العدد ١١ - ربيع ٢٠١٥

ذوو الإحتياجات الخاصة

نحن أيضاً لنا الحقّ في المدينة!

النسخة الورقية

ممنوعون من استخدام الطرق والأرصفة. ممنوعون من دخول المرافق العامة والخاصة. ممنوعون من دخول المدارس الرسمية إلا بعد الاسترحام والمذلة. ممنوعون من العمل إلا بعد اجتماع مجلس الوزراء. ممنوعون من الانتخاب والترشح إلا بعد مصادرة أصواتنا مقابل خدمة النقل والمساعدة. ممنوعون من دخول الجامعة الوطنية اللبنانية، ومن تحصيل الشهادات والدراسات العليا. ممنوعون من التنقّل بحرية واستقلالية. ممنوعون من التثقّف والتعلّم. ممنوعون من احتساب حاجاتنا في الخطط الوطنية. ممنوعون من العيش بكرامة واستقلالية داخل مجتمعنا ومع أهلنا. ممنوعون من التواصل، ومن الوصول إلى المعلومات مثل الآخرين. ممنوعون من اجتياز خط الفقر الشديد. ممنوعون من الاندماج والمشاركة.

من أجل إلغاء تلك الممنوعات وأكثر، وُجد ذات يوم القانون ٢٢٠ على ٢٠٠٠، الذي قيل لنا إنه سيفتح لنا الأبواب ويلغي العوائق من أمامنا، وسيتم الاعتراف بنا، نحن الأشخاص المعوقين، كمواطنين لبنانيين. كان هذا منذ خمس عشرة سنة. يومذاك وُعدنا بأنه ستتم مخاطبتنا بأسمائنا وبأشخاصنا، وليس على أساس الإعاقة. وتم الإقرار بأن الإعاقة في النظام الاجتماعي وليست في أجسادنا.

وها نحن اليوم، بعد خمس عشرة سنة، نسأل أي مبادرات جدية شهدنا من جانب القطاع العام؟

كل ذلك بعدما وضعنا خبراتنا وطاقاتنا لدعم مؤسسات القطاع العام، والمساهمة في تطبيق بعض أحكام القانون، وبعدما قمنا بالدراسات وأعمال مسح ميدانية، تستطيع الدولة الاستناد إلى نتائجها وتوصياتها لوضع سياساتها في مجال الإعاقة في عدة ميادين، منها التعليم والعمل والبيئة المؤهلة وكلفة التجهيز والتعديل للأماكن وأنظمة العمل والتواصل، وبعدما أسسنا مكاتب لتوظيف الأشخاص المعوقين. كذلك عملنا كثيراً مع القطاع الخاص، إلى أن تشكلت هيئات داعمة من أرباب العمل. وبعدما تم تنفيذ عشرات المشاريع النموذجية ساعين نحو مجتمع دامج للجميع، جهدت جمعيتنا وجمعيات الإعاقة الأخرى في تطوير سياسات وطنية دامجة، مستفيدة من دعم المنظمات الدولية.

في المقابل، لم نشهد أي مبادرات رسمية، لا على مستوى تطوير سياسات وطنية، ولا على مستوى تهيئة مؤسسات القطاع العام، ولا على مستوى تعديل المناهج، ولا على مستوى تأهيل البيئة، وطبعا ليس على مستوى قانون الموازنة العامة، حيث لا تُرصد أموال لتطبيق أحكام القانون. وكأن هذا القانون غير موجود. وإن صدف وخرقنا الممنوعات بتنفيذ بند محدد من خلال مبادرة جمعيات الأشخاص المعوقين، وفي طليعتها «اتحاد المقعدين اللبنانيين»، تجتمع وزارات الدولة لتنقضّ وتنقضَ ما فعلنا وتعيدنا إلى الوراء. تماماً كما حصل مع «الكوتا ٣%» لتوظيف الأشخاص المعوقين في القطاعين العام والخاص. كذلك ما هو حاصل في قانون الإعفاء الجمركي، حيث يجري تعديل البند من القانون من أجل إلغاء الحقوق. وكما هي الحال أيضاَ مع النقل العام، حيث تم تطيير الميزانية، وبالتالي تطيير بند شراء باصات مجهزة لنقل الجميع بمن فيهم الأشخاص المعوقون تحديداً.

أما عن الأدوات التي تستخدم في مؤسسات القطاع العام، كأوراق التسجيل وامتحانات التوظيف أو للدخول إلى الوظائف العامة، فهي تتضمن أبشع النعوت بحق الأشخاص المعوقين وكراماتهم. وفي الفترة الأخيرة، تجري محاولات لتعديل مرسوم قانون البناء، الذي عملنا على إنتاجه وأقرّته الدولة سابقاً، حتى يتم تفريغه من مضمونه. أما عن السلوكيات والأداء، فحدّث ولا حرج. والنتيجة إغلاق الفرص والخدمات والحقوق في وجه الأشخاص المعوقين في كل اتجاه، والإقصاء اللامحدود عن كل شيء.

ناشطون من اتحاد المعقدين اللبنانيين يشاركون في تظاهرة مطلبية في بيروت (تصوير ديما شريف)

لا. لسنا نبالغ أبداً. فالأمور تجري اليوم وفق مزاج هذا المدير وذاك الوزير، ووفق مستوى تفكيره الشخصي. وبعد مضي جيل كامل قضّى عمره معذباً مهمشاً، مشرداً ومبعداً.. سقط الكثير منا ورحل على طريق النضال قبل أن يرى أي تقدم.

عليكم الطلب من الوزارات وضع لائحة باحتياجاتها، وما تتطلب من موازنات لتطبيق أحكام القانون، ووضع مؤشرات لقياس النتائج ولضمانة التطبيق السليم، وتكليف وزارتي الثقافة والإعلام تنظيم ورش عمل من أجل إنتاج مبادئ ومعايير تحمي حقوق الأشخاص المعوقين في الأداء والتخاطب الإعلامي.

النتيجة اليوم، ارتفاع متزايد لنسبة البطالة في صفوف الأشخاص المعوقين، وحرمان من التعليم لمعظمنا، وفقر مدقع، وبؤس وعيش على الهامش.

لكن لا، وألف لا. لم نقبل ولن نقبل بسياستكم المنتهِكة لكل الأعراف والمواثيق والدساتير. ولو كان في بلادنا سلطة للقانون، لوُضع معظمكم قيد المحاسبة والمساءلة.

لذا، نطالبكم بالتصحيح الفوري والتعويض عن سياسة المماطلة التي ارتكبها معظمكم بحقّنا على مرّ الزمان.

عليكم

استحداث فريق عمل وزاري ليضع خطة وطنية لتفعيل «الكوتا 3%» في القطاعين العام والخاص، على أن يتم فوراً استيعاب دفعة كبيرة من الأشخاص المعوقين في ملاك الدولة، وفي الوظائف التي تليق بكفاءاتهم وليس وفق عقولكم المحدودة في فهم قدراتنا.

  • إعادة تفعيل نظام الضريبة عند مخالفة القطاع الخاص في توظيف الأشخاص المعوقين.
  • دعم «المؤسسة الوطنية للاستخدام» لتقوم بعملها كما نص عليه القانون.
  • إقرار جسم لإدارة الدمج في كل وزارة، خصوصاً في التربية وفي التعليم المهني والجامعي.
  • معاقبة كل موظف أو مسؤول يخالف تطبيق القانون ٢٢٠/٢٠٠٠.
  • تجهيز مباني القطاع العام لتصبح خالية من العوائق كما أشار القانون، والالتزام بالمعايير الدامجة.
  • تنفيذ ورشة تدريب الزامية لكل المديرين العامين وموظفي الفئة الأولى حول كيفية إدماج الاشخاص المعوقين، على أن يصار إلى التعاون مع جمعيات الأشخاص المعوقين لإعداد البرنامج التدريبي للورش.
  • وضع دفتر شروط بمعايير آمنة ودامجة، لتستخدم في السياسات والبرامج والإدارات والعقود المبرمة مع أي طرف أو شريك أو مؤسسة على المستويين المحلي والوطني.
  • التعاقد مع خبراء من جمعيات الأشخاص المعوقين لتقييم الوزارات، وبالتالي وضع خطط توجيهية لتصبح تلك الوزارات دامجة.
  • الطلب من جميع الوزارات وضع لائحة باحتياجاتها، وما تتطلب من موازنات لتطبيق أحكام القانون، ووضع مؤشرات لقياس النتائج ولضمانة التطبيق السليم، واعتماد آلية رصد دورية لسلامة التطبيق.
  • تكليف وزارتي الثقافة والإعلام بتنظيم ورش عمل من أجل إنتاج مبادئ ومعايير تحمي حقوق الأشخاص المعوقين في الأداء والتخاطب الإعلامي والإعلاني وتنشر ثقافة الدمج وتروّج لها.
  • المصادقة الفورية على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي كان لبنان الرسمي قد وقع عليها والتزم بالالتحاق بها منذ سنوات.

اعلموا أن هذا أقل ما يمكن فعله لإنصاف فئة من مواطنيكم. قوموا بواجباتكم الإدارية واعدلوا.

لا تتأخروا عن القيام بواجبكم، ففي تأخركم جريمة ترتكب بحقنا كل دقيقة.

نحن لا نطلب إلا ما هو حق لنا، وليس لكم علينا جميل أو منة.

نحن جزء لا يتجزأ من المجتمع. ضحّينا من أجله، وبعضنا ضحّى بالغالي والنفيس من أجل بقائكم في مناصبكم.

الأول من أيار للجميع، كونوا على قدر المسؤولية.

العدد ١١ - ربيع ٢٠١٥
نحن أيضاً لنا الحقّ في المدينة!

إضافة تعليق جديد

تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.