هي بيروت من جديد
بيروت على الراديو
والسلفادور على التلفزة
هي صبرا وشاتيلا في الذاكرة
و«أوصولاتان»1 في القلب
هي بيروت من جديد
عندما اعتقدنا أن بيروت
قد خلدت للراحة
لكن بيروت لن تنام
حتى تنام السلفادور
وسان فرانسيسكو لن تتناول الطعام
حتى تشبع إريتريا
ولن تموت السلفادور
هي بيروت من جديد
في ماناغوا، في آنتيغا
وفي مدن الصفيح في مارسيليا
وهي حيثما يزعق الراديو
وأعني أينما كان
في هذا العصر الإلكتروني
يتعذب رجل الكهف في أحشاء السلفادور
لكنْ ثمة أنفاق تقود إلى مقر القيادة العامة للأمل.
يوجد أمل في السلفادور
لأنه يوجد شعب،
يوجد أمل في السلفادور
لأن الكرامة لها اسم
هنا،
لأن الشر عظيم وداهم
هنا،
حتى صار القساوسة اليسوعيون
ثوارًا لأول مرة في التاريخ.
هي بيروت من جديد
في ذلك اليوم وهذا اليوم وكل يوم،
لأن الشعب الكادح يعمل كل يوم
ولأن الموز والمانغا
ينموان كل يوم،
لأن الشمس تشرق بعناية
كل يوم
تحت القذائف،
يولد الأمل في كل يوم
في شرايين
السلفادور النازفة
ويولد مسيح مخلّص2
في مكان ما هناك،
ويرتقي هيكل آلهة الهنود الحمر،
مخلّص سوف نؤمن بقيامته
فقط عندما جميع شعوب الأرض
وكل النباتات
وكل الحيوانات
وكل الأكوان
تحقق قيامتها
والقيامة كرامة
أعني
الكرامة حرية
القيامة للفقراء خبز وبيت
القيامة سلام للجميع
إلى الأبد
إلى الأبد
هي بيروت من جديد
لأن دور الأيتام تنمو بأسرع من نموّ
المدارس
في السلفادور،
والشمس تغيب حيث لا تطاولها أيدي
الشعب.
وما من أفق غير أفق الإرهاب.
هي بيروت من جديد
لأن البحر انتصب واقفًا
وأطلق ابتهالات لا متناهية
هي بيروت من جديد
لأن الشعراء يموتون
ولا يستسلمون
لأنهم يتحدثون عن الأمل
ولا يتقلّدون كلماتهم
مثل قلادات من اللؤلؤ،
لأن الشعراء يرفضون أن يموتوا،
يحملون أملهم على ظهورهم
ويتنقلون من بابٍ إلى باب
مثلما النحل من زهرةٍ إلى زهرة
ليوزّعوا رسائل التحدي
على قلوب الناس.
وهي بيروت من جديد
ماء في الأفق
مقابر مكتظة أكثر من فنادق
طائرات تحمل من الأخبار أبشعَها
ومواكب لا تنتهي من الحزن
وهي بيروت من جديد
لأنّ الناس يتراكضون
لتبقى بطونهم وعقولهم
منتظمة في الطابور
يحملون شرفهم،
متاعهم الوحيد،
ويعدّون موتاهم
مثلما تعدّ القروش
في مدن السلطان.
وهي بيروت من جديد
لأن الناس يتمتمون صلواتهم
على أمل أن تصل إلى مسامع مريم
العذراء
والناس يعلمون أنهم واقعون في الفخ
ويتذكرون غطاء طاولة السفرة
ووجبة الطعام هناك في البيت،
قبل أن ينتهوا إلى المشرحة.
وهي بيروت من جديد
آباءٌ يقتلون أبناءهم
وأبناءٌ يدفنون آباءهم
قبل أن يشوّه الذباب ملامحهم.
وهي بيروت من جديد
عندما كانت المصارف وحدها الحيّ الباقي
المال يتكاثر
كلّ ثانية
بمعدل تكاثر عدد الجرحى
وهي بيروت من جديد
تفتح سماؤها صدرها الوسيع كلّ ثانية
لتستقبل الأبطال المجهولين
الطالعين من شوارع السلفادور
(١٩٩٠)
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.