ترجمه من الإنكليزية أسامة إسبر
يجري التفاوض والتنافس على الهويات الاجتماعية بصورة متزايدة في دمشق من خلال الاستهلاك والاستعراض التنافسيَّين. يستند فصلي إلى بحث ميداني إثنوغرافي أجريتُه بين ١٩٩٢ و١٩٩٤ في أوساط نخَب دمشق، ويستقصي الاستهلاكَ والاستعراض والتميّز الاجتماعي بين النساء. تبرز النسوةُ هنا كلاعبات رئيسات في تنافس على الموقع والتميّز (برستيج)، وهنا يمكن أن يشير سلوكهن وماذا يلبسن وأين يتناولن عشاءهن، ومن يتزوجن إلى الانتماء الطبقي، ويمكن أن يولّده ويدعم أسسه.
نمو مجتمع الاستهلاك
لوقتٍ طويل، كانت القدرة على شراء بضائع استهلاكية مرتفعة الثمن وعلى ارتياد أماكن عصرية علامةً على مكانة نخبوية في دمشق. وقد أشارت إليزابيث طومسون1 إلى أن النساء الثريّات في العشرينيات والثلاثينيات كنّ بين أوائل من ارتاد السينما في المدينة، وكان هذا نشاطًا تطلّب دخلاً قابلاً للإنفاق ومعرفة بالفرنسية أو الإنكليزية في آن. وفي ظل السياسات الاقتصادية الاشتراكية للستينيات والسبعينيات والثمانينيات، أدّت الصناعة المحلية المحدودة وحظر الاستيراد إلى ندرة السلع. لكن القدرة على شراء السلع الاستهلاكية كالملابس التي تُماشي أحدث اتجاهات الموضة، ميّزت الذين يمتلكون روابط بالسلطة، والأثرياء الذين كانوا يسافرون إلى الخارج. فضلاً عن ذلك، لم تبُؤ محاولة حزب «البعث» لتخليص المجتمع السوري من التراتب الاجتماعي بالفشل فحسب، بل أنتجت في الواقع تقسيمات طبقية جديدة أيضًا. وفي التسعينيات، قاد ازدهار الإنتاج المحلي وتخفيف القوانين على البضائع المستوردة إلى توفير المزيد من المواد الاستهلاكية على رفوف المحلات في سورية، المنتَجة محليًّا والمستوردة. لكن تسليع مظاهر كثيرة من الحياة الاجتماعية، وتوافر مزيد من السلع وأمكنة الترفيه العامة الجديدة، سرّعا فرصَ التميز الاجتماعي من خلال الاستهلاك.
يعكس الاستهلاك، كما هو شائع بين أهالي دمشق، الفروقَ الاجتماعية وينشئها في آن. وتعتمد قراءتي لهذه الظواهر على تحليل بيار بورديو للتميّز، الذي يربط الأذواق في الطعام والفن والموسيقى والأثاث المنزلي بمستوى الدخل، وبالمؤهل التعليمي والخلفية الاجتماعية.2 بيّنتْ حجة بورديو (التي كانت رائدة لكنها صارت مألوفة الآن) أن الذوق ليس مسألة تتعلق بالنزعة الفردية بل بالمنصب الاجتماعي. إن «الذوق الجيد»، التفضيل المكتسب اجتماعيًّا للأشكال الثقافية الرفيعة على المتدنية، يخدم كرأسمال ثقافي، كرصيد ليس ماديًّا بشكل مباشر، بل يعزز الموقع الاجتماعي ويدعّمه.
ولقد بُحثت العلاقة بين الاستهلاك والاستعراض والهوية الثقافية في مجموعة مهمة من الأدبيات الحديثة. ويُظهر الكثير من هذه الأبحاث كيف أن سلسلة السلع المتوافرة الآن تسمح بالاختلاف وبالتراتب الاجتماعي، من خلال الاستهلاك، لأشخاص لا يمتلكون علاقات «طبيعية» كأقارب ولا هم متجاورون في المكان نفسه، بل يجب عليهم بدلاً من ذلك أن يعلنوا منصبهم الاجتماعي أمام جمهور يمكن بخلاف ذلك ألّا يعرف سوى القليل عنهم. وتنطوي نخبة دمشق في داخلها على مفارقة واضحة، فقد أصبح الزي وأنشطة وقت الفراغ واستعراضات الثروة مهمّين بصورة متزايدة مع التحرير الاقتصادي. عبّر عن ذلك أحد المعلقين بقوله إن النخب في دمشق «تُنظّم المناسبات كي تستعرض ثروتها».
لكن هذا لم يقلل من أهمية اسم العائلة، إذ إن دمشق ما زالت، إلى حد كبير، مثل بلدة صغيرة للطبقتين الوسطى والعليا، ويبدو كأن الجميع يعرفون بعضهم بعضًا فيها. لكن الدمشقيين لا يعرفون في الحقيقة بعضهم البعض، بل يعرفون عن بعضهم البعض. ويمتلك الدمشقيون في غالب الأحيان طوع بنانهم معلومات مفصّلة أو تكهنات حول الخلفية العائلية ودخل ومهنة وشهادة أشخاص لم يلتقوا بهم إطلاقًا. إن شبكات المعلومات واسعة، لكن الشبكات الاجتماعية أضيق بكثير. وبما أن الناس يمكن ألّا يعرفوا بعضهم بعضًا على الصعيد الشخصي، صارت رؤية وفهم بعضهم البعض مُهمة على نحو طبيعي. هنا يدخل الاستهلاك إلى اللعبة. تبقى الأسماء النخبوية نخبوية، وتصبح أسماء جديدة نخبوية، من خلال الاستعراض العامّ للثروة. ولا تختفي الأشكال الأقدم من التعريف الاجتماعي بل يُشتغَل عليها من جديد من خلال الاستهلاك في ساحة جديدة هي الثقافة العامة للفنادق والمطاعم والمقاهي. وكما يقول لامپيدوزا في روايته «الفهد»: «إن الأمور تتغير بحيث تبقى كما هي».3
في داخل «مجموعة» من المجموعات، حيث يعرف الأشخاص بعضهم بعضًا من دون أن يتقابلوا، تحظى المظاهر بأهمية كبيرة. ويعي الرجال السوريون أهمية المظاهر: من يمتلك النقود يستطيع ارتداء ملابس غالية والتعطر وتقلّد المجوهرات وقيادة السيارات الفاخرة، لكن النساء هن اللواتي يمثّلن الثروة والمكانة العائلية في غالب الأحيان من خلال جمال أجسادهن وتبرّجهن.
مظهر العفّة ومسالكه
ما يضاعف من أهمية المظهر بالنسبة للنساء السوريات هو القيمة الموضوعة على مظهر العفّة. إن الموضوع الذي لا يجهله المختصون في الجندر ممّن يفضلون التشديد على تمكين نساء الشرق الأوسط، هو أن مسألة السيطرة على الجنسانية الأنثوية تؤثّر بعمق على المجتمع السوري بطرق جديدة. يصبح مظهر العفة الجنسية شكلاً من رأسمال الشابات. وقد يكون غيابه كارثيًّا لحظوظهن المستقبلية، ويمكن أن يصبح رأس المال هذا أيضًا ذخيرة للعائلات المتخاصمة كي تهاجم بها أعداءها. ومن أجل الحفاظ على رأسمال عفّتهن، ينبغي ألّا تختلط النساء الشابات مع الرجال تحديدًا على انفراد قبل الخطوبة. كما أن تنقّلهن في المدينة منفرداتٍ، خصوصًا بعد غياب الشمس، غير مقبول. إن الآثار الاقتصادية لهذه الروادع واضحة وعميقة. وفي تلخيص لبورديو، يمكن القول إن وضع النساء الذاتي– أي تقييد حركتهن خارج المنزل- شرط مسبق لاتكاليتهن المادية ومنتج لتلك الاتكالية في آن.4
وعلى الرغم من أن الرفقة قبل الزواج، وحتى العلاقة الجنسية بين الرجال والنساء، ليستا أمرًا مجهولاً، فإن الحيطة والسرّية والإخفاء لأي من هذه الأدلة، هي بالطبع مسائل جوهرية. فمثلاً، لضمان مظهر العذرية في ليلة الدخلة، تُجري بعض النساء عملية جراحية تُدعى «ترقيع غشاء البكارة»، يُعاد فيها تخييط الغشاء.5 فضلاً عن ذلك، إن المناطق التي تعيش فيها النخبة في دمشق فيها الكثير من المقاهي الصغيرة والمظلمة بسبب ستائرها الكثيرة مما يمكّن العشاق من الجلوس من دون أن يراهم أحد. وتحدثُ المواعيد إما خفيةً أو خلف قناع خطوبة الزواج. تتناول [سوزان] عثمان هذه المشكلة في مدن المغرب حيث، كما في دمشق، يعاني البالغون الشبان من صعوبة العثور على أماكن شرعية يقيمون فيها علاقات مع الجنس الآخر.6 وتخدم الحديقة والشارع كأماكن للّقاء، ولتبادل النظرات أهمية كبيرة. ويصحّ الأمر نفسه على القاهرة، حيث لا توجد عادة اجتماعية يُسمح بمقتضاها للذكور والنساء العازبات بأن يتواصلوا اجتماعيًّا في مكان ما من دون مرافق7 وتتبنى الشابات اللواتي يحظر عليهن الاختلاط مع الشبان استراتيجيات جذب من خلال الاستعراض. وتخدم الأمكنة شبه العامة كمواقع كي تعرض نفسك للآخرين. إن النادي الصحي الرياضي في «أبو رمانة»، على سبيل المثال، مكان مخصص للجنسين لممارسة تمارين رياضية في حي غالبية سكانه من الدمشقيين المحافظين الذين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة العليا. إن النساء اللواتي يستطعن دفع كلفة ارتياد النادي يقدْن سياراتهن بأنفسهن أو لديهن سائق يوصلهن. لا يحبّذن المشي في الشوارع حتى في ملابس محافظة بينما يتبرّجن داخل النادي بمساحيق ثقيلة، ويرتدين ثيابًا ضيقة بأمكنة مفتوحة تكشف أقسامًا كبيرة من البطون العارية والمؤخرات أو الأفخاذ، ويتركن شعرهن الطويل متدفقًا بشكل منتظم. وتبدو غرفة النادي الوحيدة المضاءة بنور مبهر، والمكسوّة جدرانها بالمرايا كأنها مصممة من أجل الاستعراض، حين تُجرى دروس الإيروبيك في فسحة خالية أمام الأوزان وآلات التمارين. ويستطيع الذين يمارسون تمارين رفع الأثقال (معظمهم رجال) مراقبة المؤخرات الناتئة والبارزة بوضوح في ثياب ضيقة ومشدودة، للنساء اللواتي يأخذن دروس تمارين الخطوات أو تنحيف الجسم. إن النادي الرياضي الصحي هو إحدى الساحات التي تقع بين العام والخاص، وتستغلّ النساء هذه الوسطية كي يعرضن من أجسادهن ما يقدرن عليه.
تقدّم معظم الأمكنة شبه العامة، وحتى أماكن العمل، فرصًا للجذب بين الجنسين. وإذا لم تكن المغازلة هي العرف، فهي واضحة جدًّا. أخبرني موظف دمشقي أن ديبلوماسيًّا من «المركز الثقافي الأميركي» اقترح تنظيم دروس في آداب السلوك المكتبي لنساء سوريات. قال صديقي للديبلوماسي إنه لا أحد منهن سيحضر هذه الدروس، لأن النساء اللواتي يعملن يفعلن هذا كي يجذبن الأزواج، لا من أجل الترقية الوظيفية. إن معظم الوظائف المتاحة للنساء، مهما كانت مهمة، لا تدفع بما يكفي كي تحقق النساء اكتفاءً ذاتيًّا على الصعيد الاقتصادي. ونادرًا ما تفتح النساء غير المتزوجات، حتى الثريات منهن، بيوتًا مستقلة. ويُنظَر إلى الوظائف كإجراءات مؤقتة في الطريق إلى الزواج، أو كمصدر دخل إضافي مساعد في ما بعد. إن الوظيفة بالنسبة للنساء الشابات العازبات، هي على نحو رئيس مناسبة للاستعراض، والهدف النهائي منها ضمان مستقبل ناجح في المجال الخاص، لا العام.
الرصيدان الجمالي والمصرفي
يهدف الاستعراض التنافسي في غالب الأحيان إلى تحصيل شركاء زواج مرغوبين. ويشير الزواج، ومن ضمنه حفلات الزفاف التي تستهلّه، إلى المنصب الاجتماعي ويصنعه. إن ابنةً تقترن بزوج ذي أهمية ترفع من مرتبة أسرتها الرفيعة أو تدعمها على الأقل. ويتم اختيار العرائس على أساس أرصدة (مزايا) مختلفة، بينها الجمال والثروة هما الأكثر أهمية. ويقدّر الدمشقيون الجمال الأنثوي ويربطونه بالمدينة، ويُقال إن الفتاة الجميلة «شرْبانة من مية الشام». وبينما يُعد الجمال رصيدًا رئيسًا للمرأة، فإن الثروة هي التي تجعل العريس مرغوبًا. وبالنسبة لعرائس محتملات، تُعقد تمييزات معقدة بين الجمال والنقود والمكانة. وغالبًا ما ينتج عن قياس اجتماعي كهذا، ما كان غير قابل للتخيل منذ بضعة عقود، وأعني الزواج بين نساء النخبة الدمشقية (بنات العِيَل) اللواتي يمتلكن كلاًّ من الجمال والمكانة، ورجال أثرياء يتحدرون من الطائفة العلوية.
لا يحدِّد العريس وحده جاذبية عروسٍ محتملة، ذلك أن اختيار شريك مسألة عائلية تلعب فيها الأمهات والشقيقات دورًا محوريًّا. ويقع سوق الزواج في نخبة دمشق داخل نظام اقتصادي يهيمن عليه الذكور، لكن ليس بشكل كامل، ذلك أن نساءً متزوجات قويات يُدرْن حركة الناس ومكاناتهم.
لا يجمعُ دمشقَ المعاصرة شَبَهٌ مع صالات استقبال الضيوف لدى الروائيتين جين أوستن وماريا إيدغورث. ذلك أن الجمال والثروة يوزنان ويقاسان بوضوح (عادةً من قبل النساء أنفسهن) لتحديد قيمة امرأة. وكما حدث مع السيدة برترام في رواية أوستن، «مانسفيلد بارك»8، عبّر معلّقٌ دمشقي بشكل متكرر عن استغرابه واستيائه من أن امرأةً يعرفها لم تكن ثرية ولا جذابة إلا أنها تزوجتْ زواجًا جيدًا. وكما حدث في بريطانيا في القرن التاسع عشر، تشهد سورية المعاصرة تحوّلات اجتماعية واقتصادية سريعة، تفسح فيها أشكال التميّز القائمة على القرابة المجالَ لتلك المستندة إلى الحالة المادية. أو على الأقل يحلّ فيها مصطلح الثروة مكان مصطلح القرابة. إن النخب تعيد تشكيل نفسها، لكن بعض الأمور تبقى من دون تغيير: محورية الزواج والقرابة، وأساس شرف العائلة. وفي هذا الصدد، تُماثلُ الرِّقةُ المفتعلة لإنكلترا الروائية أوستن العفّةَ المُفتعلة لسورية المعاصرة.
إن القدرة على شراء وصقل وتجميل مظهر يشدد على الجمال ويوحي بالثروة مسألة جوهرية لجميع النساء في دمشق. أما بالنسبة للعازبات فإن المظهر محوري لتأمين زوج مرغوب. وتلبس النساء الشابات كي يؤثّرن لا في الشبان فحسب، إنما وعلى نحو أكثر أهمية، في نساء أخريات أيضًا، بسبب الدور المحوري الذي تلعبه الأمهات والشقيقات في العثور على عريس شاب. لكن الضغط لتقديم صورة أسلوبية لا يختفي بعد الزواج، بما أن تبرّج الزوجة ولباسها يشيران إلى مكانة أسرتها وزوجها. ويتّضح العرض التنافسي في النخبة في أمكنة معيّنة: في مسبح فندق الشيراتون، يحدث أن تغيّر النساء الثريات أزياء السباحة مرات عدة في بعد ظهر يوم يتشمّسن فيه. وتُعدّ امرأة متزوجة، بتسريحة شعر وثياب مكلفة، منافسًا مثيرًا للحسد.
إن ممارسات الكسب بين النخبة لها مراتب، فالقادرون على التسوّق في فرنسا ولبنان هم في القمة، أما الذين يشترون من المحلات الدمشقية الأفضل فهم في الوسط، ويأتي بعدهم أولئك الذين يشترون السلع المحلية التي تحاكي أحدث أزياء المنسوجات الصناعية الأوروبية المتوفرة في بوتيكات أرخص، فيما الأنسجة الطبيعية نادرة ولا ترتديها إلا الطبقة العليا، أو أحيانًا من يدرسون في الغرب.
إن الأزياء الرائجة، بين كلّ من النساء الشابات ومتوسطات العمر، تشكّل نقيضين. فمن ناحية، هناك ميل قوي نحو حسية أو جنسانية ملحوظة للغاية: الثياب ضيقة، تهصر القوام، وتكشف أحيانًا عن الصدر وذات ألوان حيوية، ومساحيق التجميل ثقيلة، والشعر طويل معالج بالرغوة ومجدول، والكعوب عالية، وكثرة من المجوهرات الذهبية أو المطلية بالذهب. وفي مساء أحد الأيام، بينما كنا نحتسي القهوة في مقهى «النوافير» في فندق «الشيراتون» ، نظرتْ إحدى المرأتين الجالستين معي حولها إلى استعراض الثروة وتحسّرت من التغيرات الأخيرة في الذوق. قالت: «كان للأرستقراطيين ذوق رفيع في السابق، أما الآن فكل شيء يجب أن يكون أكبر ومشغولاً أكثر أو أثقل وأشدّ بريقًا». وكما عبّرت عن الأمر امرأة سورية اقتطف كلامها كل من [نانسي] ليندزفارني- تابر و[بروس] إنغام في وصفهما الموجز لأزياء الزفاف الدمشقي: «لا مكان في دمشق الآن للبساطة الكلاسيكية».9 من ناحية أخرى، هناك عدد متزايد من المحجبات اللواتي يتجنّبن، بأغطية رؤوسهن البيضاء ومعاطفهن السماوية أو الرمادية البسيطة، جميع التقاليد المحلية للجاذبية. تختلف دمشق في هذا إلى حد كبير عن القاهرة حيث تقدِّم صناعة الحجاب المتقن والمزيّن بديلاً لأغطية الرأس الأبسط التي تُلبس في سورية. وتواجه النساء صعوبة في الحفاظ على حل وسط أسلوبي بين احتجاب المرأة المحجبة وتألق المرأة المتزينة والسافرة. وكما عبّرت امرأة دمشقية عن الأمر بالإنكليزية: «لدينا النساء اللواتي يتقصدن الإثارة الجنسية والنساء المحجبات، ولا شيء في الوسط!».
يحصل الاستعراض التنافسي بصورة أكثر تكررًا خارج الأطر المحلية التقليدية مثل الصبحية (قهوة الصباح) والاستقبال. إذ تقدّم أمكنة التجمع الرئيسة، مثل الفنادق الحصرية والعديد من المطاعم الجديدة، أمكنة تشاهد فيها الآخرين ويشاهدونك، فيها يحدّق الشبان والشابات ببعضهم في أمان المجموعات، ونادرًا ما يتحدثون على انفراد علنًا. ويُسمح للشابات بجذب الرجال، وفي الحقيقة يُشجَّعن على ذلك، لكنهن يُمنعن من المحادثة معهم. ذلك أن الهدف هو جذب زوج بأجسادهن. بما أن الشباب من جنسين مختلفين نادرًا ما يُسمح لهم بقضاء وقت كافٍ معًا من أجل أي شيء يهمّ. لهذا فإن الاستعراض المستوعب داخل أمكنة معيّنة مقبول أكثر من التفاعل.
وفي سياقٍ تحدِّد فيه الصورةُ المكانةَ أكثر من الإنجاز، فإن رهانات الاستعراض عالية. وتخضع جميع مظاهر المرأة للفحص والتقييم الدقيق من قبل نساء أخريات. ويثيرُ التعليقات فقدانُ أو ازدياد رطل في الوزن، وتسريح الشعر بشكل مختلف، وارتداء تنورة بدلاً من البنطلون أو وضع كحلة أكثر سماكة، ولا يكون هذا في صيغة إطراء دائمًا.
الحميمية والغيرة
وفي تغاير ملحوظ مع الانسجام الاجتماعي بين نساء الشرق الأوسط الذي تتحدث عنه الأنثروبولوجيات النسويات، تكمن المرارة والغيرة خلف مظهر الحميمية، في غالب الأحيان.10 فقد أسرّت لي نساء سوريات حول الصعوبة التي يواجهنها في العثور على صديقات إناث وسط خصومة لا تلين. ذلك أن التنافس المستمر مرهق، ولا شيء حول الآخر يمرّ من دون ملاحظة. وتقارِن النساء بين بعضهن البعض باستمرار ومن دون رحمة في نمط تنافسي من التواصل الاجتماعي تشوبه العداوة. اكتشفت [أندريا] روغ في دراستها لتربية الأطفال في قرية سوريّة أن الأطفال يمتلكون القليل من الوقت أو الفرصة لتطوير صداقة خارج المنزل، ويُنظر إلى العلاقات مع من ليسوا أقرباء على أنها تشكل خطرًا على الصغار والذين لا يملكون تجربة.11 وتؤثّر هذه الممارسة أكثر في الإناث، اللواتي يستمر تقييدهن بالبقاء في المنزل حتى البلوغ. وفي دراستها لممارسات تبادل الزيارات في اليمن تصف [آن] مينيلي، على نحو مشابه، شكلاً عدائيًّا من التواصل الاجتماعي، و«ميلاً إلى التميّز المثير للحسد».12
في نخبة دمشق، تنتقل النساء من الإطراء إلى النقد ومن القسوة إلى اللطف، كما عبّرت إحداهن بقولها: «إنها تبنيك من أجل أن تهدمك ثانية». إن التعليقات الحادة مغلّفة بإيماءات التعاطف المهيبة والكرم، وهكذا فإن المرء نادرًا ما يعرف على أي أرض يقف. إن شكلاً مفضلاً من السجال الأنثوي هو الإطراء غير المباشر: «لقد ازداد وزنك، لكن هذا جميل عليك». «تبدين جميلة في التنورة أكثر من البنطلون». «لا تبدين قصيرة لأنك سمينة». إن الإهانات المباشرة شائعة أيضًا. قضيتُ مرة عطلة في اللاذقية مع صديقة وأثناءها التقَت الصديقة بامرأة تعرفها لم ترها منذ العام الماضي. سألتْها المرأة: «هل أنت حامل؟» أجابتها صديقتي: «كلا، ازداد وزني فقط». وبدلاً من أن تشعر بالحرج، واصلت المرأة: «لكنك تغيرتِ كثيرًا في الحقيقة. لقد سمنتِ حقًّا».
إن النساء الأجنبيات اللواتي يعشن في دمشق غالبًا ما يجدن أنفسهن متورطات في هذا النزاع التنافسي، بما أنهن ينجذبن (ربما من غير قصد) إلى منافسة النساء المحليات على المكانة.
وغالبًا ما تشعر النساء المحليات أن الإناث الأجنبيات يلفتن انتباه الذكور أكثر مما يستحققن لمجرد ما يمثّلنه من حرية جنسية وغرابة وجدّة، وبالطبع الاحتمال المشتهى بالعثور [من خلالهن] على طريق خارج سورية. ورغم أنني نسبيًّا شابة وعزباء، فإنني لم أكن ألبّي التوقعات المحلية المثالية. فالدمشقيون يعتقدون أن «الطول تلتين الجمال»، وأنا طولي أربع أقدام وعشر بوصات. وعلى الرغم من ذلك حصل الانتباه الجنسي غير المرغوب مرارًا، برغم حرصي على الارتداء بوقار والتفاعل بحذر.
تتحسّر ملاحظاتي الميدانية على «المعلومات» التي من المحتمل أنني فقدتُها نتيجة الاشتباه والاستياء اللذين أثرتُهما في نساء أخريات. ففي إحدى المناسبات، اقترحت صديقة أخذي معها إلى لقاء في «النادي العربي»، ثم ألْغت ذلك قائلة: «ابن عمي (الذكر) مشغول، ولا أستطيع العثور على رجل آخر كي يذهب معنا. وأعرف أن المرأتين اللتين أخبرتاني عن اللقاء ستغاران إذا ذهبنا لوحدنا». وكما تقول ويلي جانسين في دراستها عن الجزائر، إن النساء البالغات اللواتي يفتقرن لشركاء ذكور غامضات اجتماعيًّا، ويقعن داخل فئات الجندر الملائمة.13 إنهن، وفق صيغة ماري دوغلاس الكلاسيكية، «خارج المكان»14 على نحو خطير.
صعوبة تنمية العلاقات
حين نجحتُ في الحفاظ على علاقات متواصلة مع نساء، كنّ غالبًا يتنافسن على عواطفي، ويوبّخنني على إهانات مدركة أو تفضيلات معينة. فبدأت أخفي علاقاتي مع النساء عن نساء أخريات، لكنني شعرتُ بالذنب من خديعتي. فيما بعد، أثناء عملي الميداني أدركتُ أنني تبنيتُ استراتيجيات النساء المحليات من أجل البقاء اجتماعيًّا. ما اكتشفتُه هو أن التنافس الشديد الذي واجهتُه أحيانًا لم يشِر إلى فشل في الارتباط أو الحصول على مدخل إلى مجموعة. بالأحرى، بشّرَت هذه التجارب من الرفض الظاهر بقبولي داخل دوائر الحميمية الثقافية حيث يميّز كلٌّ من العداء والعاطفة العلاقات الوثيقة. إن قبولي كصديقة، أو حتى كأخت خيالية، يعني أن عليّ العمل وسط عواطف قوية ومتناقضة.
حاولت أن أتعامل مع الإهانات والتجاهل برحابة صدر، مذكرةً نفسي بأهمية هذه الأمور الإثنوغرافية، ذلك أنني، على غرار النساء اللواتي درسْتُهنّ، غالبًا ما وُضعتُ في مواقف غير مريحة من الاستعراض التنافسي. إن المثال الوحيد الذي أذكره هو ما حصل في ليلة رأس السنة في العام التالي من عملي الميداني. فقد دعتني صديقتي إلى قضاء المساء مع أسرتها التي نظمت حفلة دعت إليها قرابة ٦٠ شخصًا، واستأجرت صالة ومتعهد حفلات وفرقة موسيقية وراقصة. وتمامًا عشيّة سفري إلى الولايات المتحدة لقضاء عطلة عيد الميلاد، ومرةً ثانية أثناء الأسبوع الذي تلى عودتي، حثّتني مرارًا كي أحاول العثور على شخص يذهب معي للمناسبة، بحجة أن كل الضيوف سيكونون أزواجًا. رفضتُ باستمرار، وأخيرًا قالت إن أختها غير المتزوجة وأشقاءها سيذهبون من دون أن يرافقهم أحد.
كانت تعرف أن عيد ميلادي هو في الأول من كانون الثاني/ يناير، ولهذا طلبت قالب كاتو أيضًا وُضع وسط شبه دائرة من الكراسي، بقلب قرنفلي وأبيض مزدوج كُتب اسمي عليه. بعد وقت قصير من منتصف الليل بدأت الفرقة تؤدي «عيد ميلاد سعيد» واستدعيتُ كي أطفئ شمعة طويلة وأقطع قالب الحلوى. لكن الأمر لم ينتهِ هنا، فقد أجبروني على أن أؤدي «رقصة عيد الميلاد» مع متعهد الحفلات على المنصة فيما الفرقة ما تزال تعزف «عيد ميلاد سعيد». استمرّ الأمر لخمس دقائق لا نهاية لها. أنستْني متعةُ صديقتي الواضحة الإحراج. وما إن جلستُ وبدأتُ أشعر بالاسترخاء والاستمتاع بالأمسية حتى دعا متعهد الحفلة إلى ترشيحات لمسابقة ملكة الجمال. كان أول ما فكرت به هو الجري إلى المرحاض، لكن الشابات كنّ يندفعن إلى خشبة المسرح من دون تملق، وخفتُ من أن أفقد شيئًا مهمًّا. اعتقدتُ أنني سأنجو بالاختباء خلف أخ صديقتي، حيث تستحيل مشاهدتي من على خشبة المسرح. نجحتُ تقريبًا، وكانت هناك خمس فتيات يقفن مصطفّات أمام الفرقة، والمنافسة على وشك أن تبدأ حين بدأت صديقتي، التي تبعها شقيقاها، وباقي العائلة بحثّي على الانضمام. شكرتهم ورفضت. لكنهم ألحّوا من جديد، وانضم أشخاص من طاولات مجاورة إلى «حفلة» التملق. أخيرًا أتت صديقتي وأنهضتني عن الكرسي. واصلتُ المقاومة، لكنني أدركت الآن أن لا شيء إلا نوبة غضب ستريحني من المشاركة، فقلت لصديقتي إنني سأشارك شرط أن تفعل هي ذلك. استوعبتْ هذا الإذعان قائلةً إنها لا تستطيع الانضمام لأنها سمينة ودفعتني إلى خشبة المسرح. وهناك كنت، على حافة عيد ميلادي الثلاثين، في فستاني الكوكتيل الأسود الواسع وأقراطي اللؤلؤية أقف في صف من الفتيات في التاسعة عشرة المتألقات بتنانيرهن القصيرة وكعوبهن العالية، ومسرّحات الشعر والمتبرجات. وكان علينا أن نثب ونتبختر على المسرح فرادى بينما الفرقة تعزف خلفنا. حاولتُ أن أعزّي نفسي بفكرة أنني كنت أنضم إلى تراث أنثروبولوجي طويل من المشاركة في طقوس مُذلة وغير سارّة. وحين أصدر الحكام قرارهم تم استبعادي أولاً بما أنه طلب من صاحبات الأرقام واحد واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة التقدم إلى الأمام (كان رقمي ستة). وبعد مزيد من دورات التصفية اختار الحكام الفائزة، واستعرضت ملكة الجمال «الشقراء» الجديدة نفسها في تاجها متبخترة، بينما كانت المتنافسات الأخريات يغادرن باكيات. وحين استقلّت مجموعة منا حافلة صغيرة مستأجرة كي تقلنا إلى بيوتنا، قالت صديقتي إن مسابقة الجمال السنوية كانت مسألة حساسة لوقت طويل. وفي اليوم التالي اتصلت كي تعتذر من أي إساءة يمكن أن تكون المناسبة قد سبّبتها، وأسرّت لي بأن نتائج المسابقة قُررت سلفًا لتصحيح خطأ ارتُكب في مسابقة العام الماضي.
الجاذبية وأساليبها
تتجاوز الجاذبية، ووسائل الحصول عليها والمدخل إلى الأماكن الخاصة بعرضها، كلَّ الإجراءات الأخرى لاكتساب القيمة الاجتماعية بين نخب دمشق. لا أقول هنا إن نساء الشرق الأوسط هنّ منافسات على نحو فريد. في الحقيقة، إن التشابه مع بريطانيا القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذي تتحدث عنها إيدغورث وأوستن يُبطل أي دافع للتخصيص. فقد كانت العلاقات العدائية بين النساء جزءًا من نظام قمعي. إن النساء هنّ غالبًا الناقدات الأقسى لأنفسهن، ويُخْضعن بعضهن البعض لمجموعة من القيم الأخلاقية والمعايير الجمالية الصارمة. وكما يشير جورج سيمل، «لا يَسمح موقفُ النساء الدفاعي بخفض جدار العرف ولو بنقطة واحدة».15 وإذا كانت البنى البطريركية والتسليع المتزايد للعلاقات الاجتماعية والمظاهر الجسدية في كل مكان تؤلّب النساء بعضهن على بعض، فإن هذا يصحّ أكثر على أمكنة تشهد هيمنة ذكورية قوية، مثل الشرق الأوسط.
تدير النساء المسابقات كحكّام ومتنافسات ويشكّلن العالم الاجتماعي لدمشق. يَخلقن ويُخلقن من قِبل نماذج استهلاك وممارسات وقت فراغ جديدة تولّد المراتب الاجتماعية وتحافظ عليها. ويشدّد بزوغ طبقات جديدة وتحالف المال القديم مع الجديد على التنافس داخل سوق زواج النخبة الذي يضغط بدوره على النساء باتجاه عروض جليّة لأجسادهن، ويحدّ من انخراطهن في الحياة العامة من أجل الحفاظ على رأسمال العفة. وكما في كل المسابقات، تصيبُ بعض النسوة نجاحًا أكثر من أخريات.
يكشف فحص النماذج الاستهلاكية، وأنماط العرض وممارسات الزواج لدى النساء في دمشق عن تسوية ليست بالسهلة بين النخب القديمة والجديدة. ويذكر معلّقون من مجموعات طبقية وطائفية وجهوية مختلفة غالبًا مبدأ زواج الأقارب لوصف الدمشقيين، وخصوصًا النخبة الدمشقية وممارسات زيجاتها: «إن الدمشقيين لا يتزوجون أبدًا من غير الدمشقيات». برغم ذلك، سمعتُ أن عددًا من أفراد النخبة الدمشقية (غالبًا نساء) يتزوجن أثرياء غير دمشقيين (هم غالبًا أشخاص من الطائفة العلوية مرتبطون بالنظام). إذا خدمت الشابات كحافظات لشرف العائلة ومجسّدات لأهمية العائلة ومكانتها فمن غير المفاجئ أن ينتج زواجهن من رجال من مجموعات أدنى اجتماعيًّا (إذا لم تعد أدنى سياسيًّا واقتصاديًّا) صورًا تشدّ «العصب». إن الزواج، وتحالف العائلات، والمزج الذي يستلزمه بين الرأسمال الثقافي والرأسمال الاقتصادي، هو موقع رئيس للهوية والاختلاط الاجتماعي. وإني أحاجج أن هذا المظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية تُستشعر فيه التسوية بين النخب المتنافسة بأكبر قدر من الحدّة وتُقاوَم خطابيًّا. وهو أيضًا المكان الذي يظهر فيه التوتر بين المُثل القديمة والوقائع الجديدة بوضوح متزايد.
بيليوغرافيا
Armbrust, W., ‘When the Lights go Down in Cairo: Cinema as Secular Ritual’, in Visual Anthropology, vol. not.2-4. 1998.
Austen, J., Mansfield Park, London: Penguin, 1966; original 1814.
Bourdieu, P., ‘The disenchantment of the World’ in Algeria 1960’, Cambridge: Cambridge University Press, 1979.
Bourdieu, P., Distinction: A Social Critique of the Judgement of Taste, London: Routledge &Keegan Paul, 1984.
Dialmy, A., ‘Premarital Sexuality in Morocco’, in al-Raida, vol.20, no. 99, 2002/3.
Douglas, M., Purity and Danger, London: Routledge &Keegan Paul, 1966.
Early, E. A., Baladi Women of Cairo: Playing with an Egg and a Stone, Boulder, CO: Lynne Reinner,1993.
Edgeworth, M., Castle Rackrent and Ennui, ed. Marilyn Butler, London: Penguin, 1992; original 1800.
Hoodfar, H., Between Marriage and the Market: Intimate Politics and Survival in Cairo, Berkeley: University of California Press, 1997.
Jansen, W., Women without Men: Gender and Marginality in an Algerian Town, Leiden: Brill, 1987.
Kabbani, R., Global Beauty: Damascus’, in Vogue, vol.164,no.2394, January 1998.
Khair Badawi, M. T., Le désir amputé; vécu sexuel des femmes libanaises, Paris: L’Harmattan, 1986.
Lampedusa, Giuseppe di, The Leopard, New York: Pantheon Books, 1960.
Lindisfarne-Tapper, Nancy and Ingham, Bruce, Language of Dress in the Middle East, London: Curzon, 1997.
Makhlouf, C., Changing Veils: Women and Modernization in North Yemen, London: Croom Helm, 1979.
Meneley, A., Tournaments of Value: Sociability and Hierarchy in a Yemeni Town, Toronto: University of Toronto Press, 1996.
Ossman, S., Picturing Casablanca: Portraits of Power in Moroccan City, Berkeley: University of California Press, 1994.
Rosenfeld, H., ‘Non-Hierarchical, Hierarchical and Masked Reciprocity in an Arab Village’, in Anthropological Quarterly, vol.47, no.1, 1974.
Rugh, A., Within the Circle: Parents and Children in an Arab Village, New York: Columbia University Press, 1997.
Simmel, G., ‘Conflict and the Web of Group Affiliations’, New York: Free Press of Glencoe, 1955; original 1908.
Thompson, E., ‘Sex and Cinema in Damascus: The Gendered Politics of Public Space in a Colonial City’, in Hans C. Korsholm Nielsen and Jakob Skovgaard- Petersen, Eds, Middle Eastern Cities 1900-1950: Public Spaces and Public Spheres in Transformations, Aarhus University Press, 2001.
Watson, H., Women in the City of the Dead, London: Hurst&Co, 1992.
- 1. E. Thompson, ‘Sex and Cinema in Damascus: the Gendered Politics of Public Space in a Colonial City’, Aarhus, 2001.
- 2. P. Bourdieu, ‘The Disenchantment of the World’, in Algeria 1960, Cambridge, 1979.
- 3. Giuseppe di Lampedusa, The Leopard, New York, 1960, p.40.
- 4. P.Bourdieu, 1979.
- 5. See Khair Badawi, Le désir ampute; vécu sexuel des femmes libanaises, Paris, 1986, and A.Dialmy, “Premarital Sexuality in Morocco’, al-Raida, 2002/3, for evidence of this practice in the Middle East.
- 6. S. Ossman, Picturing Casablanca: Portraits of Power in a Moroccan City, Berkeley 1994, pp. 46-47.
- 7. W.Armbrust, ‘When the Lights go Down in Cairo: Cinema as Secular Ritual’, in Visual Anthropology 1999, p.418.
- 8. J. Austen, Mansfield Park, Lomdon 1966, p. 65.
- 9. Nancy Lindisfarne-Tapper and Bruce Ingham, Languages of Dress in the Middle East, London, 1997, p.418.
- 10. See H. Rosenfled, ‘Non-Hierarchical, Hierarchical and Masked Reciprocity in an Arab Village’, in Anthropological Quarterly, vol.47, no.1, 1974; Makhlouf, C., Changing Veils: Women and Modernization in North Yemen, London: Croom Helm, 1979;Watson, H., Women in the City of the Dead, London: Hurst&Co, 1992; Early, E. A., Baladi Women of Cairo: Playing with an Egg and a Stone, Boulder, CO: Lynne Reinner,1993; H. Hoodfar, Between Marriage and the Market: Intimate Politics and Survival in Cairo, Berkeley, 1997.
- 11. A.Rugh, A., Within the Circle: Parents and Children in an Arab Village, New York: Columbia University Press, 1997, pp.225-6.
- 12. A.Meneley, , Tournaments of Value: Sociability and Hierarchy in a Yemeni Town, Toronto: University of Toronto Press, 1996, p. 33.
- 13. W.Jansen, W., Women without Men: Gender and Marginality in an Algerian Town, Leiden: Brill, 1987, p. 10.
- 14. M. Douglas, Purity and Danger, London, 1966.
- 15. G. Simmel, “Conflict’, New York, 1955, p. 96.
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.