روائي وصحافي، العراق. من أعماله «الفاكهاني» (١٩٨١)، «أوراق شاهدِ حرب» (٢٠٠١)، «المستبدّ: صناعة قائد، صناعة شعب» (٢٠٠٦)، «النجف. الذاكرة والمدينة» (٢٠١٣)
زهير الجزائري
المقالات
في ثورة تشرين العراقية الحدث والإرادات والهوية
فوجئتُ حين دخلتُ الساحة في عزّ الاعتصام: ليست هذه الساحة التي أعرفها وأعبرها دائمًا! في ذاكرتي الثابتة، لا تزال الساحة مركز بغداد الحيوي الذي يلتقي فيه أحد عشر شارعًا. يدخل ويخرج منهُ العابرون إلى محالهم في المدينة التي بناها أبو جعفر المنصور على شكل دائرة. أنا نفسي أدخل الساحة كل يوم ذاهبًا إلى العمل أو عائدًا من البارات الممتدة على النهر. لا أنظر إلى النصب، أعرف تفاصيله بالبداهة.
«ساحة التحرير» النصب والكابوس والتظاهرة
ذاهباً للقاء الصحبة أو عائداً من بينِهم في الليل المتأخّر لا بدّ لي من أن أخترقَ الساحة. أمشي في محيطها فتعزلُني الوحدةُ وسْطَ الحشد المتقاطع بكلّ الاتّجاهات. فَتحَت الساحةُ للماشين دائرةً مكشوفةً في مدينةٍ صنعتْها الأزقّة الضيّقة. يحدّد الماشونَ في فضائها اتّجاهاتِهم، ويسيرون على بلاطها لينسوها. تُخفي الحركةُ الدائبة في الساحة وتقاطُع الشوارع المعنى الرمزيَّ كـ«ساحةِ حرّية» يجسّدُها النُّصب.