يتناول هذا المقال أربع رؤى تنموية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كنماذج عن جهود التنمية في المنطقة، وتخص الرؤى قطر والبحرين وأبوظبي والكويت، حيث يعرض المقال لملخص لكل رؤية، يليه نقد لها في أربعة محاور هي:
- المضمون النيوليبرالي
- التباين في الاهتمام بالبعد الاقتصادي- الاجتماعي
- المشاركة الشعبية في صياغة الرؤى وفي محتواها
- رؤى التنمية كمشاريع أيديولوجية
ويتضح أن رؤى التنمية الأربع المشمولة في هذا الفصل تشترك في عدة سمات، منها توقيت الإصدار ما بين تموز / يوليو 2008 وشباط /فبراير 2010، والمدى الزمني للرؤى والمنتهي إما عام 2030 أو عام 2035، كذلك تشترك الرؤى في ضعف المشاركة الشعبية الجدية في صياغتها، مع غياب التنسيق على مستوى دول مجلس التعاون في صياغة الرؤى لضمان تكامل الأهداف والمشاريع وعدم تكرارها، أما من حيث المضمون فتتفق رؤى التنمية في أن الاعتماد الاقتصادي المفرط على النفط والغاز هو الخطر الأساسي الذي يواجه اقتصادات المنطقة، كما تعي ضرورة معالجة الخلل السكاني والخلل في سوق العمل. ومن حيث الحلول، تشترك رؤى التنمية الأربع في طرح النيوليبرالية كحل، بمعنى بناء اقتصاد رأسمالي مع حد أدنى من الضوابط، على أن يُبنى هذا النظام الاقتصادي دون إصلاح سياسي جدي مرافق، حيث يغيب ذكر الديمقراطية إلا ما ندر. كما أن الجانب الاقتصادي- الاجتماعي ينال نصيباً أقل من الاهتمام الذي تحصل عليه الإصلاحات المتعلقة بالنيوليبرالية ومصالح أصحاب الأعمال، وقد يفاقم هذا التجاهل النسبي للحقوق الاقتصادية - الاجتماعية الاستياء الشعبي من أنظمة دول مجلس التعاون، رغم الوظيفة الأيديولوجية التي تقوم بها رؤى التنمية في إعطاء انطباع بوجود جهود جدية للإصلاح، وبالتالي سحب البساط من تحت المعارضة السياسية.
ومن المهم التأكيد أن هذا النص لا يناقش جميع الرؤى والسياسات التنموية التي أصدرتها حكومات دول مجلس التعاون تاريخياً، إنما يناقش نصوص رؤى التنمية طويلة الأمد الحالية كعينة عن سياسات التنمية في المنطقة.
نظرة عامة على رؤى التنمية في دول مجلس التعاون
يمكن تقسيم رؤى التنمية الأربع التي يتناولها هذا الملف إلى قسمين هما: الرؤى العامة والرؤى المفصّلة نسبياً، وهذا تقسيم نسبي يعتمد على خصائص الرؤى التي يصار إلى تحليلها هنا، وقد لا يكون مناسباً لتصنيف كل مشاريع التنمية في العالم. أما الرؤى العامة فهي الرؤى التي تغلب عليها الأفكار المجرّدة مقابل قلّة الأهداف المحدّدة بالأرقام أو التي يمكن قياسها موضوعياً بمؤشرات محدّدة سلفاً، وتندرج تحتها رؤيتا قطر والبحرين. أما الرؤى المفصلة نسبياً فهي التي تحتوي على قدر أكبر من الأهداف التفصيلية أو التي يمكن قياسها موضوعياً بمؤشرات محدّدة سلفاً، وتشمل رؤيتي أبوظبي والكويت.
أ - رؤية قطر
عند تقديم كل رؤية بشكل عام يمكن البدء بالأقدم من حيث تاريخ الإصدار، وهي «رؤية قطر الوطنية 2030»، والتي صدرت في تموز / يوليو 2008 عن «الأمانة العامة للتخطيط التنموي» التابعة للحكومة القطرية، وهي مختصرة نسبياً، حيث تقع في 27 صفحة، والهدف الأساسي من رؤية «قطر الوطنية 2030» هو «تحويل قطر بحلول العام 2030 إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل»2، فهي إذاً رؤية تركز بشكل أساسي على الاقتصاد، وعلى استدامة التنمية دون الاعتماد على مورد طبيعي، هو الغاز في حالة قطر، ولتحقيق هذا الهدف تستند الرؤية إلى أربع ركائز هي: أولًا التنمية البشرية، ويقصد بها تنمية الموارد البشرية عبر تطوير التعليم والرعاية الصحية، وثانياً التنمية الاجتماعية، ويقصد بها الرفاه الاقتصادي - الاجتماعي والاهتمام بالثقافة وتطوير العلاقات الدولية. وثالثة الركائز التنمية الاقتصادية، ويقصد بها الإدارة السليمة للاقتصاد الكلي والإدارة السليمة لموارد النفط والغاز وتخفيف الاعتماد الاقتصادي عليهما، ورابعاً وأخيراً تأتي التنمية البيئية، ويقصد بها الاستدامة البيئية.
تستخـــــــــــــــــــــــدم الرؤية فكرة «العدالة البينية»، وهي فكرة فلسفيـة تتعلق بالعدالة في توزيـــــــــــــــــــــــــــــع المكاســـــــــــــــــــــــــب والمساوئ بين الأجيال المختلفة.
ولعل أهم ما تتسم به «رؤية قطر الوطنية 2030» بالمقارنة مع رؤى التنمية الأخرى في هذا المقال هو أنها، من حيث الشكل، ثاني أقصر رؤية بعد رؤية البحرين، ومن حيث الصياغة فهي تشترك مع رؤية البحرين في كونهما مشاريع عامة لا تحوي أهدافاً محددة بالأرقام أو يمكن قياسها بمؤشرات محددة سلفاً. وتتسم «رؤية قطر الوطنية 2030» بالوعي بالأعراض الجانبية السلبية التي يمكن أن تصاحب مشاريع التنمية الاقتصادية الضخمة، وتحديداً التبعات الثقافية والمجتمعية والبيئية، وهو ما توضحه الرؤية عندما تُعدّدُ التحديات الرئيسة التي تواجه التنمية في قطر3. كذلك تتميز الرؤية باستخدام فكرة متطورة نسبياً هي فكرة «العدالة البينية»، وهي فكرة فلسفية تتعلق بالعدالة في توزيع المكاسب والمساوئ بين الأجيال المختلفة في المجتمع 4. كذلك تنفرد هذه الرؤية بكونها الوحيدة التي تشير صراحة إلى دور زوجة رئيس الدولة في توجيه التنمية، في هذه الحالة السيدة موزة المسند زوجة أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني.
ب - رؤية البحرين
أما بالنسبة إلى ثانية الرؤى فهي رؤية البحرين، وعنوانها الرسمي «رؤيتنا: رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى عام 2030»5، وهي ثاني أقدم الرؤى المناقشة هنا، حيث صدرت في تشرين الأول / أكتوبر 2008 وتعهد بالإشراف على متابعتها «مجلس التنمية الاقتصادية» الذي يرأسه ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة6. وهي أصغر الرؤى حجماً حيث تقع في 23 صفحة، «ويتمثل الهدف الرئيسي للرؤية في زيادة دخل الأسرة الحقيقي إلى أكثر من الضعف بحلول العام2030»7، فرؤية البحرين إذن ذات هدف اقتصادي - اجتماعي هو زيادة الدخل، وهو هدف ملموس أكثر من هدف الرؤية القطرية مثلا الذي يحوي جانباً فنياً نسبياً هو تخفيف الاعتماد الاقتصادي على النفط والغاز، ولتحقيق هدفها تقوم رؤية البحرين على ثلاثة مبادئ: أولاً الاستدامة، وتعني الابتعاد عن التنمية الاقتصادية المستندة إلى القطاع العام بزعم أنه قطاع غير مستدام، والاستعاضة عنه بالقطاع الخاص الموصوف بالمبادر والمبتكر، وللاستدامة معنى آخر هو الحفاظ على الثقافة والبيئة، أما ثاني المبادئ فهو التنافسية، ويعني زيادة القدرة على التنافس الاقتصادي مع العالم، وثالثاً يأتي مبدأ العدالة، والتي تشمل مكافحة الفساد والاحتكار، وتعزيز الشفافية، وضمان الحماية القانونية للمستهلك وصاحب العمل والمستثمر الأجنبي، والمساواة بين المواطنين، وتوفير الضمان الاجتماعي لهم.
أما أهم ما تتسم به «رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى عام 2030»، فهو من حيث الشكل كونها أقصر الرؤى، ومن حيث المضمون فالرؤية تتسم بتركيزها النسبي على الجانب الاقتصادي - الاجتماعي، سواء من حيث الهدف الأساسي المتمثل بمضاعفة الدخل أو بالإشارة المتكررة إلى الحاجة لزيادة الأجور والتوظيف للمواطنين8. وتتسم هذه الرؤية بتحديد بعض المؤشرات لقياس النجاح في تحقيق الأهداف، وبعضها مؤشرات اقتصادية مثل نموّ الناتج المحلي الإجمالي وحجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وبعضها مؤشرات عالمية مثل مؤشر مساءلة القطاع العام الصادر عن البنك الدولي9، لكن لا تحدد الرؤية أهدافاً رقمية يمكن قياسها، وبالتالي يصعب الحكم بدقة على مدى تحقق الرؤية في الواقع بحلول عام 2030، ما خلا ربما التقدم النسبي أو التراجع قياساً على الوضع في تاريخ إصدار الرؤية عام 2008، كذلك تتسم رؤية البحرين بالمقارنة مع الرؤى الأربع المتناولة في هذا المقال بكونها الأقل تركيزاً على دور المرأة، فلا ترد كلمة «امرأة» أو مرادفاتها حتى مرة واحدة في النص، وهذا ينسحب على غيرها من مكونات المجتمع المستضعفة، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة.
ج - رؤية أبوظبي
يمكن الآن أن ننتقل للقسم الثاني من الرؤى الأربع التي نتناولها في هذا البحث، وهي الرؤى المفصلة نسبياً، وتشمل رؤيتي أبوظبي والكويت، ويمكن أن نبدأ برؤية أبوظبي لأنها الأقدم من حيث تاريخ الإصدار، حيث صدرت في تشرين الثاني / نوفمبر 2008 بعنوان «الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي»، وهي من إعداد ثلاث جهات مرتبطة بالحكومة هي «الأمانة العامة للمجلس التنفيذي» و«دائرة التخطيط والاقتصاد» و«مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي»، والأخير يضم بالإضافة إلى ممثلي الحكومة أصحاب أعمال من داخل الإمارة وخارجها10. وتعتبر هذه الرؤية الأطول والأكثر تفصيلا ضمن الرؤى المتناولة في هذا البحث، حيث تقع في 142 صفحة، وهدفها العام «النجاح الاقتصادي»، الذي يستند إلى «أولويتين»: أولاهما بناء اقتصاد مستدام، بمعنى التنويع الاقتصادي بعيدا عن النفط وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، وثانيتهما تنمية اقتصادية متوازنة إقليمياً واجتماعياً تعود بالفوائد على الجميع، ويرتبط الالتزام بهاتين الأولويتين على العمل المتواصل في سبعة مجالات هي:
- بناء بيئة أعمال منفتحة وفاعلة
- تبنّي سياسة مالية منضبطة
- إرساء بيئة فاعلة ومرنة للأسواق المالية والنقدية
- زيادة كفاءة سوق العمل
- تطوير البنية التحتية
- تطوير قوة العمل
- تمكين الأسواق المالية من أن تصبح الممول
- الرئيسي للمشاريع11.
وإضافة إلى اتسام «الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي» بكونها الأطول والأكثر تفصيلا من بين رؤى هذا البحث الأربع، فإنها على العكس من رؤية البحرين تشير لموقع المرأة في المجتمع والاقتصاد، مثل ذكر «زيادة مساهمة المرأة في قوة العمل» في موقع متقدم من الملخص التنفيذي وتكرار ذلك عدة مرات12، كذلك تتسم الرؤية بما يمكن تسميته «التنمية المتكافئة»13، والتي تندرج تحت الأولوية الثانية من أولويات التنمية وهي توازن التنمية الإقليمية، ويمكن تعريف «التنمية المتكافئة» بأنها محاولة المساواة بين المناطق الجغرافية المختلفة من حيث مستوى التنمية للتغلب على ثنائية منطقة المركز المتقدمة ومناطق الأطراف المتخلفة والتابعة14. وتتسم الرؤية أيضاً بتحديدها لاقتصادات بعينها كأساس للمقارنة مع اقتصاد أبوظبي، وهي النرويج وإيرلندا ونيوزيلندا، وبدرجة أقل سنغافورة 15.
د - رؤية الكويت
رابع وآخر الرؤى المستعرضة هنا بشكل عام قبل الانتقال لبعض السمات بالتفصيل هي رؤية الكويت، والتي هي أقرب إلى الخطة الخمسية في الأساس، على خلاف الرؤى الثلاث أعلاه التي تقدم نفسها بوضوح كـ«رؤى». لكن خطة الكويت، والتي تقع في 84 صفحة من إصدار «الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية» في شباط /فبراير 2010، رغم ذلك تكشف في جزئها الأول عن محتوى «رؤية الدولة: الكويت 2035»16. ورؤية الكويت هذه هدفها الأساسي «تحوّل الكويت إلى مركز مالي وتجاري»17، وذلك بتحقيق ستة أهداف «استراتيجية»: أولاً زيادة الناتج المحلي الإجمالي ورفع مستوى معيشة المواطن، وثانياً جعل القطاع الخاص يقود التنمية، وثالثاً التنمية البشرية والمجتمعية، ورابعاً إصلاح التركيبة السكانية، وخامساً تحسين كفاءة الإدارة الحكومية، وسادساً تعزيز الهوية العربية والإسلامية18.
وإذا أردنا تحديد أهم سمات رؤية الكويت، وبالتبعية خطتها، بالمقارنة مع الرؤى الثلاث الأخرى، يمكن أن نشير إلى أنها الأكثر صراحة في الدعوة إلى تعزيز الديمقراطية والمشاركة الشعبية في السياسة، حيث يدعو النص إلى «تدعيم وترسيخ النظام الديمقراطي القائم على احترام الدستور والالتزام به والعمل على تنمية وتطوير العمل السياسي»19. وفي الوقت نفسه تدعو الرؤية بصراحة تفوق غيرها من رؤى التنمية، إلى تعزيز الهوية الإسلامية مع الإشارة للمادة الثانية من دستور الكويت، والتي تنص على أن «دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»20، فيما يبدو أنه تبنٍّ لمشروع إسلامي، كما تنفرد رؤية الكويت بتحديد شكل محدد مستهدف للاقتصاد، وهو اقتصاد قائم على القطاعين المالي والتجاري، على العكس مثلا من رؤيتي البحرين وأبوظبي اللتين تتفقان مع الكويت في ضرورة الابتعاد عن الاعتماد الاقتصادي على النفط، لكنهما لا تحددان قطاعاً أو قطاعين فقط لاستبدال القطاع النفطي.
class="pullquote">رؤية أبوظبي، تتميز بكونها تخطط لتطبيق بعض الخصائص الفنية للنيوليبراليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة، مثل قصر السياسة النقديـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة على التركيز على إدارة التضخم النقدي فحسب وليس خفض التضخم.
وبهذا تكتمل الصورة العامة لرؤى التنمية الأربع موضوع هذا المقال، ويمكن الانتقال إلى بعض السمات المحددة للتفصيل في علاقات الرؤى ببعضها.
بعض سمات رؤى التنمية في دول مجلس التعاون
أ - المضمون النيوليبرالي
ويُقصد بـ«النيوليبرالية» أو «الليبرالية الجديدة» شكلٌ من أشكال الرأسمالية بدأ بالانتشار في الدول الرأسمالية ابتداء من سبعينيات القرن العشرين، وأهم صفاته الدعوة إلى الخصخصة ورفع الضوابط عن الأسواق وعن حركة رأس المال عبر الحدود، وكذلك يدعو إلى خفض الضرائب والالتزامات الاجتماعية عن رأس المال وإضعاف الاتحادات العمالية21.
ويشكل هذا النموذج من الرأسمالية، والذي يسميه نقّاده بالرأسمالية المتطرفة أو المتوحشة، أساساً للرؤية الاقتصادية في جميع الرؤى المتناولة في هذا البحث، فمثلاً تذكر رؤية البحرين، مباشرة بعد قسم «التمهيد» وقبل جدول المحتويات، أن الحكومة إنما ترسم «معالم التنمية» بينما «يتولّى القطاع الخاص الرائد عجلة تنميته»22، وتواصل الرؤية شرح قدرات القطاع الخاص الكبيرة في تحقيق التنمية المنشودة بالقول:
«ولا شك أن أفضل الطرق نحو ضمان استدامة ازدهار اقتصادنا هي معالجة [تضخم القطاع العام]، وتطوير نوعية الوظائف والمهن ورفع مستواها في البحرين. ولن يأتي ذلك إلا عن طريق تغيير نموذج النمو الاقتصادي الحالي، وذلك بالتحوّل إلى اقتصاد يحفزه القطاع الخاص المبادر»23.
وتدعو أيضا رؤية البحرين إلى «فتح أسواق البحرين بشكل أوسع من أي وقت مضى»24، وتصرّح الرؤية بموقف عام مؤيد للخصخصة «في ضوء التجربة الدولية التي تبيّن أن الحكومات تستطيع خفض التكاليف بشكل كبير وتحسين نوعية الخدمات الحكومية عبر الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذ بعض العمليات الحكومية غير الأساسية»، ومثل ذلك إشارات أخرى إلى «تقليص حجم الجهاز الحكومي ونفقاته» و«تسريع مشاركة القطاع الخاص في توفير خدمات البنية التحتية»25.
وتدعم الاقتباسات أعلاه الزعم بأن النيوليبرالية تشكل جزءاً مهمّاً من رؤى التنمية في دول مجلس التعاون، فرؤية البحرين كمثال تزخر بالدعوات إلى الإعلاء من شأن رأس المال (القطاع الخاص) في عملية التنمية، بل أن يصبح هو قائدها، وكذلك الدعوة إلى الاستعانة برأس المال الأجنبي للمشاركة في القيادة، وإضعاف القطاع العام لصالح هيمنة أكبر لرأس المال.
ويمكن إيجاد مرادفات لهذه الدعوات في رؤية أبوظبي، والتي تتميز بكونها تخطط لتطبيق بعض الخصائص الفنية للنيوليبرالية، مثل قصر السياسة النقدية على التركيز على إدارة التضخم النقدي فحسب وليس خفض التضخم جنباً إلى جنب مع خفض البطالة وزيادة النموّ الاقتصادي، وعلى الرغم من أن استهداف السياسية النقدية لخفض التضخم ليس أمراً سيئاً أو مثيراً للجدل بحدّ ذاته، إلّا أن القصر الكامل للسياسة النقدية على هذا الهدف مع عدم التركيز على النمو الاقتصادي والتوظيف والآثار الجانبية المحتملة للتركيز الحصري على خفض التضخم، ينحو باتجاه النيوليبرالية. ومن جانب السياسة المالية، تقول رؤية أبوظبي بتبنّي النيوليبرالية الداعية إلى تجنب عجز الموازنة وتجنب السياسة المالية التوسعية تماماً، وكذلك الدعوة إلى تمكين القطاع المالي من مفاصل الاقتصاد عبر الاعتماد عليه لتمويل المشروعات الكبرى في مختلف القطاعات، وأخيراً الدعوة إلى «تحسين كفاءة سوق العمل»، وهي العبارة المفضّلة لدعاة النيوليبرالية في مجال الحقوق العمالية، وتعني الاعتماد ما أمكن على قوى العرض والطلب لتحديد الأجور وظروف العمل، وإزالة الضوابط المتعلقة بحقوق العمال26.
وتجدر الإشارة إلى أن رؤية الكويت قد تكون الأكثر تطرفاً في الدفع باتجاه الخصخصة، حيث تقول بخصخصة معظم الخدمات العامة، من البنية التحتية مروراً بمعظم نشاطات القطاع النفطي وحتى خصخصة المدارس والمستشفيات، إذ تدعو خطة التنمية إلى «إتاحة تنفيذ العديد من مشاريع الكهرباء والماء أمام القطاع الخاص»، و«إشراك القطاع الخاص في أنشطة قطاعي الكهرباء والماء عبر التخصيص التدريجي لمحطات إنتاج الطاقة والمياه ونقلها وتخزينها، وذلك ضمن مشروع التخصيص العام المقترح للدولة»27، و«مشروع التخصيص العام المقترح للدولة» هذا يشمل «التخصيص التدريجي للمدارس الحكومية»، وكذلك إنشاء جامعات مستقلة «يسهم القطاع الخاص بدور أكبر في إدارتها وتشغيلها»28، وفي الصحة «تخصيص إدارات بعض المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية ضمن مشروع التخصيص العام»29.
class="pullquote">رغم أن معظم الرؤى تذكر في أكثر من موضع قضايا الرفاه الاجتماعي والعدالة الاجتماعية فإنها لا تفصل في الأهداف وخطوات العمل المتعلقة بالجانب الاقتصادي الاجتماعي بقدر ما تفصل في جانب تطبيق النيوليبرالية.
ويتجاوز مشروع الخصخصة هذا حدوداً لم تستطع حتى كبرى الدول الرأسمالية تجاوزها، فلا تزال مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة مناطق بعيدة عن الخصخصة الكاملة في تلك الدول، كذلك تخضع العناصر الأخرى المكوّنة للنيوليبرالية، كرفع الضوابط عن الأسواق وعن حركة رأس المال، لإعادة نظر وتقييم في الدول الرأسمالية الكبرى إثر أزمة 2008 الاقتصادية العالمية المستمرة، وتبقى المفارقة أن جميع هذه الرؤى تتبنى منهج التخطيط والتنظيم المركزي المفصّل وطويل الأمد لتحقيق التنمية، في الوقت عينه الذي تدعو إلى تقليص نهج التخطيط والتنظيم ودور الدولة في الاقتصاد، وتسعى لتطبيق النيوليبرالية المعادية للتنظيم الاقتصادي الواعي.
ب - التباين في الاهتمام بالبعد الاقتصادي - الاجتماعي
والوجه الآخر لتبنّي النيوليبرالية من قبل رؤى التنمية هو ضعف التركيز على الحقوق الاقتصادية - الاجتماعية للسكان، فرغم أن معظم الرؤى تذكر في أكثر من موضع قضايا الرفاه الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، خصوصاً رؤية البحرين30، فإنها لا تفصّل في الأهداف وخطوات العمل المتعلقة بالجانب الاقتصادي - الاجتماعي بقدر ما تفصّل في جانب تطبيق النيوليبرالية. فلا إشارة مثلاً على الإطلاق حتى إلى لفظة «اتحاد عمالي» أو «نقابة» في أي من الرؤى، على العكس من الإشارات المتكررة إلى «أصحاب الأعمال» و«القطاع الخاص» في متن الرؤى، فضلاً عن الغياب الملحوظ لأي برامج محددة ومفصلة لتوسعة رقعة الحقوق الاقتصادية - الاجتماعية، مثل مشاريع محدّدة لتطوير أنظمة التأمين الاجتماعي أو التقاعد، ويصعب تبرير هذا الاختلال في ميزان الحقوق الاقتصادية - الاجتماعية للفئات المختلفة في المجتمع.
وفي هذا المقام يمكن إدراج الغياب الملحوظ للاهتمام ببعض أضعف الفئات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعلى رأسهم غير المواطنين الذين يشكلون أغلبية السكان وأفقرهم بشكل عام، حيث ينالون أحياناً نصيباً من الذكر في الرؤى لكنه يبدو ذكراً رمزياً، مثلا عند الحديث عن تطوير مهارات العمالة أو تحسين بعض الخدمات التي قد يستفيد منها السكان31.
إن غير المواطنين في جميع الرؤى يمثلون مشكلة يجب تحجيمها، وهو ما يدفع أحياناً إلى خطوات قد تعتبر عنصرية، مثل دعوة خطة الكويت في سياق إصلاح الخدمات الصحية إلى «دراسة فصل الكويتيين عن الوافدين في المستشفيات»32.
هذا التجاهل لأوضاع غير المواطنين يوضّح بأن رؤى التنمية الأربع لا تخص سكان الدول، إنما تخص مواطنيها وإن كانوا أقلية كما هي الحال في الدول الثلاث وإمارة أبوظبي، فهي إذن رؤى الأقلية على أساس الجنسية، كما أنها خطط فئوية بمعنى تمثيلها للنخبة في جهاز الدولة والاقتصاد من دون مشاركة الفئات الشعبية في الصياغة.
ج - المشاركة الشعبية في صياغة الرؤى وفي محتواها
تفتقر جميع رؤى التنمية الأربع لدور فاعل ومركزي للشعب في صياغتها، فهي على أسوأ تقدير ثمرة عمل أجهزة فنية، سواء حكومية أو خاصة أو دولية، دون مشاركة شعبية فاعلة كما في حالة رؤية أبوظبي33، أو أنها جاءت بمشاركة شعبية يمكن اعتبارها رمزية كما في حالة قطر والبحرين، وفي حالة البحرين تحديداً ورغم وجود برلمان منتخب فإن النقاش العام حول رؤية البحرين لم يتوسع إلا بعد الإعلان رسمياً عن تبنّي الملك لها34، ولعل أفضل الحالات كانت الكويت التي أقر مجلس الأمة فيها خطة التنمية، وإن لم يكن للمجلس اليد الطولى في صياغة الخطة نفسها إنما مجرد التصديق عليها كإطار عام35.
class="pullquote">جري التوظيف الأيديولوجي لرؤى التنميـــــــــــــــــــــــــــــــة على الرغم من أنها ليست رؤى «وطنيـــــــــــــــــــــــة» بمعنى التعامل على قدم المساواة مع جميع فئات المجتمـــــــــــــــع.
وينسحب ضعف المشاركة الشعبية في صياغة الرؤى إلى ضعف الدعوات إلى المشاركة السياسية بشكل عام في متن رؤى التنمية، فرغم تفصيل الرؤى نسبياً في أهمية تعزيز دور المواطنين الاقتصادي، لا تحظى الدعوة إلى تعزيز الحريات والمشاركة السياسية بالتفصيل نفسه، في ما يبدو أنه تمييز بين التنمية الاقتصادية والتنمية السياسية كمشروعين ضعيفي الارتباط ببعضهما، بل إن الرؤى تبدو حريصة عند الحديث عن بعض المشاكل على تقديمها بصورة مشاكل فنية ذات حلول فنية، وليست سياسية أو عائدة لغياب الديمقراطية، فمثلاً ضعف كفاءة القطاع العام وانتشار الفساد حلهما في الخصخصة ورفع مهارات الموظفين، وربما تعزيز الشفافية وتشديد الرقابة على المال العام، في تجنب حذر لأي استنتاجات ديمقراطية صريحة قد تنجم عن التفكير في هذه المشاكل ومجابهتها.
رؤى التنمية كمشاريع أيديولوجية
بالنظر للمحتوى النيوليبرالي المنحاز لمصالح رأس المال في رؤى التنمية في دول مجلس التعاون، وبالنظر بالتوازي للاهتمام الضعيف للرؤى ذاتها بالجانب الاقتصادي - الاجتماعي وبالفئات المستضعفة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضعف المشاركة الشعبية في صياغة الرؤى والغياب شبه التام لمشاريع الإصلاح السياسي، بجمع هذه الحقائق يصبح من المقبول الزعم بأن إحدى سمات رؤى التنمية لدول مجلس التعاون هي التوظيف الأيديولوجي لخطاب التنمية في سبيل إعطاء أمل للشعوب بإمكانية الإصلاح الاقتصادي.
يخدم ذلك المدى الطويل لهذه الرؤى الممتد حتى عام 2035 في بعض الأحيان، مما يعطي الأنظمة نظرياً فسحة من 22 إلى 25 سنة للمناورة والدفاع عن موقعها بدعوى عدم عدالة تقييم نجاح رؤاها التنموية قبل انقضاء أجلها.
ويدعم هذه الوظيفة الأيديولوجية لرؤى التنمية الترويج الإعلامي الضخم لها قبل إصدارها وبعد الإصدار بسنوات، خصوصاً في الدولتين صاحبتي الهامش الأكبر من الديمقراطية، أي البحرين والكويت، حيث قُدّمت رؤية التنمية كمشاريع وطنية تتطلب توحيد الجبهة الداخلية ونبذ المعارضة السياسية للسلطة لأن من شأن ذلك عرقلة جهود التنمية، وهو ما حدث على سبيل المثال في الكويت، حيث شاع تعبير «التأزيم» و«المؤزمين» (من كلمة «أزمة») للإشارة حصراً إلى المعارضة السياسية في البرلمان وخارجه، حيث يجري تقديم المعارضة، والتي في جزء منها تدعو إلى مكافحة الفساد وبسط حكم القانون على الجميع وتعزيز الدميقراطية والحريات. هذه الآراء تُقدّم في الإعلام الرسمي والخاص على أنها مواقف «تأزيمية» تخلق أزمات تمنع الحكومة من تحقيق التنمية في الكويت 36.
يجري هذا التوظيف الأيديولوجي لرؤى التنمية على الرغم من أنها كما اتضح أعلاه ليست رؤى «وطنية» بالمعنى الدقيق، بمعنى التعامل على قدم المساواة مع جميع فئات المجتمع، أو حتى الانحياز للأغلبية، إنما هي رؤى مصوغة من قبل نخبة جهاز الدولة والاقتصاد، ومحتواها منحاز لرأس المال، واهتمامها ضعيف نسبياً بالمصالح الاقتصادية - الاجتماعية لأغلب السكان، بل هي تستثني أغلب السكان بتركيزها على المواطنين فقط، فهي إذاً أقرب إلى كونها رؤى أقلية الأقلية وليست مشروعاً وطنياً بالمعنى الدقيق.ِ
الخلاصة
خلاصة هذا المقال هي أن رؤى التنمية الأربع المشمولة في هذا الفصل تشترك من حيث الشكل في توقيت إصدارها، وفي ضعف المشاركة الشعبية الجدية في صياغتها وأحياناً في إقرارها، وفي ضعف التنسيق على مستوى دول مجلس التعاون في صياغة الرؤى لضمان التكامل لا التكرار، أما من حيث المضمون فإن رؤى التنمية تعي أن الخطر الاقتصادي الذي تواجهه اقتصادات مجلس التعاون هو الاعتماد الاقتصادي المفرط على النفط والغاز، وضرورة معالجة الخلل السكاني والخلل في سوق العمل، وتشترك في طرح النيوليبرالية كحل، بمعنى بناء اقتصاد رأسمالي مع حد أدنى من الضوابط، كما أن هذا الاقتصاد سيقام دون ديمقراطية جدية في السياسية، وهو ما قد ينقض الاهتمام الضعيف نسبياً الذي تبديه الرؤى بالجانب الاقتصادي - الاجتماعي للتنمية، وهو ما قد يفاقم الاستياء الشعبي من الأنظمة رغم الوظيفة الأيديولوجية التي تقوم بها رؤى التنمية، ألا وهي إذكاء الأمل بالإصلاح وتهميش أية معارضة سياسية قد تظهر.
- 1. 1 سبق نشر هذا المقال بصياغة أولى كملف بعنوان «ملف الرؤى الاقتصادية: تقييم رؤى التنمية في دول مجلس التعاون»، في كتاب الثابت والمتحول 2014: الخليج ما بين الشقاق المجتمعي وترابط المال والسلطة، الصادر عن مركز الخليج لسياسات التنمية في الكويت والمنشور إلكترونيا بتاريخ 15 حزيران / يونيو 2014.
- 2. الأمانة العامة للتخطيط التنموي، رؤية قطر الوطنية 2030 (قطر: الأمانة العامة للتخطيط التنموي، تموز / يوليو 2008)، ص2.
- 3. رؤية قطر الوطنية 2030، ص3.
- 4. المصدر نفسه، ص4. وللمزيد حول فكرة «العدالة البينية» انظر: Meyer, Lukas. «Intergenerational Justice». The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2010 Edition), Edward N. Zalta (ed.)
- 5. رؤيتنا: رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى عام 2030 (البحرين: تشرين الأول / أكتوبر 2013).
- 6. «العاهل: رؤية البحرين 2030 ملزمة لكل الدوائر»، صحيفة الوسط، العدد 2240 (24 تشرين الأول / أكتوبر 2008).
- 7. رؤيتنا: رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى عام 2030، ص6.
- 8. المصدر نفسه، ص6،7،11،14،15،20.
- 9. المصدر نفسه، ص15-17.
- 10. حكومة أبوظبي، الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي (الإمارات العربية المتحدة: حكومة أبوظبي، تشرين الثاني / نوفمبر 2008)، ص7-8.
- 11. المصدر نفسه، ص17-19.
- 12. المصدر نفسه، ص5،10،18،91.
- 13. لا تستخدم الرؤية هذا التعبير.
- 14. المصدر نفسه، ص6،17،38-40.
- 15. المصدر نفسه، ص9-10.
- 16. الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، الخطة الإنمائية متوسطة الأجل للسنوات 2014/2013-2011-2010 (الكويت: الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، شباط /فبراير 2010)، ص13-16.
- 17. المصدر نفسه، ص13.
- 18. المصدر نفسه، ص14-16.
- 19. المصدر نفسه، ص13.
- 20. دستور دولة الكويت، (الكويت: تشرين الثاني / نوفمبر 1962)، الباب الأول، المادة الثانية.
- 21. ديفيد هارفي، الليبرالية الجديدة تاريخ مختصر، ترجمة مجاب الإمام (السعودية: العبيكان للنشر، 2008).
- 22. رؤيتنا: رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى عام 2030، ص3.
- 23. المصدر نفسه، ص7.
- 24. المصدر نفسه، ص14.
- 25. المصدر نفسه، ص17-19.
- 26. الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي، ص56-77، 100-110.
- 27. الخطة الإنمائية متوسطة الأجل للسنوات 2014/2013-2011-2010، ص49.
- 28. المصدر نفسه، ص57-58.
- 29. المصدر نفسه، ص62.
- 30. انظر قسم «رؤية البحرين» أعلاه.
- 31. انظر مثلا رؤية قطر الوطنية 2030، ص14-15. ورؤيتنا: رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى عام 2030، ص20. والرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي، ص7.
- 32. الخطة الإنمائية متوسطة الأجل للسنوات 2014/2013-2011-2010، ص62. وانظر «الكويت: هل تؤيد فرض قيود على الخدمات الصحية للوافدين؟»، موقع بي بي سي العربية (5 حزيران / يونيو 2013).
- 33. الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي، ص1.
- 34. «الوفاق تلتقي مجلس التنمية الاقتصادية وتبلغة مرئياتها حول رؤية البحرين 2030»، موقع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية (27 تشرين الثاني / نوفمبر 2008).
- 35. «مجلس الأمة يقر سوق المال والخطة التنموية»، صحيفة الجريدة (3 شباط /فبراير 2010).
- 36. انظر مثلا إحدى افتتاحيات جريدة القبس الكويتية الخاصة ذات الميل الليبرالي: «هل نأمل بفسحة للتنمية؟»، (25 آذار / مارس 2010).
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.