت شهداء في صفوف المسيحيين كما في صفوف المسلمين. وهكذا انحصر الحداد على «المئتي ألف»، في أحسن الأحوال، على الصعيد الشخصي.

ولو أنّ جبل لبنان كرّس استقلاله الذاتي ضمن الحدود المرسومة له في عهد المتصرفيّة، لربما احتلت المجاعة وضحاياها مكاناً آخر في الذاكرة والإيديولوجيا الرسميتين. وما كان الشهداء ليحظوا ربما بكل هذا الاهتمام، ولتمّت معالجة قضيّة المجاعة بشكلٍ مختلف في جبل لبنان كما كان قبل عام ١٩١٤، بلداً يضم غالبية عظمى من المسيحيين. لكنّ دولة لبنان الكبير التي أُعلِنَت عام ١٩٢٠ كانت أوسع جغرافياً، وتشمل مناطق حيث يحظى المسلمون، الذين ليس لديهم تصورٌ مماثل للأحداث نفسها، بتمثيلٍ كبير. وهكذا ستخرج كارثة المجاعة من الذاكرة الجماعية لتبقى مسألة شخصيّة؛ كذلك ستظل الذكريات الشخصيّة مكبوتة للأسباب المذكورة سابقاً. ضمن الحدود الجديدة لبلدٍ موسّع وفي مواجهة هذا الوضع الجديد، كان على المسيحيين التعتيم على ذكرى «المئتي ألف»، لكي يحيوا إلى جانب شركائهم الجدد المسلمين ذكرى النضال المشترك الذي يتجسّد من خلال الاحتفال بذكرى الشهداء. وبالمناسبة نفسها، من خلال تقديم بعض التنازلات والتضحيات، تمكّن الرأي العام المسيحي من تجنّب الانشقاقات وبعض الانزلاقات الممكنة: وبالفعل كانت هناك خشية من أن ترتفع الاتهامات بقوة ضد الإسلام أو المسلمين، مع تحميلهم مسؤولية المجاعة54. ذلك أنّه يمكن الدمج بسرعة بين الإسلام والأتراك، ومن خلال انزلاقات متتالية، تحميل المسلمين مسؤولية هذه الكارثة.

وهذا ما تطرّق إليه بشكلٍ سريع الأب أنطون يمّين في أعماله الأدبية، من خلال تسمية المحتكرين، والانتهازيين، والمتعاونين وبعضهم ينتمي إلى العائلات السُنيّة المرموقة في بيروت؛ ولم يتردد هذا الكاتب نفسه، مدفوعاً برغبة مفهومة في الانتقام، في توجيه سهامه إلى مسيحيي العاصمة كما مسيحيي الجبل، الذين باتوا الآن من أصحاب الجاه والسمعة الحسنة والذين كانوا ينتمون إلى الطبقة الراقية في عهد الانتداب55. أما كان من الأجدى تجنّب الشقاق المدني المتمثل في فتح جراح الماضي من خلال إهانة البعض للبعض الآخر، ومحاكماته علنيّة وإدانته أمام الصحافة؟ خطاب المجاعة خطابٌ تقسيمي في حين كنا نبحث عن موضوعٍ توحيدي. وسواء كانت صندوق باندورا أو قنبلة موقوتة، كان لا بدّ من رمي مسألة المجاعة في غياهب النسيان ولن يُسمح لأي شخصٍ يريد افتعال الأحداث بلعب هذه الورقة «التي تسبب الانشقاق».

وهؤلاء «المئتا ألف» الذين تمّت التضحية بهم للمرة الأولى من خلال لعبة الحصار وإطلاق العنان للعناصر، سيُضحى بهم مرة ثانية على مذبح الوفاق الوطني والقاسم المشترك الأدنى الذي تنطوي عليه.

باختصار، لإضفاء طابع الشرعية على دولة لبنان الكبير الجديدة وتوطيد العلاقات مع الشركاء الجدد أي المسلمين، كان على المسيحيين، مرّة أخرى، أن يعلنوا الحداد على ضحاياهم شبه الحصريين. كذلك، وحده حبل المشنقة كان قادراً على تعزيز الوحدة الوطنية، أما المجاعة فينبغي إخراجها من الذاكرة الوطنية. وبذلك لن تحصل على يومٍ لإحياء هذه الذكرى. بالمقابل، استقطب عيد الشهداء، عيد الوطنيين المسلمين والمسيحيين، الذين أعدمهم العدو العثماني، كل الاهتمام وشكّل عِماد البناء اللبناني الجديد. وهكذا رجحت كفّة روح الجماعة التي توحّد الشعب حول «الأربعين» شهيداً على الخطاب التقسيمي للـ«مئتي ألف» شهيد.

وهكذا لم تستفد الإيديولوجيا اللبنانيّة من المئتي ألف قتيل الذين دفعت ثمنهم غالياً، وكان بإمكانها أن تستغل ذلك لسحق جمال، حتى وإن كانت سياسة هذا الأخير وإدارته لا تتحملان المسؤولية الحصريّة عن هذه الكارثة البشريّة. إنما كلا، فضّلت هذه الإيديولوجيا استخدام الوطنيين المعدمين أداة، وذلك عن إدراكٍ تام، بأنهم مثّلوا وسيمثلون أيضاً وحدة اللبنانيين، وهي وحدة زائفة ووهمية إن أنعمنا النظر فيها. لكن أمام محكمة التاريخ، هل سنستدعي يوماً ما هو مكبوت في الذاكرة؟ على الأرجح كلا، لأنّ كل ذاكرة وطنية هي، في جوهرها، «كثيرة النسيان» و«انتقائية». وهل هناك حقاً «ذاكرة عادلة»؟ 56. يمكننا ربما «أن نشعر بالارتباك بفعل المشهد المقلق المنعكس من خلال الكثير من الذكريات هنا، والكثير من النسيان في الوقت عينه، هذا بدون ذكر تأثير احتفالات إحياء الذكرى، وسوء استخدام الذاكرة»57 وفقدان الذاكرة المفرط.

كل الصور والرسومات المستخدمة في هذا الملف من مجلة «Lebanus» الطبعة السابعة - طبعة خاصة بالتاريخ، كانون الأول / ديسمبر ٢٠٠٤؛ تصوير إبراهيم كنعان، بيروت، ١٩١٥ - ١٩١٨، من مجموعة السيدة ليلى كنعان عيسى الخوري

  • 1. Linda Schatkowski Schilcher, The famine of 1915-1918 in Greater Syria, in Problems of the Modern Middle East in Historical Perspective, Essays in honor of Albert Hourani, John Spagnolo (ed), Ithaca Press, Reading, 1992, p.229.
  • 2. Djemal Pasha, Memories of a Turkish Statesman (1913-1919), London, 1922, pp.197-237.
  • 3. المرجع نفسه، ص. 204.
  • 4. Commandement de la IVème Armée, La Vérité sur La Question Syrienne,
    Imprimerie Tanine, Stamboul, 1916
    هناك أيضاً نسخة عن هذا النص باللغة العربية وباللغة التركية؛
    Cf. Eliezer Tauber, «La Vérité sur la Question Syrienne: A Reconsideration», Journal of Turkish Studies, 15, (1991), pp.315-344.
  • 5. Élias Hoyek (Patriarche), «Les revendications du Liban, Mémoire de la délégation libanaise à Ia conférence de la Paix», Paris, 25 octobre 1919, reproduit in La Revue Phénicienne, Noël 1919, pp. 238-240.
  • 6. توجد أمثلة عن التقديرات المتعلقة بعدد الضحايا على سبيل الذكر لا الحصر في: سلمى صايغ، النسمات، بيروت، عام 1923، الصفحتان 50، 116؛ Henry Bordeaux, Yamilé sous les Cèdres, Paris, 1923, p.292 ; Georges Antonios, The Arab Awakening, London, 1946, p.241; D’après les sources des pères Jésuites, «sur quelque 400.000 habitants de Beyrouth et du Mont-Liban, la Croix-Rouge recense 190.000 morts; des villages entiers ont disparu», Association Amicale des Anciens Élèves, Livre d’Or du Cinquantenaire, Université Saint-Joseph, Beyrouth, 1949, p. 31; William Nimeh, History of the Lebanon illustrated, Mexico, 1954, p. 287; Philip Hitti, op.cit., p. 217;
    لحد خاطر، عهد المتصرفيّة في لبنان، منشورات الجمعيّة اللبنانيّة، بيروت، عام 1967, p. 200; Nicolas de Bustros, Je me souviens, Librairie Antoine, Beyrouth, 1983, p. 19; Pierre Fournié & Jean-Louis Riccioli, La France et le Proche-Orient (1916-1946), Casterman, 1996, p. 97.
  • 7. ليندا شاتكوفسكي شيلشر، مرجع سبق ذكره، ص. 229.
  • 8. المرجع نفسه، ص. 234.
  • 9. Nicholas Z. Ajay, Jr., Political intrigue and suppression in Lebanon during World War 1, IJMES, 5, 1974, pp. 376-7;
    يوسف الحكيم، بيروت ولبنان في عهد آل عثمان، بيروت، عام 1991، ص. 249.
  • 10. تحاول شاتكوفسكي شيلشر (مرجع سبق ذكره، ص. 236) شرح الأسباب التي دفعت جمال باشا إلى فرض الحصار الغذائي وتسعى من خلال ذلك إلى تبرئته من الاتهام بأنّه أراد عن عمد تجويع جبل لبنان.
    Reproduction de la Bibliothèque orientale Charles CORM, «Le Martyre de Oum Farid et la Madonne aux Sept-Douleurs», Extrait de Les Miracles de la Madonne aux Sept-Douleurs, Éditions de la Revue Phénicienne, Beyrouth (1948-1949).
  • 11. Hasan Kayyali, Arabs and Young Turks, University of California Press, 1997, p.199.
  • 12. المرجع نفسه؛ تكتّمت دراسة أقدم عهداً عن ذكر الحصار الغذائي:
    Zeine N. Zeine, The Emergence of Arab Nationalism, Caravan Books, New York, 3ème édition, 1973, p. 111.
  • 13. إنّ قيام جمال باشا بإصدار أمرٍ بتوزيع مواد غذائية في مراحل معيّنة للتعبير عن رضاه أو التباهي بكرمه (وُجِهَت إليه برقيّات شكر، وخطابات وقصائد مديح)، لا يمكن أبداً أن يخفف من مسؤوليته. فلو لم يتّخذ القرار بفرض الحصار، لعانى جبل لبنان بالتأكيد من المجاعة شأنه شأن المحافظات السوريّة الأخرى، وربما حتى بوطأة أشد، لكنّ سكانه ما كانوا ليقضوا أبداً بهذا الشكل. فللتمكن من البقاء في منطقة تحت الحصار، لا بدّ من الإعتماد على التهريب، أو ترك المرء لأرضه كما فعل الكثير من دروز الشوف عبر الهجرة كعائلاتٍ كاملة عند إخوانهم ممن يعتنقون الديانة نفسها في حوران. وبما أنّ المسيحيين ليست لديهم أي قاعدة خلفيّة يتراجعون إليها غادروا منازلهم بشكلٍ فردي أو ضمن مجموعاتٍ صغيرة ليزداد عدد المعدمين في المدن الساحليّة أو الداخليّة. وبطريقة أو بأخرى لو استمرت الحرب لفترة أطول، لأفضى قرار فرض الحصار في النهاية إلى إفراغ جبل لبنان من سكانه.
  • 14. Jacques Tabet, «Lettre Ouverte au Général Gouraud», La Revue Phénicienne, Noël 1919, p. 219; Jean Donon, «La Rescision des Ventes de Guerre au Liban», L’Asie .Française, Janvier 1922, pp. 16-21
    في منطقة مجاورة لجبل لبنان في تلك الحقبة، تُروى قصة آغا قايض بستان زيتون كامل مقابل ليمونة للتمكّن من البقاء على قيد الحياة.
    Cf. Michael Gilsenan, Lords of the Lebanese Marches: Violence and Narrative in an Arab Society, Berkeley, University of California Press, 1966, pp. 113-156.
  • 15. إسكندر رياشي، نسوان من لبنان، دار الثقافة، عام 1961، ص. 77-80؛ اسكندر رياشي، الأيام اللبنانية، بيروت، من دون تاريخ، ص. 51؛
    Éveline Bustros, «Sous la Baguette du Coudrier», Romans et Écrits Divers, Beyrouth, 1988, p. 193; Philip Hitti, op. cit., p. 484; Cf Elizabeth Thompson, Colonial citizens, Columbia University Press, 2000, p. 27.
  • 16. أنطون يمّين، لبنان في الحرب، المجلد الثاني، مصر، عام 1920، الصفحات 25-43؛
    H. Lammens, La Syrie, précis historique, Tome II, Beyrouth, 1921, p. 252 Pierre Benoît, La Châtelaine du Liban, 1ère édition en 1924, Éditions Athena, Paris, 1952, pp. 88 – 89.
  • 17. ليندا شاتكوفسكي شيلشر، مرجع سبق ذكره، ص. 229...
  • 18. Samir M. Seïkali, «Unequal Fortunes: The Arabs of Palestine and the Jews during World War I», Studia Arabica and Islamica, Festschrift for Ihsan Abbas, AUB, Beyrouth, 1981, pp. 399-406.
  • 19. Philip Hitti, Lebanon in History, op.cit., p.484
    لا بدّ من التذكير بأنّ حتي ينتمي إلى منطقة درزية – مسيحيّة، وبأنّه عاد إلى لبنان من الولايات المتحدة عند نهاية الحرب العالميّة، وكان شاهداً على ما حدث. وقد أثبتت دراسة شخصيّة قام بها كاتب هذا المقال في الشوف أنّ عائلاتٍ درزيّة عدّة كانت قد ذهبت إلى حوران عادت إلى لبنان عند نهاية الحرب، في حين أنّ عائلاتٍ أخرى بقيت هناك بشكلٍ نهائي.
    Cf. à cet égard Elizabeth Thompson, op.cit., p. 33.
  • 20. من ذكريات الشيخ علي الزين، من دفتر الذكريات الجنوبيّة، المجلس الثقافي الجنوبي، دار الكتاب اللبناني، عام 1981، ص. 22.
  • 21. سمعان خازن، تاريخ إهدن القديم والحديث، المجلد الأول، تاريخ إهدن المدني، جونيه، عام 1938، ص. 264.
  • 22. فيليب حتي، مرجع سبق ذكره، ص. 486.
  • 23. يوسف خطار الحلو، من نافذتي، دار الفارابي، بيروت، عام 1978، ص. 1.
  • 24. للاطلاع على معلوماتٍ إضافية، راجع سمعان خازن، مرجع سبق ذكره، الصفحات 260-6؛ الخوري يوسف أبي صعب، تاريخ الكفور: كسروان وأسرها، جونيه، عام 1985، الصفحات 103-5؛ صقر يوسف صقر، تاريخ بجه وأسرها في لبنان وبلدان الاغتراب، بيروت، عام 1986، الصفحات 346-354؛ الأب شربل أبي خليل، تاريخ الكحالة، بيروت، عام 1997، ص. 65؛ نبيل حنا يوسف، تحوم، دراسة تاريخية ديموغرافية دينية، تحوم، عام 2000، ص. 39؛ أنطوان باسيل، البترون، نوادر الأحداث والأحاديث، المجلد الثاني، عام 2001، الصفحات 67-72؛ جوزيف نعيم شليطا، ذاكرة كفرعبيدا (1519-2001)، النسخة الأولى، من دون ناشر، عام 2002، الصفحتان 30-31.
  • 25. أرشيف مدرسة مار يوحنا مارون – كفرحي (أبرشية البترون)، ملف رقم 93، ذُكِر في كتاب جان نجول، الديموغرافيا في منطقة البترون من المتصرفيّة إلى لبنان الكبير، (1867-1965)، وذُكِر في دولة لبنان الكبير (1920-1996)، منشورات الجمعيّة اللبنانية، قسم الدراسات التاريخيّة، رقم 44، بيروت، عام 1999، ص. 208.
  • 26. Les Martyrs en Arménie et en Syrie, Œuvre des Écoles d’Orient, n.330, Octobre 1916, pp. 90-91; Les Libanais meurent de faim, Œuvre des Écoles d’Orient, n.332, mai-juin 1917, pp.192-3; Informations diverses, Syrie, Les Missions catholiques, n.2564, 26 juillet 1918, p.353; P. François Lahoud, La famine au Liban, Les Missions catholiques, n.2589, 17 janvier 1919, pp. 25-26; Th. Malouf, Les souffrances du Liban pendant la guerre, Les Missions catholiques, n.2637, 19 décembre 1919, pp. 603-4.
  • 27. محمد نور الدين عارف ميقاتي، طرابلس في النصف الأول من القرن العشرين ميلادي، دار الإنشاء للطباعة والنشر، طرابلس، من دون تاريخ، ص. 152.
  • 28. يوسف شديد، بين السياسة والدبلوماسية، ذكريات ومذكرات، دار النهار، بيروت، عام 2001، الصفحات 28-30.
  • 29. راجع شاتكوفسكي شيلشر، مرجع سبق ذكره، الصفحتان 229-230، الملاحظات 3، و4، و5، و6.
  • 30. Cf. Tableau Statistique, 1913, in Albert Naccache, «Notre Avenir Économique», La Revue Phénicienne, juillet 1919, p. 8. Cf. également Tableau Statistique, 1912-1913, in Paul Noujaim, «La Question du Liban, Étude Politique, Économique et Statistique», La Revue Phénicienne, août 1919, p. 71.
  • 31. راجع ذكريات الأمير شكيب إرسلان، نجيب البعيني (الناشر)، بيروت، عام 2001، الصفحات 43، و49، و59، و81، و249-250، ومواضع مختلفة. يجمع العمل المذكور من بين أشياء أخرى مقالاتٍ نشرها شكيب إرسلان في مجلة المنار (القاهرة) عام 1922 كما في مجلة الأمة العربية عام 1931-2؛ راجع أيضاً المقدّمة التي كتبها الأمير شكيب ارسلان لكتاب إدمون ربّاط، التطور السياسي لسوريا أثناء الانتداب L’évolution politique de la Syrie sous mandat، باريس، عام 1928، الصفحات 12-14؛ ونجوى بارودي، هل قصد الأتراك تجويع اللبنانيين؟، الزميل، الجامعة العربية في بيروت، الرقم 22، أيلول/ سبتمبر عام 1993، الصفحات 28-30.
  • 32. للحصول على لائحة بهذه الصحف، انظر إبراهيم حرفوش، دلائل العناية الصمدانيّة، جونيه، عام 1934، ص. 555.
  • 33. المرجع نفسه، الصفحات 553-559.
  • 34. عبدالله خوري (المطران)، صفحة تاريخيّة من أيام الحرب، البشير، أول آذار/ مارس 1922، الصفحتان 1-2.
  • 35. De France à Aristide Briand, Le Caire, 19 mai 1916, A.M.A.E., Guerre 1914-1918, Turquie, Tome 872, ff. 216-216v, cité in Arthur Beylerian, Les Grandes Puissances, l’Empire Ottoman et les Arméniens dans les Archives Françaises, 1914-1918, Publications de la Sorbonne, Paris, 1983, p. 205.
  • 36. رسالة إلى ماري هاسكل، 26 أيار/ مايو 1916، في غازي فؤاد براكس، جبران خليل جبران، بيروت، 1973، ص. 220.
  • 37. إلياس الحويّك، مرجع سبق ذكره، ص. 240.
  • 38. إدمون ربّاط، مرجع سبق ذكره، الصفحتان 38 و263.
  • 39. جورج أنطونيوس، مرجع سبق ذكره، ص. 242.
  • 40. مذكرات سليم علي سلام (1869-1938)، حسان حلاق (الناشر)، بيروت، عام 1982، الصفحات 203-227.
  • 41. H. Lammens, op.cit., p. 220; Mufakkarat Hind, Harisa, 1924, p. 139; Halide Edib, Memoirs of Halide Edib, New York, The Century Co, 1926, p. 451, cité in Thompson, op.cit., p. 20;
    جرجس الخوري المقدسي، أعظم حرب في التاريخ، بيروت، النسخة الثانية، عام 1927، الصفحات 68-70؛ كان الكاتب المعني أستاذاً في الجامعة الأميركيّة في بيروت؛ إبراهيم بيك الأسود، تنوير الأذهان في تاريخ لبنان، المجلد الثالث، بيروت، عام 1930، الصفحات 54-74؛ يوسف الحكيم، مرجع سبق ذكره، ص. 251.
  • 42. محمد جمال بيهم، العهد المخضرم في سوريا ولبنان، 1918-1923، بيروت، عام 1968، الصفحتان 186-7.
  • 43. المرجع نفسه، الصفحات 188-194.
  • 44. المؤتمر التكريمي للذكرى الثلاثين لرحيله، المهاجر العاملي الشيخ حبيب آل إبراهيم، المستشاريّة الثقافيّة للجمهوريّة الايرانيّة في لبنان، عام 1966، الصفحتان 42، 44؛ محمد جابر الصفا، تاريخ جبل عامل، بيروت، عام 1981، ص. 202؛ الإمام السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة، بيروت، عام 1984، المجلد العاشر، ص. 367؛ حسن الأمين، حل وترحال، بيروت، عام 1999، ص. 13.
  • 45. الشيخ علي الزين، من أوراقي، بيروت، من دون تاريخ، الصفحات 7-61.
  • 46. من ذكريات الشيخ علي الزين، مرجع سبق ذكره، ص. 27.
  • 47. الشيخ سليمان زاهر، جبل عامل في الحرب الكونيّة، بيروت، عام 1986، الصفحات 43-47.
  • 48. لذكر مثالٍ واحد عن مجلة ناطقة باللغة الفرنسية، تطرّق ما لا يقل عن ثماني مقالات في مجلة La Revue Phénicienne عام 1919 إلى مسألة المجاعة وعواقبها الكارثيّة.
  • 49. أنطون يمّين، لبنان في الحرب، المجلد الأول، بيروت، عام 1919؛ أنطون يمّين، لبنان في الحرب، المجلد الثاني، مصر، عام 1920، مرجع سبق ذكره؛ لطف الله نصر البكاسيني، نبذة من وقائع الحرب الكونيّة، بيروت، 1922؛ أنطون يمّين، Quatre ans de misère، القاهرة، عام 1922؛ جرجس الخوري المقدسي، أعظم حرب في التاريخ، مرجع سبق ذكره، الصفحات 57-58، 63-70؛ راجع الصورة التوضيحيّة في Blanche Lohéac-Ammoun، Histoire du Liban, Beyrouth، 1948، الصفحات 174-175؛ ميخائيل إسحق النجّار، حديث تاريخي عن الكورة وبشمزين، مطبعة الأديب، طرابلس، عام 1952، ص. 25؛ إبراهيم نعوم كنعان، لبنان في الحرب الكبرى (1914-1918)، بيروت، عام 1974، الصفحات 163-169، انظر الصور التوضيحيّة؛ إبراهيم كنعان، هلاك لبنان (1908-1980)، من دون ناشر، عام 1980، الصفحات 145-150، انظر الصور التوضيحيّة؛ يوسف حداد (الخوري)، اللبنانيّة، رسالة في نكبات الحرب إلى المهاجرين، دار عصام حداد، جبيل، النسخة الثانية، من دون تاريخ.
  • 50. توفيق يوسف عوّاد، الرغيف، بيروت، عام 1939؛
    Charles Corm, «Conte de Pâques», in Les Miracles de la Madonne aux sept-Douleurs, Éditions de la Revue Phénicienne, Beyrouth، 1949، pp. 1-62.
    هذه القصة موجهة إلى الأمهات جميعاً اللواتي يعانين بسبب جوع أطفالهنّ؛ الصور التوضيحية التي تمثّل أشخاصاُ يتضورون جوعاً، نسخت «من دفتر رسومات مستوحاة من الواقع المعيوش وقد أعدّها المؤلّف في شوارع بيروت خلال مجاعة 1915-1918»؛ إفلين بسترس، مرجع سبق ذكره، الصفحات 192-194، 197-199. راجع أيضاً روايات لكتاب فرنسيين يرددون صدى ويلات المجاعة في جبل لبنان: هنري بوردو، مرجع سبق ذكره، الصفحة 292؛ Pierre Benoît, Op. Cit ص. 88-89-91.
  • 51. ب. خويري، الرحلة السوريّة في الحرب العموميّة في 1916، المطبعة اليوسفيّة، مصر، عام 1921؛ بشارة البواري، مذكرات بشارة جرجس البواري عن أربع سنيّ الحرب من سنة 1914-1918، مطبعة الهدى، نيويورك، عام 1926؛ راجع Toufic Touma, Évasions, FMA, Beyrouth، 2000؛ أنيس فريحة، قبل أن أنسى، مطبعة جروس، طرابلس، من دون تاريخ، الصفحات 49-59؛ أنظر أيضاً مذكرات الخوري إسطفان البشعلاني، في عصام كمال خليفة، شخصيّات بارزة في تاريخ لبنان المعاصر، بيروت، عام 1997، الصفحات 108-110.
  • 52. راجع «الجوع والمجاعة»، في جريدة لسان الحال، 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918، الصفحة 1؛ داوود موسى، «ابتسامة النصر»، جريدة لسان الحال، 2 شباط/ فبراير 1921، الصفحة 1؛ سلمى صايغ، مرجع سبق ذكره، الصفحات 50، 55، 58، 116؛ نجيب مراد، ديار بكري، سنين الغلا، طرابلس، من دون تاريخ، في عشرينيات القرن الماضي ربما، قصيدة باللغة العاميّة؛ ميخائيل نعيمة، قصيدة «أخي»، في مجموعة الرابطة القلميّة لسنة 1921، دار صادر ودار بيروت، بيروت، عام 1964، الصفحتان 27-28؛ صقر يوسف، مرجع سبق ذكره، الصفحات 350-354؛ جبران خليل جبران، «مات أهلي» في العواصف، دار الجميل، بيروت، عام 1997، الصفحات 189-196.
  • 53. يوسف بطرس سعد، نجم المجوس، مرجع سبق ذكره.
  • 54. Elizabeth Thompson, op.cit., p. 27, 30.
  • 55. أنطون يمّين، مرجع سبق ذكره، المجلد الثاني، عام 1920، الصفحات 25-43.
  • 56. Paul Ricœur, La Mémoire, l’Histoire, l’Oubli, Paris, 2000, p.1.
  • 57. المرجع نفسه.
العدد ١٢ صيف / خريف ٢٠١٥
المجاعة أم حبل المشنقة؟

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.