لفتت مشاركة النساء اللبنانيات في انتفاضة ١٧ تشرين الشعبيّة أنظارَ العالم العربيّ وذلك بعد انتشار صورٍ لهنّ في الصفوف الأماميّة لكلّ التظاهرات. اشتبكن مع القوى الأمنية وتعرّضن للضرب والتوقيف. ببساطة، لعبت النساء في لبنان الدور الكامل لأيّ مواطنٍ يعاني من السلطة ويطالب بحقوقه كاملةً.
دائمًا ما يتمّ إلقاء الضوء على مشاركة النساء في الثورات باعتبار تلك المشاركة استثنائيّة، فالمرأة تعامَل على الدّوام، في القانون والسّياسة، كمواطنٍ من الدّرجة الثانية. يظهر الزخم النسائيّ في الشارع حينًا ويخفت أحيانًا، خصوصًا عند الوصول إلى اتّخاذ القرارات، فيغيب التمثيل النسائيّ ليتمّ إرجاع المرأة بعد انتهاء التظاهرات إلى أدوارٍ منحها إيّاها المجتمع. وفي غالب الأحيان، إذا نجحت النساء بفرض نضالهنّ وترجمته، يكون التمثيل متواضعًا أو من داخل المنظومة نفسها.
فرضت النساء اللبنانيات الخطاب النسويّ على الانتفاضة التي اندلعت بسبب سياسات الدولة الاقتصاديّة، وقد تراكم هذا النضال منذ سنوات في تظاهرات إسقاط النظام الطائفي وحراك عام ٢٠١٥، وكذلك خارج احتجاجات الشّارع من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعيّ وحملات الجمعيّات التي تعمل على برامج تُعنى بحقوق النساء.
استمرّ هذا النضال وتطوّر على الرغم من خطاب الأولويّات الذي يواجه عادةً النساءَ وكلَّ الفئات المهمّشة، إذ يرفض البعض الخوض في هذه القضايا بحجّة أنّ الأزمة الاقتصادية هي البوصلة والأولوية، فالوضع المالي أكثر أهميّةً وتعقيدًا، ويتفوّق الضغط على الحكومة للتخلّص من النفايات التي اجتاحت الشوارع على أي مطالب أخرى ويلغيها. ولكن، هل يتفوّق بعضُ المطالب على مطالب أخرى؟ وهل تتجزّأ الحقوق الإنسانيّة؟
في الوثائقيات التي تتحدّث عن معاناة السود من العنصريّة في أوروبا والولايات المتّحدة الأميركية، نرى كيف يواجه الأفرادُ ردّات فعلٍ تقلّل من شأن قضيّتهم، وكيف يتحدّثون عن اتّهامهم بالمبالغة وبلعب دور الضحيّة، على الرغم من الإقرار بحجم الظلم الذي تعرّضوا له وما زالوا. بنظر المنظومة، تفعل النساء الشيءَ نفسه، يلعبنَ دور الضحايا ويبالغن في الحقوق والمطالب، فتضع قضاياهنّ في أسفل سلّم الأولويات، علمًا أنهنّ يمتلكن كّل أسباب الغضب.
"ثورتنا نسويّة"
يطرح شعار "ثورتنا نسويّة" سؤالًا حول تعريف الثورة النسويّة والدور الذي تلعبه النسويّات في انتفاضة ١٧ تشرين.
منذ القرن التاسع عشر، تطوّر مفهوم النسويّة تطورًا كبيرًا وتعدّدت التيارات النسويّة. في البداية، تمّ تعريف النسويّة على أنها إقرارٌ بأنّ للمرأة حقوق وفرص مساوية للرجل في مختلف المجالات العلميّة والعمليّة. لكنّ النسوية اليوم باتت تهتمّ بمعرفة وإدراك أدوات النظام الأبويّ وكيف تعمل هذه الأدوات على إحداث شرخٍ متزايدٍ بين مختلف قوى المجتمع، وهي تقاوم هذه القوى. وليست محاربة التمييز القائم على النوع الاجتماعي هدفها الوحيد، إنّما أيضًا التمييز القائم على اللون والعرق والميول الجنسية، أي التمييز بكافة أشكاله. وقد فرض نضال النسويات السود هذا التطوّر الذي وضع الذكورية بتقاطعٍ مع العنصرية، وذلك عندما عبّرنَ خلال الستينيّات عن الاختلاف العنصريّ وعدم المساواة العرقيّة بين النساء أنفسهنّ، إذ لا يمكن تهميش معاناتهنّ بصفتهنّ نساء سودًا، وليس بصفتهنّ نساء فقط.
يمكن القول إنّ الثورة في لبنان نسويّة، لا لمشاركة النساء فيها وحسب، إنّما بسبب الشعارات التي رُفعت في الشارع أيضًا، والتي لم تنسَ أيّ فئةٍ مهمّشةٍ تعاني من المنظومة الحالية ومن السلطة الأبوية.
نقلت النساء أوجاعهنّ إلى الشارع تطبيقًا لشعار "كل ما هو شخصي هو سياسي" والذي ابتكرته في الولايات المتّحدة، نهاية السّتينيات، الناشطةُ النسويّة والفاعلة في حركة تحرّر النّساء كارول هانيش. تفسّر الأخيرةُ شعارَها بأنّ العلاقات الشخصية التي تحكم النساء والرجال في المجتمعات تصبّ في شكل البنية السياسية وهي نتيجة حتميّة لها، فكلّ ما تختبره النساء في العمل والجنس والإجهاض والمظهر، وفي العلاقة الزوجية والأسريّة له سمة سياسية، أي أنّ المشكلات التي تواجهها النساء ليست مجرّد عنصرية أو تمييز من قبل الرجال، "بل مشكلة منظومة علاقات أبوية اجتماعية سياسية تتخلّل كافة مفاصل المجتمع".
أظهرت الثورة النسوية في لبنان أنها ثورة النساء والرجال معًا، ثورةٌ ضدّ انتهاك حقوق العمّال والعاملات الأجانب في مهنهم، وقد تردّد كثيرًا شعار "من بيروت تحيّة للعاملة الأجنبية". هي ثورة ضدّ الأدوار الاجتماعية المعلّبة، وثورة اللبنانيّات والسوريّات والفلسطينيات على النظام الأبويّ والقوانين التمييزيّة وعلى النساء اللواتي يتمتّعن بامتيازات السلطة الذكوريّة أيضًا، فهنّ جزء أساسيٌّ منها، إذ ليس هدف النضال النسوي، على سبيل المثال، تعيين وزيرات في حكومة جديدة، كما حصل في حكومة السلطة التي تشكّلت بعد الانتفاضة، فلن تغيّر هذه المشاركة شيئًا لأنّ المطلوب اليوم هدمُ علاقات الهيمنة من أساسها، لا الطموح إلى الوصول إلى مراكز داخل السلطة نفسها التي نحاربها.
"من الرّجل وإلى الرّجل تعود"
اختزل بعضُ وسائل الإعلام صورةَ اللبنانيات في الانتفاضة بـ"الفتيات الحسناوات". في هذا الإطار كتب إعلاميٌّ مصريّ، على سبيل المزاح، أنّه يطفئ التلفاز ويتوقّف عن مشاهدة الثورة اللبنانية عندما تأتي زوجته. تُعتبر المرأة اللبنانية بأنّها الأكثر تحررًا بين بلدان العالم العربيّ، إلا إنّ إثبات هذه المقولة لا يلغي معاناتها، فاللبنانيات غير مخوّلاتٍ، على سبيل المثال، لفتح حسابٍ مصرفيّ لأبنائهنّ. ولأنّ رغبة وسائل الإعلام تجتمع غالبًا على تقديم صور تعميميّةٍ عن النساء فتتعامل كلّ وسيلةٍ مع دور المرأة المفترض انطلاقًا من الجانب الذي ترغب به، كان من الضروريّ تقديم لمحةٍ عن قضايا اللبنانيات بعيدًا عن الرغبات والإسقاطات، وهو واقعٌ لا يقدر أحدٌ على التلاعب به.
بينما يواجه الرجال في التظاهرات بطشَ السلطة الأمنيّة، تواجه النّساء، بالإضافة إلى هذا البطش، تعليقات رجال الدين والإعلام. وتوضع النساء أيضًا أمام اختباراتٍ تتعلّق بمظهرهنّ وطريقة تصرّفهنّ والعبارات التي ينطقن بها، وقد ظهر في هذا السّياق الكثيرُ من الانتقادات، أبرزها انتقادات الشيخ سامي خضرا الذي اعتذر عن "الصّورة" التي تعطيها اللبنانيات المشاركات في التظاهرات، فهنّ في الحقيقة لسنَ كذلك، بل هنّ أكثر رصانة. ولا تقف الأمور عند هذا الحدّ، إذ يواجه بعضُ النساء ضغوطاتٍ عائليّة تصل في أقصاها إلى العنف الجسديّ وحتّى القتل.
بالحديث عن الأدوار النسويّة، تقول سيمون دو بوفوار:"الرجل يُعرّف على أنّه إنسان. المرأة تُعرّف على أنّها أنثى. وحينما تتصرّف المرأة كإنسان يُقال لها إنّها تقلّد الرجل". مَن منّا لم تسمع توصيف "إخت الرجال" بغية مدح المرأة والإشادة بقدراتها "الذكوريّة"، ومن منّا لم تسمع عبارة "مسترجلة" من أجل إهانتها إذا ما قامت بأمرٍ غير مرغوب به اجتماعيًّا؟ توضع المرأة في خانة الرجل بكلّ حالاتها وردود فعلها، أو تتحوّل إلى أيقونة، بسبب اندهاش البعض بتصدّرها المشهد. والأيقونة هالة مثاليّةٌ مرتبطةٌ بتقاليد دينيّة مسيحيّة، وهي توحي بأنّها تطلّ من عالمٍ آخر.
لم تطلّ المرأة إلى الشارع من عالمٍ آخر، ولا تتحقّق نضالاتها النسوية بحبسها في الأيقونات، فهي فردٌ اجتماعيٌّ له حقوقٌ وعليه واجبات. هي كيانٌ له الحقّ بالتحرّر من كلّ معايير الأنوثة التي ألزمَت بها ثقافيًّا واعتُبرت لزامًا عليها لما تحمل من خصائص بيولوجيّة وقفت حاجزًا أمام طموحاتها وحصرت الأدوار المسموح لها القيام بها.
تتلقّى النساء شهاداتٍ في الأنوثة، ولا تنجح في الاختبار ذوات الصّوت العالي وأولئك الغاضبات والسمينات أو اللواتي لا يتجمّلن. وترسب في الامتحان أيضًا كلّ من لا تقوم بدورها في الإنجاب والأمومة، وبلعب دور الزوجة والأخت والأمّ. ومن مهامّ الأنوثة أيضًا التقيّد بكلّ هذه المعايير لجذب الرّجل.
من هنا، يشكّل شعار "الثورة أنثى" ضغطًا على النساء بسبب هذا المنطلق الاجتماعيّ، كما أنّ منحها صفة الأيقونة يهمّش الكثير من النساء اللواتي لم تسمح لهنّ الظروف بأن يكنّ هذه الأيقونة. لذلك الثورةُ النسويّةُ هي صوتهنّ وشعارهنّ، بعيدًا عن المصطلحات الشاعرية، والإسقاطات التي يرغب الإعلام بمنحها للنساء.
نظامٌ وصيٌّ على الأنفس والأرحام
لدى نساء لبنان فائضٌ من الغضب والألم، ففي عام 2018، وخلال شهرٍ واحد، توفّي أكثر من ثماني نساء بسبب التعنيف الأسريّ. وقد لعبت التحركات النسوية دورًا بارزًا بالضغط على القضاء لتحقيق عدالتهنّ، ونُعِت النّظام بقاتل النساء.
وفي جعبة نساء لبنان فائضٌ من القضايا، من المطالبة بإقرار قانونٍ يجرّم التحرّش الجنسيّ المبرّر أحيانًا من قبل الرّأي العام والذي ما زالت تهمله الدّولة إلى اليوم، وهنا تكفي مطالعة بعض التعليقات على صورة فتاةٍ كتبت على جسدها خلال مسيرة يوم المرأة العالميّ "شو بلبس أنا بقرّر" كي ندرك أنّ البعض برّر اغتصابها بسبب اختيارها لملابس "فاضحة"، إلى الحقّ بالإجهاض، وغيرها من المطالب المتعلّقة بالحضانة والحصول على الجنسيّة للأبناء والأزواج.
على الرّغم من تشارك الهمّ والقضايا، تختلف أوضاع اللّبنانيات وظروفهنّ بين الرّيف والمدينة والأطراف. حتى اليوم يعيش بعض اللبنانيات في ظروفٍ تحكمها قوانين العشيرة، وترتّب أيّ مخالفةٍ لهذه القوانين على المرأة نتائجَ قد تصل إلى حدّ إنهاء حياتها. وتختلف هذه الظروف باختلاف المستوى الاجتماعيّ للمرأة، كما تؤثّر أوضاعها الاقتصاديّة على الكثير من قراراتها الحياتيّة وقدرتها على مواجهة ما تتعرّض له. وليس ما حصل مع ابنة النائب السابق في "حزب الله" نواف الموسوي سوى مثالٍ عن تأثير النفوذ السياسي على مصير النساء، إذ حصلت ابنته على حقّ الحضانة، الأمر الذي يصعب على نسوة الطائفة الشيعيّة.
لقد انطبعت حكايات النساء المحرومات من أطفالهنّ في أذهاننا جميعًا، وأبزر ثلاث قصصٍ تركن أثرًا فاعلًا في انتفاضة ١٧ تشرين هي: وفاة المناضلة نادين جوني المحرومة من حضانة ابنها، والتي توفّيت قبل أسبوعٍ من انطلاقة الانتفاضة، وقصة لينا جابر، الأم التي انتشر مقطع فيديو لها وهي تبكي على قبر ابنتها المسيّج، وقصّة بادية فحص التي ما زالت محرومة من أطفالها منذ أكثر من عشر سنوات.
كما هو معروف، تخضع العلاقات الأسريّة في لبنان إلى قانون الأحوال الشخصيّة الذي يختلف بين طائفةٍ وأخرى، إذ لا يوجد قانونٌ مدنيٌّ موحّدٌ بين الطوائف. تعاني النساء من مختلف الطوائف من قوانين تمييزية، وهذا ما أظهره فيلم "ضدّي" للصّحافية ديانا مقلّد. يلقي الفيلم الضوءَ على معاناة النساء في الحصول على حقّ الطلاق والحضانة، ويظهر كيف يتحكّم الرجال، أزواجًا ورجال دين، بهنّ وبمصائرهنّ. وعلى الرّغم من معاناة جميع النساء من كلّ الطوائف من هذا التمييز، إلا أنّ مطلب رفع سنّ الحضانة لدى الطائفة الشيعية هو الأبرز كونه الأكثر إجحافًا.
"الفساد الفساد جوا جوا العمامات" هو الشعار الذي طالما ردّدته المناضلة نادين جوني أمام "المجلس الإسلامي الشّيعي الأعلى". نادين، التي عانت من تبعات زواج مبكّر وزوج معنّف، قضت في حادثٍ سير، فأدّت وفاتُها إلى مزيدٍ من الغضب بوجه المحاكم الجعفريّة وأحكامها وقيل من أجلها "لا يمكن أن تؤجّل قضايا النساء، فالموت لا ينتظر". قالت نادين قبل وفاتها "لن أتوقّف عن النضال حتى تغيير القانون".
تستمرّ معاناة النساء يوميًّا في ظلّ رفض المحاكم الجعفرية إعادة النظر في تشريعاتها، وآخر ما أشعل غضب اللبنانيين مقطع فيديو لأمٍّ تبكي على قبر ابنتها خلف سياج. حُرمت هذه الأمّ من حضانة ابنتها، حتّى وفاة الابنة بظروفٍ غامضة، كما حُرمت من حضور دفنها، وسُيّج القبر لمنعها من الوصول إليه، وعلى الرّغم من مأساتها اضطرّت العائلة إلى أن تبرّر ظروف الانفصال بعدما واجهت أسئلةً من نوع "شو عاملة؟"
ماذا فعلت لينا؟ وماذا فعلت نادين وبادية فحص؟ والأخيرة أمّ محرومة من طفليها إياد وعلي منذ أكثر من عشر سنوات، وأقصى ما يمكنها فعله كتابة رسائل إليهما لعلّهما يشاهدانها يومًا ما. تحدّثت بادية في ندوةٍ أقيمت في ساحة الشهداء عن معاناتها، واختصرت مشكلة النساء بهذه الجملة "إنّ هذا النظام يريد أن يكون وصيًّا على أرحامنا". حُرمت بادية حتى من حقّ المشاهدة، ولكن منحتها انتفاضة ١٧ تشرين الفرصة، فعندما كتبت على لافتةٍ خلال تظاهرةٍ في النبطية "بدي شوف اولادي" اندفع بعض المتظاهرين للبحث عنهم، ونجحوا بالعثور على ابنها، فرأته لدقائق معدودة كغريبين، خلال احتجاجٍ في الشارع.
في قانون الأحوال الشخصيّة الصّادر في 7 كانون الأوّل/ ديسمبر 1959 "يشترط عند المسلمين في صاحب الحق بالحضانة أن يكون حرًّا بالغًا عاقلًا معروفًا بالأمانة والقدرة على القيام بما تحتاج إليه الحضانة. ويشترط في المرأة الحاضنة بالإضافة إلى هذه الشروط أن تكون قريبةً من الطفل ومن المحرمات التي لا يحقّ له التزوّج بهنّ عندما يصبح كبيرًا، وألا تكون متزوّجة بأجنبيّ، وألا تكون مرتدّةً عن الإسلام".
ترفض المحكمة الجعفرية إجراء أي تعديلٍ على قوانينها هذه، وإلغاء الاستثناءات التي تطال النساء، فيما تغيب بوادر لأيّ خطة تشريعيّة من أجل إقرار قانونٍ مدنيٍّ موحّدٍ للأحوال الشخصيّة، وعلى الرّغم من ازدياد معاناة النساء. يقول الشيخ محمد كنعان "أحكام الله لن تتغيّر".
والنّضال مستمرّ.
جنسيّتي حقٌّ لي ولأسرتي
يأخذ هذا الحقّ طابعًا طائفيًّا وعنصريًّا، وذلك ليس خفيًّا على أحد، بل إنّ جهاتٍ مسؤولةً في الدولة عبّرت عن ذلك صراحةً، إذ قال وزير الخارجيّة السابق جبران باسيل مرارًا إنّه يدعم هذا الحقّ للنّساء، ما عدا المتزوّجات من سوريّ أو فلسطينيّ وهنّ يشكّلن العدد الأكبر.
يُسمح للرجل اللبناني بمنح الجنسية لأطفاله من دون قيدٍ أو شرط، بينما تُحرم المرأة من هذا الحقّ، وهي إن حصلت عليه يكون منقوصًا، ويكون تحايلًا على هذه القضية. يقول النائب آلان عون "...التعاطي بحذرٍ مع الموضوعين الفلسطينيّ والسوريّ كحالتين استثنائيّتين بحكم أعداد اللاجئين الكبيرة جدًّا من حمَلة الجنسيتين، وصعوبة عودتهم إلى بلادهم. ويمكن أن يكون في ذلك مؤامرة دولية لإبقائهم في لبنان"، ويضيف "نحن بالغنى عن تفجير وطننا ذي النسيج الاجتماعيّ القائم على توازناتٍ طائفيّةٍ دقيقة".
وُلد معظم الأطفال المحرومين من الجنسية اللبنانية في لبنان وهم لم يزوروا يومًا سوريا أو فلسطين، كما أنّهم يعانون في التعليم والتوظيف والطبابة والإرث، وهم موجودون بين المنتفضين في الشوارع. أمّا المعنيون فيحاولون اليوم إقرار قانونٍ قائمٍ على مبادئ عنصرية وطائفية وتمييزية.
نضالٌ متراكم
في السودان، لعبت النساء دورًا مفصليَّا في مسار الثورة فكنّ "كنداكاتها". وفي لبنان أيضًا، لعبت النساء دورًا بارزًا في انتفاضته فكنّ فيها قياديّات. لكنّ هذا النّضال ليس جديدًا وإن بدأت معالمه تتّضح في السنوات الأخيرة، إذ كان للنساء في لبنان قبيل الحرب الأهليّة حضورٌ بارزٌ وأساسيّ في تظاهرات الحركات العمّاليّة وعلى رأسها تظاهرات معمل "غندور" وتظاهرات عمّال الرّيجي في الجنوب. وحتى اليوم، لم يتوقّف زخم هذه المشاركة في مختلف المراحل. وكأيّ نضالٍ حقوقيّ ومجتمعيّ، النضالُ النسويّ عملٌ تراكميّ، يتغيّر ويتطوّر ويفرض نفسه. ولأنّ النّضال النسويّ يهدف إلى فهم ديناميّة علاقات القوّة في المجتمع، بالإضافة إلى تفكيكها، لا يمكن لأيّ ثورةٍ تسعى إلى تحرير الشعوب أن لا تكون نسويّة.
إضافة تعليق جديد
تهمّنا آراؤكم ونريدها أن تُغني موقعنا، لكن نطلب من القراء أن لا يتضمن التعليق قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم، وأن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.